بلير: من جريمة غزو العراق إلى الحاكم بأمره في غزة
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
ليس جديدا ذلك القول إن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، كان ثاني اثنين مع جورج بوش، إذ هما من خططا ونفذا جريمتهما في غزو واحتلال العراق، وما زالت ذاكرة الكثير من شعوب الأرض تذكر دوره في صنع تلك المأساة، التي ما زالت آثارها بادية في العراق حتى اليوم، وما زالت النخب الحية، وكذلك العامة من البريطانيين، يتساءلون كيف لهذا الرجل أن يكون حرا طليقا حتى اليوم، في حين أن مكانه كان يجب أن يكون سجينا في لاهاي، لكن المفاجأة هي الدور السياسي الذي أُنيط به مؤخرا.
                
      
				
لقد قيل إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، قد شارك في مناقشات حول قيادة سلطة انتقالية في غزة، بعد المرحلة الأولى من خطة ترامب لوقف الحرب في غزة. وينص الاقتراح الذي حظي بدعم البيت الأبيض، على أن يقود بلير سلطة حاكمة مدعومة من الأمم المتحدة ودول الخليج العربي، قبل إعادة السلطة إلى الفلسطينيين.
وقد تحدثت بعض الصحف عن مقترح قدمه بلير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة صهر الرئيس كوشنر، لقيادة سلطة انتقالية في قطاع غزة، بعد إتمام المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية. وقد أُعدت الخطة في معهد توني بلير، وتتضمن مراحل وخطوات عدة، منها إنشاء إدارة تحمل اسم السلطة الانتقالية الدولية، وتدير هذه السلطة قطاع غزة لسنوات محددة من مقر رسمي في مدينة العريش المصرية. ويشارك في السلطة مسؤولون ورجال أعمال، وممثل فلسطيني على الأقل وآخر إسلامي. بعدها يتم نقل إدارة قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، بشرط أن تقوم هذه الأخيرة بإجراء إصلاحات داخلية جذرية في هيكليتها السياسية والإدارية.
لقد وافق الرئيس دونالد ترامب على هذه الصيغة، حيث سبق ذلك أن أعلن صهره دعمه لخطة توني بلير، وطلب دونالد ترامب من توني بلير أن يحصل على دعم إقليمي للخطة، خاصة من المملكة العربية السعودية، لأن موقف المملكة بات معروفا باشتراطها أن تكون أية خطة لليوم التالي بعد حرب غزة، تتضمن مسارا واضحا لإقامة دولة فلسطينية.
 
 لكن السؤال الأهم في هذا الموضوع هو، هل يمكن لهذه الصيغة المطروحة أن تكون ترجمتها على هذا النحو: إدارة دولية لقطاع غزة دون أن يكون للفلسطينيين أي دور في ذلك، مقابل عدم تهجير سكان غزة؟ والإجابة على ذلك تبدو سهلة بعض الشيء، فصيغة المبادرة هذه هي بالحقيقة ليست صيغة أمريكية، بل هي أمريكية إسرائيلية تمت مناقشتها في الأشهر الستة الأخيرة، بين مبعوث الرئيس الأمريكي ويتكوف مع مساعد نتنياهو وكوشنر وتوني بلير. وهنا لا بد من القول إن الولايات المتحدة الأمريكية تاريخيا لا تطرح أية مبادرة ما لم تنسق مسبقا مع إسرائيل بشأنها.
 لو نظرنا إلى هذه الخطة سنجد أن معظم النقاط الواردة فيها، تتضمن كل العناصر التي تطالب بها إسرائيل
 لذلك لو نظرنا إلى هذه الخطة سنجد أن معظم النقاط الواردة فيها، تتضمن كل العناصر التي تطالب بها إسرائيل وهي، تأجيل الحديث عن الدولة الفلسطينية، عدم إشراك السلطة الفلسطينية فعليا في إدارة قطاع غزة، إصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية، الإبقاء على حرية العمل الإسرائيلي العسكري والأمني في غزة، انسحاب إسرائيلي تدريجي، استسلام حماس وخروجها من القطاع، دخول قوات متعددة الجنسية عربيا ودوليا، ثم تتكفل الدول العربية والإسلامية بإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل.
 
 أما عن دور الأمم المتحدة في هذه الخطة، وفي ما إذا سيكون لها دور معين في قطاع غزة، فنعم هنالك دور لها منصوص عليه في خطة بلير، لأنهم يتحدثون عن أن الهيئة التي ستتولى مهمة إدارة القطاع، يجب أن يوافق عليها مجلس الأمن الدولي، وعلى هذه الهيئة أن تقدم تقارير إلى مجلس الأمن حول التقدم الذي سيحصل في عملها، مع العلم أنه تم إعلام الأمم المتحدة بالخطوات التي كانت تجري قبل إعلان الخطة. 
 
 لكن هل كانت الأمم المتحدة شريكة في إعداد هذه الخطة؟ الجواب على ذلك بالنفي لأن العمل عليها كان يجري بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ولعل إحدى المشاكل الرئيسية الي تراها الأمم المتحدة في هذه الخطة هو موضوع السلطة الفلسطينية. فخطة بلير تتحدث عن إعطاء دور محدود للسلطة، ولكن الانتقال إلى دور حقيقي للسلطة الفلسطينية قد يتطلب ما يقارب العشر سنوات، لأن المطلوب أولا إصلاح السلطة، وهو إصلاح يجب أن لا يكون تجميليا بل جذريا ومشروطا.
 
 إن إشغال العالم بالحديث عن المرحلة التالية في غزة، يهدف إلى أسدال الستار عما جرى في القطاع من جرائم إبادة جماعية، وأنها محاولة لتلميع صورة الولايات المتحدة والغرب، وتنفيس الغضب الذي تفجر لدى الرأي العام الدولي على حكوماتهم، التي رأوها بصورة واضحة، قد شاركت مشاركة فعلية في المقتلة التي حدثت في غزة. 
 
 وبعد كل ما جرى يأتي الحديث عن إبعاد الفلسطينيين عن إدارة شؤونهم بأنفسهم، فبأي حق يريد أي أحد أن يفرض على أهلنا في فلسطين شخصا ما من خارج فلسطين، كي يدير شؤون الفلسطينيين؟ ففلسطين ليست مستعمرة بريطانية، حتى يأتي توني بلير كي يحكم فيها، خاصة أنه متهم، على الأقل شعبيا، كمجرم حرب حين شارك بصورة فاعلة في الغزو غير الشرعي والاحتلال غير القانوني للعراق، والذي أصر على عدم الاعتذار عن تلك الجريمة رغم اعتذار سيده بوش عن تلك الفعلة. 
 
 وعليه فإن بلير ليست لديه المقومات الأخلاقية كي يأتي ويدير شؤون الأخرين. كما إن الفلسطينيين أقدر من غيرهم على إدارة شؤونهم بأنفسهم، والحل السليم للوضع القائم هو تنفيذ اتفاق بكين، الذي ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية للضفة الغربية وغزة من المستقلين، وهي حكومة انتقالية تبدأ بعملية إعادة الأعمار، ثم تعد لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية يختار من خلالها الفلسطينيون قيادتهم.
 
 وما هو جدير بالذكر أن هناك شبه إجماع من معظم الدول العربية على أن السلطة الفلسطينية هي اللاعب الرئيسي الذي يضمن حقه. فالخطة السعودية الفرنسية أصرت على أن يكون لهذه السلطة دور رئيسي في تقرير مصير شعبها، خاصة أن الكل مُجمع على فكرة أنه لا يمكن أن تُدار فلسطين من دون أن يكون لشعبها دور حقيقي في العملية. وعندما يتم الحديث عن إدارة دولية للقطاع ما بين خمس وثماني سنوات، هذا يعني أن إسرائيل ستخلق وقائع جديدة على الأرض وسوف تتمسك بها لاحقا، خاصة أن توني بلير هو رجل إسرائيل والولايات المتحدة المفضل، على حد تعبير الكثير من الصحف الإسرائيلية. وهذا يعني أنه سيعمل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي لخدمة أهداف هذا الجيش والحكومة.
 
 القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه توني بلير غزة خطة ترامب غزة الاحتلال توني بلير خطة ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة الأمم المتحدة هذه الخطة تونی بلیر قطاع غزة أن یکون فی غزة
إقرأ أيضاً:
مبعوث الرئيس الأمريكي يهنئ العراق وتركيا على الاتفاق الإطاري بشأن إدارة الموارد المائية
هنأ مبعوث الرئيس الأمريكي إلى العراق مارك سافايا، اليوم الاثنين، العراق وتركيا على توقيع اتفاق إطاري بشأن إدارة الموارد المائية، مؤكداً الاستمرار بدعم العراق وشعبه في السعي نحو تحقيق مزيد من الاستقرار والازدهار وبناء بيئة مستدامة.
وقال سافايا، في بيان نشره على حسابه عبر منصة (إكس) ، ونقلته وكالة الأنباء العراقية (واع) ، : "نُهنئ جمهوريتي العراق وتركيا على توقيع اتفاقٍ إطاريٍّ بين البلدين لمعالجة القضايا المستمرة المتعلقة بإدارة الموارد المائية".
وأضاف : " الاتفاق تضمَّن النقاط الرئيسية : إلتزام تركيا بإطلاق كمية محددة من المياه، تركيز العراق على إدارة الموارد المائية والاستخدام الأمثل لها، منح الشركات التركية حق تنفيذ مشاريع بناء السدود وإدارة المياه وسريان الاتفاق لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد سنويًا".
وأكد أن هذا الاتفاق يعد خطوةً مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي وضمان الوصول المستدام إلى الموارد المائية الحيوية التي تمثل شريان حياةٍ لملايين العراقيين المتضررين من الجفاف وشح المياه.