سلطنة عمان تصدر صكوك دولية سيادية
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
مسقط-العمانية
نجحت استراتيجية إدارة الديْن العام متوسطة الأجل الرامية إلى خفض كلفة الديْن العام ومخاطره عبر إدارة نشطة واستباقية للالتزامات المالية، في عودة حكومة سلطنة عُمان إلى أسواق رأس المال الدولية عبر إصدار صكوك دولية سيادية مدة استحقاقها سبع سنوات ونصف وبقيمة 385 مليون ريال عُماني (ما يعادل 1 مليار دولار أمريكي)، عند فارق عائد قياسي قدره 60 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وبسعر فائدة أساسي (كوبون) قدره 4.
ويعد هذا أدنى تسعير تحققه سلطنة عُمان عن أي إصدار سيادي سابق بما يسهم في خفض تكاليف خدمة الديْن العام، مستفيدين من متانة الجدارة الائتمانية لسلطنة عُمان وحصولها على تصنيفات ائتمانية بدرجة استثمارية مدعومة بتحسّن المؤشرات الاقتصادية والانضباط المالي، مما عزز مكانتها كمُصدّر موثوق عالميًّا.
وقد استقطب الإصدار طلباً قوياً من شريحة متنوعة من المستثمرين من عدة أسواق إقليمية ودولية، مما يعكس ثقتهم بسلطنة عُمان والأسس المالية والاقتصادية للحكومة.
وبالتزامن مع إصدار الصكوك الدولية السيادية سيتم تنفيذ عمليتين لإدارة الالتزامات المالية وفقًا لاستراتيجية إدارة الديْن العام، تتتمثل الأولى في إعادة شراء جزء من السندات الدولية المقوّمة باليورو والمستحقة في يونيو 2026م بقيمة 117 مليون ريال عُماني (ما يعادل 303 ملايين دولار أمريكي) بالقيمة الأسمية للسندات.
وجاءت العملية الثانية في توجيه المبلغ المتبقّي من حصيلة الإصدار لسداد جزء من الصكوك الدولية المستحقة في أكتوبر 2025م والبالغ قيمتها 578 مليون ريال عُماني (ما يعادل 1.5 مليار دولار أمريكي).
وقد اقتصرت العمليتين على إعادة تمويل التزامات قائمة دون الزيادة في حجم الديْن العام.
يُذكر أن هذا الإصدار أول عودة لسلطنة عُمان إلى الأسواق العالمية منذ عام 2021م، وأن الاستراتيجية المتبعة في الجمع بين الإصدار الجديد للصكوك وتنفيذ عملية إدارة الالتزامات مكّنت الحكومة من خفض كلفة خدمة الديْن العام، بفضل تسعير الإصدار الجديد بعائد أدنى من السندات المسدّدة وتقليص مخاطر محفظة الديْن عبر اقتناص فرص إعادة الشراء والسداد المبكر؛ لتقليل مخاطر محفظة الديْن العام وتحسين جدول الاستحقاقات المستقبلية وتوفير مرجع تسعيري للإصدارات المقبلة للشركات الحكومية والقطاع الخاص، بما يعزّز حضور سلطنة عُمان في الأسواق الإقليمية والدولية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العلاقات العمانية التركية إرث حضاري وشراكة حيوية
زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان ولقاؤه الأخوي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اليوم الأربعاء تدخل في إطار العلاقات المميزة بين مسقط وأنقرة، وهي علاقات تاريخية راسخة منذ قرون، تمتد إلى فترة الإمبراطوريتين العمانية والعثمانية حيث كانت هناك علاقات تجارية وتواصل حضاري، خاصة وأن البلدين يشتركان في ملامح أساسية علي صعيد الموقع الجغرافي الاستراتيجي حيث تقع جمهورية تركيا بين قارتي آسيا وأوروبا، على البحر الأسود وبحر مرمرة ومضيق البسفور وأيضا البحر الأبيض المتوسط على الصعيد الآسيوي، وهذا الموقع الجغرافي الفريد لتركيا خلق لها شراكات مهمة علي صعيد الشرق والغرب معا كذلك الأمر ينطبق على بلادنا سلطنة عمان حيث تقع على البحار المفتوحة (بحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي)، علاوة على وجود واحد من أهم الممرات البحرية في العالم وهو مضيق هرمز حيث تصدر الطاقة إلى الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب شرق آسيا حيث الصين واليابان وبقية النمور الآسيوية والهند وخلال نصف قرن الماضي تميزت العلاقات العمانية التركية بالرسوخ والاحترام المتبادل ووجود عشرات الشركات التركية في مجال تنفيذ المشاريع والبنية الأساسية، وهناك استثمارات مشتركة تعززت خلال زيارة الدولة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى جمهورية تركيا في نوفمبر من العام الماضي، وهناك تبادل تجاري بين البلدين يقترب من ٢٠٠ مليون ريال عماني، وهناك تعاون مهم في مجالات متعددة خاصة على صعيد الصناعات العسكرية والطاقة والمجال السياحي.
وهناك قطاعات واعدة سوف ترسخها زيارة الدولة التي يقوم بها فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان والمحادثات المهمة التي سوف يجريها مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
إن العلاقات العمانية التركية تعد على جانب كبير من الأهمية على الصعيد التاريخي لبلدين لهما من العمق والأثر الحضاري على مدى قرون، علاوة على تأثيرهما السياسي في عدد من الملفات المهمة في منطقة الشرق الأوسط خاصة على صعيد القضية الفلسطينية وقضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلا عن المشاورات والتنسيق السياسي المتواصل من خلال زيارات المسؤولين المتبادلة ومن خلال نشاط اللجنة العمانية التركية المشتركة.
وعلى ضوء ذلك، تحظى زيارة الرئيس التركي باهتمام إعلامي ودبلوماسي على صعيد البلدين والشعبين الصديقين وعلى صعيد اهتمام المراقبين في الإقليم والعالم. إن الفرص كبيرة في تعزيز الشراكة العمانية التركية، وهناك عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي سوف توقع خلال زيارة الدولة للرئيس التركي، بما يعزز من آفاق التعاون المشترك في المجالات المختلفة، خاصة وأن هناك قطاعات واعدة للتعاون المثمر بين البلدين الصديقين على صعيد الطاقة المتجددة وفي مجال الغاز والاستثمار وفي المجال الصحي والسياحي، خاصة وأن تركيا تعد من الدول المتقدمة في صناعة السياحة التي تدر عليها عشرات المليارات من الدولارات سنويا، ويمكن لسلطنة عمان الاستفادة من التجربة التركية في مجال صناعة السياحة التي توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب خاصة وأن البلدين الصديقين يتمتعان بمقومات طبيعية فريدة، كما أن مجال الصناعات العسكرية يعد من المجالات التي تستحوذ على اهتمام البلدين من خلال الاستثمار في هذا المجال الحيوي، وهناك صندوق مشترك في مجال الاستثمار تقدر أصوله بـ ٢٠٠ مليون ريال عماني، كما أن هناك مجالات واعدة في المجال الطبي والتقني وفي المجال الزراعي والسمكي.
ولا شك أن زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان تدخل في إطار تعزيز تلك الشراكة والدفع بها إلى مزيد من التطور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين وفي ظل رؤى اقتصادية مشتركة وانسجام سياسي وعلاقات تعاون مثمرة يعززها الإرث التاريخي والحضاري لبلدين كان لهما إسهام حضاري وإنساني كبير خلال قرون.
ولا تزال المتاحف العمانية والتركية شاهدة على ذلك الأثر التاريخي والحضاري الذي ميز الحضارتين العثمانية والعمانية في آسيا وإفريقيا وأوروبا، وعلى ضوء ذالك فإن العلاقات العمانية التركية سوف تشهد المزيد من النجاح وتعزيز آفاق الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتعليم والقطاع الصحي وصناعة السياحة وغيرها من المجالات الحيوية التي سوف تكون على طاولة الحوار بين القيادتين.
وبمثل هذه الشراكات الاقتصادية التي تعززت خلال السنوات الخمس الأخيرة من عهد النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تقدمت سلطنة عمان في صعيد التصنيف الدولي للاقتصاد الوطني وصعيد مؤشرات التنافسية والتشريعات والاتفاقيات الدولية والتي كان آخرها انضمام سلطنة عمان إلى العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية وهي خطوة تاريخية تعزز مكانة سلطنة عمان في المجتمع الدولي.
ولا شك أن مستقبل العلاقات العمانية التركية سيشهد مزيدا من التعاون المثمر في المجالات المختلفة، بما يعزز التعاون الثنائي، ويرسخ قيم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.