ليس في السياسة وحدها تختلف الإمارات والسعودية، فقد تعدت هذه الخلافات حدود السياسة والاقتصاد إلى الرياضة. فقد سخر بعض المعلقين الإماراتيين بفشل صفقة انتقال اللاعب المصري محمد صلاح من نادي ليفربول الإنكليزي إلى نادي اتحاد جدة السعودي، ووصلت درجة السخرية بين الإماراتيين حداً تدخل فيه الأمير "عبد الرحمن بن مساعد"، ابن عم ولي العهد السعودي، في هذه المناكفات ليبرر سبب فشل الصفقة.



تدّعي بعض الصحف الغربية بأن الخلاف ظهر إلى العلن لأول مرة قبل أشهر فقط، وتتحدث هذه الصحف عن صراع بين الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد. ولكن الحقيقة هي أن هذه التقارير تبسط الخلاف ولا تعطي تحليلاً تاريخياً لهذه الظاهرة، حيث إن الخلاف متجذر ومعقد أكثر من ذلك بكثير.

ويبدو بأن جذور الخلاف السعودي- الإماراتي تعود إلى طبيعة العلاقات العربية-العربية؛ من حيث كونها تعتمد على التحالفات المرحلية والتكتيكية ولم تدخل أبداً في مرحلة التحالفات الاستراتيجية المبنية على تبادل المصالح والتعهد لمواجهة العدو الخارجي.

يبدو بأنّ هناك تراكما للخلافات البينية بين الدول العربية، فعلى مر التاريخ، شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي. لقد زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم
حتى بين أكثر المجتمعات العربية تشابهاً من حيث العرق والدين واللغة والثقافة المشتركة، ونقصد هنا دول الخليج، لم تستطع هذه الدول تطوير علاقاتها لترقى لمستوى التحالف الاستراتيجي حتى بعد مشاركتها معاً في الحرب اليمنية. ويبدو بأنّ هناك تراكما للخلافات البينية بين الدول العربية، فعلى مر التاريخ، شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي. لقد زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم.

وتعود هذه التنافسات بين الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات أيضا إلى التنافس على القيادة. غالبا ما طغى السعي وراء القيادة والهيمنة داخل دول الخليج على الجهود التعاونية، حيث تطمح بعض الدول العربية إلى أن تكون قوى إقليمية مهيمنة، مما يؤدي إلى التوترات والمنافسة بدلاً من تعزيز شراكات حقيقية.

تعود جذور التنافس والصراع في واقع الأمر إلى الملف الذي كان ينبغي أن يوحد هاتين الدولتين وهو الملف اليمني، فمنذ البدء اختلفت الأجندات بين السعودية والإمارات من المشاركة في هذا التحالف، ويبدو أنّ الإمارات اتخذت لنفسها مساراً مختلفاً قائماً على دعم مجموعات الانفصال لحماية مصالحها في اليمن، وكذلك لتكون هذه المجموعات قوة الإمارات الضاربة في السيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية اليمنية، لتستخدمها في مشروعها الكبير الساعي لتحولها لمركز تجارة عالمي عبر السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموانئ والمطارات حول العالم.

تعززت هذه الخلافات حول قضايا بعينها كالملف اليمني والملف السوداني، وبلغ الخلاف بين الدولتين مرحلة قال فيها عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة أن الإمارات تحاول أداء أدوار أكبر من حجمها في اليمن، كما أشار إلى أن أبو ظبي انسحبت عسكريا بطريقة غير محسوبة وأنها تحاول الدفع بعملية انفصال وتقسيم اليمن إلى يمن شمالي وجنوبي، ليرد فيما بعد الأكاديمي الإماراتي عبد الخالف عبد الله بأن وحدة اليمن لم تكن يوماً أولوية للتحالف العربي.

التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية، إلا أن ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تشديد هذه الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين
إلى جانب التنافس الجيوسياسي والاقتصادي يبدو بأن الخلاف يتعمق بشكل أكبر بسبب سعي قيادة البلدين إلى رسم خارطة النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما ظهر جلياً في تصريحات نسبتها صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى الأمير محمد بن سلمان الذي قال (بحسب الصحيفة) إن "الإمارات طعنتنا في الظهر وسيرون ما يمكنني القيام به".

في الختام، إن التوترات والخلافات بين السعودية والإمارات متجذرة وعميقة، وحاولت هاتان الدولتان إخفاء هذه الخلافات خلال السنوات الماضية، إلا أن ظهور تضارب في المصالح والاستراتيجيات ساهم في تشديد هذه الخلافات والدفع بها إلى السطح، بحيث أصبح هناك تراشق إعلامي بين مسؤولين وأكاديميين من الطرفين.

ويبدو من قراءة السياسات السعودية بأن ولي العهد لن يكف عن محاولة تحجيم الدور الإماراتي ورسم حدود التدخل التي يراها تتناسب مع حجم ودور الإمارات الإقليمي والعالمي. كما أن استراتيجية المواجهة مع الإمارات هذه المرة تتخذ طابع القوة الناعمة والذهاب بعيداً في تطبيق استراتيجيات مختلفة لاحتواء الإمارات في مناطق النزاع، كالسودان واليمن وإيران وأفريقيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإمارات السعودية السعودية الإمارات تنافس ابن زايد ابن سلمان مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السعودیة والإمارات هذه الخلافات دول الخلیج بین الدول

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية تؤكد أهمية تضافر الجهود لمواجهة ظاهرة الجفاف والتصحر في المناطق العربية

القاهرة-سانا

أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على أهمية تضافر جهود الدول العربية لمواجهة ظاهرة الجفاف والتصحر في المناطق العربية.
ونقل موقع الجامعة العربية عن الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية السفير علي بن إبراهيم المالكي قوله في بيان اليوم بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف: “إن الدول العربية تعد من أكثر مناطق العالم هشاشة في نظامها البيئي، حيث يصنف 90 بالمئة من مساحتها ضمن المنطقة الجافة وشديدة الجفاف”.

وأشار المالكي إلى أن القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت مؤخراً في جمهورية العراق أشادت بنتائج الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر التي استضافتها المملكة العربية السعودية في كانون الأول الماضي، ولاسيما مع الصلة الوثيقة بين اتفاقية تغير المناخ واتفاقية مكافحة التصحر والانعكاس الإيجابي لمخرجات مؤتمر الأطراف “كوب 16” على جهود الدول للتكيف مع آثار تغير المناخ.

ويحتفي العالم في الـ 17 من حزيران من كل عام بهذه المناسبة، والذي تم تحديدهُ بناءً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 9/115 في كانون الأول 1994.

ويأتي الاحتفاء به هذا العام تحت شعار “استصلحوا الأراضي وأطلقوا العنان للفرص”، حيث يتم تسليط الضوء على أهمية إعادة تأهيل الأراضى المتدهورة وتأثيرها الإيجابي على توفير فرص العمل، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، ودعم العمل المناخي، وزيادة القدرة الاقتصادية.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • الدول العربية الأكثر امتلاكا للمقاتلات الحربية (إنفوغراف)
  • تعرف على الدول العربية والإسلامية التي أدانت هجمات إسرائيل على إيران
  • هل يصبّ سقوط النظام الإيراني في مصلحة الأنظمة العربية؟
  • الجامعة العربية تؤكد أهمية تضافر الجهود لمواجهة ظاهرة الجفاف والتصحر في المناطق العربية
  • وزير الري: ضرورة تعزيز قدرات الدول العربية في تعبئة تمويلات لمشروعات التكيف مع المناخ
  • رحيل “ساعاتي”.. سادن التوثيق الرياضي في المملكة العربية السعودية
  • كيف تتعامل الدول العربية مع التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية؟
  • بدر حامد: سيتم افتتاح أكاديمية للزمالك في نيجيريا والدول العربية
  • دليل شامل للبيع على أمازون في العالم العربي.. مصر، السعودية، والإمارات
  • القنصل العام للسودان بجدة: جهود المملكة العربية السعودية هذا العام كانت استثنائية بكل المقاييس