يعي الجميع أهمِّية التواصل الاجتماعي، ومدى تأثيره النَّفْسي على حياة الأفراد في عصرنا هذا. لذلك نلاحظ ـ على سبيل المثال ـ أنَّ هاتف الفرد قَدِ امتلأ بالدردشات الجماعيَّة من: أصدقاء الكلِّيَّة، وزملاء العمل، والأصدقاء الذين التقى بهم في مرحلة البلوغ، ومجموعة من الأصدقاء الذين سيذهبون إلى حفلة ما، والعائلة، بل والعائلة بفروعها الممتدَّة.
طبعًا للأفضل أو للأسوأ، ربَّما نكُونُ في عصر الدردشة الجماعيَّة. حيث اكتسب تطبيق واتساب ـ مثلًا ـ وهو خدمة المراسلة الأكثر شَعبيَّة في جميع أنحاء العالَم، بأكثر من مليارين ونصف المليار مستخدم نشط في الفترة من عام ٢٠١٢ إلى ٢٠٢٣، مع احتمال الزيادة في مستخدميه. ولكن قَبل بضع سنوات فقط، أجزم هنا أنَّه كان من الممكن أن نقومَ بالمزيد من تلك الدردشة عَبْرَ الإنترنت، ولكن مع وجود تطبيق أكس (المعروف سابقًا باسم تويتر) في حالة من الفوضى ـ إن استطعت قول ذلك ـ وتراجع شَعبيَّة الفيسبوك، واستحواذ الإعلانات على الإنستجرام، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أقلَّ اجتماعيَّة. لذلك وعلى الرغم من أنَّ هذه المواقع لَمْ تَعُدْ تُعزِّز التواصل الحقيقي، مِثل النصائح والنكات الداخليَّة، إلَّا أنَّ الأشخاص قَدْ يستعيدون ذلك التواصل من خلال الدردشات الجماعيَّة.
بطبيعة الحال، إجراء محادثة مستمرَّة يعني أيضًا أنَّ لدَيْك مساحة لمشاركة التحديثات الصغيرة التي تحدث حَوْلَك على مدار اليوم. كما أنَّها تُسهم في تماسك المجموعة والمتعة المشتركة. وهنا ربَّما قَدْ يكُونُ للبعض ذلك النَّص الجماعي بمثابة ملجأ وتذكير بأنَّك جزء من شيء ما، فحتَّى عِنْدما تكُونُ وحيدًا، فأنتَ لسْتَ وحيدًا. وهكذا تستمرُّ الرسائل في التدفُّق والتراكم. في النهاية، أرَى أنَّك تحت ذلك الشلَّال، وأعضاء الدردشة المختلفين يجلبون شخصيَّاتهم الخاصَّة وأساليب الاتِّصال الخاصَّة بهم أيضًا، والتوقُّعات الخاصَّة بمعايير المجموعة ـ فهناك الكثير ممَّا يحدث!.
ولعلَّ أهمَّ ما قَدْ نلاحظه من تلكم ـ الدردشات ـ ذلك التوتُّر الأبدي بَيْنَ الهُوِيَّة الفرديَّة والجماعيَّة، بَيْنَ أن نكُونَ أشخاصًا منفردين بأنْفُسِنا، وأن نكُونَ مسؤولين أمام الآخرين. في نهاية المطاف، يريد مُعْظمنا التواصل حتَّى لو كان يتضمن بعض الالتزامات، لِيصلَ أنَّنا سنتلقَّى سيلًا من الرسائل عِندما نكُونُ مشغولين، فهل إذا كان ذلك، يعني أنَّه يُمكِننا التواصل عِندما نتألَّم؟!
ومع ذلك، من الأفضل أن نلاحظَ متى تمنحنا محادثاتنا حزنًا أكثر من الفرح، أو عِندما تتضاعف إلى درجة أنَّنا لا نربطها بالحميميَّة والاتِّصال بعد الآن. وهنا بشكلٍ حقيقي أوَدُّ الإشارة إلى أنَّه إذا كنَّا نتحوَّل إلى المراسلة الجماعيَّة عِندما بدأت وسائل التواصل الاجتماعي تبدو أقلَّ اجتماعيَّة، فيجِبُ أن نتمسَّكَ بالمحادثات الجماعيَّة التي تساعدنا صدقًا في التحدث إلى النَّاس، وربَّما نتخلَّى هنا عن تلك التي تبدو مزدحمة وفارغة في نَفْس الوقت!
ختامًا، أيُّ انتماء يتطلب بعض الجهد. وهكذا هي العلاقات ومِثلها التواصل الاجتماعي، فهي مسؤوليَّات غالبًا ما تأتي مصحوبة بالإزعاج لبعض الأفراد، ولكن هذه هي طبيعتها…أوَلَيْسَ كذلك؟ فلقَدْ تلقَّيت عشرات الإشعارات أثناء الانتهاء من هذا الموضوع وفي النهاية، أنا سعيد لأنَّها وصلتني.
د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی ة الجماعی
إقرأ أيضاً:
كل ما تحتاج معرفته عن DeepSeek.. تطبيق الدردشة الذكي الصيني المثير للجدل
أصبحت شركة ديب سيك DeepSeek الصينية حديث العالم التقني مؤخرا، بعد أن تصدر تطبيق الدردشة الذكية الخاص بها قوائم متجر App Store وGoogle Play، في اختراق مفاجئ للساحة العالمية أشعل تساؤلات في وول ستريت بشأن مستقبل تفوق الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي.
من هي DeepSeek؟ وكيف صعدت بهذه السرعة إلى الصدارة؟- من عالم المال إلى الذكاء الاصطناعيانطلقت DeepSeek كمختبر بحثي تابع لصندوق التحوط الصيني High-Flyer Capital Management، المتخصص في التداول الخوارزمي المعتمد على الذكاء الاصطناعي، أسس الصندوق عام 2015 رجل الأعمال ليانج وينفنج، الذي بدأ رحلته في التداول أثناء دراسته في جامعة تشجيانج.
في عام 2023، أنشأ High-Flyer مختبر DeepSeek بشكل منفصل عن أعماله المالية، ليصبح لاحقا شركة مستقلة تعمل على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة.
ورغم الحظر الأمريكي على تصدير رقاقات الذكاء الاصطناعي المتطورة إلى الصين، تمكنت DeepSeek من تدريب نماذجها باستخدام رقاقات Nvidia H800 نسخة أقل قوة من H100 المتاحة في السوق الأمريكية.
نماذج قوية بلمسة شابةمنذ انطلاقتها، اعتمدت DeepSeek على بناء مراكز بياناتها الخاصة. وتضم الشركة فريقا شابا من الباحثين الحاصلين على الدكتوراه من أبرز الجامعات الصينية، بالإضافة إلى موظفين من خلفيات غير تقنية لتغذية النماذج بتنوع معرفي واسع.
وقد أثارت نماذجها إعجاب المتخصصين، بدءا من DeepSeek Coder وDeepSeek Chat، وصولا إلى DeepSeek V3 ونموذج "R1" المخصص للمنطق والاستدلال، وتؤكد اختبارات داخلية أن هذه النماذج تتفوق على منافسين كبار، مثل GPT-4o من OpenAI وLLaMA من Meta.
لكن هذه النماذج لا تخلو من القيود، إذ تخضع للمراجعة من قِبل الجهات التنظيمية الصينية للتأكد من توافقها مع "القيم الاشتراكية الأساسية"، ما يعني أن بعض المواضيع الحساسة محظورة في محرك الردود، مثل مذبحة تيانانمن واستقلال تايوان.
رغم هذا النجاح، لا يزال نموذج العمل التجاري لشركة DeepSeek غير واضح المعالم، فهي تطرح خدماتها بأسعار أقل من السوق أو بشكل مجاني، ولا تستقبل تمويلا استثماريا، رغم الاهتمام الكبير من صناديق رأس المال الجريء.
وتقول الشركة إنها يمكنها الحفاظ على هذا التنافس السعري، رغم تشكيك بعض الخبراء في صحة هذه الادعاءات، وتشير بيانات موقع Hugging Face إلى أن نموذج R1 لوحده تم استنساخه أكثر من 500 مرة، وبلغ عدد التحميلات أكثر من 2.5 مليون.
بين إشادة عالمية ومخاوف أمنيةرغم الإشادات التقنية بنماذجها، لم تسلم DeepSeek من الانتقادات والقيود السياسية. فقد أعلنت عدة جهات حكومية، من بينها ولاية نيويورك وكوريا الجنوبية، حظر استخدام أدوات DeepSeek على أجهزتها الرسمية، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي والدعاية.
وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي، صرح براد سميث، نائب رئيس مايكروسوفت، أن موظفي الشركة ممنوعون من استخدام أدوات DeepSeek نظرا لمخاوف تتعلق بالخصوصية.
من جهة أخرى، استضافت مايكروسوفت نماذج DeepSeek ضمن منصة Azure AI Foundry، مما يشير إلى التباين في المواقف تجاه الشركة حتى داخل الغرب نفسه.
وقد اعتبر بعض المحللين أن نجاح DeepSeek ساهم في انخفاض سهم إنفيديا بنسبة 18% مطلع 2024، كما دفع OpenAI للرد علنا بوصف الشركة بأنها "مدعومة من الدولة وتخضع لرقابتها"، وطالبت الإدارة الأمريكية بحظرها رسميا.
ما الذي ينتظر DeepSeek؟بين التقدم التقني السريع والقيود السياسية المتزايدة، يبدو مستقبل DeepSeek محفوفا بالتحديات. ومع ذلك، فإن الشركة تواصل تطوير نماذجها وتحقيق حضور لافت، وهو ما يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي.
ما هو تطبيق ديب سيك Deepseek؟
Deepseek هو تطبيق برمجي يصنف ضمن أدوات البحث المتقدمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاستكشاف البيانات على الإنترنت، يهدف التطبيق إلى تمكين المستخدمين من الوصول إلى المعلومات التي قد تكون مخفية أو صعبة الوصول، بما في ذلك محتوى غير متاح عبر محركات البحث التقليدية مثل جوجل.
يعتمد التطبيق على تقنيات متطورة في التنقيب في البيانات، ويمكنه البحث في الإنترنت العميق Deep Web، وحتى في بعض الأحيان في الإنترنت المظلم Dark Web.
كيف يعمل ديب سيك Deepseek؟يستخدم Deepseek تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية لتمكين المستخدمين من العثور على معلومات من مصادر غير متاحة بسهولة من خلال محركات البحث التقليدية.
يقدم التطبيق واجهة سهلة الاستخدام تمكن المستخدم من إدخال استفسارات معقدة، ثم يعرض نتائج من مواقع وبيانات قد تكون مخفية أو متاحة فقط لأغراض محدودة.
واحدة من أبرز ميزات التطبيق هي قدرته على تصنيف البيانات وفقا للموضوع، مما يسهل على المستخدمين الوصول إلى المعلومات ذات الصلة من مصادر متعددة في وقت واحد. كما يحتوي التطبيق على أدوات متقدمة لتحليل البيانات بشكل سريع وفعال.