"نقطة تحوّل". هكذا وصف كثيرون الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مخيم عين الحلوة مساء الثلاثاء، وقد جاءت صادمة في الشكل والمضمون، إذ وُصِفت بأنّها الخرق الأعنف على الإطلاق منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لدرجة عدّها كثيرون إما اغتيالاً "نوعيًا" لأحد قيادات الصف الأول على المستوى الفلسطيني، أو إعلانًا صريحًا بتوسيع المعركة، والانتقال إلى "الحرب الشاملة"، وكلا الاحتمالين يبدو مُستبعَدًا حتى الآن.



 

مع ذلك، تواصلت رسائل "النار" الإسرائيلية خلال الساعات الماضية، إذ لم يمرّ وقت طويل على "صدمة" المجزرة التي ارتكبتها تل أبيب في عين الحلوة، حتى عادت الاستهدافات المتنقّلة للقرى الجنوبية، شمال الليطاني وجنوبه على حدّ سواء، لتقترن مرّة أخرى بإشعارات إخلاء مسبقة، بذريعة أنّها "بنى عسكرية لحزب الله" وفق الادّعاءات الإسرائيلية، وهي إشعارات بات واضحًا أنّ الهدف منها ليس سوى تسجيل النقاط في المعركة "النفسية" الدائرة.

 

وبين مجزرة عين الحلوة التي بدت لكثيرين كأنها لحظة فاصلة في مسار المواجهة المفتوحة منذ أشهر على الجبهة اللبنانية–الإسرائيلية، ولو من طرف واحد، في ظلّ استمرار سياسة "الانكفاء" التي يتّبعها "حزب الله"، والتي لم يخرقها إلا ببيان استنكار، ثمّة علامات استفهام تطرح نفسها، فهل ما جرى مجرّد جولة عنيفة جديدة في إطار قواعد الاشتباك القائمة أصلًا، أم أنّ إسرائيل قرّرت الانتقال إلى مرحلة مختلفة عنوانها الضغط "المنهجي" على المدنيين؟

 

هل فُتِحت "جبهة المدنيين"؟

 

على مدى الأشهر الماضية، واظبت إسرائيل على خرق اتفاق وقف إطلاق النار بصورة شبه يومية، وبوتيرة عاديّة، حتى أضحت الغارات أمرًا مألوفًا لا يُرصَد معه في الكثير من الأحيان أيّ استنكار رسميّ، ولو من باب رفع العتب، وكأنّ تل أبيب نجحت في فرض ما سمّته "حرية الحركة" حتى على اللبنانيين أنفسهم بحكم الأمر الواقع، إلا أنّ الخروقات صبّت بمعظمها في خانة "محاولة تأكيد الوجود"، وبالتالي عدم السماح بالعودة إلى الوراء تحت أيّ ظرف.

 

إلا أنّ الضربة على عين الحلوة بدت مختلفة عن كلّ ما سبقها من خروقات، بدليل الفاتورة البشرية "الثقيلة" التي نتجت عنها، بعدما كانت معظم غارات المرحلة السابقة "مركّزة"، إن صحّ التعبير، فلا يستشهد فيها إلا من يكون مستهدفًا، في حين تحدّثت المعلومات عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى في ضربة عين الحلوة، التي قالت حركة "حماس" إنها استهدفت ملعبًا داخل المخيم، في ساحة مكتظّة بالناس، ما عزّز صورة استهداف المدنيّين بشكل مباشر.

 

وعلى رغم أنّ الغارات على القرى الجنوبية تتكرّر منذ اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار، أو لخرق إسرائيل له، إلا أنّ بُعد "استهداف المدنيين" حضر على خطّها هذه المرّة أيضًا، ولو من باب "المعركة النفسية"، فإشعارات الإخلاء، سواء جاءت على لسان أفيخاي أدرعي عبر المنصّات، أو عبر اتصالات "مجهولة" وردت إلى السكان تطلب منهم إخلاء منازلهم خلال مهلة قصيرة، عزّزت بدورها الشعور لدى الأهالي بأنهم باتوا جزءًا من بنك الأهداف المباشرة.

 

تصعيد "مضبوط".. ولكن!

 

بهذا المعنى، ثمّة من يرى أنّ ما جرى في عين الحلوة، وفي قرى الجنوب، ليس عبارة عن "صدفة"، وإنما يعبّر عمليًا عن "نهج جديد" تعتمده إسرائيل في هذه المرحلة على ما يبدو، لا يقوم على "إسقاط" مبدأ "تحييد المدنيين" فحسب، بل على استخدام المدنيّين كورقة ضغط إضافية على لبنان، وعلى "حزب الله" أيضًا عبر اختبار مدى قدرة البيئة الحاضنة على تحمّل ضربات من هذا النوع، وإن ظلّ الخطاب الرسمي الإسرائيلي يزعم استهداف "بنى تحتية عسكرية".

 

مع ذلك، لا تعلن إسرائيل أنها ذاهبة إلى مواجهة واسعة على الجبهة اللبنانية، على الأقلّ في الوقت الراهن، باعتبار أنّ التلويح بعصا هذه المواجهة سيستمرّ حتى اللحظة الأخيرة. وتحاول إسرائيل الإيحاء بأن ما يحصل ليس سوى "ضربات موضعية" هدفها منع "حزب الله" من إعادة بناء قدراته قرب الحدود، والضغط عليه لاحترام القرار 1701، وهو بالمناسبة ما يخشى كثيرون أن يؤسّس عمليًا لبناء الذريعة التي تريدها إسرائيل في حال توسيع الهجوم لاحقًا.

 

في المقابل، يبدو أنّ الحسابات اللبنانية تبقى على جري العادة الأكثر تعقيدًا، ربطًا بالانقسامات الداخلية التي لا تنتهي. ففيما تتعامل قوى لبنانية عديدة مع ما جرى بوصفه اعتداءً مباشرًا على لبنان وسيادته، تفضّل قوى أخرى وضع الكرة في ملعب "حزب الله"، متهمة إياه بأنه من ورّط لبنان في المقام الأول بما سُمّيت "حرب الإسناد"، ويعيد الكرّة اليوم من خلال إصراره على ما يصفونه بـ"تقديس السلاح".

 

أما الحزب الذي أصدر بيانًا أدان فيه مجزرة عين الحلوة، فلا يُعتقَد أنه في وارد فتح أي جبهة حاليًا من شأنها أن تستنزف قدراته، بل هناك من لا يزال يسأل عن طبيعة موقفه في حال فرضت إسرائيل الحرب على لبنان، وهو الذي رمى الكرة في ملعب الدولة اللبنانية منذ اتفاق وقف إطلاق النار، حتى إنّه في بيانه حول المجزرة لم يتوعّد إسرائيل، بل دعا أركان الدولة إلى أن يدركوا أن إظهار أي ليونة أو ضعف أو خضوع لهذا العدو لا يزيده إلا ‏شراسة وتوحشًا وتماديًا.

 

انطلاقًا من كل ما سبق، يمكن القول إن ما بعد عين الحلوة ليس كما قبلها، بمعنى أنّ مرحلة جديدة من "الضغط المحسوب" بدأت إلى حدّ بعيد، مع دخول المخيمات والقرى أكثر فأكثر في معادلة الضغط والردع. لكن في قلب هذه المرحلة، لا تزال عناصر "الضبط" حاضرة لبنانيًا وإسرائيليًا أيضًا، رغم الصخب المفتعَل.

وعليه، فإنّ السؤال المفتوح، والذي سيحدّد شكل الأسابيع المقبلة، هو ما إذا كانت إسرائيل ستنجح في استخدام هذه الورقة لانتزاع أثمان سياسية وأمنية في ملف الجنوب وسلاح "حزب الله"، أم أن تراكم الدم في عين الحلوة والقرى الجنوبية سيُنتج، بالعكس، تشدّدًا أكبر في الموقفَيْن اللبناني والفلسطيني، ويدفع قواعد الاشتباك نحو انفلات يصعب ضبطه.
المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة وفد من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية زار جرحى مجزرة عين الحلوة Lebanon 24 وفد من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية زار جرحى مجزرة عين الحلوة 20/11/2025 16:00:32 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 "حزب الله" أدان "مجزرة عين الحلوة": هذه الجريمة اعتداء على لبنان وسيادته Lebanon 24 "حزب الله" أدان "مجزرة عين الحلوة": هذه الجريمة اعتداء على لبنان وسيادته 20/11/2025 16:00:32 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 لقاء في دار إفتاء صيدا أدان مجزرة عين الحلوة واكد وحدة الصف في مواجهة الفتن Lebanon 24 لقاء في دار إفتاء صيدا أدان مجزرة عين الحلوة واكد وحدة الصف في مواجهة الفتن 20/11/2025 16:00:32 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي عسيران استنكر "مجزرة عين الحلوة" Lebanon 24 المفتي عسيران استنكر "مجزرة عين الحلوة" 20/11/2025 16:00:32 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 الإسرائيلية الإسرائيلي اللبنانية حزب الله إسرائيل الشهداء الغارات الجبهة تابع قد يعجبك أيضاً في ذكرى ميلادها.. فيروز تواجه عيدها منقوصاً برحيل زياد Lebanon 24 في ذكرى ميلادها.. فيروز تواجه عيدها منقوصاً برحيل زياد 16:00 | 2025-11-20 20/11/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الخطيب: للخروج من العقلية الطائفية وعدم الانجرار الى الفتن Lebanon 24 الخطيب: للخروج من العقلية الطائفية وعدم الانجرار الى الفتن 15:56 | 2025-11-20 20/11/2025 03:56:05 Lebanon 24 Lebanon 24 نوح زعيتر في قبضة الجيش Lebanon 24 نوح زعيتر في قبضة الجيش 15:53 | 2025-11-20 20/11/2025 03:53:41 Lebanon 24 Lebanon 24 الجميّل يستهل زيارته الى واشنطن بلقاءات في البيت الأبيض Lebanon 24 الجميّل يستهل زيارته الى واشنطن بلقاءات في البيت الأبيض 15:45 | 2025-11-20 20/11/2025 03:45:59 Lebanon 24 Lebanon 24 قائد الجيش عرض الاوضاع مع السفير الياباني Lebanon 24 قائد الجيش عرض الاوضاع مع السفير الياباني 15:44 | 2025-11-20 20/11/2025 03:44:49 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة هذه آخر خطوة لـ"تنورين" Lebanon 24 هذه آخر خطوة لـ"تنورين" 22:19 | 2025-11-19 19/11/2025 10:19:38 Lebanon 24 Lebanon 24 مجلس الوزراء يدرس إلغاء 2600 وظيفة من القطاع العام Lebanon 24 مجلس الوزراء يدرس إلغاء 2600 وظيفة من القطاع العام 06:02 | 2025-11-20 20/11/2025 06:02:14 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر عن "الكهرباء".. ماذا سيحصل؟ Lebanon 24 خبر عن "الكهرباء".. ماذا سيحصل؟ 22:40 | 2025-11-19 19/11/2025 10:40:30 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير إسرائيليّ عن "حزب الله": هكذا ينقل المسيّرات من أوروبا إلى لبنان Lebanon 24 تقرير إسرائيليّ عن "حزب الله": هكذا ينقل المسيّرات من أوروبا إلى لبنان 16:12 | 2025-11-19 19/11/2025 04:12:29 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا قال تقريرٌ إيراني عن "القرض الحسن"؟ كلامٌ جديد Lebanon 24 ماذا قال تقريرٌ إيراني عن "القرض الحسن"؟ كلامٌ جديد 23:10 | 2025-11-19 19/11/2025 11:10:33 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب حسين خليفة - Houssein Khalifa أيضاً في لبنان 16:00 | 2025-11-20 في ذكرى ميلادها.. فيروز تواجه عيدها منقوصاً برحيل زياد 15:56 | 2025-11-20 الخطيب: للخروج من العقلية الطائفية وعدم الانجرار الى الفتن 15:53 | 2025-11-20 نوح زعيتر في قبضة الجيش 15:45 | 2025-11-20 الجميّل يستهل زيارته الى واشنطن بلقاءات في البيت الأبيض 15:44 | 2025-11-20 قائد الجيش عرض الاوضاع مع السفير الياباني 15:32 | 2025-11-20 اجتماعات تعاون ثلاثي في عمّان لبحث البنية التحتية للطاقة بين الأردن ولبنان وسوريا فيديو هربت من المدرسة وعاشت تجارب مؤلمة.. مايا دياب تكشف عن معاناة ابنتها "كاي" من هذه التروما (فيديو) Lebanon 24 هربت من المدرسة وعاشت تجارب مؤلمة.. مايا دياب تكشف عن معاناة ابنتها "كاي" من هذه التروما (فيديو) 09:38 | 2025-11-19 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو: بعروض جوية.. ترامب يستقبل الامير محمد بن سلمان في البيت الابيض Lebanon 24 بالفيديو: بعروض جوية.. ترامب يستقبل الامير محمد بن سلمان في البيت الابيض 18:23 | 2025-11-18 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 قائدة على المنصة.. أوّل امرأة تقود أوركسترا إيرانية فمن هي؟ (فيديو) Lebanon 24 قائدة على المنصة.. أوّل امرأة تقود أوركسترا إيرانية فمن هي؟ (فيديو) 19:17 | 2025-11-15 20/11/2025 16:00:32 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مجزرة عین الحلوة وقف إطلاق النار على لبنان فی البیت حزب الله

إقرأ أيضاً:

بعد إنذار الإخلاء.. إسرائيل تقصف "مبنى شحور" جنوبي لبنان

أفادت مراسلة "سكاي نيوز عربية"، الأربعاء، بأن الجيش الإسرائيلي شن غارة على مبنى في بلدة شحور جنوبي لبنان.

ووجه الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إنذارا إلى سكان مبان في قريتين في جنوب لبنان مطالبا بإخلائها قبل توجيه ضربات.

وقال الجيش في بيان إنه سيهاجم "في الوقت القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي في أنحاء جنوب لبنان"، طالبا من سكان مبان محددة في خريطتين مرفقتين والمباني المجاورة بـ"إخلائها فورا" في قريتي دير كيفا وشحور.

وأشار الجيش إلى أنه سيوجه ضربات "للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة".

ويتهم لبنان إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه برعاية أميركية فرنسية في 27 نوفمبر 2024، من خلال الضربات والإبقاء على قوات داخل أراضيه، فيما تتهم إسرائيل حزب الله بالعمل على ترميم قدراته العسكرية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اتهم حزب الله مؤخرا بمحاولة إعادة بناء قدراته وتسليح نفسه.

الأربعاء أيضا، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل الثلاثاء عنصرين من حزب الله في جنوب لبنان.

وأوضح أن العنصرين قُتلا في ضربتين منفصلتين على منطقتي بنت جبيل وبليدا.

وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت مقتل 13 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية ليل الثلاثاء على مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف "مجمع تدريبات" تابع لحركة حماس التي نفت بدورها وجود منشآت عسكرية تابعة لها في المخيمات الفلسطينية في لبنان ووصفت اتهامات إسرائيل بأنها "كذب".

مقالات مشابهة

  • بعد مجزرة عين الحلوة.. بيانٌ جديد من حماس
  • من الصحة.. هذه الحصيلة النهائية لشهداء مجزرة عين الحلوة
  • بعد إنذار الإخلاء.. إسرائيل تقصف "مبنى شحور" جنوبي لبنان
  • حزب الله أدان مجزرة عين الحلوة: هذه الجريمة اعتداء على لبنان وسيادته
  • العلامة فضل الله أدان المجزرة الإسرائيلية في عين الحلوة
  • الحاج اعلن عن إطلاق رؤية جديدة لقطاع الاتصالات: شبكة ألياف موسّعة و5G وفتح الباب أمام شراكات إستثمارية
  • فجر اليوم... سرقة 300 ألف دولار من داخل منزل
  • مخاوف من هروب مطلوبين
  • المفتي عسيران استنكر مجزرة عين الحلوة