لجريدة عمان:
2025-12-13@22:32:53 GMT

إرادة الشعوب... ومأزق فرنسا في النيجر !!

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

بالرغم من مرور نحو سبعة أسابيع على الانقلاب الذي حدث في النيجر ضد الرئيس محمد بازوم في 26 يوليو الماضي ومطالبة المجلس العسكري الحاكم في نيامي للقوات الفرنسية الموجودة في النيجر بالرحيل، إلا أن الخلافات لا تزال قائمة بينهما حول الانسحاب.

وإذا كانت خبرة الاستعمار الغربي منذ منتصف القرن الماضي على الأقل وفي العديد من الدول الإفريقية وغيرها قد شهدت عادة نوعا من الممانعة الغربية بوجه عام والفرنسية بوجه خاص في الانسحاب ومحاولة البقاء لأطول فترة ممكنة للاستمرار في استغلال الدول الإفريقية، حتى لو اقتضى الأمر الادعاء بأن بعض الدول الإفريقية هي جزء من الأراضي الفرنسية، كما حدث بالنسبة للجزائر قبل عام 1962، إلا أنها قد أخذت تتطلع إلى نيل حريتها وامتلاك ناصية قرارها الوطني والتحرر من السيطرة على موارد تلك الدول تحت زعم المساعدة في مكافحة المنظمات الإرهابية، التي تعايشت أو تتعايش في الواقع مع وجود تلك القوى الغربية، بل وتقسيم مناطق الوجود في غرب ووسط إفريقيا لتقليل الاحتكاكات فيما بينها بقدر الإمكان وليستمر وجود القوات الغربية لأطول فترة ممكنة، بغض النظر عن مصالح الدول والشعوب المتضررة، والواقع هو أن القوى الاستعمارية طورت من أدواتها وأساليب عملها لتواصل وجودها واستغلالها للدول التي لا تزال متواجدة فيها وحلت الأساليب التجارية والتعاون الأمني والارتباط مع شركات واحتكارات كبيرة وحتى تعاون تكنولوجي ولو محدود كغطاء لاستمرار العلاقات مع القوى الاستعمارية السابقة مع إضفاء صفات تنظيمية جذابة كالفرانكفونية المرتبطة مع فرنسا والأنجلوفونية المرتبطة مع بريطانيا والصيغ الثنائية بين إفريقيا وقوى إقليمية ودولية عديدة ليست كلها ذات أطماع استعمارية بالطبع وإن كانت كل منها تسعى إلى خدمة المصالح الخاصة بها والأمثلة في هذا المجال عديدة مع روسيا والصين وغيرهما.

وفي هذا الإطار فإنه قد اختلطت وتختلط الكثير من الأوراق وهو ما يتطلب الوقوف أمام بعض الجوانب لعل من أهمها، أولا، أنه في ظل الخبرة السياسية والقانونية الفرنسية، والانتصار الفرنسي الشعبي لمبادئ الثورة الفرنسية وفي مقدمتها الإرادة الشعبية أو إرادة الجماهير، باعتبارها صاحبة السلطة في النهاية، فإنه كان مثيرا للدهشة إلى حد كبير أن تنكر باريس إرادة المواطنين النيجريين وحقهم في إدارة شؤون حياتهم على النحو الذي يرونه ملائما لمصالحهم وذلك من خلال الأسلوب الذي يختارونه. غير أن المشكلة التي ثارت تمثلت في أن النظام الحاكم في النيجر برئاسة الرئيس محمد بازوم قد جاء عبر انتخابات جرت عام 2021 وفتحت المجال أمام إمكانية انتقال سلمي للسلطة في النيجر، ومعروف أن الرئيس بازوم المحتجز منذ الانقلاب ينتمي إلى الأقلية العربية التي تمثل نحو 1.5% من السكان الذين يبلغ عددهم الإجمالي نحو 2.4 مليون نسمة، وقد وجه المجلس العسكري الحاكم اتهامات بالفساد للرئيس بازوم كمبرر للانقلاب والاستيلاء على السلطة.

وإذا كان الاتحاد الإفريقي قد قرر منذ سنوات عدم الاعتراف بأنظمة الحكم التي تتولى السلطة عبر انقلابات عسكرية كوسيلة لوقف الانقلابات العسكرية في الدول الإفريقية قدر الإمكان وتحقيق قدر من الاستقرار السياسي، إلا أن هذا الأسلوب يتم تجاوزه إذا تم التوافق الداخلي حول صيغة متفق عليها بين القوى الداخلية أو التمهيد لانتخابات عامة تحقق ذلك في النهاية. وقد أشار المجلس العسكري رسميا إلى اتهامات بالعمل على الإعداد للتدخل العسكري في النيجر وحشد بعض الأسلحة والمعدات لهذا الغرض، وهو ما تم الإعلان عنه من جانب نيامي كما رفض المجلس العسكري اقتراحات وساطة تقلل المدة الانتقالية لتكون ستة أشهر فقط بدلا من مدة 3 سنوات التي اقترحها المجلس العسكري. وبينما يعمل المجلس العسكري على إعادة تنظيم مؤسسات الدولة وفق هياكل جديدة فإن دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ( إكواس ) اتخذت موقفا متشددا ضد الانقلاب منذ البداية ولوحت بالتدخل ضد الحكم الجديد وطالبت بإطلاق سراح الرئيس السابق، ثم اهتز حماسها للتدخل العسكري في النيجر بسبب خلافات بين دول (إكواس) وبسبب تكلفة الحرب وعدم اليقين بالنسبة لنتائجها ومعارضة الاتحاد الإفريقي لها أيضا. جدير بالذكر أن فرنسا المؤيدة لموقف إكواس الرافض للانقلاب تؤيد التدخل العسكري في النيجر بشرط ألا تكون وحدها ـ وأن تكون هناك جهات أخرى تمثل غطاء لهذا التدخل إذا تم، وذلك برغم نفي باريس نيتها التدخل العسكري في النيجر. وكان الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن قد أعلن يوم السبت الماضي وبوضوح أن باريس تستعد للتدخل في النيجر عن طريق قوات خاصة تدخل إليها من خلال الحدود مع كل من السنغال وساحل العاج وبنين، وهو ما أعاد التوتر إلى السطح مرة أخرى أو أبقى عليه متأججا على الأقل، غير أن هذا الاحتمال يظل في إطار الشائعات أكثر منه في إطار التحرك العملي الممكن نظرا لما يحيط به من صعوبات ومخاطر تتمنى كل الأطراف تجنبها وذلك باستثناء باريس التي تحركها المصالح التي خسرتها بالفعل في النيجر منذ الانقلاب.

ثانيا، أنه برغم الحصافة الفرنسية والخبرة السياسية والقانونية لباريس إلا أن إدارتها للأزمة حتى الآن على الأقل لا تحسب لصالحها، وذلك بالنظر إلى دخولها في خطوات تصعيد حول مطالبة المجلس العسكري في نيامي بخروج السفير الفرنسي من النيجر واعتباره شخصا غير مرغوب به والمطالبة في الوقت نفسه بخروج القوات الفرنسية أيضا، وقد اتخذ الأمر شكل فعل ورد فعل مما شكل مساسا بموقف وهيبة فرنسا التي كانت النيجر بمثابة ركيزة في التعاون معها في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء لسنوات طويلة، وإذا كان ذلك يعود في جانب منه إلى خبرة التعامل الفرنسي مع الشعب النيجري ورغبته في التخلص من الوجود الفرنسي بشكل أقرب للاستعراضية والصدام الذي يزيد من شعبية المجلس العسكري بشكل ما في هذه الظروف، فإن حاجة باريس للحفاظ على بقية مصالحها وتقليل خسائرها جعلها تتذرع بمختلف المبررات للإبقاء على وجودها، وعلى وجود سفيرها «سيلفان إيتي» في نيامي حتى يتم تنظيم عملية سحب القوات الفرنسية بشكل لا يترتب عليه خسائر أو مضاعفات ليست في الحسبان ومن شأن ذلك أن يفسر قرار الرئيس الفرنسي الإبقاء على سفيره هناك برغم الضغوط الكثيرة التي يتعرض لها هو والدولة الفرنسية أيضا.

وفي هذا الإطار فإنه من المثير للانتباه أن باريس تعللت في تمسكها بعدم سحب قواتها من النيجر بأنها لا تعترف بالانقلاب العسكري وأنها تعترف فقط بالرئيس بازوم وأن الرئيس الفرنسي يجري معه اتصالات عديدة «وأي قرارات سيتخذها ستكون بناء على التواصل مع بازوم». ومن هنا فإن جدلا واسعا ومتعدد الجوانب يمكن أن يدور حول هذه النقطة خاصة وأنه لا يمكن قانونا الإبقاء على القوات الفرنسية في النيجر لمجرد عدم الاعتراف بالانقلاب ليس فقط لأن الاعتراف لا يمكن أن يرتب على أي نحو مثل هذا الحق الذي يخضع عادة لاتفاقيات ثنائية بين الدولتين بالنسبة لشروط تواجد القوات الأجنبية وحقوقها وواجباتها، ولكن أيضا لأن الاتفاقيات السابقة مع فرنسا ألغيت في ظل الانقلاب ولا يمكن الاستمرار بالاحتجاج بها بعد كل ما حدث بين نيامي وباريس في الأسابيع الأخيرة. يضاف إلى ذلك أن الحديث عمن يمثل الإرادة الوطنية يكتنفه قدر من الغموض خاصة أن الرئيس السابق محتجز منذ الانقلاب من ناحية، وأن الانقلاب يكسب شعبية عبر المعركة مع فرنسا من ناحية ثانية والتي اتخذت شكل معركة كرامة وطنية خسرت فيها فرنسا رصيدا كبيرا كان لها.

وبرغم كل ذلك فإن باريس تدرك أنه لا مناص من الانسحاب من النيجر وعبر التوصل إلى صيغة تسمح بسحب القوات والمعدات وقد تترك الباب مفتوحا أمام استئناف الاتصالات والمصالح بشكل ما في الفترة القادمة، خاصة أن باريس لا تريد أن تخسر النيجر بعد أن خسرت مالي وبوركينا فاسو وسحبت قواتها منهما من قبل. والأرجح أن العقل سينتصر لأن البديل لا يفيد لا فرنسا ولا النيجر ولا الأمن في غرب إفريقيا ولأن إرادة الشعوب تنتصر عادة في النهاية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العسکری فی النیجر الدول الإفریقیة المجلس العسکری إلا أن

إقرأ أيضاً:

شاهد.. تجربة فريدة لحراس مرمى لانس مع الشرطة الفرنسية

أمضى حراس مرمى فريق لانس متصدر ترتيب الدوري الفرنسي لكرة القدم يوما كاملا مع قوات الدرك الوطني في مدينة أراس شمال البلاد.

وتهدف هذه المبادرة التي دبرها النادي سرا إلى إخراج الحراس من منطقة راحتهم وتعريضهم لنوع مختلف من الضغط عن ذلك الذي يواجهونه في ملعب كرة القدم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المغربي قنطاري مدربا لنانت الفرنسيlist 2 of 2شاهد.. موناكو يحقق فوزا ثمينا على سان جيرمان بالدوري الفرنسيend of list

وسمح مدرب حراس المرمى في النادي، سيدريك بيرثيلين، لنفسه بكذبة بيضاء صغيرة، حيث أبلغ الحراس وهم: روبن ريسر، وريجيس جورتنر وإيلان جوردران وآدم ديلبلاس بأنهم سيقضون وقتا ممتعا في لعب البادل.

وقالت قائدة سرب سرية الدرك في أراس ليز مارجينست، الهدف من وجود حراس فريق لانس: "اختبار قدرتهم على ضبط النفس وإدارة الضغوط. سندفعهم برفق للخروج من منطقة راحتهم".

ليست هذه المرة الأولى التي يتعاون فيها نادي لانس مع قوات الدرك، إذ سبق له تنفيذ العديد من المبادرات مع فرق الشباب.

حارس مرمى لانس الفرنسي روبن ريسر خاض تجربة فريدة مع الدرك الفرنسي (رويترز)لماذا حراس المرمى فقط؟

يقول فينسنت هودارت نائب رئيس فصيلة المراقبة والتدخل التابعة لقوات الدرك والمفاوض الإقليمي: "حارس المرمى هو خط الدفاع الأخير، ومثلنا، يستجيب للأحداث غير المتوقعة". ومثل رجال الدرك، يتعرض حراس المرمى للضغوط، ويحتاجون إلى تماسك الفريق، ويتعين عليهم التعامل مع حالة عدم اليقين".

بعد إرساء هذه الأسس النظرية، قام لاعبو لانس الخمسة بتطبيق مهاراتهم عمليا من خلال 5 تمارين مختلفة. ومن بين هذه التمارين، خضع روبن ريسر، الذي كان يرتدي قناعًا، لتدريبات بإشراف ضابط شرطة.

كان الموقف صعبا نظرا للعقبات العديدة التي واجهها، "الأمر برمته مريب! النمور الحمر هنا!"، هكذا صرخ لاعب ستراسبورغ السابق أمام أحد الأبواب.

وأضاف ريسر: "الشرطة موجودة لمساعدة الناس، ونحن موجودون لنمنحهم المتعة".

Petite séquence avec Robin Risser comme vous ne l’avez jamais vu ???????? pic.twitter.com/JuckI9IqL8

— Samuel Cogez (@SamuelCogez) December 10, 2025

إعلان

اضطر آدم ديلبلاس، البالغ من العمر 19 عاما، إلى التعامل مع شخص مُقاوم في الظلام. كان موقفا عصيبا، انتهى به المطاف باستخدام القوة لفتح الباب.

يقول ديلبلاس: "كانت تجربة جديدة تماما، أنا شخص يتحدث قبل أن يتصرف، حاولنا مناقشة الأمر ولكنْ كملاذ أخير لم يكن لدي خيار آخر، كنتُ أنفذ الأوامر".

بعد لحظات من التوتر، غادر حراس مرمى لانس الخمسة وهم في غاية السعادة بما قضوه في أراس: "لقد كانت تجربة رائعة"، أكد روبن ريسر.

وتابع: "لقد أتاحت لنا فرصة تقمص دور ضباط الشرطة ليوم واحد. وفيما يتعلق بالضغط النفسي على أرض الملعب، أشار اللاعب الدولي الفرنسي تحت 21 عاما إلى أن الشرطة "موجودة لمساعدة الناس، ونحن موجودون لتسليتهم. إنها مسؤولية مختلفة تماما"، وأوضح ذلك قبل أن يمازح زملاءه قائلا: "ربما يفقدون أعصابهم لو وضعناهم على أرض الملعب أمام 40 ألف متفرج".

مقالات مشابهة

  • العشوائية تبتلع ملايين المنحة الفرنسية 
  • عبد العاطي يعرب عن تطلعه لزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر
  • شاهد.. تجربة فريدة لحراس مرمى لانس مع الشرطة الفرنسية
  • الديباني: حكم استئناف بنغازي يُسقط قانونيًا هيئة الانتخابات الموازية التي أنشأها الرئاسي
  • عاجل.. مصدر في الرئاسة يكشف المهمة التي جاء من أجلها الفريق السعودي الإماراتي العسكري إلى عدن.. إخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة
  • هجوم سيبراني يستهدف وزارة الداخلية الفرنسية
  • فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل
  • يمن العطاء الجهادي.. إرادة إيمانية لا تُقهر
  • تطبيقات جديدة تحوّل الحروب إلى سلع.. ومصير الشعوب إلى مقامرة رقمية
  • كواليس مثيرة| كيف يتم تقسيم سوريا وفق خرائط دولية؟