عربي21:
2025-08-12@14:07:28 GMT

هل نجحت إسرائيل في صياغة الشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT

سؤالان كبيران فجرهما وقف الحرب بين تل أبيب وطهران: من انتصر في الحرب، وهل حققت تل أبيب هدفها بإعادة صياغة الشرق الأوسط؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطاب «النصر» عدد إنجازات الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب(تقويض البرنامج النووي، والقضاء على القدرات الصاروخية وتصفية قيادات الحرس الثوري وعلماء الذرة المشرفين على المشروع النووي) بينما نفت طهران وقوع أضرار مؤثرة على برنامجها النووي، وأكدت نقلها كمية اليورانيوم العالية التخصيب (400 كليو غرام) إلى منطقة آمنة غير معلنة، وأنها ستستأنف برنامجها النووي، ولن ترضخ للضغوط الأمريكية، وأنها لم تستعمل كل قدراتها الصاروخية، ولم تخرج أنواعا أخرى من الصواريخ الفرط الصوتية المتقدمة التي تمتلك طاقة تدميرية كبيرة، وأن تل أبيب انهزمت لأنها دعت عبر واشنطن إلى وقف إطلاق النار من جهة واحدة.



واشنطن نسجت لغة مثيرة للتساؤل، تجمع بين الانتشاء وتمجيد دورها في تدمير البرنامج النووي، وفي الآن ذاته، الحديث عن التعايش مع النظام القائم، والدعوة للتفاوض معه لتأمين سلام دائم في الشرق الأوسط، بينما أكد معارضو الرئيس الأمريكي من الديمقراطيين، وحتى من الجمهوريين استنادا إلى تقرير استخباراتي مسرب، رواية طهران، واعتبروا أن الضربة الأمريكية للمواقع النووية لم تكن لها ضرورة، وأنها كانت مجرد إرضاء شكلي لتل أبيب حتى يخفف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ضغط اللوبي الصهيوني عليه، ويعود مجددا لشعاره: « أمريكا أولا».

في الواقع، وبعيدا عن الاعتبارات العاطفية والإيديولوجية، يتطلب تقييم هذه الحرب استحضار الأهداف المعلنة، والواقع الميداني، أي خسائر الحرب في الجانبين معا، ثم مستقبل الشرق الأوسط بعد الحرب، وتموقع كل طرف فيها.

على مستوى الأهداف، خاضت تل أبيب حربها ضد طهران لتدمير البرنامج النووي، وبرنامجها الصاروخي، وللقضاء على النظام الإيراني، بينما رفعت طهران هدف إفشال مخطط تل أبيب، واستنزافها عسكريا حتى تندم على قرارها شن الحرب عليها.

لحد الآن، وبناء على تضارب الروايات، لا تملك أي جهة تقييما دقيقا لآثار الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، بما يجعل تقييم أهداف تل أبيب وطهران بهذا الشأن أمرا صعبا.

المعطى الثاني، المتعلق بالبرنامج، أي العلماء النوويون الذين اغتالتهم إسرائيل، يمثل في الواقع خسارة كبيرة لطهران، لكنها لا تعني إعدام المعرفة النووية لاستئناف البرنامج النووي. إيران تقول إن هؤلاء العلماء، ورثوا المعرفة لجيل كامل من الشباب في الجامعات الإيرانية، بما يعوض خسارة فقدانهم، وقد اتخذت بعد وقف الحرب، قرارا بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفضت الخضوع للضغط بخصوص وقف التخصيب وهي إلى الآن غير مقيدة بشرط الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول هذا البرنامج. ولذلك، يميل التقييم للاعتقاد بأن المشروع الإيراني، لم يُدمر، وأن هناك إمكانية لاستئنافه، لكن ذلك يحتاج لجهد وزمن إضافي، مما يعني في المحصلة تعطيله لبضعة شهور، وهو ما يشكل كسبا تكتيكيا لإسرائيل. ما يؤكد عدم يقين رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحقق هدف تدمير البرنامج النووي أنه قال في خطاب «النصر»: «إذا عادت إيران لاستئناف برنامجها النووي، فستقوم تل أبيب بتدميره».

أما الهدف المتعلق بتدمير البرنامج الصاروخي الإيراني، فالظاهر أن تل ابيب فشلت في ذلك، بدليل أن منظوماتها المتطورة للدفاع الجوي، لم تستطع اعتراض الصواريخ الفرط الصوتية الإيرانية، وأنه رغم الرقابة الشديدة التي فرضها الجيش على وسائل الإعلام لمنعها من نشر المواقع التي استهدفتها هذه الصواريخ، فإن المعطيات القليلة التي نشرت تفيد بأن الضربات الصاروخية الإيرانية، أصابت بدقة الأهداف الاستراتيجية التي وجهت لها.

وأما الهدف الثالث، المتعلق بإسقاط النظام، فقد رفعته تل أبيب مع النشوة بإنجازها الكبير في اليوم الأول من الهجوم، وأنها سرعان ما انتبهت لصعوبة تحقيق هذا الهدف، بعدما التفت مختلف النخب الإيرانية، بما في ذلك المعارضة، في مظاهرات كبيرة بطهران، حول النظام لصد العدوان الإسرائيلي والأمريكي. فأدركت واشنطن، أن هناك خطورة كبيرة من الرهان على استهداف رأس النظام (مرشد الثورة) معتبرة أن إسقاط النظام سيؤدي إلى الفوضى، مما جعل تل أبيب تعدل أهدافها، وتكتفي بما عسكري منها.
الاستراتيجية الإيرانية، بنيت على منطق الدفاع، وعلى التناسب،
في المستوى الثاني، سيكون من الصعب الخروج بتقييم موضوعي دقيق حول خسائر الحرب بين الطرفين، لأن هذه المهمة تتطلب تحديد الأهداف التي تم ضربها، وتقييم أثرها على الاقتصادين الإسرائيلي والإيراني، والحصول على معلومات دقيقة تتعلق بكلفة الحرب على كل طرف.

الاستراتيجية الإيرانية، بنيت على منطق الدفاع، وعلى التناسب، أي الدفاع بأسلوب ضربة في مقابل أخرى، وهدف استراتيجي مقابل هدف آخر من نفس المستوى ونفس الأثر.

ولذلك، رتبت تكتيكاتها الحربية وفقا لمبدأ الصبر الاستراتيجي، مستثمرة في ذلك واقع الإنهاك الذي يعرفه الجيش الإسرائيلي من جهة، والمواطنون الإسرائيليون من جهة أخرى، من جراء خوضهم لحروب في عدة جبهات لمدة ثلاثين شهرا، وهو ما نجحت فيه طهران بإقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، فقد أكد في أكثر من تصريح بأن إسرائيل كانت منهكة وأنه نجح في إنقاذها. أما الاستراتيجية الإسرائيلية، فقد بنيت على الأهداف الثلاثة السابقة، فتفاجأت من الهجمات الإيرانية، وسعة تدميرها ودقة استهدافها، فعدلت لغتها تجاه تغيير النظام، وصارت تقول بأن هذا الهدف يمكن أن يكون نتيجة للحرب، وأن على الشعب الإيراني أن يستكمل المهمة.

في الواقع لا أحد من الطرفين نجح نجاحا كليا في تحقيق أهدافه، فإذا كانت تل أبيب قد نجحت في التعطيل الجزئي للبرنامج النووي والقضاء على جزء مهم من القيادة العسكرية والعلمية، فإن كبرياءها العسكري تعرض لنكسة كبيرة، من جراء عدم القدرة على حماية جوها من الصواريخ الإيرانية الشديدة التدمير.

في الجواب عن السؤال المرتبط بأثر الحرب على الشرق الأوسط، واقع الأمر يؤكد بأن طهران فقدت استراتيجيا ما تسميه إسرائيل بـ«ممرها الحيوي الأول»، أي من طهران إلى بيروت عبر سوريا بعد إسقاط الرئيس السوري السابق بشار الأسد وإضعاف حزب الله، وإجبار لبنان على توقيع اتفاق يقطع الطريق أمام عدة حزب الله للعودة إلى أدواره السابقة في منطقة الجنوب.

تمثل نجاح إيران في هذه المعركة في ممارسة الردع واستراتيجية الإنهاك لوقف الحرب، وفي ضمان بقاء نظامها، في حين، فقدت جزءا كبيرا من فعالية محاورها باستثناء محور اليمن.

هجومها على قاعدة «العديد» بقطر وما ترتب عنها من مواقف عربية وخليجية منددة، بدد جهدا دبلوماسيا واستراتيجيا كبيرا بذلته طهران في السنوات الأخيرة لإصلاح وتقوية علاقتها بالدول العربية والخليجية، لكن هذه الضربة، أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، أي إلى لحظة تعاظم فيها الشعور العربي والخليجي بالتهديد الإيراني الجدي عليها.

تل أبيب بشرت بإعادة صياغة الشرق الأوسط، بشكل تقضي فيه على محور الشر، وتقود محور السلام، بما يعني تطبيعا شاملا مع دول المنطقة التي لم تلتحق بالاتفاقات الإبراهيمية، لكن الواقع، يؤكد بأن هذه الرؤية لا تزال بعيدة، فحروبها المتتالية على لبنان، سوريا، واليمن، والعراق، وإيران، وقبل ذلك الإبادة التي مارستها على غزة، ساهم في خلق مخاوف عربية كبيرة من مخططات التهجير التي تستهدف مصر والأردن، هذا فضلا عن نظرة تل أبيب لما يحدث في سوريا.

على مستوى غزة، يبدو أن الضغط الأمريكي لإنهاء الحرب، واستعمال الرئيس الأمريكي لجدل الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي الآن ذاته دعمه للخروج بسلام من المحاكمة، فضلا عن حاجة نتنياهو إلى عدم تبديد ما يدعي تحقيقه من أهداف في إيران، يبدو أن كل ذلك يدفع لإنهاء هذا الملف بدون تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي إسرائيلي بغزة سوى ما كان من التدمير والإبادة.

في المحصلة، تتجه منطقة الشرق الأوسط إلى لحظة استقرار مؤقت، تسوده معادلة توازن جديدة، تلعب فيها إيران التي تم إضعاف محاورها الإقليمية، دورا في إحداث التوازن ضد طموحات تركيا في المنطقة، وتجعل الدول العربية، وبالأخص الخليجية، أشد ارتباطا بالحليف الأمريكي، الذي يضمن لها الحماية دائما من عدو محتمل.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الحرب الشرق الأوسط الإيراني المنشآت النووية إيران الشرق الأوسط الاحتلال الحرب المنشآت النووية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البرنامج النووی الرئیس الأمریکی الشرق الأوسط تل أبیب

إقرأ أيضاً:

الإمارات تتصدر قائمة فوربس لأقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة لعام 2025

الإمارات تتصدر قائمة فوربس لأقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة لعام 2025
دبي (الاتحاد)
 تصدرت دولة الإمارات قائمة فوربس الشرق الأوسط، لأقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة خلال العام 2025، وذلك بوجود 15 شخصية قيادية إماراتية ضمن القائمة التي تصدرها للعام الرابع على التوالي سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، كما هيمنت الإمارات على التصنيف بـ49 قائداً مقيماً فيها.

أخبار ذات صلة 1.3 مليار جنيه أرباح بلتون القابضة خلال النصف الأول من 2025 مبابي.. رجل كل الأوقات في ريال مدريد!

وقالت فوربس الشرق الأوسط إن الكشف عن القائمة يأتي في وقت يشهد فيه قطاع السياحة والسفر في الشرق الأوسط ترسيخ مكانته بين الوجهات العالمية الأكثر ديناميكية، مدفوعاً باستثمارات قياسية ورؤى حكومية طموحة. وفي هذا الإطار، جاءت قائمة أقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة لعام 2025 لتجسّد هذا الزخم، مسلّطة الضوء على 101 شخصية قيادية تدير أبرز المشاريع في مجالات الضيافة، والوجهات السياحية، وسلاسل الفنادق، والمطارات، وشركات الطيران، وخدمات السفر، والمبادرات السياحية المبتكرة. وأعدّت فوربس الشرق الأوسط التصنيف، بعد تقييم قادة القطاعين العام والخاص استناداً إلى حجم أعمال شركاتهم، بما يشمل الإيرادات، وقيم الأصول، وعدد الفنادق والغرف، وأعداد الزوار. كما اعتمد التقييم على مدى خبراتهم المهنية، وإنجازاتهم، وتأثيرهم العام على المشهد السياحي في المنطقة. ويشمل التصنيف القادة المقيمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتصدر سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، التصنيف للعام الرابع على التوالي. وارتفعت إيرادات المجموعة 6% خلال العام المالي 2024/ 2025، لتبلغ 39.6 مليار دولار، بينما بلغت قيمة أصولها 49.7 مليار دولار. وحلّ في المركز الثاني فهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة، يليه في المركز الثالث بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية. ويمثل القادة المُصنفون ضمن قائمة العام 10 دول من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما تتصدر الإمارات التصنيف ب49 قائدًا مقيمًا على أرضها، تليها السعودية بـ24، ثم مصر بـ7، وسلطنة عُمان بـ5. كذلك ظهرت الأردن والمغرب عبر 4 مشاركات لكل منهما، ثم قطر والبحرين بـ3 مشاركات لكل منهما، والكويت وتونس بمشاركة واحدة فقط لكل منهما، عبر الخطوط الجوية الكويتية، والديوان الوطني التونسي للسياحة. أما على صعيد الجنسيات، فيبرز 15 إماراتياً، و14 سعودياً، و9 بريطانيين، لتشكّل 3 جنسيات النسبة الأكبر من القائمة. فيما يسهم قادة السياحة في مختلف أنحاء المنطقة، في تدشين مرحلة جديدة من الإنجازات التاريخية. ففي يونيو 2025، قاد بندر المهنا، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لطيران ناس، الشركة نحو إنجاز غير مسبوق، بطرح عام أولي في السوق الرئيسية لتداول السعودية، بلغت قيمته 1.1 مليار دولار، لتصبح بذلك أول شركة طيران مدرجة في تداول السعودية. وفي أبريل 2024، أطلق فرناندو إروا، الرئيس التنفيذي لشركة دبي القابضة للترفيه «ريال مدريد ورلد» وهو أول منتزه ترفيهي في العالم باسم نادي ريال مدريد. أما في مايو 2025، فكشف محمد عبدالله الزعابي، الرئيس التنفيذي لمجموعة ميرال، عن تطوير عالم ومنتجع ديزني الترفيهي في جزيرة ياس بأبوظبي، ليعد الأول من نوعه في المنطقة والسابع عالمياً. وفي المغرب، أشرفت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على إنشاء أول بنك للمشاريع السياحية في المغرب يضم أكثر من 200 مشروع جاهز للاستثمار.

مقالات مشابهة

  • وفق تصنيف فوربس لقادة السياحة والسفر.. 3 شخصيات من قطر ضمن الأقوى بالشرق الأوسط
  • حسام الشاعر ضمن قائمة فوربس 2025 لأقوى قادة السياحة في الشرق الأوسط
  • القبة الحرارية تسبب موجة حر قياسية في الشرق الأوسط
  • 2.4 مليار دولار عائدات 14 اكتتاباً عاماً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الربع الثاني من عام 2025
  • الإمارات تتصدر قائمة فوربس لأقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة لعام 2025
  • أكدت أن النووي «حق أصيل».. إيران: التفاوض مع واشنطن ليس تراجعاً
  • تقرير عبري يتحدث عن تهديد أردوغان لـحلم تل أبيب في الشرق الأوسط
  • من سايكس-بيكو إلى ترامب-نتنياهو: تقسيم المقسّم في مشروع الشرق الأوسط الجديد
  • تروكولر تتجاوز 100 مليون مستخدم نشط شهريا في الشرق الأوسط وأفريقيا
  • مسار الرياض -جدة يتصدر أزحم المسارات الجوية في الشرق الأوسط..فيديو