أستاذ علوم سياسية: "هناك ضرورة للاتفاق حول الضوابط المنظمة لحرية الرأي"
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
أكد الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، وقوفه في صف حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، متسائلًا في الوقت ذاته: لكن ماذا عن هتك الأعراض، ونشر الاخبار الكاذبة والمضللة عمدًا؟!
ابتزاز الصحف الصغيرةوقال الدكتور علي الدين هلال، خلال حواره ببرنامج "بالورقة والقلم"، المذاع عبر فضائية "ten": "أحيانًا تقوم بعض الصحف الصغيرة بالابتزاز، ولذلك هناك ضرورة للاتفاق حول الضوابط المنظمة لحرية الرأي سواء للصحفي أو لغير الصحفي"
انتقاد لأهداف سياسيةوأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن البعض انتقدوا توسع الحكومة في المشروعات، وطالبوا بخصخصة الشركات، فقام رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي في يناير الماضي بالإعلان عن بيع 32 شركة، فتم انتقاد هذا الأمر، وهذا دليل على أن الانتقاد هدفه الضغط السياسي، وليس الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح الدكتور علي الدين هلال، أن فكرة البيع والشراء والاستحواذ على الشركات أصبحت أمر عادي في جميع الدول، قائلًا: "مسألة عواد باع أرض، مسألة حق يراد به باطل"، ولكن العبرة هي حسن استثمار عوائد هذه الشركات.
انضم الآن للقناة الرسمية لبوابة الفجر الإلكترونية على واتساب
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: استاذ العلوم السياسية حرية الصحافة حرية الرأي والتعبير حق يراد به باطل
إقرأ أيضاً:
7 أكتوبر في ميزان الرأي والتقييم
د. أحمد يوسف **
منذ أن شنّت حكومة نتنياهو حرب الإبادة على قطاع غزة عقب معركة طوفان الأقصى، لم تتوقف موجات التحليل والجدل حول ما جرى في السابع من أكتوبر؛ فقد انقسم المراقبون بين من رأى في العملية خطوة استراتيجية قلبت المشهد الدولي رأسًا على عقب، وبين من اعتبرها مغامرة غير محسوبة، فتحت الباب واسعًا أمام حرب مدمّرة غير مسبوقة.
بالنسبة للفريق المؤيّد، جاءت العملية كردّ طبيعي على حالة التهميش التي لحقت بالقضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، في ظل تفشي الاستيطان في الضفة، وتغوّل المستوطنين على حياة الفلسطينيين ومزارعهم وأراضيهم، وسط عجز واضح للسلطة الفلسطينية عن حماية السكان ووقف الاستيطان. كما رأى هؤلاء أن الحصار الطويل على غزة، وما رافقه من محاولات دولية وإسرائيلية لعزل حماس سياسيًا، دفع الحركة إلى “هزّة استراتيجية” تعيد للقضية حضورها المركزي في الوعي العالمي.
وفي هذا السياق، يقول الباحث الفلسطيني م. بدر نيروخ إن العملية “جاءت بعد سنوات من محاولة تمييع القضية الفلسطينية، وقد نجحت في إعادة تعريف الصراع أمام الرأي العام العالمي”. أمّا الصحفي الأردني ياسر الزعاترة، فاعتبر أن “السابع من أكتوبر هدم جدار الوهم الإسرائيلي وكشف هشاشة ردعه، وما تلاه من تفاعلات دولية أظهر أن القضية ما زالت حيّة رغم محاولات طمسها”.
ويضيف الباحث الأمريكي نورمان فينكلستين أن “ما جرى في السابع من أكتوبر لم يكن مجرد حدث أمني، بل لحظة انفجارية كشفت حجم الغضب المتراكم تحت ركام الحصار”. بينما كتبت الباحثة البريطانية هيلينا كوبان أن “إسرائيل ربحت في الميدان، لكنها خسرت في الشارع العالمي؛ وهذا تحوّل قد يصعب على تل أبيب احتواءه”.
ويأتي في السياق ذاته رأي الباحث الأكاديمي د. وليد عبد الحي، الذي يرى أن ما حدث “لم يكن منفصلًا عن السياق التاريخي للصراع، بل نتيجة طبيعية لتراكم طويل من انسداد المسار السياسي، وتآكل الردع الإسرائيلي، واستسهال الاحتلال الاعتداء على الفلسطينيين تحت افتراض أن ردّهم سيكون محدودًا”. ويضيف أن “الهجوم شكّل محاولة لكسر نمطية إدارة الصراع، وإعادة التوازن عبر صدمة استراتيجية تُعيد فتح الأسئلة التي حاولت إسرائيل إغلاقها بالقوة”.
وبرأي المؤيّدين، فإن التظاهرات الكبرى التي اجتاحت مدن أوروبا وأمريكا، وما رافقها من مطالبات بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الإبادة، تؤكد أن المعركة لم تكن عسكرية فقط، بل كانت معركة على الرواية والوعي العالمي.
في المقابل، يرفع الفريق المنتقد- وأنا منهم- جُملة من الاعتراضات حول توقيت القرار وشكله ومآلاته؛ إذ يرى هؤلاء أن العملية لم تُتخذ ضمن إطار إجماع وطني، وأن الانقسام الفلسطيني جعل الساحة هشّة وغير مؤهلة لحدث بهذا الحجم. كما اعتبروا أن الحركة لم تُحسن قراءة رد الفعل الإسرائيلي والدولي، وأنها تجاهلت هشاشة الموقف العربي الذي بقي في أغلبه “صامتًا أو مترددًا”، كما كتب أحد المحللين السعوديين.
أما السياسية الفلسطينية حنان عشراوي، فقد رأت أن “العملية وضعت غزة في مواجهة حرب مفتوحة بلا غطاء سياسي عربي أو دولي، وكان يمكن التفكير في خيارات أخرى أقل كلفة إنسانيًا”. فيما قال الكاتب اللبناني ساطع نور الدين إن “السابع من أكتوبر كان فعلًا دراماتيكيًا ضخمًا، لكنه فتح أمام إسرائيل المجال لتسويق حرب الإبادة باعتبارها دفاعًا عن الوجود”.
وتذهب تحليلات غربية أخرى إلى خلاصة مشابهة. فالمحلل الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي كتب أن “ما حدث نتيجة سبعين عامًا من الاحتلال، لكنه أيضًا منح اليمين الإسرائيلي الفرصة لتمرير مشروعه الأخطر ضد الفلسطينيين”. أما الباحث الأمريكي مارك لانغفان، فاعتبر أن “العملية مكّنت اليمين المتطرف في إسرائيل من حشد الغرب خلف روايته، ووفّرت غطاءً لسياسات التهجير والتدمير”.
وقد تعزّزت هذه المخاوف مع بروز خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف، خصوصًا ما طرحه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في ما يسميه “خطة الحسم”، والتي تقوم على إجبار الفلسطينيين على الاختيار بين الخضوع الكامل لسيادة إسرائيل، أو الهجرة القسرية، أو المواجهة التي ستنتهي بزوالهم السياسي. هذا الخطاب، الذي بدأ يتغلغل في مؤسسات الحكم، أثار تخوّفًا حقيقيًا من سيناريوهات ترحيل جماعي، خصوصًا مع دعوات بعض قادة اليمين لإفراغ غزة ودفع سكانها نحو سيناء. ويرى محللون أن هذه التهديدات كانت أحد العوامل التي دفعت حماس إلى محاولة خلط الأوراق قبل أن تُفرض على غزة وقائع لا رجعة فيها، معتبرة أن تجاهل هذا المسار قد يفتح الباب أمام مشروع وجودي يهدد الفلسطينيين جميعًا.
وبين الرأيين، يبقى السؤال مفتوحًا حول النتائج والتداعيات. فالفريق الأول يرى أن ما جرى كشف للعالم حجم الظلم الواقع على الفلسطينيين، وربما يفتح الباب لإعادة بناء رؤية سياسية جديدة بضغط شعبي عالمي غير مسبوق. بينما يرى الفريق الثاني أن غزة دفعت- وما تزال تدفع- ثمنًا فادحًا بسبب قرار لم يحظَ بتوافق فلسطيني، وأن حجم الكارثة الإنسانية سيترك ندوبًا طويلة على الوعي ومستقبل القضية.
لقد أعادت لحظة السابع من أكتوبر طرح الأسئلة الكبرى: هل كان ما جرى ضرورة فرضها انسداد الأفق؟ أم كان خطوة مبكرة وغير محسوبة؟ وهل ستقود هذه اللحظة إلى مسار سياسي جديد، أم ستبقى جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الفلسطينية والعربية؟
وبين من يصفها بأنها “معركة ستظهر نتائجها الاستراتيجية بعد سنوات”، ومن يراها “خطأ فادحًا في الحسابات والتوقيت”، يظل الحدث جزءًا من مسار طويل في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال. وما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو قراءة شجاعة ومتأنية لهذه المحطة، بعيدًا عن التمجيد والاتهام، وبوعي يُبنى على التجربة ومعطيات الواقع، كي لا تتكرر الأخطاء وتضيع البوصلة وسط ضجيج الأحداث، ومسارات من التِيه والدم والنزوح.
** مستشار سابق لرئيس الوزراء الفلسطيني الراحل إسماعيل هنية