د.حماد عبدالله يكتب: ثقافة الأمة فى حوزة (أقدامها) !!
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
رغم أننا بعد ثورة 30 يونيو 2013 وخطة الدولة الإستراتيجية فى القضاء على العشوائيات إلا أن أفة العشوائيات أصابت مجتمع المحروسة ومازالت تنحر في جسد الأمة دون رحمة ودون أمل في مواجهتها أو مقاومتها ولا أقصد بعشوائياتنا في الأحياء خارج المخطط العمراني للمدن مثل " الدويقة ومنشية ناصر وبولاق الدكرور والمغربلين واليكنية وسوق السلاح والداودية " وكلها أسماء لأحياء في القاهرة عشوائية من الدرجة الأولى ولست قاصدًا منطقة المقابر التي يعيش فيها فوق الأربعة ملايين مصري ولكن العشوائيات رحلت إلى الإدارة والنظم التي ننتهجها في حياتنا من مرور ومرافق وطرق وتموين ومواصلات.
واستمرت هذه العشوائيات في النمو منذ ستينيات القرن الماضي حتى اليوم والمصيبة الأكبر ما يضر الأمة أن العشوائية إنتقلت من "القدم إلى الركبة" إلى الجسد ووصلت إلى رأس الأمة والمقصود بالرأس هنا التعليم الجامعي وما بعده في مراحل الدراسات العليا والبحث العلمي أصبحت سمة العشوائية في كل ما تتناوله رأس الأمة من بحوث علمية غير ذي قيمة أو ذي فائدة على المجتمع وترجع خطورة إنتقال هذه السمة إلى هذا الجزء من جسد الأمة إلى
المثل القائل بأن " السمكة تفسد من رأسها " والخوف كل الخوف بأن ما يتم وما نأمل فيه من إصلاح سياسي وإقتصادي يقابله إستهتار إجتماعي شديد الضراوة والشراسة وتزداد سمة العشوائية ترسيخًا في وجدان هذه الأمة، مما يجعلني استصرخ الناس والقادة والمسئولين عن ثقافة هذه الأمة بأن العشوائيات ستكون سببًا في إنهيارنا ماذا لو أغلقنا كل الأبواب المزايدة على مصالح ضيقة وخلافات حزبية، ووهم ديني متعصب أعمى في المجتمع، وواجهنا جميعًا، إدارة وشعبًا ما وصلنا إليه من هذا المرض العضال وهو "العشوائية في مصر" وما السبيل إلى الإستشفاء حتى ولو كان ذلك بتدخل جراحي، وإن استدعى الأمر استجلاب أطباء غير مصريين لإنقاذ جسد الأمة من الإنهيار إذا كنا قد فقدنا الثقة في أطباء وعقلاء هذا الوطن، وهذا من قبيل التعجب حينما نستجلب لاعبين أجانب لتقوية الفرق الرياضية المصرية ونستجلب مدربين أجانب بغية الوصول إلى كأس أمم أو كأس عالم فما بالنا ونحن نتحدث عن مستقبل وطن وعن عشوائيات في حياتنا وسلوك خاطئ في الشارع المصري ولا يوجد بارقة أمل حيث القانون في أجازة، وسيظل كذلك ما دام ثقافة الأمة في حوزة " أقدامنا " وليست في رؤوسنا !!
أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
ترامب والإعلام .. من يكتب الكلمة
لم يخفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عداءه الصريح لبعض وسائل الإعلام الأمريكية، خصوصًا تلك المعارضة لسياسته، بل اتهمها بأنها كاذبة ومضللة و«فاقدة للمصداقية»، ولا تمثل سلطة رابعة كما كانت عليه فـي السابق. تلك الأوصاف خص بها ترامب وسائل الإعلام التقليدية التي لم تتفق مع رؤيته، والتي يرى أنها تخلّت عن حيادها المهني وتحولت إلى أذرع سياسية تعمل ضده مثلما رأينا مواقفه العدائية عندما رفض إجراء مقابلة مع شبكة ABC بحجة أنهم يكذبون باستمرار وأيضا هجومه الحاد على صحيفة wall street journal والتي قال عنها بأنها خسرت كل مصداقيتها ولم تسلم شبكة CNN الإخبارية من لسان ترامب فقد وصفها بأنها «عدو للشعب».
لكن فـي المقابل، كان لترامب رأي مغاير تمامًا فـي الإعلام الجديد، وتحديدًا فـي منصات التواصل الاجتماعي، فقد امتدح مرارًا تأثير هذه المنصات، ورأى فـيها أداة للتحرر من قبضة الإعلام التقليدي، ومنصة مباشرة للوصول إلى الناس دون وسيط؛ فبالنسبة له «تويتر» (قبل أن يتحول إلى X) لم يكن مجرد تطبيق، بل منبر سياسي يبني من خلاله خطابه، ويحشد أنصاره، ويوجه رسائله. حتى عندما تعرّض للحظر، لم يندم على استخدامه، بل أطلق لاحقًا منصته الخاصة «Truth Social» فـي محاولة لبناء إمبراطورية إعلامية موازية تخرج عن سلطة التحرير والتدقيق. ثم جاء الاستحواذ على «تويتر» من قِبل الملياردير إيلون ماسك -أحد الأصوات المحافظة المقربة من فكر ترامب- ليُعيد المنصة إلى الساحة كمنبر حر يتماهى مع خطابه، بل ويعيد له حضورًا غير مباشر فـيها.
وفـي مشهد آخر، لم يُخفِ ترامب إعجابه بتطبيق «تيك توك»، رغم أنه كان قد لوّح سابقًا بحظره، لكنه أدرك لاحقًا أنه أداة فعالة للتأثير على وعي الشباب وتشكيل المزاج الشعبي بعيدًا عن قوالب الإعلام التقليدي.
هذا التباين فـي مواقف ترامب يمكن أن يثير سؤالًا عميقًا هل لا يزال الإعلام التقليدي يتمسك بقيم مهنية عالية فـي الرقابة والمحاسبة ونقل الأحداث بكثير من الحياد والموضوعية، فـي وقت يتساهل فـي تلك القيود والمعايير كثير من منصات الإعلام الحديث التي تحمل شعار «سلطة بلا قيود» وتغري الجمهور بخطاب سريع الانتشار، لا يتطلب أدلة، ولا يخضع للتحرير أو التحقق. أم أن ذلك على الجانب الآخر لا يتعدى سوى محاولة لرفع معدلات المشاهدة والاستماع والقراءة وهذا هو ديدن الإعلام ككل والأمريكي بصفة خاصة الذي يجد فـي كثير من الفضائح مادة مغرية ودسمة له.
سؤال قد يصعب الإجابة عليه بدقة، فالمشهد الإعلامي لم يعد كما كان، فقد تداخل التقليدي بالحديث، وذابت الحدود بين الصحفـي والمغرد، وبين المذيع وصانع المحتوى، وبين الخبر والرأي. ولم نعد نعرف، على وجه اليقين، أي الأجندات تخدمها هذه المنصات، وأين تقف الحقيقة وسط هذا الضجيج المتسارع. فالإعلام اليوم، بمختلف أشكاله، بات ساحة صراع معقّدة، تتقاطع فـيها المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية، وتُدار أحيانًا بذكاء يفوق قدرة الجمهور على التمييز. وهنا تكمن خطورته: ليس فـي ما يقوله، بل فـي ما يخفـيه أو يمرره بسلاسة تحت عباءة الترفـيه أو التحليل.
فـي زمن التحولات الإعلامية المتسارعة، لم يعد السؤال عن تأثير الكلمة، بل عمن يكتبها، ولمَن تُوجَّه، وكيف تُصاغ. فقد بات الكل يتسابق على وسائل الإعلام، كلٌ بطريقته الخاصة: دول تؤسس منصاتها الرسمية، ومنظمات تصنع رؤيتها الخاصة، ومؤسسات تروّج لأجنداتها، وأفراد يسعون لأن يكونوا منصات متنقلة تعبّر عن قناعاتهم، أو توجّه الرأي العام وفقًا لمصالحهم. لقد أصبح امتلاك منبر إعلامي -مهما كان حجمه- أداة لا غنى عنها، وسلاحًا فـي معركة الصوت الأعلى، والتأثير الأوسع.
ترامب، نموذجًا، لم يخرج عن هذا الإطار، بل صار أحد أبرز رموزه؛ فها هو يهاجم الإعلام التقليدي بضراوة، ويحتفـي بمنابر جديدة تتيح له تمرير رسائله، والتضييق فـي الوقت نفسه على الأصوات المناوئة له. وهنا، يبرز سؤال جوهري: من يكتب الكلمة اليوم؟ هل هو من يملك المال والجاه والنفوذ، ويستطيع التحكم بخوارزميات النشر والبث؟ أم هو ذلك المؤمن بحرية التعبير، الذي يدافع عن الرأي والرأي الآخر، حتى وإن كان صوته خافتًا وسط هذا الضجيج؟
ربما لم يعد الجواب واضحًا كما كان، فالمعادلة تغيرت، والمعايير اختلطت، لكن الثابت الوحيد أن الكلمة، رغم كل شيء، لا تزال تمتلك قدرة خارقة على الإقناع والتأثير... إذا ما كُتبت بصدق.