دبي الأولى عربياً والخامسة عالمياً بمؤشر مراكز الشحن البحري
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
دبي (وام)
أخبار ذات صلةاحتفظت دبي بريادتها الدولية ضمن قائمة الدول الخمس الأفضل عالمياً في «مؤشر تطوير مراكز الشحن الدولية» (ISCD) للعام 2023، والذي احتلت فيه دبي المركز الأول في صدارة المراكز العالمية للشحن البحري والخدمات اللوجستية على مستوى المدن العربية، وفقاً للتقرير الصادر مؤخراً عن منظمة «بالتيك إكستجينج» (Baltic Exchange) للتجارة والشحن البحري ووكالة «شينخوا» (Xinhua) التابعة لخدمة المعلومات الاقتصادية الصينية.
وكشفت التقارير الصادرة عن المنظمة عن تبوء دبي المركز الخامس ضمن أقوى 20 مركزاً دولياً للشحن التجاري البحري للعام الرابع على التوالي وفقًا لتقرير «مؤشر تطوير مركز الشحن الدولي» لهذا العام، متفردةً بمكانة المدينة العربية الملاحية الوحيدة بالقائمة ومتفوقةً على كل من روتردام وهامبورغ وأثينا- بيريوس، ونينغبو- تشوشان ثم نيويورك- نيوجيرسي.
كما أشار التقرير إلى اختيار سنغافورة ولندن وشنغهاي وهونج كونج ضمن المراكز الأربعة الأولى للشحن العالمي في عام 2023.
اعتراف عالمي
وأكد سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، أن تصدر دبي للقائمة، يعد اعتراف عالمي جديد يؤكد على المكانة الريادية لمدينة دبي وموقعها المتميز على خارطة التجارة العالمية.
وأوضح أن أكثر من 80% من إجمالي حجم التجارة العالمية يقع على عاتق حركة الشحن البحري الدولي، الأمر الذي يوضح الأهمية الحيوية لهذا القطاع داخل الدولة ودوره في دفع العجلة الاقتصادية، لافتاً إلى سعي مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة ممثلةً في سلطة دبي البحرية إلى بذل قصارى الجهود لتواصل دبي تواجدها ضمن مصاف أفضل المدن البحرية الرائدة عالمياً.
تعزيز التنافسية
من جهته، أكد الشيخ الدكتور سعيد بن أحمد بن خليفة آل مكتوم، المدير التنفيذي لسلطة دبي البحرية، أن الإنجاز الرائد الذي حققته دبي ضمن مؤشر تطوير مراكز الشحن الدولية يعزز مكانة دبي كمنافس ملاحي قوي على الخارطة البحرية العالمية.
وقال: حفاظ دبي على مكانتها الريادية بالقائمة الدولية لأربعة أعوام متتالية يعود إلى سيرها بخطى ثابتة وواثقة لتعزيز تنافسية وكفاءة وفعالية القطاع البحري من خلال (إستراتيجية القطاع الحري)، التي أطلقتها وتنفذها السلطة سعياً على ترسيخ مكانة دبي مركزا بحريا عالميا من الطراز الأول.
وأضاف: استشرافاً لمستقبل أكثر ازدهاراً، تسعى سلطة دبي البحرية إلى تعزيز التعاون المثمر مع الأطراف المعنية بما يسهم في تنمية وتطوير القطاع البحري في الإمارة، بالإضافة إلى العمل على سلسلة من الخطط والمبادرات التي تسهم في تعزيز الشحن المستدام والتنمية المستدامة للملاحة البحرية كونه يأتي على رأس أولويات المنظمة البحرية الدولية للأعوام المقبلة.
كما أكد الشيخ سعيد بن أحمد أن تواجد دبي في موقع الصدارة باعتبارها المدينة العربية الوحيدة في القائمة التي تضم 20 مركزاً بحرياً دولياً للشحن هو خير دليل على حرص الإمارة على مواصلة مسيرة النمو مع تنامي دورها المحوري على الخارطة البحرية العالمية لتصل إلى مصاف العواصم البحرية الأكثر أهمية وقوة وتأثيراً خلال الأعوام المقبلة تأكيداً على المكانة الريادية لمدينة دبي وبيئة الأعمال التجارية البحرية في الدولة، والتي تتجه نحو المزيد من التعزيز والتمكين مع تطبيق أفضل الممارسات العالمية للقطاع الملاحي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: دبي الإمارات الشحن البحري الخدمات اللوجستية مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة
إقرأ أيضاً:
المؤرخ الأميركي يوجين روغان: الاستعمار سلّح الاستشراق والعثمانيون أولوا الحداثة عربيا
الدوحة- ضيف هذه المقابلة هو البروفيسور يوجين روغان، المؤرخ البارز المعروف بتحليله الدقيق لأحداث الشرق الأوسط في العصر الحديث، وقد حققت كتبه شهرة واسعة في الأوساط الأكاديمية والجماهيرية على حد سواء، ويشغل حاليًا منصب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في كلية سانت أنتوني، جامعة أوكسفورد.
تلقى تعليمه الجامعي في جامعة كولومبيا حيث حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد، ثم نال درجتي الماجستير والدكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط من جامعة هارفارد. بدأ مسيرته الأكاديمية بالتدريس في كلية بوسطن وكلية سارة لورانس قبل أن ينتقل إلى جامعة أوكسفورد عام 1991.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما دور الجامعات الإسرائيلية في قتل وتعذيب الفلسطينيين؟list 2 of 2ميلان سفوليك: السلطوية مزيج من القمع واستمالة النخب لضمان السيطرةend of listوفي كتابه المرجعي “العرب: تاريخ” (The Arabs: A History)، يتتبع تاريخ العالم العربي من العهد العثماني حتى بدايات القرن الـ21، وقد ترجم إلى عدة لغات، و“سقوط العثمانيين: الحرب العظمى في الشرق الأوسط” (The Fall of the Ottomans: The Great War in the Middle East)، الذي يرصد تفاصيل التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى، ويناقش بدايات الصراعات الحديثة فيها، ويعيد النظر في السرديات التقليدية لحرب 1948 في كتاب "الحرب من أجل فلسطين" الذي حرره مع آفي شلايم.
إعلانعرف عن روغان تأثره بأستاذه الراحل ألبرت حوراني، وهو يتبع منهجًا تاريخيًا دقيقًا يجمع بين التحليل السياسي والاجتماعي. ويُعد من الأصوات الموثوقة في تقديم رؤية تاريخية متزنة للعالم العربي في الغرب، ويقول في إحدى اقتباساته الشهيرة: “العرب يعانون من شعور دائم بالعجز… كأنهم مجرد بيادق صغيرة على رقعة شطرنج عالمية تُلعب في ساحاتهم الخلفية”.
التقيناه على هامش مؤتمر الاستشراق، والذي استضافته العاصمة القطرية يومي 26 و27 أبريل/نيسان 2025، حيث اجتمع فيه نخبة من المفكرين والباحثين والمستشرقين والمستعربين الذين جاؤوا من أقطار العالم المختلفة، بهدف تداول واقع الدراسات الاستشراقية، وتحولاتها التاريخية والمعاصرة، ومواقفها المتجددة من قضايا العصر الملحة، وسيرورة التفاعل المعقد بين الشرق والغرب.
ورغم الانتقادات الواسعة التي وجهت إلى المدرسة الاستشراقية، خصوصا في علاقتها بالإمبريالية الغربية، فإن تيارا جديدا من الباحثين الغربيين سعى لتقديم قراءة أكثر توازنا وإنصافا لتاريخ الشرق الأوسط، ومن بينهم البروفيسور يوجين روغان، الذي يعد اليوم من أبرز المؤرخين المتخصصين في تاريخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تركيز خاص على التاريخ العثماني المتأخر.
يشغل روغان منصب أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة أكسفورد ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط بكلية سانت أنتوني، وقد حظيت أبحاثه ومؤلفاته بتقدير كبير في الأوساط الأكاديمية نظرا لدقتها ورؤيتها التحليلية المعمقة.
وفي حوار للبروفيسور روغان مع الجزيرة نت ينعكس عمق التحول الذي شهده حقل الدراسات الشرق أوسطية في العقود الأخيرة، إذ يوضح كيف انتقل الاستشراق من كونه أداة معرفية مسخرة لخدمة المشاريع الإمبريالية إلى حقل أكثر وعيا بتعقيدات الواقع العربي والإسلامي.
إعلانكما يفتح النقاش آفاقا جديدة لفهم العلاقة بين الشرق والغرب في عصر العولمة الرقمية، حيث تتداخل المعرفة الأكاديمية مع أدوات الذكاء الاصطناعي والخطابات الشعبية العابرة للحدود. وبينما يؤكد روغان على أهمية إعادة قراءة التاريخ العثماني وتحديات الخطاب الاستشراقي المعاصر، فإنه يقدم نموذجا للمؤرخ الذي يوازن بين الانضباط الأكاديمي والانفتاح على الأسئلة الجديدة التي يفرضها الزمن الراهن، مما يجعل مساهماته ركيزة أساسية في تطوير فهم أكثر إنصافا للشرق الأوسط في سياق عالمي متغير، فإلى الحوار:
ما الذي جذبك شخصيا لدراسة تاريخ الشرق الأوسط؟لقد جذبني لدراسة الشرق الأوسط تجربتي الحياتية الشخصية. انتقلت للعيش في بيروت عندما كنت في العاشرة من عمري في بداية السبعينيات، وأمضيت بقية سنوات دراستي بين بيروت والقاهرة.
كان الشرق الأوسط في السبعينيات مشحونا أيديولوجيا للغاية، وكانت الأحداث التاريخية والسياسية ديناميكية جدا، بحيث لا أظن أن أي جزء آخر من العالم كان بنفس القدر من الجاذبية بالنسبة لي منذ ذلك الحين.
عندما تقول كلمة مثل "عربي" أو "مسلم"، فإن أي شخص في الغرب سيكون لديه تصورات مسبقة معينة تتبادر إلى ذهنه، ليس بسبب كتب قرأها أو دراسات أجراها، بل بسبب الخطاب الاستشراقي الذي يعيش فيه يوميًا.
كيف ترى مفهوم الاستشراق كما حدده إدوارد سعيد؟إدوارد سعيد الاستشراق لنا، وما زلنا جميعًا نتجاوب مع هذا المفهوم كما عرضه. وبمعنى ما، الاستشراق كما وصفه سعيد، ليس شيئًا ماديًا، بل هو خطاب. لذلك لا يمكنك تحديده كفيروس أو ميكروب، ولا يمكنك دحضه أيضًا. إنه ديناميكية مستمرة تضيف معرفة جديدة من مصادر متعددة، ليس فقط من أعمال الباحثين، بل مما يُعرض على التلفاز، والصور في الإعلانات، والأخبار اليومية. كل ذلك يسهم في تشكيل الرموز والصور الذهنية التي تمثل جزءا من العالم مثل الشرق الأوسط في المخيلة العامة.
إعلانلكن بمعنى ما، عرَّف إدوارد سعيد الاستشراق لنا، وما زلنا جميعًا نتجاوب مع هذا المفهوم كما عرضه. وبمعنى ما، الاستشراق كما وصفه سعيد، ليس شيئًا ماديًا، بل هو خطاب. لذلك لا يمكنك تحديده كفيروس أو ميكروب، ولا يمكنك دحضه أيضًا. إنه ديناميكية مستمرة تضيف معرفة جديدة من مصادر متعددة.
فعندما تقول كلمة مثل "عربي" أو "مسلم"، فإن أي شخص في الغرب سيكون لديه تصورات مسبقة معينة تتبادر إلى ذهنه، ليس بسبب كتب قرأها أو دراسات أجراها، بل بسبب الخطاب الاستشراقي الذي يعيش فيه يوميًا. وبمعنى ما، ما زلنا نتعامل مع هذا الخطاب. نحن نعلم أننا لا نستطيع السيطرة عليه، ولا الإطاحة به، لكن يمكننا محاولة إضافة معرفة قائمة على التفاعل المحترم مع المنطقة، وقائمة على دراسة عميقة لمصادرها الخاصة، ونحاول أن نكون أفضل من الدراسات السابقة المتحيزة سياسيًا والمستندة إلى الإمبريالية. وهذا هو هدفنا كباحثين اليوم.
كيف ترى العلاقة بين تخصصك كمؤرخ والدراسات الشرق أوسطية التي تعتبر تخصصا متعدد المجالات، إدوارد سعيد جاء من خلفية الأدب والنقد الأدبي المقارن، لكنك جئت من خلفية ومسار آخر؟أنا مؤرخ، هذا هو تخصصي، لكنني أيضًا متخصص في دراسات الشرق الأوسط. ودراسات الشرق الأوسط كدراسات مناطقية هي بطبيعتها متعددة التخصصات. ومن هذه الناحية، لم يكن غريبا أن يغوص شخص – مثل إدوارد سعيد، الذي كان ناقدًا أدبيًا- عميقا في تاريخ موضوع دراسات الشرق والاستشراق ويخرج بشيء يحمل طابعًا تاريخيًا وأدبيًا وسوسيولوجيًا/اجتماعيا في منهجيته. هذا هو النهج المعتاد للدراسات المناطقية.
وأنا كمؤرخ أقرأ أيضا في السياسة والأنثروبولوجيا والاقتصاد والأدب والثقافة والدراسات الدينية، وهذه الأمور تثري السرد التاريخي في كتبي لأنها تمنحني منظورا متعدد التخصصات يمكننا من قول المزيد.
ما فعله الاستعمار في القرن الـ19 هو أنه سلَّح الاستشراق ليصبح جسما من الدراسات الثقافية، وجنّده لخدمة مصالح الاستعمار. وقد فعلوا ذلك من خلال أخذ نصوص دراسة المنطقة، التي كانت تُظهر في بعض الحالات أن عصر مجد المنطقة كان في الماضي البعيد، عصر الخلافة الأموية أو العباسية. ومنذ ذلك الحين، كان يُنظر إلى الفترة المعاصرة على أنها حقبة انحدار؛ والحضارة المتدهورة تكون متاحة للاحتلال من قبل حضارة جديدة ديناميكية صاعدة. وبهذه الطريقة، استخدموا الدراسات لتبرير الاستعمار (استخدموا العلم لتبرير الإمبريالية).
إعلان كيف تم توظيف الاستشراق لخدمة الإمبريالية في القرن الـ19؟ما فعله الاستعمار في القرن الـ19 هو أنه سلَّح الاستشراق ليصبح جسما من الدراسات الثقافية، وجنّده لخدمة مصالح الاستعمار. وقد فعلوا ذلك من خلال أخذ نصوص دراسة المنطقة، التي كانت تُظهر في بعض الحالات أن عصر مجد المنطقة كان في الماضي البعيد، عصر الخلافة الأموية أو العباسية.
ومنذ ذلك الحين، كان يُنظر إلى الفترة المعاصرة على أنها حقبة انحدار؛ والحضارة المتدهورة تكون متاحة للاحتلال من قبل حضارة جديدة ديناميكية صاعدة. وبهذه الطريقة، استخدموا الدراسات لتبرير الاستعمار (استخدموا العلم لتبرير الإمبريالية).
وكثير من هؤلاء العلماء كانوا جزءا من هذا الفكر الذي ميّز العصر الإمبريالي واعتقدوا حقا بتفوق الثقافة والحضارة الأوروبية. لذا لم يكن الأمر مجرد اختطاف لمقاصد العلماء، بل كانوا (العلماء أنفسهم) مقتنعين بتفوق الثقافة والحضارة الأوروبية من خلال دراساتهم. لكن النقطة الأهم أن الاستشراق تم توظيفه واستخدم كسلاح لخدمة هدف الهيمنة على الشعوب الأخرى، وهذه هي سمة مميزة للاستشراق الإمبريالي في القرن الـ19.
عندما حاولت الحركة الصهيونية تبرير مطالبها بفلسطين، استندت إلى تلك التقاليد الاستشراقية التي صورت فلسطين كأرض بلا شعب، وكأنها متخلفة وغير متطورة. واستغلوا علم الآثار والتاريخ لدعم هذا الطرح، وقالوا إنه من الطبيعي أن تركز الصهيونية على فلسطين لأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
كيف تم توظيف الاستشراق في دعم المشروع الصهيوني في فلسطين؟بالتأكيد، عندما حاولت الحركة الصهيونية تبرير مطالبها بفلسطين، استندت إلى تلك التقاليد الاستشراقية التي صورت فلسطين كأرض بلا شعب، وكأنها متخلفة وغير متطورة. واستغلوا علم الآثار والتاريخ لدعم هذا الطرح، وقالوا إنه من الطبيعي أن تركز الصهيونية على فلسطين لأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
إعلانوالأهم من ذلك أنهم استطاعوا كسب دعم الإمبراطورية البريطانية لهذا المشروع، وهو ما تجسد في وعد بلفور، الذي وضع فلسطين على مسار استعماري خاص، حيث خضعت فلسطين للاستعمار الصهيوني في ظل الهيمنة الإمبريالية البريطانية.
وبلغ الأمر ذروته عام 1948 عندما انسحبت بريطانيا من فلسطين وحاولت الحركة الصهيونية الاستيلاء على الأرض. إذن هناك رابط مباشر بين الإمبريالية المبنية على الاستشراق وبين الطريقة التي برزت بها الصهيونية للاستيلاء على فلسطين عام 1948.
في كتاباتي، حاولت أن أعيد النظر في العلاقة العثمانية-العربية وأبرزت أن العثمانيين كانوا في الحقيقة مفسرين لكثير من أفكار وتكنولوجيات الحداثة في القرن الـ19 في العالم العربي، كما كان الحال في العالم الناطق بالتركية. وأعتقد أن العثمانيين لعبوا دورا مهما في تطوير وتحديث شرق البحر المتوسط بطريقة متميزة عن أوروبا..
كيف ترى تاريخ العثمانيين وعلاقته بالعرب؟التاريخ العثماني مثير للاهتمام لأنه يمثل حالة من "الاستشراق العربي" تجاه العثمانيين. ومع ظهور القومية العربية في القرن الـ20، كان هناك جهد لرفض الماضي العثماني واعتباره فترة من التخلف المفروض. ولا يزال يُذكر بهذه الطريقة في العالم العربي حتى اليوم.
في كتاباتي، حاولت أن أعيد النظر في العلاقة العثمانية العربية، وأبرزت أن العثمانيين كانوا في الحقيقة مفسرين لكثير من أفكار وتكنولوجيات الحداثة في القرن الـ19 في العالم العربي، كما كان الحال في العالم الناطق بالتركية.
وأعتقد أن العثمانيين لعبوا دورا مهما في تطوير وتحديث شرق البحر المتوسط بطريقة متميزة عن أوروبا. وهناك الآن جهود بحثية جديدة من قبل مؤرخين عرب لإعادة التفكير في الماضي العثماني بهذه الطريقة.
التاريخ العثماني مثير للاهتمام لأنه يمثل حالة من "الاستشراق العربي" تجاه العثمانيين. ومع ظهور القومية العربية في القرن الـ20، كان هناك جهد لرفض الماضي العثماني واعتباره فترة من التخلف المفروض. ولا يزال يُذكر بهذه الطريقة في العالم العربي حتى اليوم.
أعتقد أن مفهوم الاستشراق الجديد لا يزال قيد التطوير، وهو فكرة جديدة تعكس القرن الـ21. لقد أصبح من الواضح أن تبادل الأفكار لم يعد يتم عبر الوسائل التقليدية كالكتب والتلفزيون فقط، بل يجري اليوم في عالم رقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي.
وهناك رد فعل صحي في العالم العربي والإسلامي حيث أصبح الناس ينظرون لما يكتبه الغرب عنهم ويقولون: لا، هذا غير صحيح، نحن نعرف أنفسنا أفضل منهم، ويمكننا الكتابة عن أنفسنا بشكل أفضل. وقد أصبح تركيز الكتابة ينتقل من الغرب إلى الشرق الأوسط.
كما لم يعد هناك خط فاصل واضح بين الشرق والغرب، إذ إن تدفق المهاجرين من جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا إلى أوروبا وأميركا أدى إلى نشوء مجتمعات عربية ومسلمة كبيرة أصبحت جزءا من ثقافة أوروبا.
والإسلام نفسه يتغير عبر تفاعله في أوروبا وأميركا، وربما تعود بعض هذه التغيرات إلى قلب العالم الإسلامي. وهذه كلها جزء من الاستشراق الجديد، الذي يعيد التفكير في كيفية وصفنا وتفكيك التصورات الخاطئة.
هناك رد فعل صحي في العالم العربي والإسلامي حيث أصبح الناس ينظرون لما يكتبه الغرب عنهم ويقولون: لا، هذا غير صحيح، نحن نعرف أنفسنا أفضل منهم، ويمكننا الكتابة عن أنفسنا بشكل أفضل. وقد أصبح تركيز الكتابة ينتقل من الغرب إلى الشرق الأوسط.
ما هو تأثير الذكاء الاصطناعي في هذا السياق؟مقاربتي للذكاء الاصطناعي ما زالت نظرية، فأنا باحث من الطراز القديم وأعتمد على الذكاء البشري. لكن ما يهمني هو أن الذكاء الاصطناعي كما نستخدمه اليوم يعتمد على نماذج لغوية ضخمة تستند إلى ملايين الكتب والمقالات التي يتم تحميلها على الخوادم، ثم تُدرّب الخوارزميات لإنتاج إجابات تحاكي طريقة تفكير البشر. وهذا قد يعني أننا سنظل نكرر التصورات الاستشراقية نفسها إلى الأبد، لأن هذه النماذج مبنية على النصوص الاستشراقية نفسها.
إعلانومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي أداة في يد المستخدم، وما تحصل عليه منه يعتمد على طريقة طرحك للسؤال. فإذا توجهت إلى "تشات جي بي تي" وطلبت منه تفسيرا نيواستشراقيا لقضية ما، فسيعطيك شيئا مختلفا تماما عن تلك التحيزات التقليدية. في النهاية، قوة الذكاء الاصطناعي تعتمد على المستخدم والطريقة التي يوجه بها السؤال.
كلما سألنا الذكاء الصناعي عن الشرق الأوسط أو الإسلام أو مواضيع استشراقية، فإنه يتطور أكثر. ربما لن يقدم نفس الإجابة مرتين، وقد يقترب من إجابات قياسية، لكنه سيستمر في التطور مع كل تفاعل، بطرق لا يمكننا التحكم فيها تماما. لذلك، ما أطلقناه سيكون شيئا لن نستطيع السيطرة عليه بشكل كامل، وسنرى في المستقبل ما إذا كان سيعطينا أدوات تقدم رؤية أكثر تنويرا أم أكثر استشراقية
هل الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتطور فعلا نحو الفهم الأعمق؟لا يمكننا تدريب الذكاء الاصطناعي إلا بالتكرار، ومع كل طلب نوجهه له، يتطور ليصبح أكثر قدرة على الاستجابة بطريقة تشبه البشر. وكلما سألناه عن الشرق الأوسط أو الإسلام أو مواضيع استشراقية، فإنه يتطور أكثر.
ربما لن يقدم نفس الإجابة مرتين، وقد يقترب من إجابات قياسية، لكنه سيستمر في التطور مع كل تفاعل، بطرق لا يمكننا التحكم فيها تماما. لذلك، ما أطلقناه سيكون شيئا لن نستطيع السيطرة عليه بشكل كامل، وسنرى في المستقبل ما إذا كان سيعطينا أدوات تقدم رؤية أكثر تنويرا أم أكثر استشراقية.