كل واحد من البشر له حدود لصبره، ولا أحد يعلم حدود الصبر لدى الآخرين، وأُحذر من الضغط على الناس، ربما يصل ضغطك هذا إلى أقصى حدود لدى الآخر، فلا تعجبك ردة فعله، كن جميلًا لأن أقصى حدود الصبر التى توصل إليها الشخص يكون رد فعله مؤلمًا لأن الشخص فى هذه الحالة ترتفع داخله مشاعر يعجز عن وصفها. واعلم أنه ليس كل صمت رضا ولا يعنى حتى الصمت عتابًا إنما هو نوع آخر اسمه «لكم حياتكم ولى حياتى» ولا تقل إنى أفعلها كل يوم معه، انتظر لأن آخر مرحلة للصبر انعدام الرغبة فى الحديث معك، فكل إنسان لديه طاقة وقدرة على التحمل، فهو يتحمل الأزمات والصعاب والمنغصات التى يواجهها فى حياته اليومية، ولكن لها صبر وتحمل من أخطاء الآخرين وتماديهم فسيأتى الوقت الذى يصرخ فيه، وقد يدمر كل شىء بكلمة واحدة.
لم نقصد أحدًا!
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!
الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.
لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».
لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.
الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.
لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.
لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.
المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.
المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.
السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!
المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.
والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!
هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.
أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.
والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.
السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.
القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!