جريدة الوطن:
2025-06-02@18:29:22 GMT

من دراسات الشورى «8ـ16»

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

من دراسات الشورى «8ـ16»

ثامنًا: «تقييم وتحسين الخدمات الصحيَّة».
في زيارتي إلى العاصمة التايلانديَّة قَبل عدَّة أشْهُر بغرض إجراء بعض الفحوصات الطبيَّة، كنتُ حريصًا على طرح سؤال مُلِحٍّ على الدكتور أحمد الحارثي «نائب رئيس البعثة في سفارة سلطنة عُمان» ببانكوك، عن عدد العُمانيِّين الذين يتلقَّون العلاج ويجرون الفحوصات السنويَّة كُلَّ عام في المستشفيات التايلانديَّة؟ دافع السؤال يستند إلى العدد الكبير من المواطنين الذين نصادفهم في العيادات والمرافق الطبيَّة هناك، ومن نودِّعهم ونستقبلهم في مسقط، وما نستخلصه من اللقاءات والأخبار والنقاشات اليوميَّة عن أعداد المرضى المغادرين والعائدين من دوَل مختلفة بحثًا عن العلاج والصحَّة… الإجابة على سؤالي لَمْ تكُنْ جاهزة ـ للأسف الشديد ـ فالأرقام قديمة وبعضها غير موثَّق أو تشمل جميع العُمانيِّين الذين زاروا تايلاند لأغراض مختلفة، ولا يعرف بالدقَّة عددُ مَن تلقَّوا العلاج مِنْهم، ما يؤكِّده أنَّ النسبة عالية وفي نُموٍّ سنوي متواصل.

وعِندما عدتُ من كوريا الجنوبيَّة، انهالت عليَّ الأسئلة من قِبل عددٍ من الأصدقاء والمعارف، عن مستوى التقدُّم الذي وصلت إليه الخدمات الصحيَّة والرعاية الطبيَّة والتطوُّر الذي بلغته المستشفيات في سيئول، وعِندما اكتشفوا بأنَّني لا أملك الإجابة؛ لأنَّ الغرض من زيارتي كان سياحيًّا بحتًا، ولَمْ أفكِّر في زيارة أيٍّ من المستشفيات المشهورة هناك، ولا البحث واستطلاع ما حقَّقه القِطاع الصحِّي في كوريا الجنوبيَّة من إنجازات ونجاحات شعرت وكأنَّهم أصيبوا بخيبة أمل. هذا الاهتمام من قِبل المواطن العُماني بالخدمات الطبيَّة في دوَل أخرى مبعثُه القلق من انتشار الأمراض المزمنة والخطيرة، وبالأخص السرطانات بأنواعها ومشاكل القلب وعِلَله الكثيرة، والثقة المهزوزة في قِطاعنا الصحِّي، بسبب ما يشاع ويحتشد به الشارع من أحاديث وقصص ومواقف ـ بصحيحها وخطئها ـ عن ارتفاع «الأخطاء الطبيَّة»، وتسبُّبها في الوفاة، وتأخُّر مواعيد العمليَّات والفحوصات الدقيقة لعدَّة أشْهُر أو سنوات، والمعاملة غير الطيِّبة وغير المسؤولة من قِبل بعض الكوادر وموظفي الجهاز الإداري وعلى قلَّتهم، إلَّا أنَّ موقفًا واحدًا تأثيره كبير على المُجتمع وينتشر بسرعة البرق في ظلِّ قنوات وبرامج وحسابات الإعلام الإلكتروني، وأخيرًا النقص المشهود في عدد المستشفيات الكبيرة والمتخصِّصة، وتأخُّر تنفيذ مشروع المدينة الطبيَّة… هذا بالطبع لا ينفي من جانب آخر، الجهد الكبير والإنجازات المقدَّرة والتقدُّم الملحوظ الذي تحرزه وزارة الصحَّة على مختلف المستويات. الخلل والضعف وأوْجُه القصور قَدْ تكُونُ نتاجًا طبيعيًّا لسياسات التقشُّف وخفض بنود الميزانيَّة المخصَّصة للوزارة على فترات خلال السنوات الماضية؛ ما أدَّى إلى وقف عددٍ من مشاريعها وخططها التوسعيَّة في المرافق، وتعيين الأطبَّاء والكوادر المساعدة، يحدث ذلك في مقابل النُّمو المتسارع في عدد السكَّان وارتفاع نسبة المرضى بشكلٍ كبير. قَبل أسابيع علَّق أحَد الأصدقاء في مجموعة واتساب متحدِّثًا عن إعجابه الشديد بخدمات المستشفى السُّلطاني والرعاية المميَّزة والاهتمام البالغ الذي وجدتْه والدته التي نقَلها إلى طوارئ المستشفى على إثر وعكة صحيَّة مفاجئة، وهو ذاته الانطباع الذي خرجتُ به بعد إجراء عمليَّة لي في مستشفى النهضة، فعبَّرت عن امتناني وشكري في مقال نشرته هذه الجريدة الغرَّاء «الوطن» قَبل سنوات. وبالرغم من آلاف المرضى الذين يراجعون المستشفيات الحكوميَّة يوميًّا، ومئات العمليَّات بأنواعها التي تُجرى بنجاح، والإنجازات التي تحرزها وزارة الصحَّة وكوادرها الطبيَّة وتعلن عَنْها وسائل الإعلام، إلَّا أنَّ الثقة شِبْه مهزوزة من قِبل العُمانيِّين الذين يهرعون إلى الخارج مع كُلِّ شعور بالمرَض وإحساس بمشكلة صحيَّة ما… فأين الخلل؟ وما الأسباب التي تقف وراء هذا الواقع؟ هل في ضعف التغطية الإعلاميَّة وبرامج التوعية؟ أم في بعض الأخطاء الطبيَّة التي تقع فتنتشر أخبارها في أوساط المُجتمع؟ أم في تأخير المواعيد وتعامل بعض الموظفين الفجِّ مع المريض وأهلِه وضعف الشعور بمعاناتهم…؟ وهي إشكالات ومعيقات يجِبُ أن تعالجَها وزارة الصحَّة سريعًا لِيتمكَّنَ هذا القِطاع الحيوي والمُهمُّ من تقديم خدماته بجودة عالية، مستعينًا بالتقدُّم العلمي والخبرات العالَميَّة الماهرة. فصحَّة الإنسان هي «أساس الحياة، ومن غيرها ما وُجد الجسم السَّليم الذي يعطي صاحبه فرصة التمتُّع بالحياة والتطوُّر…»، وبِدُونِ الصحَّة لَنْ تكُونَ للحياة أيَّة قِيمة ولا دَوْر للإنسان فيها. وبالعودة إلى موضوع المقال وأغراضه، فإنَّ مجلس الشورى قام بِدَوْر كبير وبارز في تناول ملف القِطاع الصحِّي ومعالجة مشاكله وأوْجُه قصوره، موظِّفًا الأدوات البرلمانيَّة المتاحة ونقاشاته المتكررة مع وزراء الصحَّة عِند إلقاء بياناتهم الوزاريَّة، وأعدَّ وقدَّم عددًا من الدراسات والتقارير المتخصِّصة التي رُفعت إلى السُّلطان ومجلس الوزراء. من أهمِّ هذه الدراسات «تقييم وتحسين الخدمات الصحيَّة في مناطق السَّلطنة المختلفة»، ركَّزت على «عدَّة مسائل مِنْها، رصد الاحتياجات الفعليَّة للمناطق من الخدمات الصحيَّة وما يتطلبه ذلك من إنشاء عددٍ من المنشآت الصحيَّة في مختلف المحافظات والمناطق. وتطوير وتحسين الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحيَّة القائمة من حيث توفير الكادر الطبِّي وهيئة التمريض والفنيِّين، وتحديث الأجهزة والمعدَّات الطبيَّة والعلاج، وزيادة عدد الأسرَّة، وصيانة المباني، واستحداث الأقسام التخصصيَّة اللازمة بالمستشفيات والمُجمَّعات وترتيب أولويَّات توفير هذه الخدمات الصحيَّة، ومراقبة وتحديد أسعار الدواء بصيدليَّات القِطاع الخاصِّ…». دراسة المجلس حَوْلَ «الأخطاء الطبيَّة»، هي الأخرى، أوصت بضبط و»تحديد اختيار الكوادر الطبيَّة وتدريبها وزيادة موارد الوزارة لاختيار الكفاءات وسدِّ النقص في الكوادر والأجهزة ـ إصلاح وتحسين أنظمة جودة الخدمات الصحيَّة وسلامة المرضى في المؤسَّسات الصحية ـ تقييم وتطوير النُّظم الواقية من الأخطاء الطبيَّة ووسائل إثباتها وتسهيل إجراءات الشكوى ـ التحقيق الجزائي في شكاوى الأخطاء الطبيَّة وتنظيم العلاقة القانونيَّة وتطويرها بَيْنَ الادِّعاء العامِّ ووزارة الصحَّة والمؤسَّسات الصحيَّة ـ وضع الأُسُس وقواعد التعويضات المقرَّرة للمَرضى المتضرِّرين من الأخطاء الطبيَّة، وأخيرًا تحديث قانون مزاولة مهنة الطبِّ البَشَري وطبِّ الأسنان…». وكُلُّ توصية من تلكم التوصيات تتفرع عَنْها جملة من التوصيات والمرئيَّات والمعالجات القادرة على إحداث نهضة جديَّة في القِطاع الصحِّي فيما لو أخذ بها، وتمَّ استثمار هذا الجهد تحقيقًا للهدف والغاية.

سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الخدمات الصحی الع مانی الق طاع من ق بل

إقرأ أيضاً:

مكتب ثروة: يقدم دراسات جدوى رصينة تدعم التنمية

يونيو 2, 2025آخر تحديث: يونيو 2, 2025

المستقلة/-اكدت المدير المفوض لمكتب ثروة الامم الاستشاري للسياسات الاقتصادية ودراسات الجدوى د. اكرام ال عقيل تقديم دراسات الجدوى الرصينة التي تمكن المستثمرين من اقامة مشاريع على اسس علمية ومهنية.

وقالت ال عقيل: ان المكتب يقدم دراسات جدوى تعزز الانشطة الاقتصادية وتنوعها من خلال توجه علمي دقيق، لافته إلى ان المكتب يعمل بخبرات لها تاريخ طويل في هذا المجال.

واشارت الى ان وجود المكتب يأتي بهدف دعم الاقتصاد الوطني وترصين الاداء، حيث ندرك ان حجم العمل كبير في العراق ويحتاج الى مشاريع في جميع القطاعات، لافتة الى ان المكتب بما يقدمه من دراسات جدوى رصينة يكون داعم لتنفيذ مشاريع.

مقالات مشابهة

  • مكتب ثروة: يقدم دراسات جدوى رصينة تدعم التنمية
  • الشورى من عندنا.. والديمقراطية من عندهم!
  • مجلس الشورى يعقد جلسته الأسبوعية ويثمن مشاركة سمو الأمير في قمة الآسيان
  • مدير المستشفيات الميدانية في غزة: مراكز توزيع المساعدات أصبحت مصايد للموت
  • إطلاق بطاقة التخفيض الطبي الإلكترونية للسودانيين بمصر عبر تطبيق AXON Plus
  • اجتماع لجنة الشؤون الداخلية والخارجية بمجلس الشورى
  • البرش: المستشفيات عاجزة وأهل غزة ينقصهم الموت الرحيم
  • استشاري: 4 أخطاء يجب تجنبها في الحج
  • الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة
  • مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة دورة «الأخطاء اللّغويّة الشّائعة»