من أيّ طينة أنتم أيّها العراقيون ؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
بقلم: اياد السماوي ..
كيف يمكن للكلمات أن تصف ما حصل في زيارة أربعين الحسين عليه السلام لهذا العام ؟ وكيف للعقل أن يستوعب ملحمة بحجم ملحمة زيارة الأربعين ؟حيث تجاوز عدد الزائرين أكثر من إثنان وعشرون مليون زائرا من العراق ومختلف أرجاء المعمورة .. أيّ كرنفال في العالم بلغ هذا العدد المرعب ؟ وأيّ بلد في العالم قادر على استيعاب هذا العدد في بقعة بمساحة مدينة كربلاء ؟ وأيّ شعب في العالم قادر على استضافة هذا العدد من الزائرين وتقديم كل هذه الخدمات لهم من منام وأكل وخدمات صحيّة وغيرها ؟ وأيّ قوّة أمنية في العالم تستطيع أن تحمي حياة وأرواح هذا العدد من الزائرين على طول العراق ؟ هل هنالك شعب واحد في العالم يقدّم لضيوفه كلّ هذه الخدمات مجانا غير العراقيين ؟ من أيّ طينة أنتم أيها العراقيون ؟ وماذا سيكتب التاريخ عنكم ؟ .
فشكرا لكلّ من ساهم في صنع هذه الملحمة الخالدة.. شكرا لدولة رئيس الوزراء الذي تابع بنفسه أولا بأول ومنذ بداية شهر صفر مجريات الأمن والخدمات لزوار الحسين .. شكرا لوزراء الداخلية والدفاع وكافة الوزراء والقادة الأمنيين في كافة الأجهزة الأمنية ، شكرا لكل القادة في الجيش والشرطة والحشد الشعبي الذين سهروا على راحة وأمن زوار أبي عبد الله الحسين ، شكرا لكافة القنوات الفضائية التي نقلت للعالم وقائع هذه الملحمة الخالدة ، وشكرا لرجال الإعلام والصحفيين الذين غطّوا وقائع هذه الملحمة ، شكرا خاص لاتحاد القنوات الإسلامية ورئيسهم في العراق لما بذلوه من عمل دائب في الليل والنهار لإبراز هذه الملحمة الخالدة ونقلها للعالم ، شكرا لمحافظ كربلاء ومحافظ النجف وكلّ الحكومة في هاتين المحافظتين .. وأخيرا شكرا شكرا شكرا لله تعالى في اختياره كربلاء مكانا لجسد الحسين وآل بيته وأنصاره .. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين ..
أياد السماوي
في العشرين من صفر المصادف ٦ / ٩ / ٢٠٢٣
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات فی العالم هذا العدد
إقرأ أيضاً:
الانتصار الرمزي في العقل الشيعي: من كربلاء إلى طهران.. كيف تتحوّل الهزائم إلى فتوحات؟
العقل الشيعي، بنسخته السياسية الثورية كما تمثّله ولاية الفقيه في إيران، يتغذى على مفهوم "الانتصار الرمزي" بوصفه بديلا عن النصر الواقعي الميداني، وهذا ليس أمرا طارئا، بل بنية ذهنية متجذّرة، تضرب جذورها في خطاب المظلومية التاريخية، وتُعيد إنتاج الفقد والهزيمة على هيئة بطولات، وتُسبغ على الانكسار هالة من القداسة.
كربلاء: النكسة المؤسسة
في وجدان الشيعة الاثني عشرية، تُعد واقعة كربلاء سنة 61هـ (680م) لحظة التأسيس المركزي للهويّة الشيعية، فرغم أن الحسين بن علي قُتل ومعه العشرات من أهل بيته وأصحابه، وتم سحل جثثهم، وسُبيت نساؤهم، إلا أن الحدث لم يُصوّر كهزيمة عسكرية أو انهيار سياسي، بل أُعيدت صياغته على مدى قرون باعتباره "أعظم نصر أخلاقي في التاريخ".
هذا الفهم يظهر جليا في قول المرجع الشيعي محمد مهدي شمس الدين:
"الحسين لم يُقتل، بل انتصر على يزيد.. كربلاء كانت لحظة انتصار على الظلم، حتى وإن بدا فيها الحسين مهزومًا في الظاهر"
(من كتاب الثورة الحسينية في الوجدان الشيعي).
ويؤكد المرجع الشيعي مرتضى مطهري في كتابه الملحمة الحسينية:
"الناس يرون أن الحسين خسر المعركة، لكن الثورة لا تقاس بالنتائج العسكرية، بل بالأثر الروحي والبُعد الرمزي".
وبدلا من مساءلة خيارات الحسين السياسية أو حساب نتائجها الواقعية، حولت المدرسة الشيعية الحدث إلى ملحمة فداء أبدية، تجعل من القتل انتصارا، ومن العجز مشروع مقاومة لا ينتهي.
الهزائم الحديثة: نسخة مكررة من كربلاء
ما نشهده اليوم من احتفالات إيران ومن يدور في فلكها بعد كل هزيمة أو ضربة عسكرية قاصمة، ليس سوى نسخة محدثة من ذلك النمط الكربلائي، فعندما استهدفت إسرائيل القيادات الإيرانية في سوريا، أو قصفت المنشآت النووية في نطنز وأصفهان، أعلنت طهران أن "العدو فشل في كسر الإرادة"، واعتبرت الصمت عن الرد تكتيكا استراتيجيا!
وعند اغتيال قاسم سليماني، قال المرشد الإيراني علي خامنئي: "استشهاد سليماني نصر عظيم، فقد وحّد الأمة، وجعل من دمه شعلة لن تنطفئ" (خطاب 3 يناير 2020)، بينما الحقيقة هي أن الرجل قُتل في عملية دقيقة بلا أي رد نوعي بعدها.
الإنكار كآلية دفاع
ما يُغذي هذا السلوك ليس فقط الخطاب الديني، بل أيضا آلية نفسية يطلق عليها "الإنكار الجمعي"، بحسب علم النفس السياسي، فالنظام الإيراني، وأذنابه العقائدية، عاجز عن الاعتراف بالفشل، لأن الاعتراف يعني سقوط أسس شرعيته التي تقوم على ولاية منصوصة من الله، وعلى مشروع إلهي لا يُهزم.
في كتاب ولاية الفقيه للخميني، نقرأ: "الفقيه لا يخطئ لأنه ينوب عن المعصوم، فإذا أخطأ الناس، فهو لا يخطئ، لأن الله يؤيده"، وبالتالي، يصبح من غير الممكن الاعتراف بالهزيمة، لأنها تتناقض مع العصمة السياسية المفترضة.
شعارات بلا مضمون.. ومقاومة بلا نتائج
كم من نصر إلهي احتفل به إعلام طهران، وما الذي تغيّر على الأرض؟
الجواب الصادم: كل تلك الانتصارات مجرد شعارات فارغة، فمن لبنان إلى اليمن، ومن العراق إلى سوريا، تتكاثر الهزائم المدمّرة، وتزيد أعداد القتلى ويقبر المشروع الإيراني فتحفل المراجع بالإذلال.
يقول المرجع الشيعي محمد صادق الصدر في إحدى خطبه: "نحن لا ننتصر بالسلاح، بل بمظلوميتنا وهذا سرّنا" (خطب الجمعة، 1998).
وهنا يتضح جذر المفارقة: الهزيمة في الفكر الشيعي ليست شيئا يجب الحذر منه، بل تُستثمر طقوسيا وتُقدّس شعائريا وتُنتج كرمزية متعالية على الواقع.
خلاصة القول:
الانتصار في العقل الشيعي ليس ما تحققه في الواقع، بل ما تتخيله وتُقنع به جمهورك، والدماء وقود للدعاية، والشعارات تُقدَّس أكثر من الإنجازات، والهزائم تُحتفى بها كأنها انتصارات، فقط لأن مشهد كربلاء يتكرر، خسرنا كل شيء، لكننا انتصرنا في الرواية!
لكن في عالم السياسة والجغرافيا والاقتصاد، الروايات لا تُقيم دولا، ولا تُحرر شعوبا، ولا تُوقف القنابل، ولا تُصلح الاقتصاد، ووحده النصر الحقيقي هو ما يصنع الفارق.
*صفحة الكاتب على منصة إكس