خبيرة توضح مزايا اعتماد 3 مدن بالمملكة ضمن مدن التعلم العالمية
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
أوضحت أسماء الظاهري المستشارة في الاستثمار التعليمي، مزايا اعتماد 3 مدن يالمملكة ضمن مدن التعلم العالمية.
وأضافت، بمداخلة لقناة الإخبارية، أن ذلك جاء بهدف إدارة المعرفة كسياسة حضرية ومسار يمتد لجميع الأعمار مرتبط بالإنتاجية وسوق العمل والانتقال من التعلم التقليدي إلى المرن.
وتابعت، أن مدن التعلم تدار فيها المعرفة كسياسة حضارية شاملة ويمتد لجميع الأعمار ويرتبط بالتوظيف ويقاس أثره على الإنسان والمجتمع، مشيرة إلى أن ذلك انتقال من مفهوم التعليم التقليدي القائم على الشهادة إلى المهارة.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، اعتمدت ثلاث مدن سعودية جديدة ضمن شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم، وشملت العاصمة الرياض، ومدينة العُلا بمنطقة المدينة المنورة، ومدينة رياض الخبراء بمنطقة القصيم، بعد استيفائها المعايير الدولية.
أسماء الظاهري مستشارة في الاستثمار التعليمي: اعتماد 3 مدن للتعليم بهدف إدارة المعرفة كسياسة حضرية ومسار يمتد لجميع الأعمار مرتبط بالإنتاجية وسوق العمل والانتقال من التعلم التقليدي إلى المرن pic.twitter.com/TOMJTjoHOX
— برامج الإخبارية (@alekhbariyaPROG) December 7, 2025 المملكةأخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةمدن تعلمقد يعجبك أيضاًNo stories found.المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: المملكة أخبار السعودية آخر أخبار السعودية مدن تعلم
إقرأ أيضاً:
ظلالُ الإنسان
لم يتسنَّ لنا أن نتربّى ونتكوَّن ونبني معارفنا على السرعة ويُسْر تحصيل المعلومة، حتّى عنوان كتاب كنّا أحيانًا نُقَضّي الأيّام الطّوال للظفر به، نقف أمام رفوف المكتبات أو أمام واجهات محلاّت بيع الكتب، لنعلم بإصدارٍ جديد، أمَّا إذا أردنا أن نُجري بحثًا في موضوع ما فإنَّا نُرابط في المكتبات العامّة لضبْط قائمة من الكتب في اختصاص موضوع البحث، وأخذ عناوينها وأرقامها التصنيفيّة، ثمّ نفرغ من بعد ذلك لقراءتها وأخذ ما أمكن من شواهدها، أمّا مكتبات الكليّات فقد كانت تشهد ازدحامًا من أوّل الصباح طلبًا للكتب التي يُخرجها لنا موظّفو المكتبة إعارةً مشروطةً بالبقاء في المكتبة ثمّ إعادتها عندما تنتهي فترة الدوام، ويحجزون في مقابل ذلك هويّاتنا، في هذه الرحلة التعليميّة كنّا نتعثّر بكتب عديدة ونحن نُقلّب الرفوف ونبحث عن كتابٍ منشودٍ، نتعثّر بكتب نودّ قراءتها وامتلاكها ولكن الوقت لا يتوفّر والإمكانيّة غير متاحة. هذا الزمن الضائع في البحث عن مصادر المعرفة شكّل أحيانًا كثيرة مصدرًا من مصادر تكويننا، فالساعات التي ننتظرها للحصول على كتاب نقضّيها غالبًا في تصفّح عناوين الكتب أو في تصفّح بعض الورقات من المجلاّت، والساعات التي نبذرُها بحْثًا عن مراجعنا تعترضنا فيها عناوين استفدنا منها وشكّلت جوانب مهمّة من ثقافتنا.
اليوم والمعلومات «ملقاة على الطريق» والكتب مبثوثة على الفضاء الافتراضي، وصديقنا القوقل في مرحلة أولى والذكاء الاصطناعي في مرحلة تالية قادران على منحنا آلاف الكتب، بتلاخيصها، وبتحرير محتواها، وبالبحث عن غايتنا منها.
فهل بقي للإنسان عذرٌ من عبارة كانت شبه ثابتة في خواتم بحوثنا الجامعية وهي صعوبة الحصول على مراجع في الموضوع؟ وهل أحسن الإنسان العربيّ التفاعل والتعلّم مع انتشار المعرفة؟ الكتابُ قيمة ثابتةٌ ليس في قراءته فحسب، بل في تعويد الذهن على التركيز والتحصيل وتغذية ملكة التلقّي والنقد، ولا أعتبر وسائط المعرفة الحديثة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي بدائل عن الكتاب، وإنّما هي عوامل يُمكن أن تكون نافعة في تيسير تحصيل المعرفة، غير أنّ ما نراه اليوم في عالمنا العربيّ المتعلِّم والمعلِّم، أنّ هاويةً سحيقة تجذب الجميع إليها، هذه الهاوية هي استسهال التحصيل العلمي، فكلّ موضوع يُمكن أن نفكّّكه وأن نطلب من الذكاء الاصطناعي صناعته لنا، وهو قادرٌ على ذلك، فنكون بذلك قد رفعنا من شأن الآلة وقويَّنا من متانتها المعرفيّة وأضعفنا أنفسنا.
الواقع المرير اليوم أنّ لدينا باحثين ومنظّرين يكتبون ما لا يعرفون، ولدينا طلبة يُجيبون بما لا يعلمون، وهذا سبيلٌ لتحقيق اغترابٍ مضاعف للإنسان الذي أصبح عبدًا للذكاء الاصطناعي ولمصادر المعرفة اليسيرة. لقد أصبح الإنسانُ اليوم ميَّالاً إلى التسطيح وإلى الاكتفاء بالملخصات، وإلى العيش في وهْم العلم، دون علْم، ووهم المعرفة دون معرفة، ثقافة الفايس بوك والتويتر ومختلف المنصّات التي يتوهّم فيها الإنسانُ أوهامًا شتّى، فهو واجدٌ الأجوبة، وهو مُحاطٌ بكمٍّ من الصَّحبِ، وهو قارئ وعارفٌ، في عزلته. اليوم والإنسانُ يعيش اغترابًا مُضاعفًا بين حقيقة وجوده ووهم الوجود، صرنا نفكّر مليًّا في تعمّق الاغتراب وسيادة الاكتئاب وأوهام شتَّى، وهم المعرفة، وهم الإشعاع والشُهرة، وهم الصُحبة. لم يعد الإنسان اليوم يكتسب وجوده من حضوره الفعليّ، وإنّما هو مكتسب وجوده وتحقّقه من خوارزميّات تبعثه في فضاءٍ افتراضي، تشكِّل أحيانًا كلّ حياته.
إنّ انقطاع التواصل الاجتماعي اليوم ساعةً واحدة هو حدثٌ جلل، وأزمةٌ فارقة في وجود شقٍّ كبير من البشر، الحياة اليوم لا تُعَاش في ظاهر وخاصٍ، وإنّما هي منشورة مفضوحة على طيّات الصحف. لطالما أثارت الفلسفات الحديثة الآخر، الهُمْ، واعتبرته في أغلب الأحيان جحيمًا، وهو السلطة الجمعيّة التي وجبت مراعاته، الآخر هو المختلف وهو المتجانس، ولطالما انتقدت الفلسفات الحديثة فكرة القطيع الذي يتبع «الهُم»، ويجد نفسه مُجبرًا على الانخراط في وعيِهم وضوابطهم وسُننهم فتذوب الذات في الجمْعِ، وتتحدّد بحدودها، «الهُم» في أيّامنا ليست سلطة جمعيّة ولا نُظُما اجتماعيّة ولا خطابًا قاهرًا، بل هي خوارزميّات تحدّد سلوك الإنسان وتصنع وعيًا جمعيّا جديدًا، تصبح الذاتُ رقمًا، ملفًّا شخصيّا يربط العلاقات ويتأسّف لقلّة الإعجاب ويسعد من كثرة التعاليق والأصابع المرفوعة، تتغيّر مرحليّا مباهج الإنسان، ومصادر سعادته، بل ويتغيَّر الإنسانُ جوهرًا، في الانخراط في عوالم الخوارزميّات الذكيّة التي تتعلّم وتكبر في حين يتجهّل الإنسان ويصغر.
لاحظنا في الآونة الأخيرة ظاهرة أزعجت المثقّفين التقليديين وأربكتهم، وهي ظاهرة تحوُّل كُتّاب مواقع التواصل الاجتماعي من المجال الافتراضي إلى المجال الكُتْبيّ وخروجهم من الظلام، ومن التفاعل الافتراضي، إلى النّور، وإلى التفاعل الحقيقيّ العينيّ المباشر، وكأنّهم بدأوا يُدركون فقر العالم الافتراضي، وكأنّهم في حاجة إلى التفاعل المباشر مع النّاس، والصدمة التي أربكت المثقّفين التقليديين أنّ هذه الكائنات الافتراضيّة حقّقت احتفاءً جماهيريّا ضخْمًا، وتوافد إليهم النّاس من كلّ حدبٍ وصوْبٍ يُلامسون أيديهم، ويشترون كتبهم ويسعدون بلقائهم، احتفاء لم يلقه غابريال غارسيا ماركيز في زمانه! ولذلك فإنّ ما كان المثقّف يُعزّي به نفسه من أنّ هؤلاء المغرّدين يعيشون في وهْم اللّايكات، دون أن يكون لهم وجودٌ حقٌّ وتفاعل مع البشر قد تهاوى، وأثبتت الكائنات الخوارزميّة أنّها قادرة على جمع الحشود، وإن كان نتاجها في منظوري ومنظور جيلي تافها، فهل نحن مقدمون على كتابةٍ جديدة، تظهر أوّلا في مواقع التواصل الاجتماعي ثمّ من بعد ذلك تُدوَّن في الكتب لحفظها؟ وهل هذا الانتشار المبالغ فيه لهذه الكائنات «الكاتبة» له وقْع وأثرٌ في وشم التاريخ؟ لقد تشيَّأ الإنسانُ لكنّه يسعى إلى العودة إلى الكون، إلى الوجود، غير أنّ الغالب على وقْع الحياة هو هذا الاغتراب المضاعف الذي يُمكن أن نجد يومًا إنسانًا آليًا يُحتَفى به في معارض الكتاب ويُكَرَّمُ ويحيطُ به الجمهور من كلّ جانب.
هذه الحياة التي تعمّ فيها ثقافة السطحيّة، وعوالم من العلاقات والصلات لا تنشدّ إلى واقع الحياة، عوالم تُصنَع افتراضيّا، وكتُب تُقرَأ وتُلَخَّصُ دون أن تُقرَأ، وكُتّاب يكتبون دون أن يكون لهم من الكتابة إلاّ حسن معاشرة الخوارزميّات، وعالم يُعمِّق من الزيف والوهمَ وإن خرج إلى الواقع، هذا العالم الذي يُواجه فيه الإنسان التحدّي الوجودي المصيري الأعمق في ظلِّ آلة قد تفوقه معرفةً، بل قد تعي تفوَّقها مثلما هو الأمر مع مختلف صُور الذكاء الاصطناعي، يظهر هذا التفوّق في الألعاب، حيث صرنا نربّي ناشئة تُخاصِم الآلة، تتحاور معها، تشتمها، تمدحها، فَقَد الإنسان الطفل حسّ اللّعب مع الأشياء ملامسةً وحسّ اللّعب مع نُظرائه وأشباهه، يظهر هذا التفوُّق في الطبِّ وفي غيره من المجالات، التي سُيّدت فيها خوارزميّات الذكاء الاصطناعي، ماذا بقي لنا؟ حتّى الحبّ أصبحنا نرى ظواهر في العالم غريبة تُفضّل الإنسان الآلي، بل وتشرّع للزواج منه، فهل ما زلنا نتحدّث عن كينونة ووجود إنسانيّ.
اغتراب الإنسان ليس ظاهرة موصولة بهيمنة الخوارزميّات وأنماط الذكاء الاصطناعي، بل هو حقيقة وجوديّة، تتعمّق كلّما تعصَّر الكون، ولعلّ أمثولة الكهف الأفلاطونيّة ما زالت تصلح لزماننا، والنّاس الذين يعيشون الوهم هم نفس أناس زماننا، فكهف أفلاطون الذي احتوى ناسًا مقيّدين منذ بعثوا، لا يعرفون شيئا عن العالم الخارجي، يرون الظلال حقًّا وواقعًا، ولا يُدركون لها من أصْلٍ، ويبقون على يقين ووهمٍ بأنَّ الظلّ الذي يرونه هو الأصل ولا وجود لغيره، يتحقّق اليوم مع أناسٍ يعيشون وهم الظلال، وهم العلاقات، وهم القراءة، وهم الثقافة، وهم العلم، وهم النبوغ في عالم تتحكّم فيه الآلة في البشر، ويُنظَر إلى الإنسان مجرّد ملف! الحمد للّه ما زالت رائحة الكتب تُثير شهوتي للقراءة، وما زلتُ أرى الجمال في البشر فقط.