دمشق – قال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية في حديث مع الجزيرة نت إن عودة المصارف السورية إلى العمل بشكل كامل وعملي ضمن شبكة سويفت تمثل خطوة محورية تحمل انعكاسات اقتصادية ومالية واسعة، سواء على مستوى انسيابية المدفوعات أو على صعيد إعادة بناء الثقة مع المؤسسات الدولية.

كان حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، أعلن الخميس الماضي بدء استخدام نظام سويفت (SWIFT) وربط المصارف العاملة في سوريا بالنظام المالي الدولي.

وأضاف أن المصرف أرسل أول رسالة "سويفت" إلى بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك.

ورأى خبراء أن عودة سوريا إلى نظام المدفوعات الدولي (سويفت) خطوة أساسية على طريق تعافي اقتصاد دمرته الحرب، وأنهكته عزلة مالية واقتصادية فرضتها العقوبات الدولية على نظام الأسد لمدة 14 عاما على خلفية اتهامات بارتكابه جرائم حرب.

في هذا التقرير تطرح الجزيرة نت 4 أسئلة وأجوبة تكشف أهمية عودة سوريا إلى نظام سويفت العالمي للمدفوعات.

1- ما الذي يعنيه تفعيل نظام سويفت في سوريا؟

قال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية في تصريح للجزيرة نت، إن عودة المصارف السورية إلى العمل بشكل كامل وعملي ضمن شبكة سويفت تمثل خطوة محورية تحمل انعكاسات اقتصادية ومالية واسعة، سواء على مستوى انسيابية المدفوعات أو على صعيد إعادة بناء الثقة مع المؤسسات الدولية.

وأشار حصرية إلى أن الربط مع الشبكة العالمية سيساهم في تسريع المدفوعات الخارجية، لا سيما التحويلات التجارية ورسائل الدفع، وهو ما يخفف الاعتماد على قنوات بديلة غالبا ما تكون بطيئة أو مرتفعة الكلفة.

حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر حصرية خلال إرسال أول رسالة رسمية عبر نظام SWIFT (مواقع التواصل)

ووفق تقديراته، فإن هذا التطور يدعم خفض تكاليف الواردات والصادرات، الأمر الذي ينعكس إيجابا على النشاط الاقتصادي الداخلي.

إعلان

ولفت حصرية إلى أن الارتباط بسويفت لا يعني بالضرورة زيادة حجم الاحتياطيات الأجنبية، لكنه يوفر للمصارف السورية إدارة أكثر فعالية للأرصدة الموجودة في الخارج، إلى جانب إمكانية أوسع لاستخدام أدوات التحوّط والسيولة وتعدد القنوات المالية الرسمية، ما يعدّ عاملا مساندا لاستقرار العملة الوطنية.

وأوضح أن توسيع قنوات التحويل النظامية يرفع من مستوى الشفافية والثقة مع المراسلين الدوليين، ويمنح المصرف المركزي قدرة أكبر على تتبع حركة النقد الأجنبي، وهو ما يساعد بشكل غير مباشر على تعزيز استقرار سعر الصرف، مع تأكيده أن الربط بسويفت ليس العامل الوحيد المؤثر في ذلك.

2- ما أبعاد تفعيل نظام سويفت في سوريا؟

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو أن خروج الاقتصاد السوري من نظام سويفت، خلال السنوات الماضية، تسبَّب لسوريا بعزلة كاملة عن الشبكة المالية العالمية، وأدى إلى مشكلات واسعة في الحركة الاقتصادية، معتبرا أن عودة سوريا الكاملة لسويفت سيكون لها العديد من الأبعاد الإيجابية.

فعلى مستوى الأفراد، كما يشير شعبو في حديث مع الجزيرة نت سيصبح بالإمكان تلقي الحوالات بشكل مباشر، ما يؤدي إلى خفض عمولات التحويل بشكل واضح، وبالتالي يسمح بتدفق النقد الأجنبي بصورة مباشرة إلى القنوات الرسمية بدل ذهابه إلى الشركات أو سماسرة السوق السوداء.

أما على مستوى الاقتصاد، فيتوقع شعبو أن تسهم عودة سوريا إلى سويفت بتشجيع الشركات والاستثمارات والمنظمات بالدخول إلى البلاد، ما يؤدي إلى زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، ويحسّن من سعر صرف الليرة، ويسهّل التجارة الخارجية، بالإضافة إلى جعل عمليات الاستيراد تتم عبر المصارف بشكل مباشر؛ وهو ما يشجع شركات التأمين والشركات الأجنبية على التعامل مع السوق السورية نتيجة انخفاض كلفة التحويل.

ويتفق الباحث أسعد العشي مع شعبو، قائلا إن تفعيل نظام سويفت في سوريا ينعكس مباشرة على عمل المصارف، لا سيما في تنفيذ عمليات التحويل من وإلى البلاد، ما يساهم في تشجيع المستثمرين الأجانب وجذب استثمارات جديدة.

ويوضح العشي، في حديث مع الجزيرة نت، أن زيادة حجم الاستثمارات وتدفق القطع الأجنبي يمكن أن ينعكس إيجابا على قيمة الليرة السورية، وقد يفتح المجال أمام اعتمادها في عمليات التداول المرتبطة بالحوالات.

ويرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أن تفعيل سويفت في سوريا له أهمية رمزية كبيرة بالنسبة لعودة سوريا إلى المنظومة المالية الدولية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تمثل إشارة واضحة إلى بدء ترميم الثقة بالنظام المصرفي السوري وإعادة فتح قنوات الاتصال مع البنوك العالمية، كما تعكس استعداد البلاد للدخول في مرحلة أكثر انفتاحا وشفافية في تدفق الأموال والتحويلات الرسمية.

صورة من داخل مصرف سوريا المركزي لشعار نظام سويفت (مواقع التواصل)3- من المستفيدون من إعادة تفعيل سويفت في سوريا وكيف؟

وفي معرض إجابته عن هذا السؤال، يشير قضيماتي إلى أن الجميع يستفيدون من هذه الخطوة ابتداء بالحكومة والمستثمرين وصولا إلى المودعين والأشخاص العاديين، إذ سيجري فتح المجال للتعامل مع البنوك السورية بصورة أسهل، ما سينعكس على حجم الإيداعات بالعملة الأجنبية داخل النظام المصرفي، كما أن الحوالات الفردية للمغتربين -وهي بمليارات الدولارات- كانت تصل غالبا عبر قنوات غير رسمية، بينما ستنتقل الآن إلى القنوات الرسمية، ما يعزز احتياطي البلاد من العملات الأجنبية.

إعلان

وفيما يخص المستثمرين، يرى الخبير أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على السوق الموازية (السوداء) لتحويل الأموال، بل يجب أن يصبح التحويل عبر القنوات الرسمية والبنوك، الأمر الذي يمنح العملية المالية قدرا أكبر من الشفافية.

وبينما يؤكد خبراء أن الفائدة من هذه الخطوة ستشمل كذلك المودعين والمتعاملين مع البنوك والمصارف السورية، إذ ستصبح الحوالات القادمة من الخارج أسرع وأكثر أمانا.

ومع انخراط البنوك السورية مجددا في النظام المالي العالمي من المتوقع أن تزيد ثقة المودعين بالنظام المصرفي، وهو ما يشجع على بقاء الودائع أو زيادتها، كما تتيح هذه الخطوة للبنوك تقديم خدمات لم تكن متاحة سابقا مثل فتح حسابات المراسلة والبطاقات الدولية وهو ما ينعكس مباشرة على المودعين.

4- ما علاقة سويفت بإعادة الإعمار في سوريا؟

يعتقد خبراء أن إعادة تفعيل نظام سويفت في سوريا يمهد للانخراط بشكل أكثر فعالية في عملية إعادة الإعمار، والتي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكلفتها تتراوح بين 250 و400 مليار دولار.

ويرى حاكم مصرف سوريا المركزي، في تصريح للجزيرة نت، أن توسيع استخدام الشبكة العالمية قد يفتح الباب أمام تدفقات تمويلية قانونية، تشمل القروض التنموية والاستثمارات المشتركة وتمويل واردات معدات ومواد البناء، نظرا لسهولة تتبع المدفوعات وارتفاع مستوى الشفافية.

وأشار إلى أن تحسين بيئة المدفوعات الدولية من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، وزيادة قدرة البنوك السورية على استقبال التحويلات، ما يطمئن الشركات الأجنبية الراغبة بالعمل داخل البلاد، معتبرا أن الثقة بحد ذاتها تعدّ موردا تمويليا مهما في مرحلة إعادة الإعمار.

من جهته، يؤكد أسعد العشي أن عودة سوريا إلى نظام سويفت تحمل أهمية خاصة في سياق إعادة الإعمار، إذ إن السياسة الاقتصادية للحكومة السورية تركز على جذب الاستثمار، وهو ما يتطلب وجود بيئة مصرفية صحية ومتوافقة مع المعايير الدولية الخاصة بالتحويلات المالية.

ورأى أن توفير مثل هذه البيئة، إلى جانب تفعيل نظام سويفت، يشكل عامل جذب للمستثمرين الأجانب، ما يساهم في تحريك عجلة إعادة الإعمار بشكل عام.

الأمر نفسه يذهب إليه فراس شعبو، الذي أوضح أن البلاد تدخل حاليا مرحلة إعادة إعمار، ما يجعل تفعيل النظام المصرفي ضرورة، لكنه يؤكد أن المصارف بوضعها الحالي غير صالحة للقيام بأدوارها وتحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة.

ويشير شعبو إلى أن إعادة فتح السويفت يفرض على المصرف المركزي والمصارف الأخرى رفع مستوى الامتثال، وتعزيز الحوكمة، وتطبيق معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي عناصر أساسية بالنسبة للمؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من الجهات المانحة، وهنا تكمن أهمية هذه الخطوة لعملية إعادة الإعمار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات حاکم مصرف سوریا المرکزی عودة سوریا إلى إعادة الإعمار هذه الخطوة الجزیرة نت على مستوى إلى أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

علماء للجزيرة نت: كشفنا عن أثر الحياة قبل 3.3 مليارات عام

رصد فريق بحثي دولي دلائل كيميائية على وجود حياة مبكرة محفوظة داخل صخور يعود عمرها إلى 3.3 مليارات عام.

وحسب الدراسة التي نشرت يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة "بي إن إيه إس"، تشير تلك النتائج إلى أن التمثيل الضوئي المنتج للأكسجين كان جاريا قبل 2.52 مليار سنة على الأقل، أي أبكر بكثير مما سجل حتى الآن.

جمع الباحثون أكثر من 400 عينة تمثل طيفا واسعا يضم رواسب قديمة جدا، وفحما وخشبا وصخورا عضوية متحجرة، ونباتات وحيوانات معاصرة، بالإضافة إلى فطريات، ومواد عضوية محضرة مخبريا، فضلا عن نيازك كربونية، وأتاح لهم هذا التنوع بناء مرجع مقارن يفصل بين مواد ذات أصل حي وأخرى غير حية.

استخدم الباحثون نماذج ذكاء اصطناعي لتحليل النتائج (شترستوك)نموذج تعلم آلي

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة "روبرت هازن" الباحث في مختبر الجيوفيزياء التابع لمؤسسة كارنيجي وجامعة جورج ماسون، أن الفريق حرر شظايا كيميائية دقيقة من كل عينة بواسطة تفكيك حراري متبوع بقياس طيف الكتلة، وكروماتوغرافيا غازية، وهي تقنية فصل وتحليل كيميائي تستخدم لتمييز مكونات خليط من المواد التي يمكن تحويلها إلى غاز أو تتبخر دون أن تتحلل.

بعد ذلك، تولى نموذج تعلم آلي فحص الأنماط داخل هذا الخليط المعقد، لا للبحث عن جزيء واحد بعينه، بل لرصد توزيع متكرر من الإشارات يرتبط عادة بالأنظمة الحية.

ويقول الباحث في تصريحات لـ"الجزيرة نت" إن التصنيف بين أصل حيوي وأصل غير حيوي تجاوز في دقته 90%، ولامس 98% في اختبارات على عينات معروفة المصدر؛ لكن الأكثر أهمية أن بصمات مرتبطة بالحياة ظهرت في صخور أقدم بكثير من السجل الجزيئي التقليدي، فقبل هذه الدراسة نادرا ما أمكن تتبع إشارات عضوية موثوقة إلى أبعد من 1.7 مليار سنة.

أما بخصوص تاريخ الأكسجين، فحدد التتبع الكيميائي توقيعا يعود إلى 2.52 مليار سنة على الأقل لعمليات تمثيل ضوئي تنتج الأكسجين. يعلق الباحث: "لم نطارد جزيئا منفردا، بل بحثنا عن أنماط. الحياة لا تترك حفريات فقط، تترك أيضا أصداء كيميائية، ومع التعلم الآلي صرنا نقرأ تلك الأصداء بثقة".

إعلان

وجاء التعامل مع البيانات باحتمالات لا بأحكام قطعية، إذ احتفظت العينات الحديثة نسبيا (خلال آخر 500 مليون سنة) بإشارات قوية؛ كما ظهرت مؤشرات حياة في قرابة ثلثي العينات التي تنتمي إلى الفترة بين 500 مليون و2.5 مليار سنة.

خلف هذا الحد الزمني، تقل الإشارات إلى نحو 47%، وهو ما ينسجم مع تزايد التحول الحراري والضغطي للصخور القديمة.

أثر كائنات حية دقيقة متحجرة عمرها 2.5 مليار سنة (مؤسسة كارنيجي للعلوم)المنطق البيولوجي وراء النموذج

يشير "هازن" إلى أن التمييز بين مواد عرفت التمثيل الضوئي وأخرى لم تعرفه نجح بدقة بلغت 93% على العينات الحديثة، ثم طبق على صخور قديمة لتحديد وجود العملية في زمن أبكر.

كما أظهر النموذج الذي اعتمده الفريق قدرة على الفصل بين أصل نباتي وآخر حيواني بدقة 95% في العينات المعاصرة، مع إقرار الباحثين بصعوبة أكبر عند التعامل مع السجل القديم بسبب قلة أحافير الحيوانات في بيانات التدريب.

"تشرح الدراسة المنطق البيولوجي الكامن وراء النهج: الأنظمة الحية تنتج مجموعات محدودة من الجزيئات بكثافة لأنها تخدم وظائف بعينها، على عكس الخلطات العشوائية في المواد غير الحية مثل النيازك. حتى إذا تكسرت الجزيئات الأصلية، يبقى توزيع الشظايا محتفظا بإشارة وظيفية يمكن التقاطها إحصائيا" كما أوضح الباحث.

ويرى الفريق أن الأثر يتجاوز التأريخ وحده، إذ إن تحديد زمن ظهور التمثيل الضوئي يوضح كيف ارتفع الأكسجين في الغلاف الجوي، وهو منعطف أتاح للحياة المعقدة (ومنها البشر) أن تتطور.

ويضيف "هازن" أن: "هذه التواقيع الطيفية خضعت للدراسة لعقود، لكن الذكاء الاصطناعي منحنا عدسة جديدة لاستخراج معلومة ظلت مطموسة وسط الضجيج الكيميائي".

يشدد الباحث على أن الطريقة التي تقدمها الدراسة تكمل، ولا تعد بديلا عن أدوات راسخة مثل نسب النظائر ودراسة الحفريات، مع التأكيد على أن بعض العينات تبقى في منطقة رمادية لا تسمح بحسم نهائي.

كما يدعو الفريق إلى توسيع قاعدة التدريب بعينات أكثر توازنا، خصوصا أحافير حيوانية ومواد غير حيوية متنوعة، واختبار خوارزميات إضافية وتجربة النهج على صخور من بيئات قاحلة تشبه المريخ.

مقالات مشابهة

  • سوريا تشارك في اجتماعات الاتحاد من أجل المتوسط بوفد دبلوماسي كبير
  • "الخارجية الفلسطينية": إعادة تشكيل لجنة التحقيق الدولية المستقلة استمرار لمسار العدالة
  • الخارجية الفلسطينية: إعادة تشكيل لجنة التحقيق الدولية المستقلة استمرار لمسار العدالة
  • عام على “ردع العدوان” | كيف انهار نظام الأسد في سوريا ببضعة أيام؟
  • عام على ردع العدوان| كيف انهار نظام الأسد في سوريا ببضعة أيام؟
  • علماء للجزيرة نت: كشفنا عن أثر الحياة قبل 3.3 مليارات عام
  • سوريا تبحث مع منظمة العفو الدولية تعزيز التعاون في حقوق الإنسان
  • الرعاية طويلة الأمد والإقامة بحمد الطبية تحقّق إعادة اعتماد اللجنة الدولية
  • حاكم رأس الخيمة: توسيع الشراكات الدولية واستقطاب الاستثمارات النوعية