استغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل واسع للغاية خلال السنوات الماضية، محولا إياها لأداة دعائية يعتمد عليها حتى وإن لم يكن المحتوى الذي ينشره حقيقيا، وذلك وفق دراسة مكثفة أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز".

واعتمدت الدراسة بشكل أساسي على مراجعة كافة المنشورات التي نشرها ترامب من خلال حسابه في منصته الخاصة "تروث سوشيال"، ثم تحليلها باستخدام أدوات اكتشاف المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي فضلا عن المراجعة اليدوية لهذه المنشورات.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن ترامب لم يتوان عن استخدام ومشاركة الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي حتى وإن كانت مهينة في بعض الأحيان أو تضم معلومات مضللة بشكل واسع.

ولكن كيف استخدم ترامب هذه المواد؟ وإلى أي مدى وصل استخدامه لها؟

استخدام في أكثر من 60 حالة مختلفة

وجدت الدراسة أن ترامب استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي وشارك المقاطع والصور المولدة بالذكاء الاصطناعي في أكثر من 60 حالة منفصلة منذ عام 2022.

وتضمن هذا الاستخدام مهاجمة صريحة وواضحة لأعدائه ومنافسيه، فضلا عن تعظيم وتبجيل متنوع لشخصه في العديد من الحالات مثل تصوير نفسه ملكا متوجا على عرش أو حتى بطلا مغوارا ونجما موسيقيا، ولم يسلم منصب بابا الفاتيكان من هذا الاستخدام أيضا، إذ صور نفسه مرتديا زيه.

وأشارت الدراسة إلى أن ترامب هاجم خصومه باستخدام الذكاء الاصطناعي أكثر من 14 مرة مختلفة، من بينها توليد مقطع فيديو يقترب من الحقيقة لرجال الأمن وهم يلقون القبض على الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وهو مقطع تسبب في ارتباك العديد من المتابعين الذين ظنوا بأنه حقيقي.

Donald Trump just posted a video of former President Obama getting arrested.

Anything to distract from the Epstein files…
pic.twitter.com/To58NfRkii

— Republicans against Trump (@RpsAgainstTrump) July 20, 2025

إعلان

ولم يقتصر الأمر على هذا، إذ شارك أيضا صورة تظهره واقفا على الحدود الكندية وهو ينظر إلى المستقبل، معززا رؤيته بأن كندا يجب أن تصبح الولاية الـ51 ضمن الولايات المتحدة الأميركية، كما صور نفسه وهو يفوز بجائزة نوبل للسلام إلى جانب كونه ملكا متوجا.

وقام أيضا بمشاركة مقطع فيديو وهو يلقي بالقاذورات من طائرة حربية على المتظاهرين ضده في الآونة الأخيرة.

Donald Trump posted an Al video of himself in a 'King Trump' jet dumping feces on 'No Kings' protesters. pic.twitter.com/eAsRD438I8

— Pop Crave (@PopCrave) October 19, 2025

وتجدر الإشارة إلى أن جزءا كبيرا من هذه المقاطع والمنشورات تمت إزالتها من حساب ترامب في منصة "تروث سوشيال"، ولكن المستخدمين قاموا بالتقاطها وإعادة رفعها للإنترنت، كما أن تقرير "نيويورك تايمز" يؤكد أنه نشر هذه المقاطع.

الذكاء الاصطناعي في الهجوم على غزة وتحقيق رؤيته الانتخابية

واستخدم ترامب أيضا الذكاء الاصطناعي التوليدي في محاولة منه لتحقيق رؤيته سواء كان بالتخويف أو الترغيب، إذ شارك مقاطع تعرض ما قد يحدث في حالة انتخابه أو عدمها.

وتضمنت هذه المنشورات صورا ومقاطع متنوعة تعكس حالة أميركا في حالة انتخاب كاميلا هاريس من ازدحام كبير في الشوارع وحتى التعرض للسرقة والقتل.

ولكن الاستخدام الأبرز الذي قام به ترامب والذي أثار حنق العديد من الحقوقيين، كان تحويل رؤيته لقطاع غزة بعد السلام وبناء فندقه الفاره مع وجود المشاهير مثل إيلون ماسك في المنطقة.

ووصف المدافعون عن حقوق الفلسطينيين إلى جانب بعض النواب الديمقراطيين هذا المقطع بكونه مثيرا للغثيان ومهينا بشكل كبير.

لماذا يفعل ترامب هذا؟

يرى أدريان شهباز نائب رئيس قسم الأبحاث والتحليل في منظمة "فريدوم هاوس" في حديثه مع "نيويورك تايمز" أن ترامب كان يتعمد مشاركة هذه المقاطع المثيرة للجدل حتى تحقق انتشارا واسعا بين المستخدمين.

ويضيف قائلا: "تحقق المقاطع المثيرة للجدل انتشارا مضاعفا عن غيرها، إذ يشاركها المؤيدون والمعارضون على حد سواء".

ومن جانبه، يرى هنري أجدر خبير الذكاء الاصطناعي ومؤسسة شركة استشارية في هذا القطاع أن ترامب هو الشخص الأكثر شهرة الذي يعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتوجيه الرسائل السياسية بشكل واضح، وذلك وفق تقرير "نيويورك تايمز".

ويصف جهود ترامب هذه قائلا: "لقد صممت المنشورات لتنتشر بسرعة رغم كونها مزيفة بكل وضوح، فإنها تحمل رسالة تبدو خفية".

ويشير التقرير أيضا إلى مخاوف الخبراء والسياسيين من انتشار استخدام مقاطع الذكاء الاصطناعي في الدعاية الانتخابية، وذلك لأنها ستكتسب شريعة من استخدام ترامب الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة لها.

ويظل السؤال، هل يكون ترامب الترس الذي يدفع مقاطع الذكاء الاصطناعي المزيفة لتصبح أداة انتخابية معتادة تؤثر في آراء البسطاء وعامة الشعب؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی نیویورک تایمز أن ترامب

إقرأ أيضاً:

أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟

على وقع تسارع الذكاء الاصطناعي "بسرعة مذهلة"، تبدو المراهنة على مستقبله -كما تصفه وكالة بلومبيرغ- مزيجا من الإغراء والمخاطرة في آن واحد.

فالأثر على المحافظ الاستثمارية والاقتصاد والحياة اليومية يتضخم يوما بعد يوم، إلى حدّ أن شركات التكنولوجيا العملاقة المستفيدة من الطفرة باتت تشكّل نحو 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ إنفيديا وحدها على قرابة 8% منه، وفق بلومبيرغ.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 حلول مالية تساعد رواد الأعمال على حماية شركاتهمlist 2 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءend of list

وفي المقابل، تشير الوكالة إلى أن موجة الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات تمنح اقتصاد أميركا دفعة ملموسة، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تآكل الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الكهرباء والمياه.

ولفهم "أين تُترجم الوعود إلى أرباح"، استطلعت بلومبيرغ آراء 4 خبراء استثمار، لكل منهم زاوية مختلفة في قراءة التحول الجاري:

كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "أرك إنفست"، المعروفة بتركيزها على التقنيات التحولية. دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا ومدير محافظ في "جانوس هندرسن"، والمتخصص في بناء إستراتيجيات استثمارية طويلة الأجل لقطاع التقنية. تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في "فيديلتي إنترناشونال"، التي تركز على الربط بين الذكاء الاصطناعي والدورات الكلية والسلع. مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس"، المتخصص في الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية.

وتُظهر قراءاتهم، كما تنقلها بلومبيرغ، أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد إلى تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.

روبوتاكسي.. سوق بعشرات التريليونات

وتضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لـ"أرك إنفست"، ما تسميه بلومبيرغ "الذكاء المتجسّد" في صدارة فرص 2026، وتحديدا النقل ذاتي القيادة.

وتنقل بلومبيرغ عن وود تقديرها أن منظومة سيارات الأجرة ذاتية القيادة عالميا قد تتوسع لتبلغ 8 إلى 10 تريليونات دولار خلال 5 إلى 10 سنوات، معتبرة أن تسلا في "موقع الصدارة" داخل أميركا وخارجها.

مشهد جوي لمركبات ذاتية القيادة تابعة لشركات أميركية متوقفة في سان فرانسيسكو (الفرنسية)

كما تورد بلومبيرغ رقما لافتا في أطروحة وود: هدف سعري لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال 4 سنوات مقارنة بنطاق 400 إلى 450 دولارا "حاليا"، مع زعم أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ"الروبوتاكسي".

إعلان

وتُفصّل وود -وفق بلومبيرغ- منطق "البيانات التشغيلية" ملايين المركبات على الطرق تجمع "بيانات الحالات الحدّية" (حوادث، تعطّل، ظروف نادرة)، مما قد يصنع فارقا في سوق "يميل إلى فائز يأخذ معظم الحصة".

وفي المقابل، تشير بلومبيرغ إلى أن "وايمو" التابعة لـ"غوغل" تعمل تجاريا منذ 2018 لكنها تحركت ببطء، قبل أن تبدأ في التسارع، جزئيا لأن تسلا دخلت سوق أوستن في يونيو/حزيران بخدمات روبوتاكسي.

 قطاع الرعاية الصحية

تُبرز بلومبيرغ محورا ثانيا متقدما متمثلا في الرعاية الصحية بوصفها ساحة "عائد/أثر" يمكن أن يتجاوز الضجيج التقليدي حول الشرائح والبرمجيات.

وتنقل بلومبيرغ عن وود إشارتها إلى قفزات في تقنيات "تسلسل الجينات" وظهور ما تسميه "تسلسل الخلية الواحدة" المستخدم على نطاق واسع في تعريف السرطان وتطوير الإستراتيجيات العلاجية.

وفي هذا السياق تذكر وود شركتين مفضلتين لديها هما "تن إكس جينوميكس" و"تمبس إيه آي".

وبحسب بلومبيرغ، تُقدَّم "تمبس إيه آي" كمنصة تحلل كمّا كبيرا من بيانات المرضى لاستخراج مؤشرات قد تُحسّن التشخيص وقرارات العلاج، مع طرح احتمال أن تصبح "إحدى أهم الدعائم المعلوماتية" للرعاية الصحية في أميركا.

مراكز البيانات

ويقدّم دِني فيش من "جانوس هندرسن" إطارا أقرب إلى "هندسة محفظة" بدل الرهان على اسم واحد. ووفق بلومبيرغ، يقسّم فيش دورة تبنّي الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم إلى 3 سلال:

المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة) المُعزِّزون (برمجيات تستفيد من الذكاء الاصطناعي أو تتعرض لاضطرابه) والمستخدمون النهائيون (شركات توظف الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية). تقسيم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى ممكّنين ومعزّزين ومستخدمين نهائيين يوفّر إطارا عمليا لإدارة المخاطر وتعظيم العائد (غيتي)

وتنقل بلومبيرغ عن دِني فيش أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلة التمكين"، حيث تقود دورات التدريب وبناء القدرة الحاسوبية إنفاقا رأسماليا قويا، مع استثمارات من شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" عبر "كوبايلوت" و"ألفابت" عبر "جيميناي"، إلى جانب حكومات تطور "سحابات سيادية" ومؤسسات تطبق الذكاء الاصطناعي على بياناتها الداخلية.

وفي فئة "المُعزِّزين"، تحذر بلومبيرغ من اضطراب تنافسي داخل البرمجيات، ناقلة عن فيش التحذير من "مفاجأة شبيهة بأدوبي" مع تراجع مضاعفات التقييم، مقابل فرص محتملة لشركات مثل "إنتويت" و"داتادوغ" و"سنو فليك".

أما "المستخدمون النهائيون"، فتشير بلومبيرغ إلى شركات مثل "دير" و"إنتويتف سيرجيكال" و"بلاكستون" التي توظف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والاستثمار في البنية التحتية للبيانات والطاقة.

النحاس والطاقة

ترى تاوشا وانغ من "فيديلتي إنترناشونال" -وفق بلومبيرغ- أن الذكاء الاصطناعي قوة اقتصادية قد تولّد ضغوطا تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، ولا سيما النحاس، أداة تحوّط مهمَلة نسبيا في ظل نمو الطلب بوتيرة أُسّية مقابل تدهور المعروض.

وتضيف بلومبيرغ أن تباطؤ التوظيف مقابل الإنفاق على الآلات قد يدفع إلى تيسير نقدي رغم استمرار الضغوط التضخمية. وفي البعد الجغرافي، تشير الوكالة إلى أن "لحظة ديب سيك" أعادت تقييم الصين كمصدر لتقنية تنافسية بأسعار جذابة.

السلع وعلى رأسها النحاس تظهر كأداة تحوّط إستراتيجية ضد تضخم البنية التحتية الناتج عن توسع مراكز البيانات (رويترز)

وعند نقطة الاختناق، تنقل بلومبيرغ عن مايكل سميث من شركة إدارة الأصول "أولسبرينغ" أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصا في البنية التحتية للطاقة عبر شركات مثل "كوانتا سيرفيسز" ومرافق غير خاضعة لتنظيم صارم مثل شركة "تالِن إنرجي"، إضافة إلى مكاسب أسرع في الصحة الرقمية والتصوير الطبي عبر شركة "راد نت"، والتأمين القائم على البيانات مثل شركة التأمين"بروغريسيف إنشورنس".

 الحياة اليومية

وتختتم بلومبيرغ المشهد بلمسة أكثر إنسانية، إذ تعرض كيف يوظّف خبراء الذكاء الاصطناعي هذه الأدوات في حياتهم اليومية، من الاستعانة بالنماذج لشرح مسائل رياضية لأبنائهم، إلى توليد قصص عن حيوان أليف لأطفال بعيدين، وصولا إلى المساعدة على فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقّدة.

إعلان

غير أن هذه اللمسات الشخصية لا تحجب التحذير الذي ينقله التقرير عن مايكل سميث، إذ يشير إلى أن الهوامش الآمنة في التسعير محدودة، وأن عددا كبيرا من الأسهم بات مسعّرا على مجموعة ضيقة من الافتراضات، فيما قد تكون الأخطار غير المرئية أو غير القابلة للتسمية هي الأكثر تأثيرا.

ومن هنا، تخلص بلومبيرغ عبر آراء خبرائها إلى نتيجة عملية واضحة، تتمثل في ضرورة تنويع الانكشاف على الذكاء الاصطناعي وعدم حصر الاستثمارات في مسار واحد، لأن الفرص الكبرى قد تنشأ أيضا في القطاعات التي أغفلها السوق خلال ذروة الطفرة.

مقالات مشابهة

  • شركة عالمية تُطمئن: الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً للإنسان في كل الوظائف
  • مستقبل الفضاء الإذاعي في ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • تحديات قانونية أمام مساعي ترامب لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي
  • هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
  • أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
  • إدارة ترامب تسعى لإطار وطني موحد لتنظيم الذكاء الاصطناعي
  • بقيادة ترمب.. تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • ترامب: لن نسمح للصين بالتفوق علينا في الذكاء الاصطناعي
  • ترامب يشترط التحقق من التحيز السياسي قبل قبول مزودي خدمات الذكاء الاصطناعي