البرش: المستشفيات عاجزة وأهل غزة ينقصهم الموت الرحيم
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
قال المدير العام لوزارة الصحة بقطاع غزة الدكتور منير البرش -في مقابلة مع قناة الجزيرة- إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة دموية ضد مواطنين فلسطينيين كانوا يحتشدون في المنطقة المخصصة لتوزيع المساعدات غرب رفح جنوبي القطاع، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 30 شهيدا وحالات موت سريري وأكثر من 197 مصابا.
وأكد البرش أن طائرات "الكواد كابتر" نادت على المواطنين الغزيين بأن يذهبوا لأخذ المساعدات ولكنها أطلقت عليهم الرصاص، وكشف أن هناك شهداء ومصابين لم تستطع سيارات الإسعاف الوصول إليهم.
وذكر أن المستشفيات لا تستطيع استقبال العدد الكبير من الجرحى الذين سقطوا في المجزرة الإسرائيلية، بعد فقدان المستشفى الأوروبي في الجنوب.
وفي رده على سؤال للجزيرة عن أحوال الناس في غزة، قال البرش "ينقصنا الموت الرحيم".
خطة تهجير
ومن جهتها، أكدت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 200 مصاب وصلوا لمجمع ناصر الطبي، 30 منهم بحالة حرجة، و5 حالات موت سريري، موضحة أن الإصابات بحاجة عاجلة لوحدات الدم، وأن "الوضع الصحي كارثي، خصوصا بعد خروج مستشفيات شمال غزة عن الخدمة".
وذكرت أن الإصابات بأقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ بحاجة عاجلة لوحدات الدم في ظل نقص شديد في التبرع، لافتة إلى وجود نقص شديد في مستهلكات الجراحة والعمليات والعناية المركزة التي وصلت إلى أسوأ حالاتها.
إعلانومن جهة أخرى، انتقد البرش -في مقابلة مع الجزيرة- خطة توزيع المساعدات الإسرائيلية المدعومة أميركيا، واعتبرها "خطة تهجير منظم" وليست إنقاذا إنسانيا، مشيرا إلى أن الاحتلال يقوم بقتل جماعي للمواطنين والمدنيين.
وفي السياق نفسه، وصف مراسل الجزيرة هشام زقوت المنطقة التي يوجد فيها مركز توزيع المساعدات بالخطيرة، حيث تتواجد في قلب مناطق تواجد الجيش الإسرائيلي، وقال إنه لا يوجد تواصل بين الشركة الأميركية والمواطنين لإبلاغهم بوقت توزيع المساعدات، مشيرا إلى وجود عوائق كثيرة أمام عملية توزيع المساعدات.
ويذكر أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعلنت أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة وحشية باستهدافه آلاف المواطنين الذين توجهوا لمراكز توزيع مساعدات غرب رفح، وقالت إنه يستخدم مراكز تحت سيطرته كمصائد لاستدراج الجوعى الأبرياء ويمارس أبشع صور القتل والإذلال، وحملت حماس الاحتلال ومعه الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر في مواقع تنفيذ الآلية الاحتلالية لتوزيع المساعدات.
ويذكر أن إسرائيل بدأت منذ 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأميركيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
وتحدث البرش عن أزمة كبيرة يعانيها القطاع الصحي في غزة، حيث إن أكثر من 60% من المستلزمات الطبية مفقودة، والمساعدات الطبية التي لم تصل، رغم أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أن هناك 3 آلاف شاحنة موجودة في العريش محملة بالأدوية وبالمستلزمات ولا يسمح لها بالدخول.
كما أن مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأردن ممتلئة لا يسمح لها بالدخول.
ووصف البرش حالة المستشفيات في القطاع بأنها صعبة جدا، وأكد أن 49% من المستشفيات العاملة معداتها الطبية مدمرة وتضررت بشكل كبير جدا، و75% من المستشفيات التي تعمل بشكل جزئي ليس لديها مياه كافية، و88% منها لا يتوفر على مصدر كهرباء، و20% من المستشفيات العاملة لا تستطيع تقديم خدمات أساسية، و31% منها غير قادرة على تقديم رعاية الطوارئ والجراحة، بالإضافة إلى النقص الحاد في الأدوية الأساسية وفي المستلزمات الطبية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات توزیع المساعدات
إقرأ أيضاً:
طبول الحرب.. سيمفونية الموت
يتفق الجميع على أن الحرب هي جريمة يرتكبها البشر، وتجسيد حقيقي لمعنى الكراهية المطلقة، بل يذهب البعض بوصفهم إلى أبعد من ذلك، فهي انتصارا فجا لثقافة «الموت والنهب والإبادة الجماعية»؛ فكل يوم يمر هناك مآسٍ يصنعها البشر ببعضهم البعض. كل لحظة هناك ألم يبعث من حرقة الفقد، وانهيار لمعنى الحياة بسلام.
إذا كانت حرب غزة «تشكل وجعا عربيا وإسلاميا فإن العالم لم يكن بعيدا عن التأثر ما يدور فيها؛ فكم هي المظاهرات الغاضبة التي تخرج من مدن العالم تسجل موقفها الرافض لاستمرار الحرب والتهجير والقتل. تندد الحشود الكبيرة بما يفعله الكيان الإسرائيلي الغاصب بالأرض المقدسة. المنظمات الدولية بدورها ترفض رفضا قطعيا لما يرتكبه العدو من جرائم حرب تتجاوز كل مقاييس البطش والتنكيل بالأبرياء. المشاهد اليومية تصعق كل من يراها من سكان الأرض، ممارسات نكراء تتجاوز نصوص القانون الدولي والإنساني.
وفي مشاهد الموت والدمار والقتل كم ألقمتنا الدموع الألم طعم الحزن والشعور بالمعاناة الإنسانية التي جاءت في هيئة نماذج مختلفة من العذاب البدني وضياع نفسي؛ شعور يخنق صدورنا ونحن نرى كيف يتلذذ العدو الغاصب للأرض المباركة بتعذيب الأبرياء الآمنين، ويبيد كل شيء في طريقه بأفعاله المشينة يترك المشهد أكثر ظلاما وخرابا.
وهنا نستذكر ما قاله الشاعر الكبير محمود درويش: «أصعب المعارك التي ستخوضها في حياتك تلك هي التي تدور بين عقلك الذي يعرف الحقيقة وقلبك الذي يرفض أن يتقبلها»؛ هكذا هو حالنا ونحن نكفكف الدمع ونشعر بانفطار الروح وانقسامها عن الجسد.
يجبرنا الواقع لتقبل رؤية الحروب والتآلف بما فيها من وجع، خاصة عندما تصبح التضحية بالنفس من أجل الوطن عملا مقدسا ونبيلا في سبيل الحرية والكرامة الإنسانية؛ إذ إن الحرب تفاقم مقدرات الشعوب، وتنشر عباءة الفقر، وتولد المجاعات والأوبئة، وتدمر كل شيء يعترض طريقها، فإن البشر يقبلون عليها بأنانيتهم وجشعهم في سلب الآخر كل شيء.
الحرب لا تعرف إلا سقوط الضحايا؛ فالصواريخ تدك كل أهدافها بدون أي تمييز ما بين طفل وعجوز. فالحرب أيضا لا تؤمن بمعنى الرحمة أو الشفقة؛ فالأسلحة والقنابل تحول «المباني إلى الأنقاض، ثم تصبح الأماكن عبارة عن مدن لا تسكنها إلا الأشباح. شظايا الأسلحة المجرمة دوليا تصيب الأبرياء. تفقدهم أعضاءهم، وبعضها تترك في أجسادهم جروحًا مفتوحة لا تندمل أو تسقط من الذاكرة.
وقد صدق أدولف هتلر عندما قال: « الحرب هي كفتح باب غرفة مظلمة؛ لن تعرف أبدا ما الذي سيحصل عند فتح هذا الباب»، وهذا ما نراه حرفيا عندما يطلق القناص الرصاص من البنادق، ويشتعل فتيل الحرب في أي مكان من العالم.
لماذا طبول الحرب تقرع ليل نهار في هذا العالم المضطرب بالنزاعات والشقاق والاختلافات؟ هل من أجل أن ترفع منسوب الأدرينالين عالميا في أجسادنا؟
في عالمنا العربي والإسلامي يطبق علينا ما قاله منذ عصور جلال الدين الرومي: «إنهم مشغولون بالدماء، بالفناء.. أما نحن فمشغولون بالبقاء.. هم يدقون طبول الحرب. نحن لا ندق إلا طبول الحب»، وهذا الحب هو الذي السلام الذي نتمناه لنا ولغيرنا في هذا الكون.
الحرب ترجع إلى سنوات وعقود وقرون طويلة، وربما هي جزء من بداية الوجود على هذه الأرض، يقول هنري فوسديك: «أسوأ ما في الحرب أننا نستخدم أفضل ما لدينا من أجل ممارسة أكثر الأفعال بشاعة».
افتح خارطة العالم، انظر نحو القارات المختلفة؛ لن تجد صعوبة في تحديد الدول التي تشتعل فيها الحروب. فأوروبا الخائفة على أراضيها تجهز جيشا جرارا ليحميها من احتماليات نشوب نزاع مع روسيا. أما أوكرانيا الحليف الودود للغرب منذ أن اشتعلت الحرب مع جارتها موسكو وهي تستنزف الأموال والعتاد. وفي أفريقيا لا يقل الحال سوءا؛ فالحرب في السودان والاضطرابات في عدد من الدول. أما عالمنا العربي فحرب غزة، والتوتر ما بين إيران وإسرائيل وأتباعها يضعنا أمام أسئلة كثيرة: هل حرب الأيام الاثني عشر التي قد مضت ما بين طهران وتل أبيب ستصمت إلى ما لا نهاية أم أن ثمة حدثا آخر سيظهر لاحقا؟