جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-03@19:53:34 GMT

بعد مثقف السوق.. هذا هو مثقف الزاوية!

تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT

بعد مثقف السوق.. هذا هو مثقف الزاوية!

 

 

 

أحمد الفقيه العجيلي

 

 

بعد أن تناولنا في مقال سابق بجريدة الرؤية نموذج "مثقف السوق"، الذي يقايض وعيه بالشهرة والرواج، نتوقف اليوم عند نموذج آخر لا يقل خطرًا على الوعي الجمعي، وهو ما يمكن تسميته بـ"مثقف الزاوية".

هذا المثقف يختار أن يرى العالم من زاوية واحدة، ثم يصرّ على أن الحقيقة لا تُرى إلا من خلالها.

فإذا تحدث عن أزمات الأمة أرجعها إلى مؤامرة غربية، وكأنَّ المسلمين لا دور لهم في ما آلت إليه أحوالهم.

وإذا ناقش التخلف حمّل التراث وحده المسؤولية، وكأن كل ما في التاريخ ظلام وجهل.

هو مثقف لا يرى إلا نصف المشهد، ثم يبني عليه أحكامًا كاملة. يتحدث بثقة من يملك المفاتيح، بينما هو في الحقيقة محاصر في زاويته، لا يجرؤ على النظر من خارجها. يعيش داخل دائرة فكرية مغلقة، يرى من خلالها أن كل العلل الخارجية كافية لتفسير التراجع الحضاري، دون أن يلتفت إلى الخلل الذاتي في بنية التفكير، والتعليم، والإنتاج، والضمير الجمعي للأمة.

يريح نفسه بتفسير مريح: "الغرب لا يريد لنا النهوض"، لكنه لا يسأل: وماذا فعلنا نحن لننهض؟ يبرر كل تقصير بالاستعمار أو التبعية، لكنه يغفل أن التبعية لا تدوم إلا حين تُقبل داخليًا وتُغذّى بالكسل واللامسؤولية.

مثقف الزاوية.. لا يرى إلا ما أمامه، هو المثقف الذي حبس نفسه في زاوية واحدة من الرؤية، وجعلها مقياسًا لكل شيء. ويكتفي بما يراه من داخلها، ويظن أن ما لا يدخل في نطاق نظره لا وجود له.

لا يتحرك مع تغيّر المعطيات، ولا يسعى إلى فهم تعدد الزوايا، بل يبقى أسير رأيه الأول، يتعامل معه كيقينٍ نهائي لا يحتمل المراجعة.

وإن كان ضد فكرةٍ أو جماعةٍ أو توجهٍ ما، ظلّ على موقفه مهما تغيّر الواقع، لأن موقفه لم يعد نابعًا من تحليل، بل من هوى قديم أو خصومةٍ متجذّرة.

هو يرى العالم بلونين لا ثالث لهما: معه أو ضده، صواب أو خطأ، ولا يعترف بالمناطق الرمادية التي يسكنها البشر في اختلافهم وتطورهم، ويتحدث بلغة الجزم لا الاحتمال، بلغة الإدانة لا الفهم، فيغيب عنه التمييز بين الرأي والموقف، وبين الخلاف والخصومة.

مشكلته ليست في نقص المعرفة، بل في ضيق الأفق؛ إذ يظن أن اتساع الرؤية ضعفٌ في المبدأ، وأن الاعتراف بتعدد الحقيقة نوعٌ من التنازل. وحين تضيق الزوايا، تضيق معها العقول، فيتحول الفكر من وسيلة للفهم إلى أداةٍ للدفاع عن الذات، ويغدو الحوار مع مثقف الزاوية طريقًا لا يؤدي إلا إلى الجدار.

وفي الجهة المقابلة، هناك مثقف زاوية آخر لا يقل ضيقًا عن الأول، يحمّل التراث الإسلامي كل أزمات الحاضر، ويصوّر الدين عائقًا أمام التطور. هو الآخر يرى من زاويته ما يشاء، ويتغافل عن أن النهضة الأوروبية نفسها وُلدت من صراع مع التخلف الداخلي لا من كرهٍ للدين في ذاته، وأن الحضارة الإسلامية حين ازدهرت كانت دافعًا للعلم والعقل لا عائقًا لهما.

وجوهر المشكلة أن مثقف الزاوية لا يبحث عن الحقيقة، بل عن الانتصار لرأيه. يتعامل مع الواقع بمنطق الاصطفاف لا بمنهج الفهم، ومع التاريخ بمنطق الانتقاء لا بمنهج القراءة. إنه لا يريد أن يرى الأمة كما هي، بل كما تخدم زاويته. يُسقط التحليل الموضوعي لصالح الخطاب العاطفي، فيتحول من مثقف إلى مروّج لفكرة، ومن ناقد إلى داعية لموقف. ولأن وعيه محكوم بعاطفة المظلومية أو عقدة النقص، فإن رؤيته تظل منقوصة في الحالتين.

فلا هو قادر على محاسبة الذات بصدق، ولا هو مؤهل لمواجهة الآخر بوعي.

ومع صعود وسائل التواصل الاجتماعي تضاعفت أزمة “مثقف الزاوية”، إذ أصبحت المنصات نفسها قائمة على منطق التفاعل لا منطق المعرفة.

فصار بعض المثقفين يصنعون صراعًا مفتعلًا، ويُحيون معارك وهمية، لا غرض لها سوى زيادة المشاهدات وتكثير المتابعين. لم يعد الهدف الوصول إلى الحقيقة، بل صناعة جدل يضمن الانتشار.

وفي الوقت نفسه، لا يمكن إنكار أن هذه المنصات أتاحت حرية لم تكن متاحة في وسائل يتحكم بها النفوذ والسلطة، وفتحت بابًا مهمًا للتواصل المباشر مع المجتمع، لكنها — مثل أي أداة — تُظهر أجمل ما في الفكر وأسوأ ما فيه، وتضخم حضور المثقف الذي يكرر صوته أكثر من المثقف الذي يعمّق رؤيته. وهكذا أصبح مثقف الزاوية يجد في هذه المساحات بيئة خصبة يعيد فيها إنتاج رؤيته الأحادية، ويتحول الجدل إلى مادة ترفيه لا إلى مسار وعي.

الخروج من الزاوية لا يعني التخلّي عن الموقف، بل التحرّر من أحاديته.

أن نعترف بأن للأمة أعداءً يتربصون بها، نعم، ولكن علينا قبل ذلك أن نُصلح الداخل وننظف العتبة قبل أن نلوم المارّة. وأن ندرك أن للتراث مكانته وفضله، نعم، لكن ليس كل ما ورثناه صالحًا للبقاء دون مراجعة؛ فالنقد البنّاء لا يهدم الجسد، بل يعالجه.

إن "مثقف الزاوية" ليس شخصًا بعينه، بل حالة عقلية تُصيب من يظن أنه بلغ الحقيقة المطلقة. ومهما تبدلت الشعارات، فإن الفكر الأحادي يظل خطرًا على الوعي، لأنه يختزل الأمة في رأي، والإنسان في اتجاه، والحقيقة في زاوية. وما لم يتسع نظرنا للمشهد كله، سنبقى ندور في الزاوية ذاتها، نلوم الآخرين، ونتهرب من مرآتنا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف تفرق بين هبوط الضغط والنوبة الصرعية؟ علامات دقيقة تكشف لك الحقيقة

يخلط الكثيرون بين هبوط ضغط الدم والنوبة الصرعية، لأن كلاهما يظهر بشكل مفاجئ ويؤدي إلى فقدان الوعي أو الشعور بالدوخة الشديدة. 

كيف تفرّق بين هبوط الضغط والنوبة الصرعية؟ علامات دقيقة تكشف لك الحقيقة

لكن الطب يؤكد أن هناك علامات واضحة يمكن للمريض أو من حوله ملاحظتها؛ لتحديد سبب الحالة بدقة والتصرف سريعًا، وفقا لما نشره موقع هيلثي.

أولًا: ما هو هبوط الضغط؟

كيف تفرّق بين هبوط الضغط والنوبة الصرعية؟ علامات دقيقة تكشف لك الحقيقة

هبوط الضغط هو انخفاض مفاجئ في مستويات ضغط الدم، مما يسبب ضعف تدفق الدم إلى المخ والأعضاء الحيوية. يحدث غالبًا أثناء الوقوف فجأة، أو بسبب الإجهاد، الجفاف، النزيف، أو بعض الأدوية.

أعراض هبوط الضغط

دوخة مفاجئة

زغللة في العين

صداع خفيف

غثيان

برودة في الأطراف

شحوب الوجه

خفقان بسيط

فقدان وعي قصير لا يتعدى ثواني

برج الدلو حظك اليوم السبت 29 نوفمبر 2025.. خطواتك جزء من نضجكبرج الحوت حظك اليوم السبت 29 نوفمبر 2025.. اترك اليوم يقودكبرج الحمل حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 .. احتضن شريكك اليومحظك اليوم السبت وتوقعات الأبراج على الصعيد المهني والصحى والعاطفىبرج الثور حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 .. امنح لمسة حانيةبرج الجوزاء حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 .. اسمع قلبه بتمعنبرج السرطان حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025..شارك لحظات الهدوءبرج الأسد حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025..ابتسم واغمره حبًابرج العذراء حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 .. قدم كلمة تقدير صادقةبرج الميزان حظك اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 ..امسك يده بثقة

ثانيًا: ما هي النوبة الصرعية؟

النوبة الصرعية هي اضطراب كهربائي مفاجئ في المخ يجعل الجسم يفقد السيطرة على الحركة والوعي للحظات أو دقائق، وقد تحدث مرة واحدة أو تتكرر.

أعراض النوبة الصرعية

فقدان وعي قد يستمر بين 30 ثانية إلى عدة دقائق

تشنجات في العضلات

حركات لا إرادية في الذراعين أو الساقين

عض اللسان

خروج رغوة بسيطة من الفم

فقدان التحكم في البول أحيانًا

صداع قوي بعد انتهاء النوبة

ارتباك وتشوش لمدة 10 إلى 30 دقيقة

كيف تفرّق بسرعة بين الحالتين؟

1. مدة فقدان الوعي

هبوط الضغط: ثواني قليلة ثم يستعيد الشخص وعيه تدريجيًا.

النوبة الصرعية: من نصف دقيقة حتى عدة دقائق.

2. حركة الجسم

هبوط الضغط: الجسم يهبط ويستقر بلا حركة واضحة.

النوبة الصرعية: تظهر تشنجات وسقوط عنيف على الأرض.

3. العلامات على الفم

هبوط الضغط: لا يوجد عضّ على اللسان.

النوبة الصرعية: غالبًا يوجد عضّ واضح على اللسان أو جرح صغير.

4. السيطرة على البول

هبوط الضغط: السيطرة كاملة.

النوبة الصرعية: قد يحدث تسرب بول لا إرادي.

5. شكل التنفس

هبوط الضغط: تنفس سريع لكن طبيعي.

النوبة الصرعية: تنفس متقطع، ومع نهاية النوبة يصبح عميقًا وثقيلاً.

6. حالة المريض بعد انتهاء الأزمة

هبوط الضغط: يعود لطبيعته خلال دقائق بعد شرب ماء أو الجلوس.

النوبة الصرعية: يكون في حالة ارتباك ونعاس شديد ولا يتذكر ما حدث.

متى يجب الذهاب إلى الطبيب فورًا؟إذا استمرت الأعراض أكثر من 3 دقائقإذا تكررت النوباتإذا ظهرت تشنجات للمرة الأولى في العمرإذا كانت الحالة مصحوبة بضيق تنفس أو ألم في الصدرإذا كان الشخص يعاني من أمراض مزمنة طباعة شارك هبوط الضغط النوبة الصرعية كيف تفرّق بين هبوط الضغط والنوبة الصرعية ما هو هبوط الضغط ما هي النوبة الصرعية

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. مائة مثقف ومعمارى وسينمائى وتشكيلى فى رحاب متحف محفوظ 
  • سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
  • أكثر من 200 مثقف وفنان يدعون للإفراج عن مروان البرغوثي
  • كيف تفرق بين هبوط الضغط والنوبة الصرعية؟ علامات دقيقة تكشف لك الحقيقة
  • العدو الإسرائيلي يغلق مدخل الزاوية وحاجز الكونتينر في بيت لحم
  • الحرية: المشاركة في الانتخابات حجز الزاوية في صناعة مستقبل مصر وترسيخ النظام الديمقراطي
  • أين الحقيقة؟
  • تاج السر أحمد سليمان … صوت الحقيقة الذي لا ينطفئ !
  • الاحتلال يواصل إغلاق بلدة الزاوية بسلفيت ويحول منزًلا لثكنة عسكرية