أنظمة غذائية صارمة.. بين السعي إلى الصحة ومخاطر الحرمان
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
أصبح كثير من الأشخاص في السنوات الأخيرة يتجهون إلى أنظمة غذائية أكثر صرامة، باحثين عن أسلوب حياة يحقق التوازن بين الرشاقة والصحة وراحة الجهاز الهضمي، ومن أبرز هذه الاتجاهات النظام الغذائي الذي يستبعد تمامًا السكر واللحوم ومنتجات الألبان والخبز، وهو نظام مثير للجدل بين مؤيدين ومعارضين، حيث يحذر الأطباء من تطبيقه دون وعي غذائي كافٍ يضمن تعويض العناصر المفقودة، وذلك وفق تقرير تم نشره في موقع Everyday Health.
فعالية أي نظام غذائي لا تُقاس بما يُمنع فقط، بل بما يُضاف من عناصر مغذية تُعوّض ما يُفقد، فبينما قد يؤدي حذف السكر واللحوم ومنتجات الألبان إلى تقليل الدهون المشبعة والسعرات الحرارية العالية، إلا أن هذا الحذف قد يُعرّض الجسم أيضًا لنقص في البروتينات والمعادن ما لم تُستبدل بمصادر نباتية مناسبة ومتنوعة.
ما الذي يبقى على المائدة بعد الاستبعاد؟يرتكز هذا النظام على الأغذية النباتية الكاملة، مثل الخضراوات الطازجة، والفواكه، والبقوليات، والمكسرات، والبذور، والحبوب الكاملة غير المعالجة.
كما يُسمح بتناول الدهون النباتية الصحية مثل الأفوكادو وزيت الزيتون، إلى جانب مصادر البروتين النباتي كالفاصوليا والعدس والحمص.
ويرى خبراء التغذية أن نجاح أي نظام غذائي يعتمد على القدرة على إيجاد بدائل متوازنة تحافظ على استقرار الطاقة والمزاج والوظائف الحيوية، وليس على كثرة الممنوعات.
ويُشير المعهد الأمريكي للتغذية السريرية إلى أن الأنظمة الخالية من اللحوم والألبان قد تُقلّل الالتهابات وتحسّن صحة الأوعية الدموية، شريطة أن تبقى متنوعة وغنية بالدهون الصحية.
ماذا عن القهوة والتحلية؟يؤكد المختصين في التغذية أن القهوة يمكن أن تظل جزءًا من هذا النظام بشرط إعدادها دون حليب حيواني أو كريمة، مع إمكانية استخدام بدائل نباتية مثل حليب اللوز أو جوز الهند أو الكاجو.
أما التحلية، فيُنصح باستخدام العسل الطبيعي بدلًا من المحليات الصناعية التي قد تؤثر سلبًا على بكتيريا الأمعاء وتزيد مقاومة الأنسولين.
كما يحذر الخبراء من الانقطاع التام عن المذاق الحلو، إذ قد يؤدي ذلك إلى نوبات شراهة لاحقة، لذا يُفضل تدريب الحاسة تدريجيًا على تقليل الاعتماد على السكر.
الفوائد الصحية المحتملةيرى الأطباء أن التقليل من اللحوم والسكر ومنتجات الألبان يمكن أن يخفض مستويات الكوليسترول ويحسن حساسية الإنسولين.
وتشير أبحاث مايو كلينك إلى أن الأشخاص الذين يتبعون أنظمة نباتية غنية بالألياف لديهم معدلات أقل من أمراض القلب والسمنة وارتفاع ضغط الدم.
كما أن إزالة الخبز الأبيض والمنتجات المعالجة تساهم في الحد من تقلبات سكر الدم وزيادة الشعور بالشبع، مما يساعد على ضبط الوزن دون الشعور بالحرمان.
ومع ذلك يحذر الأطباء من أن الامتناع الكامل عن مجموعات غذائية رئيسية لفترات طويلة قد يؤدي إلى نقص في فيتامين B12 والكالسيوم والحديد، وهو ما يستدعي تناول مكملات غذائية مدروسة تحت إشراف مختص أو الاعتماد على مصادر نباتية مدعّمة بهذه العناصر.
مخاطر سوء التطبيقتحذر دراسات منشورة في British Journal of Nutrition من أن الأنظمة التي تستبعد مجموعات غذائية كاملة دون تخطيط علمي قد تؤدي إلى ضعف جهاز المناعة وتأثيرات سلبية على صحة العظام والعضلات.
كما أن الاعتماد المفرط على الفواكه والعصائر دون تناول كميات كافية من البروتين قد يسبب هبوطًا في سكر الدم وإجهادًا سريعًا.
ويُوصي الأطباء باتباع هذا النظام لفترة محدودة كتنقية غذائية مؤقتة، لا كأسلوب دائم للحياة، إلا إذا خضع لتعديل علمي يضمن التوازن الكامل للعناصر الغذائية.
كيف تبدأ بطريقة آمنة؟يشدد خبراء التغذية على أن الانتقال إلى هذا النظام يجب أن يتم تدريجيًا، لضمان تكيّف الجسم دون اضطرابات غذائية أو نقص في الطاقة.
ويقترح الأطباء خطة تدريجية تمتد على أربعة أسابيع:
الأسبوع الأول: تقليل استهلاك السكر فقط.الأسبوع الثاني: استبدال اللحوم الحمراء بالأسماك أو البروتين النباتي.الأسبوع الثالث: تجربة بدائل الألبان النباتية.الأسبوع الرابع: تقليل الخبز الأبيض وإدخال الحبوب الكاملة.المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أنظمة غذائية الرشاقة الصحة الجهاز الهضمي أنظمة غذائیة هذا النظام
إقرأ أيضاً:
أطباء يكشفون تأثير الحرمان من النوع على الدماغ
كشفت دراسة علمية حديثة النقاب عن الآلية البيولوجية التي تقف وراء شعورنا بضبابية الدماغ وضعف التركيز بعد ليلة من النوم المضطرب.
فبعد ليلة من الأرق، نستيقظ لنشعر كما لو أن عقولنا مغطاة بطبقة من الضباب، حيث تتراجع حدة الانتباه ويصبح أداؤنا العقلي بطيئا وغير دقيق والآن، تمكن باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) من تحديد السبب الدقيق وراء هذه الحالة المزعجة.
ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة Nature Neuroscience، فإن المفتاح يكمن في السائل الدماغي الشوكي (CSF) الذي يغسل الدماغ عادة أثناء النوم العميق. فخلال نومنا، يتدفق هذا السائل بطريقة إيقاعية منتظمة لتنظيف المخ من الفضلات المتراكمة طوال اليوم. وهذه العملية التنظيفية ضرورية للحفاظ على صحة الدماغ ووظائفه الطبيعية.
ولكن عندما نحرم من النوم الجيد، تحدث تغيرات مذهلة في هذه الآلية. حيث يضطر الجسم إلى محاولة التعويض عن عملية التنظيف الليلية الفاشلة عن طريق إطلاق موجات من السائل الدماغي الشوكي خلال ساعات النهار. وهذه المحاولة للتعويض تأتي بتكلفة باهظة: ضعف ملحوظ في القدرة على التركيز والانتباه.
وللتأكد من هذه النتائج، قام الفريق البحثي بإجراء تجربة شملت 26 متطوعا، تم اختيارهم في حالتين مختلفتين: بعد ليلة من الحرمان من النوم في المختبر، وبعد ليلة من النوم الجيد.
وخضع المشاركون لاختبارات قياس وظائف الدماغ مع مراقبة تدفق السائل الدماغي الشوكي. وشملت الاختبارات مهمات بصرية وسمعية، مثل الضغط على زر عند رؤية شكل معين أو سماع صوت محدد.
وكما كان متوقعا، أظهر المشاركون المحرومون من النوم أداء أسوأ بشكل ملحوظ، مع بطء في زمن الاستجابة وفشل بعضهم في تسجيل بعض المحفزات تماما.
والأمر الأكثر إثارة أن الباحثين لاحظوا تدفقا واضحا للسائل الدماغي الشوكي خارج الدماغ في اللحظات ذاتها التي حدثت فيها حالات تشتت الانتباه، مع عودة السائل إلى الدماغ بعد كل حالة تشتت. كما لاحظوا أن التنفس ومعدل ضربات القلب انخفضا، وحدث تضيق في بؤبؤ العين قبل 12 ثانية من تدفق السائل خارج الدماغ.
وعلقت لورا لويس، الباحثة الرئيسية في الدراسة: "المدهش أن هذه ليست مجرد ظاهرة دماغية بحتة، بل هي حدث يشمل الجسم كله. وتشير نتائجنا إلى وجود دائرة موحدة تحكم كلا من الوظائف الدماغية العليا - مثل انتباهنا وقدرتنا على إدراك العالم - والعمليات الفسيولوجية الأساسية مثل ديناميكيات سوائل الدماغ وتدفق الدم".
يذكر أن هذه الدراسة بنيت على أبحاث سابقة أجرتها لويس عام 2019، حيث اكتشفت أن تدفق السائل الدماغي الشوكي أثناء النوم يتبع نمطا إيقاعيا مرتبطا بتغيرات موجات الدماغ. وهذا ما دفعها للبحث في مصير هذا السائل بعد الحرمان من النوم، ما قاد إلى هذا الكشف العلمي الجديد الذي يفسر أخيرا لماذا نشعر بضبابية العقل عندما لا ننال قسطا كافيا من النوم.