بوابة الوفد:
2025-10-22@20:31:03 GMT

جشع التجار يهزم المواطن

تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT

ﻣﻮاﻃﻨﻮن: »اﻟﻔﺮاخ واﻟﻠﺤﻤﺔ ﺣﻠﻢ ﺻﻌﺐ المنال«ﺿﻐﻮط اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺟﺪل داﺋﻢ ﺑين اﻟﺰوﺟين

 

فى ظل تكرارقرارات رفع أسعارالوقود فى الآونةالأخيرة، باتت الزياداتالاقتصادية تطال كلمفاصلالحياة اليومية، منالمواصلات  والنقل إلىالمواد الخام وتكاليفالتشغيل داخل البيوت،هذهالزيادات لم تمرمرورًا عابرًا، بلمستحياةالأفراد العاديين الذينيعيشون حالة شظف،ويحاولون جاهدين الموازنةبينطموحات أطفالهم ودخليومىغيرمستقر، لقد أصبحلهيبالأسعار كالنار التىتشتعلفىالبيوت من  الداخل،تجمعبينالقلقوالضغوط فى حائطواحديصعباختراقه،

فىهذاالتحقيق، نسلط الضوءعلىشهادات حية لعشراتالأسروالعمال والمواطنين الذينيرونأنكفاحهم اليومى لميعدفقطمنأجللقمةالعيش،  بل منأجلالكرامة فى وجهتجارمتعطشين للربح، ووسطاءينهشون ما تبقىمنالأملفىجيوبالناس،

داخل إحدى الشقق البسيطة بالقاهرة، يقف سعيد أمام أبنائه الذين يسألونه عن نزهة بسيطة أو هدية صغيرة، لكنه لا يملك إلا التهرب بجملة معتادة: «إن شاء الله فى الإجازة»، الحقيقة، كما يقول، إن الجيب فارغ، تمر ساعات وهو يحسب الجنيهات المتبقية قبل أن يقرر إذا ما كان بإمكانه شراء شيء بسيط، وفى الوقت نفسه، تعيش نسرين وضعًا مشابهًا، إذ حاولت مرة تجهيز وجبة من  الدجاج، وعندما علمت ابنتها بالسعر المرتفع، انفجرت باكية وسألت سؤالًا مؤلمًا: «ليه كل حاجة غالية يا ماما؟»، ذلك السؤال  كان كالسهم الذى يغرز فى قلب الأم، ويذكّرها بأن قدرة الأم على العطاء لا تنفصل فى ذهن طفلها عن كرامتها،

وفى داخل البيوت، كثيرًا ما تتحول ضغوط الإنفاق اليومى إلى جدال دائم بين الزوجين، سماح، ربة منزل، تروى كيف يتهمها  زوجها بالإسراف وعدم التوفير، بينما هى ترى أن الأسعار نفسها لم تترك لها مجالًا لتكون اقتصادية، وتقول إنهم أحيانًا يتخاصمون ليلًا بسبب تعبير جارح أو اختلاف فى نظرة الميزانية، أما رفيق، العامل اليومى، فيحكى عن لحظات غضب حين يعود متعبًا ليجد الكهرباء مُهدرة والطعام غير كافٍ، بالنسبة له، المال لم يعد مجرد وسيلة، بل دليل تقدير وتعبير عن الجهد المبذول، وإنكاره يولد شعورًا عميقًا بالغضب والإحباط،

فى الأسواق، الصورة ليست أفضل حالًا، منى، بائعة فى كشك صغير، تتحدث عن الضغوط التى يفرضها التجار الكبار لرفع الأسعار، إذا رفضت، يقللون الكمية أو يتهمونها بالجشع، أما البائع الصغير، فهو بين نارين: إما أن يرفع السعر ويخسر زبائنه، أو أن يرفض ويرفضه المورد، يروى أحدهم كيف أُجبر على شراء الكرتونة بسعر مرتفع، وأُبلغ بأنه لا يجوز له البيع بسعر أقل من التاجر الكبير، وإذا خالف، يُعاقب بعدم التوريد فى المرات القادمة،

وتُستخدم حجة «العرض والطلب» لتبرير كل ارتفاع، أبو كريم، أحد المستهلكين، يقول إنه ناقش أحد التجار حول الزيادات المفاجئة، فقيل له إن هذه هى «أسعار السوق»، لكنه يرى أن تبرير كل شيء بالسوق نوع من المراوغة، الأسعار تُرفع أحيانًا قبل أن تعلن الدولة زيادات رسمية، وبعض التجار يخزنون البضائع عمدًا ليقللوا المعروض ويهيئوا الأجواء لرفع الأسعار لاحقًا،

أما عمال اليوم الواحد، فمعاناتهم صامتة ومستمرة، محمود، أحدهم، يقول إنه يعمل فى البناء أو النظافة أو النقل حسب الفرص المتاحة، وفى بعض الأيام لا يحصل على أى دخل، وفى أيام أخرى يعود إلى بيته بـ 50 جنيهًا لا تكفى شيئًا، يروى أيضًا كيف عُرض عليه العمل دون تحديد أجر مسبق، ثم انتهى اليوم دون أن يتلقى شيئًا، أما عصام، فيتنقل بين عدة وظائف فى اليوم، من السواقة إلى العمل فى ورشة، لكن دخله لا يكفى حتى ثمن المواصلات، كمال، عامل آخر، يحكى عن لحظة ألم حين اضطر إلى إرسال ابنه إلى المدرسة دون مصروف، مكتفيًا بقطعة خبز، وشعر حينها أنه يطفئ نور حلم صغير فى عيون طفله،

فى المقابل، تُولد المعاناة نوعًا من التضامن، هدى، أم لثلاثة أطفال، تقول إنها اتفقت مع جيرانها على شراء سلع بالجملة وتقسيمها، وحتى الطهى المشترك بات وسيلة لتوفير الغاز، كذلك، انتشرت أفكار المقاطعة الجزئية كنوع من الضغط على التجار، رغم صعوبة تنفيذها مع المواد الأساسية، حسناء تتحدث عن تخفيف الالتزامات الاجتماعية، ورفضها حضور دعوات لأنها لم تعد قادرة على تحمّل التكاليف، أما أمينة، فتشارك تجربتها مع العائلة فى تنظيم «ديش بارتي» حيث يجلب كل شخص طبقًا مشتركًا، مما يُخفف العبء عن المضيف، ويُعيد روح المشاركة والبساطة،

الأرقام تعكس بوضوح ما يشعر به الناس، الزيادات الأخيرة فى أسعار الوقود تراوحت بين 12% و33%، مما أدى إلى زيادة فى تكاليف النقل بنسبة تقارب 20%، التضخم بدوره التهم القدرة الشرائية للناس، بينما بقيت الرواتب شبه ثابتة، بعض الأسواق شهدت تراجعًا حادًا فى حركة البيع، وصار الباعة يبيعون بمبالغ بسيطة لا تكفى حتى لتغطية الإيجار أو الكهرباء،

فى عمق هذه الأزمة، تقف عدة عوامل متشابكة، الحكومة، ضمن خططها للإصلاح المالى، بدأت بتقليص دعم المواد البترولية لتقليل العجز، مما أدى إلى تحميل المواطن النهائى تكلفة الزيادات، فى المقابل، لا تتواكب الرواتب مع معدل التضخم، مما يخلق فجوة متزايدة فى القدرة الشرائية، أما السوق، فباتت ساحة احتكار واستغلال، حيث تُخزّن السلع وتُرفع الأسعار وفقًا لتوقعات الجشع لا ضرورات الواقع، فى ظل غياب شبكة حماية اجتماعية قوية، يواجه الفقراء يومهم بلا سند، والعامل بلا تأمين، والمستهلك بلا حماية،

«ميزانية الربع كيلو» أصبحت واقعًا يعيشه الملايين.

 فى سوق شعبى بالدقى، كانت «أم أحمد» تتنقل بين البائعين بحثًا عن أقل سعر للحوم، وتقول: «كنت أشترى كيلو لحم أسبوعيًا، أما الآن فلا أقدر على أكثر من ربع كيلو، أقطّعه وأضيفه للخضار حتى يكفى الأسرة».

هذا التحول فى العادات لم يقتصر على أسرة واحدة، بل أصبح نمطًا عامًا. كثيرون اتجهوا نحو تقليل الكميات التى يشترونها، والاعتماد على مصادر بروتين أرخص مثل العدس والفول، لتوفير وجبات مشبعة بأقل تكلفة.

«عم حسن»، سائق وأب لثلاثة أطفال، يقول: «ربع كيلو لحمة يخلينى أحس إنى ما حرمتش عيالى، والباقى بنعتمد فيه على البقوليات».

فى البيوت، أصبحت مهمة إعداد الطعام عبئًا نفسيًا قبل أن تكون اقتصاديًا. تقول «منى»، ربة منزل: «بدل الطبخ المتنوع، بقيت أكتفى بطبق رئيسى وخضار بسيط، نحاول نطوّل بالكميات بأى طريقة».

البقالون لاحظوا بدورهم تغيرات واضحة فى سلوك الزبائن. يشير أحدهم: «الناس بقت تسأل عن السعر قبل ما تشترى، ويطلبوا كميات صغيرة جدًا، أحيانًا حبة واحدة من الفاكهة».

الضغوط الاقتصادية تجاوزت الجانب المادى، لتطال الجوانب النفسية والاجتماعية. «محمد»، موظف حكومى، عبّر عن شعوره بالحزن: «أطفالى بيطلبوا حاجات بسيطة، وما بقدرش أحقق لهم كل شيء، بقيت أحسب كل جنيه». رغم هذه الضغوط، ظهرت بعض مبادرات التضامن. تقول «هدى»، أم لثلاثة أطفال: «بنتشارك أنا وجيرانى فى شراء كميات أكبر، وبنطبخ سوا عشان نوفّر غاز وكهرباء».

لم تعد المعاناة محصورة فى محدودى الدخل فقط، بل طالت الطبقة المتوسطة أيضًا. «أبو سامي»، موظف فى شركة حكومية، يقول: «بتنقل بين الأسواق عشان ألقط العروض، أوقات بستنى تخفيضات عشان أشترى رز أو زيت».

حتى اللقاءات الاجتماعية والعزائم بدأت تتأثر. تقول «أمينة»: «بقينا نعمل ديش بارتى، كل واحد يجيب معاه طبق، وده خفف علينا كتير، وخلانا نحافظ على اللمة رغم الظروف».

فى المقابل، لم يقف البعض مكتوفى الأيدى أمام موجات الغلاء المتلاحقة، بل بدأوا البحث عن حلول مبتكرة داخل نطاق إمكانياتهم المحدودة، تقول «إيمان»، موظفة فى إحدى المدارس: «اتعلمت أعمل الجبنة فى البيت، وأخبز العيش بدل ما أشتريه، مش بس عشان أوفر، كمان عشان أضمن الجودة»، وتضيف أن هذه العادات لم تكن جزءًا من يومها العادى، لكنها تحولت إلى ضرورة مع الوقت.

فى أسواق الخضار، تغيّرت المشاهد، البائعون اعتادوا على سماع جملة: «عايز بنص جنيه بس»، أو «هات لى اتنين بس من دول»، فى إشارة إلى الخضار أو الفاكهة، حتى أن بعضهم بدأ يعرض الكميات حسب القدرة الشرائية الجديدة، مثل «كيس خضار بجنيه»، أو «طبق عدس صغير بـ 5 جنيه».

فى إحدى عربات الفول، كان «سامي»، شاب ثلاثينى، ينتظر دوره، وعندما سُئل عن وجبته اليومية قال: «فطار فول، غدا فول، عشا عدس»، وضحك ثم أضاف: «المهم نعيش ونضحك، بدل ما نغرق فى الهم»، هذه الروح الساخرة صارت وسيلة للتعايش، لكنها لا تخفى حجم الألم الداخلى  الذى يشعر به كثيرون.

تغير النمط الغذائى امتد حتى إلى أطفال المدارس، حيث تقول معلمة فى مدرسة ابتدائية: «لاحظنا أن كتير من الطلاب بيجوا بدون سندويتشات، أو معاهم قطعة صغيرة جدًا من الخبز»، وتحكى عن طفلة طلبت أن تشرب من زجاجة ماء زميلتها لأنها لم  تحضر حتى زجاجة خاصة بها. الجانب النفسى يتفاقم أيضًا، مع شعور متزايد لدى الآباء والأمهات بالعجز أمام متطلبات أبنائهم،  «سعيد»، يعمل فنى صيانة، يقول: «ابنى طلب منى جزمة جديدة، وما قدرتش أقول له لأ، فقلت له نستنى شوية لحد ما ينزل عليها خصم، قلبى اتكسر لما شفته ساكت بس زعلان»، مشهد يتكرر فى آلاف البيوت، حيث يتحول كل طلب بسيط إلى عبء نفسى وقرار اقتصادى صعب.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مواطنون ذلك السؤال ﺑين اﻟﺰوﺟين وتقسيمها مصروف

إقرأ أيضاً:

سهام صالح: أشفق على عصام الحضري رغم إساءته لي

كتبت الإعلامية سهام صالح منشورًا عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، علّقت فيه على تصريحات الكابتن عصام الحضري الأخيرة التي تناولت اسمها، مؤكدة أنها لا ترد بدافع الغضب وإنما من باب الشفقة.

وقالت سهام في منشورها: “مش كل ردّ بيبقى عشان نعلّم الأدب… أحيانًا بيبقى من كتر الشفقة. أنا فعلاً صعبان عليا الكابتن عصام الحضري. مش عشان قال عليا كلام مش حقيقي، لكن عشان كل مرة بيقرر يضيّع من تاريخه بإيده. كنت أتمنى يفضل رمز لحارس عظيم، مش مادة للتنمر أو التريقة على السوشيال ميديا.


 

وكان قد كشف نجم الأهلي السابق ومنتخب مصر عصام الحضري عن تصريحات مثيرة بشأن البرتغالي مانويل جوزيه.

وقال عصام الحضري في تصريحات إذاعية :مانويل جوزيه كان بيشتمني بالبرتغالي وأنا كنت باشتمه بالمصري.. وتقبلت قرار سحب شارة الكابتن لأني كنت عايز "البطولات والتاريخ"”.

طباعة شارك سهام صالح فيسبوك عصام الحضري الكابتن عصام الحضري مانويل جوزيه

مقالات مشابهة

  • سهام صالح: أشفق على عصام الحضري رغم إساءته لي
  • ويتكوف وكوشنر غادرا إسرائيل إلى السعودية وفانس يقول: مهمة صعبة تنتظرنا
  • متحدث الوزراء يؤكد أهمية التزام التجار بإعلان الأسعار.. والحبس سنة عقوبة زيادتها
  • ترامب يقول إنه لا يريد اجتماعا فارغا مع بوتين
  • متحدث الوزراء يؤكد أهمية التزام التجار بإعلان الأسعار.. وعدم وجود زيادات غير مبررة
  • بعد فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية .. تعرف على الأسعار والشروط
  • البحيرة ..الأجرة حسب المزاج .. والرقابة غائبة
  • تموين جنوب سيناء: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية والخبز الحر
  • سوريات يتهمن صاحب متجر خيري تركي بالتحرش الجنسي