د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة تتغير: كيف تصنع سلاسل القيمة مستقبل مصر الغذائي
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
في عالمٍ تتزايد فيه التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي والضغوط الاقتصادية، لم تعد الزراعة مجرّد نشاط تقليدي، بل غدت محورًا استراتيجيًا للنمو والتنمية المستدامة، خاصة في دول مثل مصر التي تجمع بين الموارد الطبيعية والطاقات البشرية. غير أن الزراعة في مصر، ورغم عراقتها، لا تزال رهينة أنماط إنتاجية تقليدية لا تواكب متغيرات العصر ولا تستغل كامل القيمة الكامنة في كل حبة قمح أو ثمرة طماطم.
سلاسل القيمة الزراعية تعني ببساطة أن ننظر إلى كل خطوة في الرحلة التي يقطعها المنتج الزراعي — من البذرة إلى المائدة — باعتبارها فرصة لتعظيم القيمة الاقتصادية والاجتماعية. حين يُزرع المحصول بكفاءة، ويُجمع في الوقت المناسب، ويُنقل ويُخزن ويُعالج ويُسوّق بطرق ذكية، فإننا لا نحصل فقط على طعام أكثر، بل على اقتصاد أقوى، ومزارع أغنى، ومستقبل أكثر أمنًا. وفي السياق المصري، هذه الرؤية ليست رفاهية، بل ضرورة.
رغم وفرة الموارد الزراعية وتنوع المحاصيل في مصر، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الإمكانيات المتاحة والنتائج المحققة فعليًا. كثير من المحاصيل، خصوصًا سريعة التلف، تُفقد في الطريق بسبب ضعف شبكات النقل والتبريد. الفلاحون غالبًا ما يبيعون منتجاتهم بسعر لا يعكس جهدهم، في ظل غياب أسواق منظمة أو عقود عادلة. على الجانب الآخر، تفتقر العديد من المناطق إلى مصانع صغيرة لتحويل المنتجات الزراعية إلى سلع جاهزة أو شبه جاهزة، مما يُهدر فرصًا هائلة للقيمة المضافة.
ومن واقع هذا التحدي، فإن تطوير سلاسل القيمة الزراعية يتطلب نهجًا متكاملاً. لا يكفي تحسين الإنتاج فقط، بل يجب أن يترافق ذلك مع تحديث البنية التحتية من طرق ومراكز تبريد، وإنشاء شبكات تسويق ذكية تضمن استقرار الأسعار وربط المنتج بالمستهلك مباشرة. كذلك، لا بد من إدماج التكنولوجيا الحديثة في الزراعة — من الزراعة الدقيقة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالإنتاج والمخاطر. ولا يقل أهمية عن ذلك تمكين التعاونيات الزراعية، التي تمثل حلاً فعالًا لدمج صغار المزارعين في سلسلة القيمة.
من وجهة نظري الشخصية، أرى أن الحل يبدأ من إرادة سياسية واضحة تتبنى مشروعًا وطنيًا لسلاسل القيمة الزراعية، يدمج بين وزارات الزراعة، التجارة، والنقل، ويمنح القطاع الخاص والمجتمع المدني دورًا قياديًا. كذلك أقترح البدء في مشروع تجريبي نموذجي في إحدى المحافظات، يشمل الزراعة والتجهيز والتسويق، كنموذج يحتذى به. الاستثمار في المعرفة لا يقل أهمية، فالتدريب المستمر للفلاحين على طرق الزراعة الحديثة والتخزين والتسويق أمر لا يمكن تأجيله.
ما سيحدث بعد ذلك ليس فقط تحسنًا في كمية الإنتاج، بل في نوعيته وجدواه الاقتصادية. فعندما نُحسن استخدام كل جزء من سلسلة القيمة، نقلل من الفاقد، ونخلق فرص عمل جديدة، ونعزز قدرتنا على التصدير، بل ونبني نموذجًا زراعيًا قادرًا على الصمود في وجه التغيرات المناخية والاقتصادية. وهذا ما يجعل تطوير سلاسل القيمة الزراعية أحد أهم مفاتيح المستقبل لمصر، ليس فقط كبلد زراعي، بل كقوة غذائية واقتصادية في المنطقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الزراعة الموارد الطبيعية سلاسل القيمة الزراعية سلاسل القیمة الزراعیة
إقرأ أيضاً:
بدء فعاليات معرض "أجرو أليكس 2025" لعرض أحدث التقنيات الزراعية في مصر
شهدت منطقة برج العرب بالإسكندرية، اليوم الأحد، انطلاق فعاليات اليوم الأول من معرض الإسكندرية الزراعي الدولي "أجرو أليكس 2025"، والذي يستمر حتى 14 أكتوبر، تحت رعاية وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور علاء فاروق، وأحمد خالد محافظ الإسكندرية.
الجمعيات المركزية والتسويقيةوحضر الافتتاح الدكتور علاء محمد حلاوة، وكيل وزارة الزراعة بالإسكندرية، يرافقه وفد من المديرية، وبصحبته الدكتور مجدي ملوك، وكيل الوزارة الأسبق، وعدد كبير من أساتذة الجامعات والمراكز والمعاهد البحثية، ورؤساء مجالس إدارة الشركات والمصانع والمشاتل، والمستثمرين والخبراء والمزارعين، والجمعيات المركزية والتسويقية من مختلف المحافظات.
واستعرضت فعاليات المعرض أحدث التقنيات والابتكارات في مختلف القطاعات الزراعية، بهدف مواجهة التحديات التي تواجه الزراعة بطرق مبتكرة وبأيادٍ مصرية، تحقيقًا للأمن الغذائي في الجمهورية الجديدة.
ويُعد معرض "أجرو أليكس" منصة متميزة للتعرف على أحدث المستلزمات الزراعية والتقنيات الحديثة في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني والداجني، والأعلاف والأدوية البيطرية، والمعدات والآلات الزراعية، والصوبات.
كما يشارك في المعرض وكلاء وموزعون زراعيون، ومزارعون، ومديرو مزارع، ورجال أعمال ومستثمرون، وخبراء من وزارة الزراعة، وتجار الجملة والتجزئة، إلى جانب ممثلين عن البنوك الاستثمارية.
ووجهت مديرية الزراعة بالإسكندرية الشكر لإدارة المعرض وجميع المشاركين على ما بذلوه من جهود لإنجاح هذا الحدث الزراعي الكبير.