تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا إذا وافق يوم الجمعة؟


وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إذا وافق يوم عاشوراء يوم جمعة، فصيامه مشروع بلا كراهة؛ لأن نيَّة الصائم صوم عاشوراء لا الجمعة، ولأن النهي عن صوم يوم الجمعة مخصوصٌ بما لم تكن للإنسان عادة كمن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، أو وافق صومًا واجبًا أو مندوبًا.


حكم صيام يوم عاشوراء وبيان فضله
وأوضحت أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وصيامه سنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب السَّنَة التي قبله؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري.

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم عاشوراء". أخرجه مسلم في "صحيحه".

وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» أخرجه مسلم.

المسيح الدجال.. تعرف على صفاته وكيف تعصم نفسك من فتنتهفي غرة محرم .. الأزهر يوضح فضل هذا الشهر العظيملماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم .. فضل الصيام فيهقصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر

حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام
أما عن صوم يوم الجمعة منفردًا فإنه مكروهٌ عند جمهور الفقهاء من الحنفية -في معتمد المذهب- والشافعية والحنابلة، إلا لمن يتخذ ذلك عادةً له؛ كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو إذا وافق يوم الجمعة صوم نافلة كيوم عاشوراء، وغير ذلك من صوم النافلة.

قال الإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 237، ط. المكتبة العصرية): [(وكره إفراد يوم الجمعة) بالصوم.. (إلا أن يوافق "ذلك اليوم" عادته)؛ لفوات علة الكراهة بصوم معتاده] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 164، ط. دار الفكر) في خصوص كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم: [(قوله ويكره إفراده بالصوم) هو المعتمد وقد أمر به أولًا ثم نهى عنه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 437، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم؛ فإن وصله بصوم قبله أو بعده، أو وافق عادة له بأن نذر صوم يوم شفاء مريضه، أو قدوم زيد أبدًا فوافق الجمعة لم يُكره] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 170، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه، مثل مَن يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك] اهـ.

مذهب المالكية في هذه المسألة
ذهب المالكية إلى القول بجواز إفراد يوم الجمعة بالصيام.

قال العلامة ابن عرفة المالكي في "المختصر الفقهي" (2/ 97، ط. مؤسسة خلف الحبتور): [وأجاز مالك صوم الجمعة منفردًا] اهـ.

توجيه العلماء النهي الوارد عن إفراد يوم الجمعة بالصيام
أما ما ذكره الفقهاء من كراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ فذلك لِما ورد في السنة النبوية المطهرة من النهي عن ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» متفقٌ عليه.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سُئل: عن نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الجمعة؛ فقال: «نَعَم». متفق عليه.

وقد فهم شراح الأحاديث أن النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام الوارد في هذين الحديثين، وغيرهما من الأحاديث لا يشمل من كانت له عادة كمن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ولا من يصوم يوم عاشوراء، وما شابهه من صيام النوافل.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 19، ط. دار إحياء التراث): [وفي هذه الأحاديث: الدلالة الظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم: أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق عادة له، فإن وَصَله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدًا فوافق يوم الجمعة لم يكره] اهـ.

وفي ذلك دلالة على جواز إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عاشوراء، وأنه غير داخل في الكراهة إذا كان له عادة في ذلك.

قال العلامة أبو جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/ 80، ط. عالم الكتب): [وقد «أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صوم عاشوراء وحض عليه»، ولم يقل: إن كان يوم السبت فلا تصوموه؛ ففي ذلك دليل على دخول كلِّ الأيام فيه] اهـ.

وقال الإمام البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يكره تعمد (إفراد يوم السبت) بصومٍ.. (إلا أن يوافق) يوم الجمعة أو السبت (عادة)، كأن وافق يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، وكان عادته صومهما فلا كراهة؛ لأن العادة لها تأثير في ذلك] اهـ.

وأكدت بناء على ذلك إنه لو وافق يوم عاشوراء يوم جمعة، فصيامه مشروع بلا كراهة؛ لأن نيَّة الصائم صوم عاشوراء لا الجمعة، ولأن النهي عن صوم يوم الجمعة مخصوصٌ بما لم تكن للإنسان عادة أو وافق صومًا واجبًا أو مندوبًا.

طباعة شارك حكم صيام يوم عاشوراء يوم عاشوراء صيام يوم عاشوراء حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام يوم الجمعة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم صيام يوم عاشوراء يوم عاشوراء صيام يوم عاشوراء حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام يوم الجمعة النبی صلى الله علیه وآله وسلم إفراد یوم الجمعة بالصیام إفراد یوم الجمعة بالصوم حکم صیام یوم عاشوراء وافق یوم الجمعة إذا وافق یوم صوم عاشوراء ن یصوم یوم ا من یصوم یوم قال الإمام رضی الله اهـ وقال النهی عن ى الله ع ی الله ع منفرد ا أو وافق فی ذلک

إقرأ أيضاً:

هل التهنئة برأس السنة الهجرية بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب

أكدت دار الإفتاء المصرية أن تهنئة المسلمين بعضهم بقدوم العام الهجري الجديد أمر مستحب شرعًا ولا يصح وصفه بالبدعة، مشيرة إلى أن التهاني لا تقتصر فقط على الأعياد الشرعية، بل تكون مشروعة عند تجدد النعم واندفاع النقم، كما هو الحال مع بداية عام جديد يُعد نعمة في حد ذاته.

وردًا على سؤال ورد إلى الدار بشأن حكم التهنئة بالعام الهجري، قالت إن وصف بعض الناس لهذه التهنئة بأنها بدعة غير دقيق، لأن التهاني تُعتبر من مظاهر الفرح والسرور المشروعين، كما أن بداية العام تتكرر سنويًا، فهي تُعد "عيدًا" بالمعنى اللغوي، حيث يُطلق أهل اللغة على كل ما يعود بـ"العيد"، وهو ما أكده الإمام الأزهري في كتابه "تهذيب اللغة"، حيث أشار إلى أن العيد مشتق من العَوْد أو العادة، لما فيه من تكرار وارتباط بالفرح أو الحزن.

هل يجوز صيام شهر المحرَّم كاملًا؟.. دار الإفتاء تجيبرأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع غدا هلال المحرم لعام 1447هل تصح صلاة المرأة إذا انكشفت قدماها؟ دار الإفتاء توضحهل أقضي الصلاة الجهرية سرا ؟.. الإفتاء توضح أسهل طريقة لقضاء الفوائت

كما أوضحت الفتوى أن عددًا من علماء الفقه أكدوا مشروعية التهنئة بالأعوام والشهور، ومنهم الإمام زكريا الأنصاري الذي نقل عن الحافظ المنذري جواز التهنئة دون أن تكون سنة أو بدعة. كذلك، ذكر ابن حجر الهيتمي أنها تُستحب، واعتبرها القليوبي من الأمور المندوبة.

وخَلُصت دار الإفتاء إلى أن التهنئة بالعام الهجري تُعد سلوكًا محمودًا لما تحمله من إحياء لذكرى الهجرة النبوية وما فيها من معانٍ روحية وتاريخية عظيمة، فضلًا عن كونها مناسبة يتجدد فيها عمر الإنسان ونعم الله عليه، وهو ما يستوجب الشكر والتهنئة.

طباعة شارك الإفتاء التهنئة برأس السنة رأس السنة الهجرية دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • حكم صيام الجمعة الأولى من شهر محرم منفردة .. دار الإفتاء تجيب
  • يوم عاشوراء .. دار الإفتاء تكشف عن سنة نبوية ثابتة ومجمع عليها بين الفقهاء
  • حكم التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء تجيب
  • حكم الصيام في شهر المحرم .. الإفتاء تحسم الجدل الدائر
  • حكم صيام أول محرم وهل هو بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • متى يوم عاشوراء 2025؟.. «الإفتاء» توضح فضله وموعد صيامه
  • هل التهنئة برأس السنة الهجرية بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز صيام شهر المحرَّم كاملًا؟.. دار الإفتاء تجيب
  • موعد صيام يوم عاشوراء 2025.. متى يصادف العاشر من محرم؟