لماذا تزداد الأرض ظلمة وما علاقة ذلك بالتغير المناخي؟
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
في دراسةٍ جديدة استخدمت بياناتٍ من الأقمار الصناعية جُمعت منذ بداية القرن، اكتشف باحثون أن عكس كوكب الأرض أشعة الشمس يقل تدريجيا، وأن اختلالًا ينشأ بين الشمال والجنوب، حيث يبدو الأول أكثر ظلمة وحرارةً من الثاني.
وتشير الدراسة التي نُشرت أخيرًا في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن دورة الرياح والتيارات المحيطية ترتبط ارتباطا وثيقًا بتوزيع الطاقة الشمسية على كوكب الأرض.
                
      
				
ووفقًا لفريق الباحثين بقيادة نورمان لوب من مركز أبحاث لانغلي التابع لوكالة ناسا في فرجينيا، فإن نصفي الكرة الأرضية الجنوبي والشمالي يعكسان في المتوسط نفس كمية الإشعاع الشمسي.
ويقول نورمان لوب "إنها أقرب إلى نظرية أو سؤال مفتوح، فنحن لا نعرف ما إذا كانت تلك خاصية أساسية لكوكبنا أم مجرد صدفة". ويؤكد مؤلفو الدراسة، أن هذا التماثل كان موضوعا مثيرا للاهتمام منذ أن رصد لأول مرة بواسطة الأقمار الصناعية في أواخر خمسينيات القرن الماضي.
ويشير لوب إلى أن كمية الطاقة المنبعثة من الشمس ليست موزعة بالتساوي على الكرة الأرضية، فعند خط الاستواء، تكون الشمس أكثر شدة، بينما تكون الطاقة الممتصة أقل عند القطبين. ولاستعادة التوازن، ينقل دوران الغلاف الجوي (الرياح والغيوم، إلخ) ودوران المحيطات الطاقة من المناطق الاستوائية إلى القطبين.
وقد أظهرت دراسات سابقة، أن إعادة التوازن هذه، تحدث أيضا من نصف الكرة الأرضية إلى الآخر، وأن توزيع السحب أو بعضها، الأقل عمقا، يعكس أشعة الشمس، يلعب دورا هاما، فبدونها سيكون نصف الكرة الجنوبي، المغطى بجزء كبير من المحيطات، أقل سطوعا بكثير.
بعد تحليل بيانات الأقمار الصناعية على مدى 24 عاما، اكتشف الباحثون أنّه ليس فقط، أن نصفي الكرة الأرضية يزدادان سوادا، بل أيضا أن بياض نصف الكرة الشمالي يتناقص بوتيرة أسرع من نصف الكرة الجنوبي، مما يُسبب عدم تناسق، أي اختلال في التوازن بين هذين الجزأين من الكرة الأرضية.
إعلانوجاء ذلك بفارق 0.34 واط لكل متر مربع لكل عقد -وهو فرق ضئيل وإن كان ذا دلالة إحصائية- وفقًا للدراسة. وعليه، فإن الشمال، الذي يمتص طاقة أكبر، ترتفع حرارته أسرع من الجنوب، بنحو 0.16 درجة مئوية لكل عقد، بسبب هذا الاسوداد.
ويُجادل الباحثون في وجود عدة عوامل تُفسر ذلك، فتغير المناخ يُسبب ذوبان الأنهار الجليدية والجليد البحري، ذات القدرة العالية على عكس الأشعة، وهذا الذوبان "أكبر وأسرع في نصف الكرة الشمالي"، ذي الغطاء الأرضي الأوسع، كما يُشير نورمان لوب.
كما يُؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة تركيز بخار الماء في الغلاف الجوي، الذي يمتص الطاقة الشمسية بدلًا من عكسها.
ويشير المؤلفون أيضا إلى انخفاض الهباء الجوي في نصف الكرة الشمالي، وهي جسيمات دقيقة عالقة في الهواء كانت هدفًا لسياسات مكافحة التلوث في السنوات الأخيرة، لا سيما في الصين، ولكن أيضًا في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي حين أن هذا الهباء الجوي يُعدّ ملوثات فعلا، إلا أنها تعكس أيضا أشعة الشمس. وعلى العكس من ذلك، في نصف الكرة الجنوبي، أدت حرائق الغابات الأسترالية وثوران بركان "هونغا تونغا" في جنوب المحيط الهادي عام 2022 إلى زيادة انبعاثات الجسيمات.
ويقول نورمان لوب: "لقد شهدنا انخفاضا في الهباء الجوي في نصف الكرة الشمالي وزيادات في نصف الكرة الجنوبي، مما فاقم هذا التفاوت".
كما يكمن تفسير آخر أكثر غموضًا في السحب حسب الدراسة، إذ تشير دراسات سابقة إلى أن الاحتباس الحراري يميل إلى تقليل كمية السحب المنخفضة، وهي تحديدا تلك التي تعكس الإشعاع الشمسي.
وبينما أظهرت دراسات ونماذج سابقة أن الاختلالات بين الشمال والجنوب تُعوض عادةً بالتيارات والرياح والغيوم، تشير الدراسة الجديدة إلى أن هذا لم يعد صحيحا.
ويخلص الباحثون إلى أن "مسألة ما إذا كان الدوران العام سيتكيف لإنتاج توزيع سحابي يعيد تناسق البياض في نصف الكرة الأرضية لا تزال مطروحة، ولها آثار مهمة على المناخ المستقبلي".
وعن الآثار المحتملة لهذا التباين، يلاحظ الباحثون فعلا ازديادا في هطول الأمطار في الجزء الشمالي من المنطقة المدارية، وتحديدًا في "منطقة التقارب المدارية" الواقعة قرب خط الاستواء، وهي منطقة بالغة الأهمية لتبادل الطاقة بين نصفي الكرة الأرضية.
ويرى نورمان لوب، أنه إذا كانت هذه الظاهرة حقيقية، فسيكون لها بالتأكيد تداعيات على أنماط المناخ أبعد بكثير من المناطق المدارية.
من جهتها، تؤكد جينغ فنغ، الباحثة في جامعة برينستون والمتخصصة في قضايا توازن الطاقة الإشعاعية للأرض، أن هذا التباين قد يكون له تداعيات كبيرة على المناخ، مثل تغيرات في أنماط هطول الأمطار العالمية.
وترى فنغ أن الدراسة تطرح أسئلة مهمة، لا سيما في قدرة نماذج المناخ على إعادة إنتاج التباين المرصود في نصف الكرة الأرضية.
ويكمن القصور الرئيسي في الدراسة بحسبها في "قصر مدة الرصد نسبيا (24 عاما)، مشيرة إلى أن عمليات الرصد الأطول عبر الأقمار الصناعية ضرورية لتأكيد استمرار هذا الاتجاه وتأثيره على المناخ الإقليمي والعالمي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات تغي ر المناخ نصف الکرة الشمالی نصف الکرة الجنوبی الأقمار الصناعیة الکرة الأرضیة أن هذا إلى أن
إقرأ أيضاً: