مع اقتراب استحقاقات 2026 التشريعية، في المغرب، يبدو أن المعركة الانتخابية لن تُخاض فقط في الميدان، بل أيضا في الفضاء الرقمي. فمشروع التعديلات المقترحة على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، فجّر نقاشا واسعا حول التوازن الدقيق بين ضبط الفوضى الرقمية وصون حرية التعبير.

وتوالت الاستفسارات بالقول: "هل تمثل العقوبات الحبسية والغرامات الثقيلة التي أقرّها المشروع وسيلة فعّالة لحماية نزاهة الانتخابات من الفوضى الرقمية؟ أم أنها قد تُستخدم لتكميم التعبير السياسي المشروع، ولزرع الخوف في فضاء يُفترض أنه مفتوح للنقاش؟".



قانون بنَفَس رقمي.. وعقوبات مثيرة للجدل
تنص المسودة الجديدة، من مشروع القانون، على عقوبات حبسية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى مئة ألف درهم، لكل من نشر أو بث أو وزّع إشاعات أو أخبارا "زائفة" بقصد التشكيك في نزاهة الانتخابات، سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو المنصات الإلكترونية.

هذا التوجه التشريعي قد استنفر أحزابا في المعارضة، إذ رأت فيه تهديدا بحرية التعبير وعودة إلى "مناخ الرقابة"، في وقتٍ باتت فيه التكنولوجيا وسيلة رئيسية لمتابعة النقاش السياسي وكشف الانتهاكات الانتخابية.

التعديلات نفسها، تأتي في ظل مخاوف متنامية من استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل الانتخابي، عقب موجات من الأخبار المفبركة التي طالت انتخابات في بلدان عديدة.

لكن في الحالة المغربية، تثير الصرامة الواردة في النص مخاوف من أن يتوسع تعريف "الخبر الزائف" ليشمل التعبير النقدي أو المواقف السياسية المعارضة، ما قد يفتح الباب أمام تأويلات تقيّد النقاش العمومي بدل أن تنظمه.


سخرية رقمية ومخاوف سياسية
على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، قوبلت مقتضيات المشروع الجديد بسيلٍ من التعليقات الساخرة، حيث كتب أحد النشطاء: "الانتخابات القادمة نزيهة بلا شك، القانون قرّر ذلك!"، في إشارة إلى ما يعتبره البعض تضييقا مسبقا على النقاش العام.

في المقابل، دافع آخرون عن النص باعتباره ضرورة لحماية الحياة السياسية ممّا وصفوه بـ"العبث الرقمي" والمحتوى المضلّل الذي يمكن أن يشوّه صورة المترشحين أو يزرع الشك في المؤسسات المنتخبة.

بين الردع والرقابة..
في حديثه لـ"عربي21" قال الباحث في العلوم السياسية والتواصل، سمير الباز، إنّ: "النص لا يمكن رفضه بالكامل بدعوى المساس بحرية الرأي، ولا قبوله دون ضمانات".

وأضاف الباز بأنّ: "التجريم لا يستهدف التعبير عن المواقف، بل نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات التي تمس نزاهة الانتخابات، خصوصا مع توسّع استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة محتوى مضلل أو مفبرك".

"بقدر ما يبدو تشديد العقوبات ضروريا لردع الممارسات الرقمية المسيئة خلال الحملات الانتخابية، فإنه ينبغي بالمقابل ضمان الشفافية الكاملة ونزاهة العملية الانتخابية، سواء من خلال حياد الإدارة، أو من خلال إشراك الأحزاب والمراقبين في تتبع كل مراحل التصويت والفرز" استرسل في الوقت نفسه.


وتابع: "استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل والتشهير يشكل خطرا حقيقيا على الديمقراطية، لكن معالجته لا ينبغي أن تتحول إلى وسيلة لتكميم الأصوات أو التضييق على النقد، بل إلى آلية قانونية متوازنة تحمي الحياة الخاصة للأشخاص وتحصّن الفضاء الانتخابي من التلاعب، مع الإبقاء على حرية التعبير والنقاش السياسي المسؤول".

في المقابل، يرى حقوقيون أن مواجهة التضليل الرقمي لا ينبغي أن تتحوّل إلى أداة لتكميم الأصوات. فيما أوضحت إحدى الفاعلات في مجال حرية الإعلام أنّ: "القانون في صيغته الحالية يحتاج إلى تعريف دقيق للمفاهيم حتى لا يُستخدم ضد الصحافيين والنشطاء الرقميين بدعوى نشر أخبار غير صحيحة".

إلى ذلك، إنّ التوازن بين ضبط التكنولوجيا وحماية الكلمة الحرة يبقى الرهان الحقيقي للمرحلة المقبلة. وبينما يسعى المشرّع إلى تحصين الديمقراطية من "الذكاء الاصطناعي"، يخشى البعض أن يُستبدل صخب النقاش العمومي بـ"صمت ذكي" لا يخدم سوى من يملكون مفاتيح السلطة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المغرب حرية التعبير الحملات الانتخابية المغرب مجلس النواب حرية التعبير الحملات الانتخابية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

OpenAI تستكشف الذكاء الاصطناعي لتوليد الموسيقى

أفادت تقارير حديثة بأن شركة OpenAI تعمل على مشروع جديد يهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد الموسيقى بناءً على النصوص والمطالبات الصوتية، في خطوة قد تغيّر طريقة إنتاج الموسيقى والمحتوى الصوتي والمرئي على حد سواء. وفقًا لموقع The Information، استعانت الشركة بمجموعة من طلاب مدرسة جوليارد للموسيقى لتطوير بيانات التدريب اللازمة، حيث ساعدوا في شرح النوتات الموسيقية وكيفية تحويلها إلى صياغة يمكن للذكاء الاصطناعي فهمها ومعالجتها.

المشروع الجديد يتصور أداة يمكنها، على سبيل المثال، توليد موسيقى مرافقة لغيتار لمقطع صوتي محدد، أو إضافة موسيقى خلفية لمقاطع الفيديو، ما يوفر للمستخدمين إمكانية إنتاج محتوى موسيقي متكامل دون الحاجة إلى خبرة موسيقية مسبقة. ورغم الاهتمام الكبير بهذا المشروع، لم تكشف OpenAI بعد عن مدى التقدم الذي أحرزته في تطوير هذه التقنية أو موعد إطلاقها المتوقع.

مصادر مطلعة على المشروع أكدت أن الشركة تبحث في كيفية تحويل المعرفة الموسيقية التقليدية إلى صياغة رقمية قابلة للاستخدام في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمثل تحديًا فنيًا وتقنيًا كبيرًا. فالموسيقى ليست مجرد نغمات متتابعة، بل هي أنماط معقدة من التوقيت والإيقاع والنغمات والتعبيرات العاطفية، وكل هذه العناصر يجب أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من التعامل معها بطريقة طبيعية وواقعية.

هذه ليست المرة الأولى التي تستكشف فيها OpenAI الذكاء الاصطناعي في مجال الموسيقى. على مدار السنوات الماضية، شهدت الصناعة ظهور أدوات موسيقية مولدة بالذكاء الاصطناعي، سواء من شركات ناشئة مثل Suno وElevenLabs، أو عبر مشاريع تجريبية أخرى تهدف إلى دمج الإبداع البشري مع القدرات الحسابية للذكاء الاصطناعي. ومن الواضح أن التحدي يكمن في كيفية تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي واللمسة الإنسانية التي تجعل الموسيقى جذابة ومؤثرة.

في الوقت نفسه، يثير المحتوى الموسيقي المولّد بالذكاء الاصطناعي جدلاً واسعًا على منصات البث. فقد غمرت هذه التقنية المكتبات الموسيقية بكميات كبيرة من المقاطع الصوتية، بعضها تجريبي وبعضها يحمل جودة متباينة، ما دفع بعض النقاد إلى التحذير من مخاطر الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الموسيقى. ومن الأمثلة على ذلك مشروع The Velvet Sundown، الذي أظهر كيف يمكن أن تكون النتائج غير متوقعة أو مخيبة للآمال، لكنه أيضًا أشار إلى إمكانات واسعة للتطوير والتحسين.

ويعكس اهتمام OpenAI بالموسيقى جانبًا جديدًا من استراتيجية الشركة الهادفة إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي ليشمل مجالات إبداعية متنوعة. فإذا نجحت هذه الأداة في تقديم موسيقى متوافقة مع النصوص والمقاطع الصوتية، فقد تغيّر الطريقة التي ينتج بها صناع المحتوى الأفلام والإعلانات والفيديوهات التعليمية والألعاب، وتفتح المجال أمام ابتكار أشكال جديدة من التفاعل الصوتي والموسيقي.

بالنظر إلى التطورات الحالية في الذكاء الاصطناعي المولّد للمحتوى، يبدو أن صناعة الموسيقى على أعتاب مرحلة جديدة من الابتكار الرقمي، حيث يمكن لأي شخص تقريبًا، سواء كان محترفًا أو هاويًا، أن يبتكر موسيقى متقنة باستخدام أدوات تعتمد على التعلم الآلي. ومع استمرار الشركات الكبرى والصغيرة في التجريب، ستستمر النقاشات حول جودة الموسيقى المولدة، وقيمتها الإبداعية، وحقوق الملكية الفكرية، وكيفية دمج الذكاء الاصطناعي ضمن الصناعة الموسيقية التقليدية.

مشروع OpenAI الموسيقي قد يكون البداية فقط، لكنه يسلط الضوء على المستقبل الذي ستشكل فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من الإبداع الموسيقي وصناعة المحتوى الرقمي، حيث تتلاقى الموسيقى والتكنولوجيا لتقديم تجربة جديدة للمستخدمين حول العالم.
 

مقالات مشابهة

  • مصر.. حياد المساجد يتصدر مشهد الانتخابات البرلمانية لـضمان النزاهة
  • القاضي يلتقي رئيس المجلس القضائي ورئيس هيئة النزاهة
  • بيل غيتس يتحدث عن 3 مخاوف من الذكاء الاصطناعي
  • المفوضية: نقل البيانات الانتخابية مؤمَّن بثلاث مراحل
  • مفوضية الانتخابات:نقل البيانات الانتخابية من خلال “الفلاش ميموري” ولاداعي للقلق
  • قانونيون : حماية الأسرة من الانتهاكات الرقمية ضرورة ومسؤولية مشتركة
  • حقك ترجعها.. قانون حماية المستهلك يضمن للمواطن استبدال السلع أو استرداد قيمتها خلال 14 يومًا
  • نائب:زيادة في شراء البطاقات الانتخابية كلما اقتربنا من موعد الاقتراع
  • OpenAI تستكشف الذكاء الاصطناعي لتوليد الموسيقى