ما بعد قمة البريكس: أين المشروع الحضاري والثقافي البديل؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
شكّلت قمة البريكس الأخيرة في جنوب أفريقيا تطورا مهما على الصعيد الدولي والاستراتيجي والاقتصادي، وذلك بانضمام ست دول جديدة إلى المجموعة التأسيسية مما قد يؤدي إلى تحول هذه المجموعة إلى منظومة سياسية واقتصادية وبيئية تفتح الباب أمام تغيرات مهمة في النظام الدولي العالمي.
ويبدو أن مجموعة البريكس ستتحول من خلال ما شهدته مؤخرا من مجرد مجموعة دول تتعاون اقتصاديا فيما بينها إلى نواة منظّمة لها حضور كبير على الصعيد العالمي.
وبعد انضمام الدول الست الجديدة (إيران والسعودية وإثيوبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين) إلى مجموعة البريكس سيزيد حجم ووزن المنظومة، حيث عدد السكّان يرتفع إلى 3.7 مليار إنسان ما يوازي 46 في المائة من سكّان العالم. وعلى الصعيد الاقتصادي يصبح الحجم 30.7 تريليون دولار ما يوازي 29.3 في المائة من الإنتاج الإجمالي العالمي. لكن القيمة المضافة هي أن المجموعة الموسعة التي تضمّ 4 دول من غرب آسيا أصبحت تمثّل 43.1 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي، مع التسليم بأن زيادة الحجم تشكّل قفزة نوعية لا يستهان بها غير أن أهمية التوسّع تكمن أيضا في الأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية.
لكن يبقى السؤال الأهم حول الأبعاد الثقافية والحضارية لمشروع البريكس، وهل هناك مشروع حضاري وثقافي عالمي بديل عن المشروع الغربي النيوليبرالي والذي يتحكم بالعالم اليوم، والذي يأخذ أبعادا خطيرة في هذه المرحلة من خلال تبني بعض الدول لقيم اجتماعية جديدة تطيح بالقيم الدينية وتتبنى ثقافة الشذوذ الجنسي، وتهين المقدسات الدينية، وتنسف منطق الحريات من خلال منع الالتزام الديني ومنع اللباس الديني التقليدي، وهذا ما بدأنا نشهده في بعض الدول الغربية مثل فرنسا.
يبقى السؤال الأهم حول الأبعاد الثقافية والحضارية لمشروع البريكس، وهل هناك مشروع حضاري وثقافي عالمي بديل عن المشروع الغربي النيوليبرالي والذي يتحكم بالعالم اليوم، والذي يأخذ أبعادا خطيرة في هذه المرحلة من خلال تبني بعض الدول لقيم اجتماعية جديدة تطيح بالقيم الدينية
وكي ندرك أهمية قمة البريكس الأخيرة لا بد من الإشارة للأهمية الجيوستراتيجية لما حصل في جنوب أفريقيا من خلال انضمام دول جديدة إليها، فنظرة سريعة إلى خارطة العالم توضح ما نقصده. فانضمام 4 دول من غرب آسيا، أي مصر والسعودية ودولة الإمارات والجمهورية الإسلامية في إيران، إضافة إلى الأرجنتين وإثيوبيا يعني أن مناطق البحر الأحمر والخليج والمحيط الهندي أصبحت من ضمن مجموعة البريكس. وأهم من كل ذلك فهذا يعني أن الممرّات البحرية من المحيط الهندي والخليج إلى أوروبا عبر مضيق هرمز وباب المندب أصبحت ضمن مجموعة سياسية اقتصادية متماسكة تملك من القوّة ما يمكّنها من التصدّي إلى الضغوط الغربية وخاصة الأمريكية. ففقدان السيطرة على تلك الممرّات رغم وجود قواعد عسكرية يشكّل للولايات المتحدة ودول الغرب انتكاسة كبيرة للسيطرة الجغرافية على تلك الخطوط والممرّات.
كما أن دول البريكس الحالية تسيطر أيضا على الممر الشمالي الجنوبي الذي يربط روسيا بالمحيط الهندي عبر إيران وأفغانستان وباكستان، وإذا أضفنا الممر الشرقي الغربي الذي أوجدته الصين عبر مبادرة الطريق الواحد بعد أن يتم تنفيذ شبكة سكك الحديد التي توصل البحر الأصفر بالبحر المتوسط، نرى مدى الترابط والتماسك في الجغرافيا. وما يدعم تلك السيطرة الجغرافية هو الممر القطبي الشمالي التي تسيطر عليه روسيا وما يحتوي القطب الشمالي من احتياطات نفط وغاز ومعادن، لذلك يمكن القول إن السيطرة على الممرّات البرّية والبحرية لم تعد بيد الغرب كما كان الحال خلال القرنين الماضيين.
ويضاف إلى ذلك الأبعاد الاقتصادية المهمة في هذا المشروع، لكن ذلك لا يعني أن مجموعة البريكس أصبحت مشروعا متكاملا وقادرا على اتباع سياسات موحدة في كافة المجالات، فهذه المجموعة لا تحمل مشروعا فكريا وسياسيا موحدا، كما كان الحال مع الاتحاد السوفييتي سابقا والذي كان يطرح المشروع الاشتراكي ويستند إلى الفكر الشيوعي، أو كما هو الحال في المشروع الغربي الليبرالي أو النيوليبرالي والذي تتبناه دول الغرب حاليا، ويتمثل أيضا بحلف الناتو عسكريا ومن خلال عدة مجموعات اقتصادية، والذي يحمل مشروعا ثقافيا ليبراليا له سمات خاصة تصل إلى مستوى كبير من الاباحية ونشر ثقافات تتناقض مع الاديان السماوية والقيم المشرقية.
لكن في المقابل فإن دول مجموعة البريكس (القديمة والجديدة) ليست موحدة ثقافيا وفكريا واقتصاديا، فلكل دولة مشروعها الخاص وإن كانت تتلاقى اليوم على التعاون فيما بينها لمواجهة الهيمنة الأمريكية أو الغربية، مع أن هناك دولا في مجموعة البريكس تربطها علاقات قوية مع أمريكا (مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية وإثيوبيا)، ولكنها في الوقت نفسه تبدو وكأنها تبحث عن خيارات سياسية واقتصادية جديدة في ظل ما تواجهه من ضغوط وتحديات.
أهمية إعادة التفكير مجددا بالمشروع الثقافي والحضاري العالمي البديل، فالعودة إلى النظام الاشتراكي أو الشيوعي التقليدي أصبحت صعبة مع أن هناك دولا تعمل مجددا للاستفادة من هذه التجربة، والنظام الغربي الليبرالي يعاني اليوم من تحديات جديدة. ومن يراقب ما يجري في العالم من أحداث وحروب وصراعات وتدهور كبير في مجال البيئة والمخاطر الكبرى على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإنسانية، يدرك أن العالم يتوق اليوم إلى أفكار ورؤى جديدة
ومن هنا أهمية إعادة التفكير مجددا بالمشروع الثقافي والحضاري العالمي البديل، فالعودة إلى النظام الاشتراكي أو الشيوعي التقليدي أصبحت صعبة مع أن هناك دولا تعمل مجددا للاستفادة من هذه التجربة، والنظام الغربي الليبرالي يعاني اليوم من تحديات جديدة. ومن يراقب ما يجري في العالم من أحداث وحروب وصراعات وتدهور كبير في مجال البيئة والمخاطر الكبرى على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإنسانية، يدرك أن العالم يتوق اليوم إلى أفكار ورؤى جديدة تحمل بعض الأمل للعالم.
وإذا كان العالم العربي والإسلامي عاجزا عن تقديم المشروع البديل في ظل ما يعانيه من أحداث وتحديات، لكن ذلك لا يلغي القيمة الحضارية الكبرى للدين الإسلامي والذي سبق وأن كان له دور مهما على الصعيد العالمي، وقد يكون اللقاء الفكري والاجتماعي والإنساني والاقتصادي ضمن مجموعة البريكس الجديدة بين البعد العربي والإسلامي (الذي تمثله بعض الدول العربية والإسلامية الكبرى) والبعد المشرقي (الذي تمثله الصين والهند) والبعد الأرثوذكسي والكاثوليكي (الذي تمثله روسيا وإثيوبيا والأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا)، هذا اللقاء يفتح الباب مجددا أمام البحث عن تعاون الأديان والثقافات العالمية للبحث عن أفكار جديدة تنقذ العالم من ازماته، وإن كانت هذه المهمة ليست سهلة اليوم، لكن مجموعة البريكس يمكن أن تشكل مدخلا مهما في هذا المجال، ومسؤوليتنا كعرب ومسلمين أن نوسع دائرة التفكير مع شركائنا في العالم لعلنا نقدّم مشروعا ثقافيا وحضاريا بديلا للعالم اليوم.
twitter.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه البريكس مصالح بريكس تكتلات سياسة رياضة مقالات رياضة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجموعة البریکس فی المائة من على الصعید بعض الدول من خلال
إقرأ أيضاً:
هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!
من المضحكات المبكيات في عالمنا العربي المأزوم انفجار هذه الدهشة والشعور بالمفاجأة التي عقدت ألسنة كثير من العرب عندما أفاقوا في الفترة الماضية على ازدياد حدة الأزمة في صراعات عربية قائمة أو إشعال تنافس إقليمي وحساسيات حدودية في فترة قصيرة.
السبب في ذلك هو أن هذه الدهشة والشعور بالصدمة هي دليل جديد على أن العرب لا يستفيدون من تجاربهم وأنهم يقعون في نفس الفخاخ التي تنصب لهم المرة تلو الأخرى. لو تأمل البعض قليلا فقط لوجد أن هذه «ظاهرة تاريخية مكررة»؛ ففي كل مرة تتقدم الولايات المتحدة بمشروع لإعادة هندسة الشرق الأوسط ـ بما يحمي مصالحها ويحافظ على أمن وتفوق أداتها الوظيفية الإسرائيلية ويمنع كذلك منافسيها الدوليين من الحصول على موضع قدم فيها ـ تشتعل الحرائق في العالم العربي وفي الشرق الأوسط بل وداخل الدولة الوطنية العربية.
لقد تفاجأ العرب في الأيام الماضية بتحول نوعي ومخيف في اليمن أدى إلى انهيار مسار التهدئة في الحرب اليمنية الذي صبغ السنوات الأخيرة ووصل إلى مرحلة متقدمة بمفاوضات مباشرة بين السعودية والحوثيين للتوصل إلى حل سياسي.
هذا التحول تمثل في استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي المهرة وحضرموت الغنية بالنفط وطرد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
قبلها بأيام كذلك اشتعلت في السودان الحرب الأهلية، واتخذت منعطفا فارقًا أيضا باستيلاء ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية، والاستيلاء بعدها على حقول النفط السودانية الرئيسية فضلا عن سيطرتها على معظم مناطق إنتاج الذهب. طردت الميليشيات قوات الجيش السوداني وحكومة البرهان المعترف بها دوليا.
في سوريا أشعلت إسرائيل حربًا طائفية بين مناطق الدروز في الجبل ومناطق العلويين في الساحل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وساهمت في إفساد تسوية لحل الخلاف بين المركز والأكراد الذين يسيطرون على شمال شرق سوريا.
في لبنان تصاعدت المخاوف من اندلاع الحرب الأهلية مجددًا في هذا البلد بسبب الضغوط الأمريكية/ الإسرائيلية لنزع سلاح حزب الله وعودة استقطاب ما قبل اتفاق الطائف إلى مستوياته المرعبة.
في الجزائر دعا ناشط أمازيغي معروف إلى انفصال منطقة القبائل عن الجزائر وتفتيت وحدة الدولة الجزائرية.
اللافت أن الناشط المذكور دعا للانفصال من دولة الاحتلال السابق، أي فرنسا، حاملا علمًا إسرائيليًا!
في الوقت نفسه اشتعل سباق التسلح بين الجزائر والمغرب؛ فبينما تتوسع الأخيرة في استيراد الأسلحة الإسرائيلية تتوسع الجزائر في شراء الأسلحة الروسية.
من يتأمل حتى في دروس التاريخ العربي الحديث سيجد أن هذه هي النتيجة المتوقعة والمتكررة لحالة التضافر المستمر بين ثلاثة عوامل منذ حلول أمريكا محل بريطانيا وفرنسا كقائدة للإمبراطورية الغربية وللمركز الرأسمالي العالمي.
هذه العوامل هي أولا تقدم رئيس أمريكي بمشروع لإعادة هندسة المنطقة، وثانيا انقسام العرب تجاه هذا المشروع عادة؛ حيث مجموعة مؤيدة للمظلة الأمريكية ومجموعة معارضة ترى في المشروع تكريسًا للهيمنة الإمبريالية وتفريغ للاستقلال من مضمونه.
وثالثا بوجود دور خطير لإسرائيل في مساعدة المشروع وزيادة حدة الانقسام العربي.
عندما تقدم الرئيس أيزنهاور بمشروعه لملء الفراغ في الشرق الأوسط وما انبثق عنه من مبادرات جيوسياسية مثل حلف بغداد والحلف الإسلامي اشتعلت حرائق الصراع السياسي بين الدول العربية، وصارت مصر جمال عبد الناصر ومعها أغلبية عربية ضد المشروع، فيما وقفت أقلية عربية معه إضافة إلى تركيا ولاحقا إيران وباكستان.
لكنه وصل إلى حافة الصراع العسكري في لبنان ١٩٥٨ بعد نزول قصير لقوات البحرية الأمريكية ما أعتبر بروفة مبكرة للحرب الأهلية المدمرة في لبنان عام ١٩٧٥ -١٩٩٠.
مع احتضان مشروع ملء الفراغ بمساعدة دول في المنطقة لتيار سياسي كبير مثل الإخوان المسلمين قاد ذلك آنذاك لصراع عربي بيني وصفه الأمريكي الشهير مالكوم كير بـ«الحرب العربية الباردة».
أما مشروع السلام المنفرد الذي طرحه الرئيس كارتر في كامب ديفيد فتبعاته الكارثية معروفة؛ إذ بدأ مسيرة الانقسام العربي الرأسي لما عرف بمعسكر الممانعة في جهة ومعسكر الاعتدال في جهة أخرى، وسقط مفهوم الأمن العربي الجماعي والدفاع المشترك الذي طورته القاهرة آنذاك. وبدأ تعريف الأمن يتم بشكل قطري من خلال تصور كل نخبة حاكمة في البلد العربي أو ذاك عن مصالحها الوطنية، حتى لو هددت مصالح دولة عربية أخرى.
أحكمت واشنطن قبضتها على المنطقة بهندسة كيسنجر/ السادات، واطمأنت إسرائيل أنه لن تقوم دولة عربية بدخول صراع عسكري معها بعد خروج مصر من المواجهة فتفرغت لإشعال الحرائق وشن الحروب؛ فضربت المفاعل النووي العراقي قبل أن يجف حبر المعاهدة مع مصر، وقامت بغزو لبنان واحتلت بيروت كأول عاصمة عربية، وطردت المقاومة الفلسطينية من لبنان.
ودفع التخلي العربي عن الفلسطينيين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات دفعًا إلى التوقيع على أوسلو التي بدا أنها كانت خطة إسرائيلية ممنهجة للاستيلاء على فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر بالمستوطنات والحروب المستمرة على الضفة وغزة.
بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، قاد مشروع بوش لبناء الشرق الأوسط الكبير وفرض الديمقراطية لغزو العراق وتحويل التحركات في سوريا وليبيا إلى حروب أهلية.
عندما وصلنا لمشروع صفقة القرن في ولاية ترامب الأولى ودمج إسرائيل غصبًا في الإقليم عبر اتفاقات إبراهام، مع البحرين والإمارات والسودان والمغرب، كان العالم العربي قد عمق انقسام المعتدلين والممانعين محولًا إياه لمعسكر التطبيع ومعسكر المقاومة، وكانت ٨ دول عربية قد دخلت في طور التفكك الجزئي أو الكلي، وفي كل الأحوال تحولت إلى دول فاشلة.
مع ولاية ترامب الثانية زادت مساوئ مشروع صفقة القرن وذلك عبر مزجها بخطة رون ديرمر الوزير الإسرائيلي السابق.
انتقلنا بذلك إلى مشروع ترامب الجديد المعروف باسم خطة ترامب بشأن غزة، وكان انفجار الصراعات التي أشرنا إليها في صدر المقال ونشهدها الآن يوميا من المحيط إلى الخليج والجزيرة العربية مرورًا بالشرق العربي الذي يجلس على فوهة بركان مشتعل وليس خامدًا وصولًا لوادي النيل المصري والسوداني الذي بات مهددًا من جميع اتجاهاته الاستراتيجية.
لكن التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة، خاصة مع أقوام وأمم مثلنا؛ إذ تعاد الكوارث بشكل أكثر مأساوية .. جديد التاريخ ـ الذي لا تتعظ منه أبدا النخب الحاكمة في عديد من البلدان العربية ـ هو:
-تسبب النمط التدخلي والجموح الزائد لبعض الدول العربية للحصول على أدوار وظيفية من واشنطن إلى توتر مباشر في العلاقات الثنائية، حتى بين دول اعتبرت حتى وقت قريب دولًا حليفة. وليرجع القارئ في هذا لنمط الخلافات الناشبة بين حلفاء مقربين بعد التطورات الحالية في صراعات السودان واليمن ليدرك الهاوية التي ننزلق إليها.
ـ انتقال الدور الإسرائيلي في تنفيذ المشروع الأمريكي لهندسة الشرق الأوسط من السر إلى العلن بعد الاتفاقات الإبراهيمية؛ فهناك تسريبات جديدة عن تنسيق إسرائيلي مع أطراف عربية في التطورات الأخيرة في السودان واليمن، خاصة اليمن، للانتقام من الحوثيين الذين تضامنوا مع غزة، وأمطروا إسرائيل بالصواريخ، وقطعوا عليها ملاحة البحر الأحمر، وحولوا إيلات إلى ميناء مهجور.
ـ تتهيأ بذلك لمشروع ترامب ومخططات إسرائيل لتفكيك المنطقة ميزة نوعية وهي انضمام أطراف عربية تعرف نقاط ضعف شقيقاتها إلى هذا المجهود الحربي أو الجيوسياسي الخطير.
ـ ارتفاع حدة الانقسام العربي تجاه المشروع الأمريكي لترامب مقارنة بمشروعات الرؤساء الأمريكيين السابقين .. يكفي فقط أن نستعرض مواقف الدول العربية من مسألة نزع سلاح المقاومة في غزة التي تطلبها خطة ترامب لكي تجد أن الخلاف وصل إلى حد أن بعض الدول العربية تتطابق مع المطالب الإسرائيلية، وتضغط على واشنطن لعدم إبداء أي مرونة في نزع سلاح حماس أو نزع سلاح حزب الله.. و«لله الأمر من قبل ومن بعد» .
حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري