2 نونبر، 2025
بغداد/المسلة:
ليث شبر
بلا أدنى شك فإن تعيين مارك سافايا مبعوثًا خاصًا للرئيس ترامب إلى العراق هو إعلان عن مرحلة جديدة في إعادة تعريف العلاقة مع بغداد مهما تشعب النقاش واختلفت الآراء.
والأساس هو ملف السلاح خارج إطار الدولة الذي لم يعد تفصيلًا أمنيًا فحسب، بل تحوّل إلى معيار يُقاس عليه شكل الدولة العراقية وموقعها في النظام الدولي.
سافايا يحمل خطابًا واضحًا: القوة لا تُدار في العراق عبر التسويات الرمادية، بل عبر استعادة احتكار الدولة للسلاح.
وهذه الرسالة ليست أمنية فقط، بل سياسية عميقة، تعيد وضع العراق أمام سؤال وجودي:
هل نحن دولة تحتكر أدوات القوة؟
أم مساحة مفتوحة أمام قوى متوازية تصنع قرارها الخاص وتتعامل مع العالم على حساب الدولة؟
لكن المعادلة ليست ثنائية بين واشنطن والفصائل.
القضية أعمق: إنها أزمة غياب مركز القرار العراقي.
فالدول التي تفقد مركزها تتحول إلى ساحة نفوذ.
والعراق اليوم ليس موضوع نقاش عن “سلاح خارج الدولة” فقط، بل موضوع نقاش عن “دولة خارج مركزها”. فالدولة التي لا تحتكر قرارها لا تستطيع أن تحتكر بندقية واحدة. وفي ظل هذا الغياب، يصبح كل فاعل خارجي أو داخلي قادرًا على تحريك الموازين، لأن العراق لم ينجح حتى الآن في إنتاج عقل دولة يحسم النزاع من الداخل.
وكل محاولة لإدخال السلاح تحت سلطة القانون ستبقى ناقصة، ما لم تسبقها إعادة بناء شرعية الدولة عبر العدالة، والإدارة، والاقتصاد، والثقة.
وهنا تكون المعالجة أمنية وسياسية واقتصادية في آن واحد.
سافايا جاء لأن أمريكا اكتشفت أنّ العراق لم يعد يملك “عقدة القرار”.
وواشنطن تريد أن تعرف: من يمسك بمفتاح الدولة؟ ومن يمسك بمفتاح الرصاص؟
فإذا كانت الدولة لا تمسك بمفتاحها، فسيمسك به الآخرون: مرة تحت عنوان المقاومة، ومرة تحت عنوان الحماية، ومرة تحت عنوان التوازن الإقليمي.
المشكلة ليست بالأسماء. المشكلة هي الفراغ.
وبغض النظر عن موقفكم من ترامب أو ممثله فإننا هنا أمام فرصة تاريخية، لا أمام تهديد فقط.
فإذا تعامل العراق مع هذه اللحظة بمنطق مشروع دولة، يمكن تحويل ضغط الخارج إلى رافعة لإصلاح الداخل.
ولحظة سافايا ليست ساحة تخويف أو تبشير، بل لحظة فرز:
من مع دولة متحدة قوية؟
ومن مع استمرار تعدد القوى؟
وهذا الفرز لا يُحسم في الإعلام ولا في البرلمان ولا في التصريحات الموسمية، بل يُحسم في إعادة تعريف السلطة نفسها، وفي تحويل الدولة من رد فعل إلى فعل.
الخلاصة بسيطة وعميقة في الوقت نفسه:
ملف السلاح في العراق ليس ساحة للآخرين ليحسموه نيابة عنا.
هذه معادلتنا نحن.
ونحن من نحتاج أن نقرر: هل نريد دولة موحدة قادرة على مخاطبة العالم كطرف صاحب سيادة؟
أم نريد أن تبقى البلاد ساحة نفوذ متنازع عليها، تتغير فيها الأسماء والوجوه، ويتكرّر فيها التاريخ كل مرة بصياغات مختلفة؟
والإجابة قراركم
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
محاكمة شركة لافارج الفرنسية بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا
31 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: تبدأ في باريس الثلاثاء محاكمة شركة لافارج الفرنسية ومسؤولين كبار فيها، بتهمة تمويل مجموعات جهادية في سوريا من بينها تنظيم الدولة الإسلامية، حتى العام 2014 لضمان استمرار العمل في مصنعها للاسمنت.
وإضافة جانب الشركة التي استحوذت عليها مجموعة هولسيم السويسرية في العام 2015، سيُحاكم أمام المحكمة الجنائية في باريس، الرئيس التنفيذي السابق للافارج برونو لافون وخمسة مسؤولين سابقين في السلسلة التشيغلية أو الأمنية، ووسيطان سوريان أحدهما مطلوب بموجب مذكرة توقيف دولية.
ويواجه هؤلاء تهما تتعلق بتمويل منظمة إرهابية وعدم الامتثال للعقوبات المالية الدولية التي كانت مفروضة على سوريا في تلك الحقبة.
ويشتبه في أن المجموعة الفرنسية دفعت عامي 2013 و2014، عبر فرعها “لافارج سيمنت سوريا”، خمسة ملايين يورو لجماعات مصنّفة “إرهابية”، من بينها تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة. كما دفعت لوسطاء لحماية مصنع الإسمنت في الجلابية في شمال سوريا أثناء أعوام النزاع الذي اندلع عام 2011.
واستثمرت الشركة 680 مليون يورو في المصنع الذي تمّ بناؤه في العام 2010.
– شكاوى –
وبينما غادرت شركات متعدّدة الجنسية أخرى سوريا في العام 2012، قامت لافارج بإجلاء موظفيها الأجانب فقط في حينه، وأبقت السوريين يعملون حتى أيلول/سبتمبر 2014 عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المصنع.
وبدأ المسار القضائي في باريس عام 2017 بعد معلومات صحافية وشكويين في العام 2016، إحداهما من وزارة الاقتصاد لانتهاك الحظر المالي على سوريا، والثانية من جمعيات و11 موظفا سابقا في فرع الشركة في سوريا، لتمويل الإرهاب.
وفي مسار موازٍ، أطلقت المجموعة الجديدة التي انبثقت عن استحواذ هولسيم على لافارج في 2015، تحقيقا داخليا، وحرصت دائما على نفي أي علاقة لها بالأحداث التي سبقت عملية الدمج.
وبعد عامين، خلص التحقيق الذي أوكل إلى مكتب المحاماة الأميركي “بايكر ماكنزي” والفرنسي “داروا”، إلى حصول “انتهاكات لقواعد السلوك التجاري في لافارج”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، أقرّت لافارج في الولايات المتحدة بالذنب بدفع حوالى ستة ملايين دولار لتنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، ووافقت على دفع غرامة قدرها 778 مليون دولار.
وأكد برونو لافون أنه لم يكن على اطلاع على دفع مبالغ للجماعات الجهادية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts