على خلاف ما قد يعتقده البعض، فإن مقياس ريختر ليس وحده المؤشر على فداحة الزلزال وتسببه في نسبة الخسائر البشرية، إذ يسلط خبراء الزلازل الضوء على عوامل أخرى قد تحد من فداحة الزلزال أو تزيدها.

فبعض الزلازل مثلا جاوزت شدتها 8 درجات على مقياس ريختر من دون أن تعلق في الذاكرة لعدم وجود خسائر تقريبا، كزلزال ألاسكا الذي وقع صيف 2021 على بعد أكثر من 100 كيلومتر من أقرب تجمع بشري كان عدد سكانه 100 نسمة فقط.

لكن الأمر كان مختلفا في المغرب، حيث يبلغ عدد سكان إقليم الحوز -الذي كان مركز الزلزال الأخير- نحو 600 ألف نسمة، وهو إقليم زاخر بالمدن والقرى وقريب من مدينة مراكش، إحدى كبرى الحواضر المغربية.

ويلعب توقيت وقوع الزلزال دورا كذلك في ارتفاع حصيلة الضحايا أو انخفاضها، فرغم ارتفاع عدد ضحايا زلزال المغرب، فإن وقوعه بعيد الساعة 11 مساء بالتوقيت المحلي ربما ساعد كثيرين في النجاة، على خلاف زلازل مدمرة أخرى وقعت عند الفجر، في وقت يكون فيه أغلب السكان يغطون في النوم، مثلما حدث في زلزال تركيا الذي وقع قبل أشهر.

كما أن للتوقيت بعدا آخر مرتبطا بفصول السنة، فقد يساعد اعتدال الطقس فرق الإنقاذ على الوصول بمعداتهم بسرعة وكفاءة للعالقين تحت الأنقاض.

وبجانب موقع الزلزال وتوقيته، فإن طبيعة الأرض التي يضربها الزلزال من العوامل المؤثرة، فالبيوت المبنية على تربة رسوبية لينة أكثر تعرضا لضرر الهزات الأرضية العنيفة وارتداداتها المتوقعة، ومن ثم فإن خبراء يرون أن المشاهد المأساوية التي رصدت من إقليم الحوز بالمغرب لم تكن أسوأ بفعل الطبيعة الصخرية القوية التي امتدت عليها عشرات القرى المنكوبة.

وفي مقابل ذلك، فإن هذه الطبيعة نفسها تصعّب عمليات الإنقاذ، لكن البيوت بسيطة البناء قليلة الطوابق يُرجى معها تحجيم الحصيلة النهائية للكارثة، فالزلازل -حسبما يقول خبراؤها- لا تقتل الناس، بل تقتلهم المباني المتهاوية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أيقونة الثورة الملازم اول معاش الشهيد محمد صديق إبراهيم

بقلم عبد الاله حسن محمد

في سجلات التاريخ ودفاتر الشرف والبطولات وذاكرة الأمم ليست هناك أفعال أو أعمال يتردد صداها بشكل عميق مثل التضحية القصوى من أجل الوطن. مثل هذه التضحيات والقصص ليست مجرد حواشي تاريخية، أنها القلب النابض لهوية الأمة التي تساهم في تشكيلها وتحافظ على قيم الحرية والعدالة والمُثُل التي يتطلع اليها الشعب. أنه أرث تاريخي يتم تكريمه بامتنان واحترام عميقين اعترافا بالرمزية العالية والمتميزة لشجاعتهم. ستظل أحدى هذه التضحيات في ذاكرة الامة السودانية هي قصة الملازم أول معاش الشهيد محمد صديق إبراهيم، ضابط الجيش السوداني الذي انحاز في ليلة 9 أبريل 2019 إلى أبناء شعبه الثوار مخالفاً التعليمات العسكرية، في نكران للذات، واضعاً حياته على المحك وملتزماً بالقسم الذي تعهد به لحماية وضمان سلامة شعبه، وجه سلاحه صوب كتائب الظل وميلشيات النظام البائد المعتدين على الثوار السلميين المعتصمين أمام بوابات القيادة العامة. هتف فيهم قائلاً "اخوانا في القوات المسلحة والناس أخوانا في الرتب الجنبنا والرتب القريبة لينا الناس كلها تجي تقول كلمة الحق وتقيل هنا، الناس تجي تقيف مع الشعب دفن الدقن ما بينفع" وواصل حديثه وسط جموع المتظاهرين التي كانت تهتف فوق فوق سودانا فوق، تستلمها أنت "نحن ما جينا عشان نستلمها نحن جينا عشان نحميكم وبس، الناس تجي تقيف هنا لحدي ما يحصل تغير، "والرهيفة التنقد" في ثواني تحول إلي بطل قومي لدي الثوار وإلى خائن لدي الخونة والجبناء والمتآمرين على شعوبهم. قاموا بفصله فيما بعد فصل تعسفي من المؤسسة التي أحبها وانضم اليها. وقف معه الثوار رداً للجميل فملأوا الشوارع بمليونيه تطالب بعودته الى الخدمة. أستجاب الطغاة لحين وتأبطوا له شراً كعادتهم، أعادوه إلى الخدمة لكنه رفض العودة لغياب الثقة. فصله كان انعكاساً لغياب النزاهة والعادلة والفوضى الضاربة أطنابها منذ بداية عهد النظام البائد في تلك المؤسسة العريقة.

عندما اندلعت الحرب بين أصدقاء الأمس وأعداء اليوم أنحاز إلى المؤسسة الوطنية التي أحبها رغم كل سوءاتها. احساساً منه بالواجب الوطني ذهب الشهيد للتبليغ في قيادة الفرقة السابعة في الخرطوم للانضمام والقتال بجانب القوات المسلحة في الحرب ضد قوات الدعم السريع وتم رفض طلبه. بعد مضي أربعة اشهر واتساع رقعة الحرب ذهب اليهم مرة أخرى وتم رفضه بدون ذكر الأسباب. بعد مضي تسعة اشهر وتراجع الجيش وتمدد الدعم السريع في تسعة ولايات وسيطرته على معظم إقليم دارفور واستيلائه على مدني ، خرج الشهيد في يوم 22 ديسمبر 2023 في لايف على منصات التواصل متحدثاً بأسى وحرقة شديدة ومدفوعاً بغيرة وطنية واعلن مجدداً بأنه مازال مستعداً للقتال بجانب القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع ووجه رسائل قوية لقيادات الجيش وامهلهم مهلة حتى بداية السنة الجديدة لتحمل المسؤولية وتغير اسلوبهم في إدارة الحرب. بعد ذلك انخرط شخصياً في القتال ملبياً دعوة الاستنفار مهما كان مصدره والقصد منه. في يوم 19 مايو 2024 فجعنا جميعاً بخبر استشهاده في معركة مصفاة الجيلي بعد اسره وتصفيته من قبل مليشيا الدعم السريع.

أن تضحية الملازم أول معاش الشهيد محمد صديق ليست مجرد قصة شجاعة جندي، أنها شهادة على الحب العميق والالتزام الذي يمكن يتمتع به المرء تجاه شعبه. قصته تتجاوز ساحة المعركة لتكون بمثابة منارة للإلهام للأجيال القادمة. إنه يذكرنا بأن قيم الشرف والوطنية ليست مُثُلاً مجردة ولكنها مبادي حية يمكن أن توجه أعمالنا وقرارتنا. في عالم ساد فيه الطموحات الشخصية والمساعي العابرة، يدعونا أرث الشهيد إلى تذكر الهدف الأسمى المتمثل في خدمة شيء أعظم من انفسنا .... الاستعداد لبذل كل شيء حتى الروح من اجل سلامة وحرية وكرامة الوطن.

بينما نتأمل في شجاعة أيقونة الثورة الملازم أول معاش الشهيد محمد صديق ، نتذكر عدداً لا يحصى من ايقونات الثورة، من الرجال والنساء الذين قدموا تضحيات مماثلة تشكل حجر الأساس لثورة ديسمبر المجيدة ولهويتنا الوطنية. تضحياتهم ليست مجرد فصل في كتاب التاريخ، انها شهادة حية على روح التضحية الدائمة والحب الذي لا يموت للوطن. إنه تذكير بأن البطولة الحقيقية تكمن في استعداد المرء للتضحية بحياته حتى يعيش الآخرون في سلام وأمن. نتمنى أن لا يكون هناك مزيداً من مثل هذه التضحيات ضرورية وأن نعيش في سودان تنعم بالأمن والأمان. وعليهم جميعاً شآبيب رحمته.

 

a_bdulelah@hotmail.com
////////////////////////  

مقالات مشابهة

  • زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب شمال بابوا غينيا الجديدة
  • زلزال قوي يضرب بابوا غينيا الجديدة
  • أيقونة الثورة الملازم اول معاش الشهيد محمد صديق إبراهيم
  • زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب إقليم أوت بيرينيه الفرنسي
  • 150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس الأقوى
  • زلزال قوي يهز اليابان
  • زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب محيط مدينة نابولي جنوبي إيطاليا
  • زلزال يضرب محيط مدينة نابولي بجنوبي إيطاليا
  • زلزال بقوة 6 درجات يضرب محافظة أوجاساوارا اليابانية
  • زلزال يضرب محيط نابولي بإيطاليا