لجريدة عمان:
2025-11-22@19:19:48 GMT

تحدِّيات التقنية العصبية

تاريخ النشر: 22nd, November 2025 GMT

أودري أزولاي 

ترجمة قاسم مكي 

الدماغ هو الملاذ الأخير لأفكارنا الخاصة. من الذي يمكنه تخيل أنه ليس باستطاعته الاحتفاظ بأفكاره لنفسه؟ رغم إننا لا نزال بعيدين عن التقنية التي يمكنها قراءة الذهن حقا إلا أن العلم خطا خطوات نحو فك شفرة أفكارنا؛ فالتقنية العصبية (الدماغية) حقلٌ يشهد تحولات متسارعة ومُكرَّسة لفهم الدماغ وإيجاد تقنيات تتفاعل معه ويمكنها الوصول الى أنظمتنا العصبية وتقييمها، بل حتى التلاعب بها.

 

في هذا العام حققت التقنية العصبية قفزة الى الأمام عندما أجرت شركة «ميتا» سلسلة من التجارب تدمج جهاز تخطيط الدماغ الذي يقيس الحقول المغناطيسية المتولدة عن نشاط الدماغ مع الذكاء الاصطناعي التوليدي. 

ذكرت «ميتا» إنها نجحت في فك التمثيلات البصرية في الدماغ بدقة «مِلِّي ثانية». (في تجربة شركة ميتا يسجل هذا الجهاز بدقة آثار المجال المغناطيسي الضعيف جدا للإشارة الكهربائية الناتجة عن نشاط الخلايا العصبية في الدماغ. 

ثم يستخدم الباحثون نظام ذكاء اصطناعي لتحويل الإشارات المغناطيسية المسجلة الى صور بصرية تقريبية. هذا هو جوهر تجربة ميتا التي استهدفت فك شفرة النشاط البصري للدماغ- المترجم.) 

تستخدِم أعدادٌ متزايدة من الناس التقنية العصبية دون أن يدركوا مدى حساسية البيانات التي تجمعها. 

فتطبيقات اللياقة البدنية ورصد التوتر والصحة النفسية المدمجة في الهواتف الذكية أو المستخدمة في أشياء يمكن ارتداؤها مثل السماعات التي تُثبَّت فوق الرأس أو توضع داخل أو حول الأذن والنظارات الذكية وأطواق الرسغ تلتقط كميات مدهشة من البيانات عن حالتنا الذهنية (العقلية) بما في ذلك مستويات الانتباه والتركيز والتوتر والانزعاج والإرهاق والاسترخاء والهدوء والمزاج الإيجابي أو السلبي في الدماغ. 

وإذا كانت البيانات هي «نفط» القرن الحادي والعشرين فإن بيانات «الدماغ» هي النفط الخام. ونحن بحاجة الى أن نوليها قدرا أكبر من الحماية. 

حاليا، في معظم الدول حول العالم لا يوجد قانون يمنع شركات التقنية من استخدام بياناتنا العصبية بل ولا حتى قانون يحظر بيعها لطرف ثالث. 

ولأن أنماط الدماغ فريدة عند كل فرد يشكل فقدان السيطرة على هذه البيانات تهديدا مباشرا لخصوصيتنا الذهنية وحرية تفكيرنا وهما جزء من حقوق الإنسان الجوهرية. 

يمكن للتقنية العصبية التلاعب بأفكارنا وحالاتنا الذهنية. فالآثار الجانبية للتحفيز الدماغي العميق عند المصابين بمرض باركينسون توضح إمكانية استثارة تصرفاتٍ غير مرغوبة مثل الشراء القهري. 

لذلك على العالم المسارعة باتخاذ خطوات نحو ضبط هذه التقنية الجديدة والقوية. وذلك هو السبب في تطوير اليونسكو أول إطار أخلاقي عالمي لإدارة التقنية العصبية. 

في هذا الشهر تبنَّت الدول الأعضاء توصيتنا حول أخلاقيات التقنية العصبية. 

تدعو هذه التوصية الحكومات الى ضمان الحق الأساسي في الخصوصية بما في ذلك الخصوصية الذهنية وذلك بالتحكم الصارم في بيع أو اقتسام البيانات العصبية وغير العصبية بالغة الحساسية والتي تسمح للآخرين باستنتاج العواطف ومستويات الانتباه والحالات الذهنية الأخرى. 

هذا يعني بشكل ملموس أن على الحكومات اعتبار مثل هذه البيانات شخصية وحساسة ومنع جمع البيانات عبر الضغط والتلاعب أو عدم السماح للشخص المعني بحق قبول أو رفض جمعها أو استخدامها لأغراض الإعلان دون الحصول على موافقة بذلك. 

وعلى الحكومات أيضا تعزيز مبدأ تضمين الخصوصية في تصميم أجهزة قياس تخطيط المجال المغنطيسي للدماغ وتشفير البيانات العصبية وتأمين تخزينها والسماح بنقل البيانات عبر الحدود فقط عندما تتوافر ضمانات قوية بتأمينها. 

بالإضافة الى انتهاكات الخصوصية الذهنية تحدد التوصية مخاطر أخرى خصوصا للأطفال والشباب الذين لاتزال أدمغتهم تنمو. وعموما تنصح اليونسكو بعدم استخدام التقنية العصبية لغير الأغراض العلاجية. 

ستمكن التوصية أيضا واضعي السياسات من استغلال منافع التقنية؛ فالتقنية العصبية لها استخدامات طبية جذرية، ويأمل من يعانون من مرض باركينسون والصرع والاكتئاب المقاوم للعلاج أن تتمكن التقنية العصبية الجراحية وغير الجراحية من تلطيف الأعراض التي يشعرون بها. 

وفي المستقبل قد تفيد الواجهات الحاسوبية ـ الدماغية من لديهم قدرة محدودة على الحركة. وذلك بتمكينهم من السيطرة على أجهزة خارجية مثل الأطراف الصناعية باستخدام أفكارهم فقط. 

تسعى اليونسكو الى تعزيز التفكير الأخلاقي في المخاطر التي تفرضها التقنية الصاعدة وبناء توافق وسط دولها الأعضاء حول كيفية التقليل من هذه المخاطر. 

في عام 2018 استهللنا في اليونسكو مبادرة دولية لإنشاء إطار أخلاقي للذكاء الاصطناعي قادت الى تبني توصية أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالإجماع في عام 2021. 

تعمل اليونسكو حاليا مع 80 دولة عضو في المنظمة لوضع وتطبيق سياسات تعزز الانصاف والشمول والاستدامة عبر كامل دورة حياة نظام الذكاء الاصطناعي. 

نحن الآن سندعم الدول الأعضاء لمراجعة سياساتها وإيجاد خرائط طريق لمعالجة الفجوات وبناء قدراتها في مواجهة التحديات التي تشكلها التقنية العصبية. 

 أودري أزولاي المديرة العامة السابقة لمنظمة اليونسكو 

 الترجمة عن الفاينانشال تايمز 

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التقنیة العصبیة

إقرأ أيضاً:

بالرابط.. "التعليم" تدعو للتسجيل في منصة حوكمة البيانات الوطنية

دعت وزارة التعليم الجامعات والكليات الخاصة والمدارس الخاصة في المملكة للتسجيل في منصة حوكمة البيانات الوطنية التابعة للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا".
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وذلك استنادًا إلى المادة (الثانية) من "القواعد المنظمة للسجل الوطني لجهات التحكم داخل المملكة".منصة حوكمة البيانات الوطنيةيأتي هذا في إطار جهودها لبناء سجل وطني موحد لمتابعة التزام الجهات بأحكام نظام حماية البيانات الشخصية ولوائحه التنفيذية.
أخبار متعلقة من الدرون إلى الواقع الافتراضي.. مشروعات طلابية تعيد تعريف الخرائط بجدةمفتي عام المملكة يثني على جهود ديوان المظالموتُعد منصة حوكمة البيانات الوطنية إحدى القنوات الوطنية لتقديم الخدمات المتعلقة بحماية البيانات الشخصية من خلال مساعدة الجهات والأفراد على الالتزام بأحكام نظام حماية البيانات الشخصية ولوائحه التنفيذية والوثائق الصادرة من سدايا ذات الصلة.
ومنها: "أداة التقييم الذاتي للالتزام"، وخدمة "إشعار تسرب البيانات الشخصية"، وخدمة "تقييم الأثر على الخصوصية" وخدمة استقبال "الشكاوى" الناشئة عن معالجة البيانات الشخصية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منصة حوكمة البيانات الوطنية - سدايانظام حماية البيانات الشخصيةونفذت وزارة التعليم في وقت سابق عددًا من ورش العمل التوعوية للجهات الخاصة التابعة لها حول كيفية التسجيل في منصة حوكمة البيانات الوطنية بالتعاون مع هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي.
وذلك في إطار التزام وزارة التعليم بتطبيق نظام حماية البيانات الشخصية وتعميمها على الجهات التابعة لها، ومتابعة الالتزام بها؛ وفقًا للأحكام النظامية ذات الصلة.
وأهابت وزارة التعليم بالجامعات والكليات والمدارس الخاصة للتسجيل في المنصة عبر هذا الرابط بالضغط هنا للاستفادة من الخدمات الإلكترونية:‏ .

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف رابطًا غير متوقع بين فقدان الوزن في منتصف العمر وصحة الدماغ
  • 16 عنصراً سعودياً في قائمة اليونسكو.. و"الأحساء" توثق تاريخ الري
  • مختص: البيانات "نفط المستقبل" ومحرك اقتصاديات العالم القادم
  • حديقة خلفية أم دولة ذات سيادة؟! قراءة في الذهنية السعودية تجاه اليمن
  • بالرابط.. "التعليم" تدعو للتسجيل في منصة حوكمة البيانات الوطنية
  • هل تؤدي التكنولوجيا إلى الخرف الرقمي لدى كبار السن؟
  • بعد طول انتظار.. أسيوط تدرس إنشاء أول دار أوبرا في صعيد مصر بالتعاون مع "اليونسكو"
  • تقرير جديد يحذر من تراجع أوروبا في سباق مراكز البيانات الفضائية
  • تعرف عليها.. أشياء نادرا ما نراها في أحلامنا