من الممكن أن يوفر الممر الاقتصادي الجديد، الذي يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، فرصا للأوروبيين لتعزيز نفوذهم الجغرافي الاقتصادي على منطقة الخليج، ولكن لا ينبغي لأوروبا أن تتوقع إزاحة النفوذ الصيني.

تلك القراءة التحليلية قدمها كل من جوليان ديسي وسينزيا بيانكو، في مقال بموقع "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" (ECFR) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرين إلى إعلان مجموعة العشرين الأسبوع الماضي عن إنشاء "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي وقَّعته الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسعودية والإمارات.

وتابعا أن "المشروع يهدف إلى بناء خط سكة حديدية، ولاحقا كابلات رقمية وكهربائية، بالإضافة إلى خط أنابيب للهيدروجين،  من الهند إلى أوروبا عبر الأردن وإسرائيل. وبالنسبة للغرب، يمثل ذلك محاولة للتنافس مع النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط".

وأضافا أنه "في منطقة تحتضن التعددية القطبية العالمية، يمكن أن يكون الممر الاقتصادي  بمثابة منصة لتأكيد بعض النفوذ الاقتصادي الغربي وتعزيز استقرار النمو الاقتصادي، لكن لن يكون وسيلة لسحب القوى الإقليمية بعيدا عن بكين".

ديسي وسينزيا قالا إن "الممر الاقتصادي سيجبر الغرب بسرعة على مواجهة عدم التطابق بين رؤيتهم هم والجهات الفاعلة الخليجية الرئيسية للعالم متعدد الأقطاب، إذ يعتقد الغرب أن بإمكانه تعزيز نفوذه الإقليمي على حساب الصين، مما يوفر بديلا لمبادرة الحزام والطريق الصينية".

وأردفا أنه في المقابل "ترى الجهات الفاعلة الخليجية هذا الاتفاق ضمن سياق نظام عالمي جديد يمكنهم عبره موازنة العلاقات مع الصين والغرب لتحقيق أقصى قدر من مكاسبهم، ولا تشارك دول الخليج مخاوف أوروبا والولايات المتحدة بشأن نقاط الضعف في الاعتماد الاقتصادي على الصين وعلاقات الطاقة مع روسيا".

واستطردا أن "ممالك الخليج تتطلع إلى تعزيز الاتصال بشكل أكبر، مما سيزيد من اعتمادها على سلاسل التوريد المعولمة بالكامل، وبهذا المعنى، ستيحالف الممر الاقتصادي  مع مبادرة الحزام والطريق بدلا من التنافس معها، حيث ترى الجهات الفاعلة الإقليمية أن من مصلحتها العمل مع كليهما".

اقرأ أيضاً

الممر الواصل بين الهند أوروبا يتلافي سلبيات مشروعات أخرى.. كيف؟

نفوذ صيني وروسي

و"على هذا النحو، ليس من المستغرب أن يتم توقيع اتفاق الممر الاقتصادي بعد أيام قليلة من انضمام السعودية والإمارات إلى مجموعة بريكس (بقيادة الصين وروسيا)"، وفقا لديسي وسينزيا.

وتابعا: من الملحوظ مدى سرعة نمو علاقات الخليج مع روسيا والصين، منذ حرب (روسيا في جارتها) أوكرانيا (بداية من فبراير/ شباط 2022)، أصبحت الإمارات ملاذا آمنا لرأس المال الروسي، فضلا عن كونها مركزا رئيسيا لنقل التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري) إلى روسيا".

وزادا بأن "السعودية عززت شراكتها في مجال الطاقة مع موسكو لإبقاء أسعار النفط مرتفعة، على الرغم من الضغوط الغربية، مع استيراد كميات قياسية من منتجات النفط الروسية بأسعار منخفضة".

وقالا إن "الصين تعد الآن أكبر مشتر منفرد للنفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من القلق الغربي، تهيمن شركة هواوي الصينية على سوق البنية التحتية الرقمية في هذه الدول، كما تمتلك بكين حصصا في موانئ إقليمية استراتيجية مثل الدقم في عمان وجدة في السعودية، وتوجد قاعدة بحرية صينية في الإمارات يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية".

اقرأ أيضاً

الممر الاقتصادي.. أمريكا تدفع بالهند لتقويض نفوذ الصين في الخليج

مصالح أوروبية

ولن يتمكن الممر الاقتصادي، كما أضاف ديسي وسينزيا، من "عكس هذه الديناميكيات، ولكن هذا لا يعني أن المشروع لا يمكنه أن يخدم المصالح الأوروبية، فهو أداة لتعزيز الشراكات الاقتصادية والنفوذ في المنطقة، بل وربما يخلق نفوذا للضغط على الخليج للتخلص من المخاطر التي تفرضها بكين في مناطق محددة".

وأوضحا أنه "يمكن للأوروبيين التأكيد على أن الاعتماد المفرط على بكين يعرض الخليج لمخاطر الإكراه الاقتصادي واختناقات سلسلة التوريد، فضلا عن تداعيات الركود الاقتصادي في الصين".

كما "يمكن للأوروبيين أن يوضحوا أنه إذا سمح حكام الخليج باستغلال بلدانهم من جانب موسكو وبكين كأبواب خلفية للتكنولوجيا الغربية والتجارة المالية وأسواق السلع والخدمات، فسيفرض ذلك قيودا شديدة على مدى عمق مشاريع الاتصال الخاصة بالممر الاقتصادي"، بحسب لديسي وسينزيا.

وأضافا أن "هذا من شأنه أن يحد من وصول الخليج إلى المشاريع الحساسة، كما يتضح من التردد في السماح للسعودية بالانضمام إلى المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان في مشروع الجيل القادم من تحالف الطائرات المقاتلة، وفشل الإمارات في تأمين طائرات مقاتلة أمريكية".

اقرأ أيضاً

ممر اقتصادي عابر للقارات بمشاركة السعودية والإمارات.. ماذا يعني؟

المصدر | جوليان ديسي وسينزيا بيانكو/ المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الممر الاقتصادي الخليج أوروبا الصين الولايات المتحدة الممر الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

واشنطن تضغط لبدء المرحلة الثانية وتطالب إسرائيل بتحمل تكاليف إعادة إعمار غزة

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن العمل لا يزال متواصلا من أجل استعادة جثة آخر أسير إسرائيلي في غزة، مؤكدة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبذل جهودا مكثفة خلف الكواليس للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضافت ليفيت في إفادة للصحفيين أن الإعلان عن مجلس السلام الخاص بغزة وتشكيل حكومة التكنوقراط سيتم في "الوقت المناسب"، مشددة على أن الإدارة الأميركية تسعى لضمان التوصل إلى "سلام دائم" في القطاع.

وكان ترامب قد أعلن -أمس الأربعاء- أنه سيكشف مطلع عام 2026 عن تشكيل مجلس السلام الخاص بغزة، وهو هيئة ستشرف على الحكم وإعادة الإعمار في القطاع.

كذلك، نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن ترامب يخطط لتعيين جنرال أميركي لقيادة قوة الاستقرار الدولية (آي إس إف) المقرر نشرها في قطاع غزة.

وبحسب الموقع، أبلغ السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن الإدارة الأميركية ستتولى قيادة القوة الدولية.

ملف الأسرى يعرقل التقدم

ورغم الضغوط الأميركية، تصر إسرائيل على أنها لن تنتقل للمرحلة الثانية قبل استعادة جثة الأسير ران غويلي. وقد زودت تل أبيب المفاوضين بصور جوية ومواد استخبارية للبحث عن مكانه.

وقال مسؤول إسرائيلي "لن نتهاون حتى يتم إعادة ران لدفنه في إسرائيل".

وتأمل واشنطن نشر قوة الاستقرار الدولية في أوائل عام 2026، بدءا من رفح. ووفق مصادر أميركية، فقد أبدت إندونيسيا وأذربيجان استعدادهما للإسهام بقوات، بينما تفضل دول أخرى تقديم التدريب أو التمويل أو المعدات.

لكن نتنياهو أعرب في محادثات خاصة عن شكوكه في قدرة هذه القوة على تفكيك القدرات العسكرية لحماس بمفردها، حيث قال إنه يعتقد أن الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى "القيام بدور ما".

ويقول مسؤولون إسرائيليون -حسب صحيفة يديعوت أحرونوت- إن واشنطن تبدو مهتمة أكثر بإعادة إعمار غزة مقارنة بنزع سلاح حماس، وهو ما يثير قلق تل أبيب.

إعلان ضغط أميركي لإزالة الأنقاض

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل تتعرض لضغوط أميركية متزايدة بشأن تحمل تكلفة إزالة الركام الهائل الذي خلّفته الحرب في قطاع غزة.

وكشفت تقارير للصحيفة الإسرائيلية ووسائل إعلام أميركية أن واشنطن تربط إزالة الأنقاض ببدء عملية إعادة الإعمار ضمن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مع تحديد رفح كنقطة نموذجية للانطلاق.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن إسرائيل وافقت من حيث المبدأ على تحمل التكلفة، التي يُتوقع أن تصل إلى مئات ملايين الدولارات، وأنها ستلجأ إلى شركات متخصصة لتنفيذ العملية.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن هذه الالتزامات.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع أن قطاع غزة بات مغطى بنحو 68 مليون طن من الأنقاض. ويقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المشرف على التخطيط لعمليات الإزالة، أن حجم الركام يعادل تقريبا وزن 186 مبنى من حجم مبنى "إمباير ستيت".

وتشكل إزالة الأنقاض في قطاع غزة شرطا أساسيا لانطلاق عملية إعادة الإعمار ضمن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • باكارايما.. الممر البري الوحيد بين فنزويلا والبرازيل
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
  • واشنطن تضغط لبدء المرحلة الثانية وتطالب إسرائيل بتحمل تكاليف إعادة إعمار غزة
  • تركيا تضغط لاستكمال اتفاق غزة.. ماذا يلزم للانتقال للمرحلة الثانية؟
  • لماذا تحتاج أمريكا إلى الخليج في معركة الذكاء الاصطناعي مع الصين؟
  • ترامب أعلن حربا حضارية على أوروبا.. وهكذا يمكن أن نقاوم
  • موّلوا إيران بمليارات الدولارات.. دعوة أميركية لإبعاد المرتبطين بالميليشيات عن الحكومة العراقية؟
  • هل يجوز أداء صلاة الفجر فور سماع الأذان مباشرة أم يجب الانتظار قليلاً ؟.. الإفتاء تحسم الجدل