محمد ماهر يكتب: من خارج الخط
تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT
بهزيمة ثقيلة أمام الأردن ودع منتخبنا الوطني كأس العرب بعد أن قام بواجبه كاملاً بحرق دم الجالية المصرية في قطر والملايين خلف الشاشات داخل الوطن وخارجه....حرق الدم هو العمل الوحيد الذي يتقنه المسئولين عن إدارة كرة القدم المصرية....وإلا فبماذا نفسر ما نراه من نتائج مخيبة ومستويات متردية من جميع المنتخبات في كل الفئات السنية لدرجة أننا وصلنا تقريباً لمرحلة إدمان الفشل.
لا أدري على وجه التحديد ما سبب هوان مشاعر الجماهير المصرية على متخذي القرار في لعبة شعبية يتابعها قطاع كبير من الشعب المصري....رغم ما يبدو للجميع من أن القرار ربما يكون سهلاً ويؤتي نتائج مثمرة ببعض من الإخلاص والتخطيط السليم سواء على المدى القصير أو الطويل....لكن الظاهر لنا هو أن كل شئ يبدو صعبا .... التخطيط صعب التفكير صعب اتخاذ قرار سليم صعب....أما ما يبدو سهلاً فهو العشوائية والفوضى والتخبط....
وعلى كثرة المشاكل التي تحيط بالوسط الكروي المصري ....فقد كان من الممكن ببعض الخطوات البسيطة أن تكون النتائج أفضل مما شاهدنا ....فعلى سبيل المثال كان من الممكن أن يتولى تدريب هذا المنتخب الذي يعلم الجميع أنه منتخب مؤقت تشكل لبطولة واحدة أن يتولى إدارته الفنية مدير فني مصري مؤهل مثل أيمن الرمادي أو علي ماهر الذي يتصدر فريقه بطولة الدوري أو محمد الشيخ المدرب الشاب الذي يتولى تدريب وادي دجلة ويقدم مستويات جيدة أشاد بها الجميع....مع احترامنا لتاريخ الكابتن حلمي طولان والذي روى بنفسه قصة اختياره لهذا المنصب حيث صرح بأنه كان في جلسة للتشاور مع بعض زملائه في اللجنة الفنية باتحاد الكرة من أجل اختيار المدير الفني للمنتخب الثاني وتصادف دخول رئيس الاتحاد الذي سأل عن مضمون الجلسة وطلب سيادته من الكابتن حلمي أن يقوم بهذه المهمة ثم قاموا بقراءة الفاتحة ....هكذا بمنتهى السهولة تتم إدارة الكرة المصرية ...ويبدو أن قراءة الفاتحة كانت على روح الكرة المصرية !!!!!!!
كان من الممكن أن يكون هناك تنسيق يقوم به الاتحاد بين المدير الفني للمنتخب الأول والمدير الفني للمنتخب الثاني من أجل اختيار عناصر من المنتخب الأول لتجهيزها لكأس الأمم الأفريقية....لكن كيف يحدث تنسيق بين جهازين فنيين يعلم الجميع ما بينهما من صدامات وخلافات....حتى أن الكابتن حلمي قد صرح ذات مرة عن حسام حسن بأنه " مبيعرفش يدرب ومبيعرفش يتكلم "....هكذا قال ....ناهيك عن ما قام به مدير المنتخب الثاني ومدرب حراس المرمى من " تلقيح بالكلام " عبر إحدى المنصات على حسام ....هل بعد هذا كله من الممكن أن يحدث تنسيق لأجل مصلحة الوطن ؟.... أعتقد الإجابة معروفة .
لكن ما يبدو عجيباً هو ما سبب اعتبار كأس العرب مجرد بطولة شرفية أو كما صرح السيد الوزير أنها غير موجودة في أجندة الفيفا....وأن المشاركة لمساندة الأشقاء في قطر !!!!!!!
أما بالنسبة لمشاعرنا نحن وخيبة أمل وحسرة المواطنين المصريين في قطر أو الخليج عموماً فليست في الاعتبار عند مسئولي الاتحاد المصري لكرة القدم....كلها أيام وسيعود كابتن حلمي وكابتن أحمد حسن وكابتن حضري لمقاعدهم الوثيرة في القنوات الفضائية كي يحدوثنا عن مشاكل وأزمات الكرة المصرية وممارسة التنظير على الغير بكل سلاسة ....
عموماً لم يتبق إلا كأس الأمم الأفريقية التي ستبدأ بعد أيام قليلة.....وبدون الإغراق في التشاؤم فالنتيجة المنطقية لمعطيات الفوضى والتخبط هي بطبيعة الحال هي الفشل الذريع إلا إذا أراد المولى عز وجل أن يمن على هذا الشعب العظيم بقدر من الفرحة على سبيل الاستثناء....
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأردن كأس العرب قطر كرة القدم المصرية من الممکن
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: مسؤولية الذات
أعتقد أن الإدراك له مستويات من التكوين والنضج؛ حيث يمنحنا المقدرة على تحليل الواقع، ويخلق فينا فلسفة الاتزان في تناول قضايانا المختلفة؛ ومن ثم نستطيع أن نقول بأن هناك تكاملًا بين عملياتنا الذهنية، ووجدانياتنا المتنوعة، وما نحوزه من خبرة، وهذا ما يؤدي إلى الممارسة في سياقها المقبول، بل، والعمل دومًا على تحسينها؛ لتتناسب مع التغيرات المحيطة بنا وتواكب التطورات، التي تشهدها صور التعاملات الإنسانية، سواءً أكانت في الواقع أم عبر العالم الافتراضي، وهنا نتوقف عند حدود المسؤولية النابعة من شعور نقي، تترجمه أفعال سوية، تقوم على معرفة قويمة؛ لنستطيع أن نصنع قرارات صحيحة، نتخذها برشد، ونتابع آثارها لنقوم المعوج منها.
مسؤولية الذات أرى أنها تقوم على فلسفة الرؤية المتكاملة؛ إذ يصعب علينا أن نحقق غايات ننشدها دون قراءة متعمقة للمشهد؛ لنخرج من حيز ظواهر الأشياء أو الأمور، ونبحر في بواطن نستفيد قطعًا من تفاصيلها؛ حيث يزول الغبن، ويبدد الجهل، بفهمٍ صحيحٍ، ومعانٍ لها دلالات، تمكننا من أن نتوقع النتائج في ضوء المعطيات التي نقدمها، وفي ضوء ذلك نصل بهدوء لمراحل متقدمة من طمأنة القلوب؛ حيث تتناغم خلجات العواطف في إطارها الطبيعي، مع ما يمتلكه العقل من ملكاتٍ تُستثمر في كل ما نؤديه من مهام تقع على كاهلنا؛ ومن ثم نخرج من حيز الشرذمة والتشتت إلى وضعية الاستقرار والانسجام.
تتأتى مسؤولية الذات من أساس لا جدال حوله؛ حيث الحرية المستندة على الإرادة، وهذا مناط الفلسفة الإنسانية القائمة على ماهية الكرامة؛ لكن الأمر لا يتوقف عند حد الاختيار فقط، بل، يتجاوزه إلى معايير بعينها، تضمن دقة القرار؛ ليتحمل الإنسان منا تبعات ما يؤديه، أو يفعله، أو يمارسه، وفي الحقيقة ينبري ذلك في بوتقة الحكمة من الوجود والاستخلاف على الأرض؛ لذا جاءت الضوابط الأخلاقية القيمية؛ لتضمن إعمال ما نسميه ضمير الإنسانية، الذي يشكل قمة مراجعة النفس؛ فلا فائدة من خير يقوم على ماهية الفساد أو الإفساد؛ فقد أثبتت التجربة أن الهوى يضير قطعًا بمسيرة الحياة البشرية قاطبة.
حرية الإرادة لا تفارق حيز مسؤولية الذات، وهنا نؤكد على أهمية تعديل السلوك لدى الإنسان؛ كي لا يجمح في ممارساته؛ بحجة إطلاق العنان، الذي يؤدي إلى الابتكار؛ فالأمر يقوم على تربية تعزز لديه البعد القيمي، باتصافات ندرك مدى اتساقها وتناغمها مع بعضها البعض؛ فلا يجوز أن نتحرى الصدق ونمارس جزءًا من الاحتيال؛ لذا تأتي أهمية المحاسبية التي تظهر لنا ماهية الآثار الناتجة عما نقوم به من أفعال وأقوال؛ لندرك جليًا أن الحرية والإرادة لا ينبغي أن تخرج قطعًا عن سياج يحمي صاحبهما من الوقوع في الخطأ، ناهيك عن حالة التوازن العائد نفعها على الجميع.
لدى يقين بأن تفهم ماهية وفلسفة مسؤولية الذات من قبل الإنسان، تعد من قبيل العبقرية المساعدة على حفظ النظام الحياتي له بكل أنماطه، ومن ثم تفتح مجالًا لأن يقوم من نفسه، وتوجهه نحو التمسك بقيمه النبيلة، وغاياته المنشودة، وتُحدث لديه فِقْهًا بمعنى الحرية، غير الضارة بالآخرين، وتؤكد عليه أن يتحرى الدقة في أحكامه، وأن يحرص على ممارسة أعماله بدقةٍ وتفانٍ وإتقانٍ، ويتابع اجتهاده ليحقق المراد؛ ومن ثم يهجر فوضى الانفعالات التي تسببها ضغوطات يصعب حصرها، ويغلق أبوابًا قد يتطرق منها أهواء تخلق السلبية، وتكرس الاتكالية، وتسلب حقوق الآخرين، وتورث في النفوس مرارة الظلم.
دعونا نحرص على التجديد من خلال تنمية الابتكار عبر بوابة مسؤولية الذات؛ لنؤكد بشكل صريح على أن بناء الشخصية العاشقة للإبداع وتفاصيله، يقوم على تعضيد الوعي الذاتي في صوره المختلفة؛ حيث التنوع المعرفي، الذي يعزز الموروث الثقافي لديه، وهنا نضمن إيجابية السلوك والانضباط في آن واحد، ناهيك عن توجيه واستثمار الطاقات نحو تحقيق الهدف؛ لذا ينبغي أن نكابد من أجل أن نصنع صاحب فكر رشيد، يعمل دومًا على رقي ذاته، ولا يتوقف عن العطاء بكافة ألوانه، ويحمل بين يديه راية التقدم والنهضة، ويرى بعين يملؤها الأمل صورة مستقبله المشرق.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.