ف. تايمز: لماذا نجا حفتر من الغضب الشعبي المتوقع بعد كارثة فيضانات درنة؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
هل نجا قائد الشرق الليبي الجنرال خليفة حفتر من تداعيات كارثة فيضانات درنة، والتي أسفرت عن مقتل 4 آلاف شخص، على الأقل، وهي الكارثة التي أسهم فيها سدان قديمان في المدينة كانا يحتاجان إلى الصيانة وأهملتهما السلطات؟
يرى تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، وترجمه "الخليج الجديد"، أن قبضة حفتر وأمراء الحرب الليبيين في الشرق لا تزال قوية، وأنهم نجوا بالفعل من الغضب الشعبي الذي كان متوقعا أن يوجه ضدهم عقب الكارثة، رغم الاحتجاجات النادرة التي خرجت في درنة، الأسبوع الماضي، على خلفية ما حدث، لكن الأمر لم يتدحرج إلى احتجاجات عامة ضد الجنرال الذي كان عميلا للاستخبارات الأمريكية ويعمل تحت إمرته الآن مسؤولين أمنيين وعسكريين من عهد الزعيم السابق معمر القذافي، ويستخدمون نفس أساليبهم الوحشية في قمع المعارضين.
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: حفتر يستغل كارثة فيضانات ليبيا لبسط نفوذه
الناس يلومونه "سرا"وينقل التحليل عن عماد الدين بادي، المحلل في المجلس الأطلسي: "قد يلومه الناس ضمنيا، لكنهم يعرفون ألا يتحدثوا ضده لأن ذلك سيهدد سلامتهم، بل ويمكن أن يكون مميتا".
ويقول محللون إنه من غير المتوقع أن تؤثر هذه المأساة على قبضته على المنطقة. إنه لا يتحمل أي معارضة ولا يجرؤ سوى القليل على التحدث ضده خوفًا من الانتقام.
وحظي حفتر بدعم الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا وفرنسا حيث قدم نفسه كشخص حيوي في المعركة ضد التطرف. لكن منتقديه يتهمونه ليس فقط بالمسؤولية عن القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، بل إنه يشكل حجر عثرة أمام إنهاء سنوات الانقسام والفوضى.
اقرأ أيضاً
غضب شعبي من حفتر وأبنائه.. فساد وإهمال خلف كارثة فيضانات درنة
إعادة الإعماروحذر بادي، من المجلس الأطلسي، من أن إعادة الإعمار "سيُنظر إليها على أنها منجم يمكن لأمراء الحرب في الشرق الليبي القتال من أجله والحصول على رشاوى".
ويضيف: "من الواضح أن حصة الأسد من الرشاوى ستذهب إلى حفتر".
وقد تم تقسيم ليبيا بين إدارات متنافسة في الشرق والغرب، منذ اندلاع الصراع في أعقاب انتخابات متنازع عليها في عام 2014.
في ذلك العام، جعل حفتر من بنغازي معقلًا له وشن حملة وحشية ضد الإسلاميين المسلحين وغيرهم من المعارضين لحكمه.
وسقطت درنة، التي كانت تعتبر معقلا لمتشددين، تحت سيطرته في عامي 2018 و2019 بعد أن حاصرت قواته المدينة لمدة عامين.
اقرأ أيضاً
فيضانات ليبيا.. حفتر وأمراء الحرب يستغلون الكارثة لبسط نفوذهم
جميع المعارضين متطرفونويقول التحليل إن حفتر لجأ لاستراتيجية تقوم على اعتبار أن جميع معارضيه هم من المتطرفين، وسوقت أبواقه لذلك في الغرب، مستغلا نجاحه في هزيمة تنظيم "الدولة" بشرق ليبيا، لا سيما في بنغازي، وإنهاء سياسة الاغتيالات التي نفذها متشددون في تلك المناطق.
وأثار حفتر حربا أهلية جديدة في عام 2019 عندما سار بقواته إلى طرابلس للإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة. وكان مقاتلوه مدعومين بمرتزقة روس من مجموعة فاغنر. لكنه هُزم في عام 2020 بعد تدخل تركيا لدعم حكومة طرابلس.
لذلك يعتقد المحللون أن حفتر سينجو من تداعيات كارثة الإعصار دانيال وما فعله في الشرق الليبي، لا سيما درنة.
المصدر | هبة صالح / فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: خليفة حفتر فيضانات درنة فساد إعادة الإعمار الشرق الليبي کارثة فیضانات فی الشرق
إقرأ أيضاً:
لماذا يستعجل ترامب وقف الحرب؟
خلافاً لمرّات كثيرة سابقة، خلّفت خيبات أمل متكرّرة بشأن تصريحات متفائلة حول قرب التوصّل إلى اتفاق بشأن الحرب الإبادية على غزّة، يبدو أن دونالد ترامب جاد في هذه المرّة بممارسة ضغط فعّال على الحكومة الإسرائيلية للقبول بصفقة.
يبني ترامب تحرّكه السياسي نحو وقف الحرب بطريقة أو بأخرى على أنه نجح في تحييد إيران وبرنامجها النووي، بعد أن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في الفصل بين محاور المقاومة في المنطقة، بما يمكنه من الحصول على صفقة مع المقاومة الفلسطينية تتسم في جوهرها، بشكل أو بآخر من أشكال الاستسلام.
داعية السلام، والمهووس بالصفقات، يعتقد أن تحقيق السلام الذي ينتظره، يقوم على مبدأ وأساس استخدام القوة لإرغام أي طرف عدا دولة الاحتلال على الاستسلام والقبول بالاشتراطات الأمريكية والإسرائيلية.
لم يحصل ترامب على الإذعان من قبل إيران كما كان يدعو، ولذلك فإنه يواصل تهديداته بالعودة إلى القتال للإجهاز على النظام الإيراني، وكل ما يملك من إمكانيات قتالية، وبقايا المشروع النووي.
إذا كانت أمريكا، هي من أدار الحروب في المنطقة وموّلها بكل أنواع وأشكال الدعم، فإنه لن يترك لنتنياهو المجال، لكي يقرر مصير المنطقة.
ترامب فقد الثقة على ما يبدو بقدرة دولة الاحتلال على خدمة الأهداف والمصالح الأمريكية وحتى الإسرائيلية، بينما هو يستعجل الحصاد نحو إعادة ترتيب المنطقة وفق ما تقتضيه المصالح الأمريكية، وضمان أمن الدولة العبرية. تجربة الحروب الإجرامية الجارية منذ «طوفان الأقصى»، أكدت بما لا يدع للاجتهاد أن دولة الاحتلال ما كانت لتصمد كل هذا الوقت من دون الدعم الأمريكي الذي لم يتوقّف.
حرب الـ 12 يوماً مع إيران أكدت لدى الإدارة الأمريكية وغيرها، أن الردع الإسرائيلي بكل ما يملك لم ينجح في تجنب وصول الصواريخ الإيرانية، رغم مشاركة أمريكا، ودول أخرى مارست دوراً عملياً كبيراً في اعتراض الصواريخ الإيرانية.
وربما بات ترامب يدرك، منذ وقت ليس قصيراً، أن نتنياهو يخوض حروباً عدوانية، بدوافع شخصية وسياسية تستنزف الجيش والاقتصاد الإسرائيلي من دون أهداف واضحة، سوى القتل الجماعي والتدمير، الذي يقوّض مكانة دولة الاحتلال ومن يقف إلى جانبها، ويهدم كل منظوماتها الأخلاقية.
ترامب يسعى لإيجاد مخارج لإنزال نتنياهو عن الشجرة عَبر تضخيم دوره كبطل تاريخي، وإقناعه بوهم انتصار لم يتحقق، ومكافأته بإزالة التهديد القضائي عنه.
يقترح ترامب مخرجاً لنتنياهو، عَبر تسوية تضمن إنهاء ملفّاته القضائية، فضلاً عن وعود مبهمة، قد تستهدف إعادته للحياة السياسية مع بدائل لحلفائه الحاليين في الحكومة.
الفكرة ليست جديدة، فقد كان الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ قد أشار لها في تصريح قبل عدة أشهر، ما يعني أنه جاهز للتعاطي مع هذه التسوية، وإصدار عفوٍ عن نتنياهو.
التدخّل الأمريكي السافر في المنظومة الداخلية للقضاء الإسرائيلي لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام على الأطراف السياسية الفاعلة في دولة الاحتلال، باعتبار أن ذلك يقوّض المنظومة القضائية ويمسّ على نحوٍ صارخ بالاستقلالية النسبية للدولة، ويشكّل سابقة لتسليم قرارها بيد أمريكا.
تتلاقى وتتزامن تصريحات ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل، مع تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير الذي يقول: إنّ الصفقة إنْ تمّت فإنها تأتي في توقيت مناسب وإن جيشه بات قريباً من إنجاز مهمّته، وإنه لا يسعى لخوض حرب أبدية، فضلاً عن تصريحات لعديد من وزراء «الليكود».
نتنياهو قلق ومرتبك، ومشغول في كيفية التعامل مع حلفائه، وهو يحاول تأجيل زيارته حيث تم استدعاؤه إلى واشنطن لكي يتزامن وجوده مع الإفراج عن الرهائن كما قال ترامب.
سيحاول نتنياهو الحصول على وعود أمريكية تتجاوز البعد الشخصي الخاص بملفاته القضائية، خصوصاً فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، في الاتجاه الذي يخدم السياسة الإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية.
ولكن ما الذي يدعو ترامب إلى الاستعجال، لإنهاء الحرب الإبادية بعد كل هذا الوقت عدا أن نتنياهو فشل في تحقيق أي هدف من الأهداف التي تحدث عنها بشأن كل ملف القطاع؟
لا شكّ أن المناخ الإقليمي الذي تولّد بعد حرب الـ 12 يوماً على إيران، يدفع ترامب لتتويج ذلك، بمكاسب سياسية واقتصادية.
الحرب إن توقفت على ما جرى، من دون إنجازات سياسية وحالة استقرار هشّة في المنطقة، فإن ذلك لا يعني أن أمريكا حققت الانتصار في ظلّ صمود إيران، وتمسّكها بمواقفها المتصّلبة.
لا شكّ أن الادعاء بتحقيق الانتصار في الإقليم يتطلّب الانتقال إلى «اليوم التالي»، نحو توسيع «اتفاقات أبراهام» بأبخس الأثمان.
لا يمكن حتى الحديث عن «اليوم التالي» طالما أن الحرب العدوانية على القطاع مستمرة، حيث إن ذلك يتسبّب في حرجٍ كبير للدول العربية والإسلامية المستهدفة بـ»التطبيع».
سيدّعي ترامب أنّ وقف الحرب والانتقال إلى مرحلة «التطبيع» يشكّلان انتصاراً لدولة الاحتلال، التي أرادت فرضه على العرب بالقوة، وانتصاراً لأمريكا التي أثبتت أنها ملتزمة بحماية أمن حلفائها العرب والتخلّص من أيّ تهديد يستهدفهم.
* كاتب فلسطيني