الوزراء الأكثر تطرفا بحكومة نتنياهو.. مصيرهم قد تحدده حماس
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
بهجومها المباغت والضخم جوا وبرا وبحرا على إسرائيل، وضعت حركة "حماس" الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (73 عاما) أمام أكبر تحدٍ خلال مسيرته السياسية؛ ما دفعه إلى التفكر في التخلص من الشركاء الأكثر تطرفا في حكومته؛ لتشكيل حكومة طوارئ مع المعارضة.
تلك القراءة طرحها الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت، في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أنه "يوجد تفسير واحد مهم للأحداث غير المفهومة التي وقعت في يوم سبت كارثي (أمس)، وهو الغطرسة الخاطئة".
وفجر السبت، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" العسكرية ضد إسرائيل؛ ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى.
وبدأ الجيش الإسرائيلي في المقابل عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
والأحد، أفادت هيئة البث الإسرائيلية الحكومية بمقتل ما لا يقل عن 700 وإصابة أكثر من 2150 آخرين في إسرائيل، كما أعلنت "حماس" أسر عشرات الإسرائيليين، فيما قالت وزارة الصحة في غزة إن 313 فلسطينيا قتلوا وأصيب 1990 آخرين.
اقرأ أيضاً
نيويورك تايمز: هجوم حماس يحمل أصداء مخيفة لحرب 1973.. والارتباك يسود إسرائيل
حكومة طوارئ
"ويواجه نتنياهو التحدي الأكبر في مسيرته السياسية الطويلة، وبينما تجنب المغامرات العسكرية، كان إعلان الحرب هذه المرة أمرا لا مفر منه"، بحسب بن كاسبيت.
واعتبر أن نتنياهو "يأتي إلى الجبهة مكبلا بحكومة متشددة من المستحيل إدارتها، وقد بذل بعض أعضائها قصارى جهدهم لتأجيج التوترات الفلسطينية"، في إشارة إلى مسؤولين بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سيموتريتش.
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نالت هذه الحكومة ثقة البرلمان، ويعتبرها إسرائيليون "أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل".
وأردف بن كاسبيت أنه "عندما عاد (نتنياهو) إلى السلطة في 2009، وعد بإسقاط حماس واستعادة النظام في غزة، لكنه تبنى استراتيجية هدفت إلى تعزيز قوة حماس على حساب منافستها السلطة الفلسطينية وزعيمها الرئيس محمود عباس".
وتابع: "نجحت استراتيجية نتنياهو بما يتجاوز توقعاته الجامحة، إذ ازدادت حماس قوة (...)، والآن يحتاج نتنياهو إلى منافسيه السياسيين، زعيم حزب "الوحدة الوطنية" بيني جانتس وزعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد، لمساعدته في مواجهة العواقب".
بن كاسبيت لفت إلى أن "لابيد اقترح تشكيل حكومة طوارئ بشرط واحد هو أن يُبعد نتنياهو عن الحكومة المتطرفين الذين يديرونها الآن".
وزاد بأنه "كما كان يفعل منذ توليه منصبه، يبدو أن نتنياهو لا يزال يناقش ما إذا كان سيخلص نفسه من المتطرفين الذين يعتمد عليهم في بقائه السياسي وفي المعركة القانونية التي يخوضها ضد لائحة اتهامه بالفساد".
واعتبر أنه "يحتاج إلى الشرعية الشعبية لحشد الأمة خلفه للحرب، ولا يستطيع أن يحصل عليها من دون المعارضة (...) ونتنياهو متعب ومنهك ومشتت، وفي هذه الحالة بالتحديد، يعيش صراعا مباشرا مع مصيره".
اقرأ أيضاً
الصدمة تتواصل.. مشادات في اجتماع الحكومة الإسرائيلية بسبب الفشل الاستخباراتي
فشل استخباراتي
ومتعجبا مما أقدمت عليه الحركة الفلسطينية، قال بن كاسبيت: "لقد اجتاح المئات من رجال حماس، الذين تسللوا إلى الأراضي الإسرائيلية، واحدا من أغلى وأروع الحواجز وأنظمة المراقبة المتطورة التي بنتها إسرائيل على الإطلاق، وسخروا من الجيش الإسرائيلي وذراعه الاستخباراتية وقواته الجوية".
وأردف أن "إسرائيل، التي ظلت تناقش منذ سنوات ما إذا كانت سترسل قوات إلى غزة للقضاء على المنظمات (الفلسطينية)، اكتشفت أن غزة أرسلت قوات برية إلى إسرائيل".
و"حتى وقت كتابة هذه السطور، لم يستعد الجيش الإسرائيلي السيطرة على جميع البلدات والتجمعات التي سيطرت عليها حماس في الأراضي الإسرائيلية، وفي حين قُتل العديد من المتسللين في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، إلا أنه ليس من الواضح عدد مَن لا يزالون داخل البلاد"، كما أضاف بن كاسبيت.
وتابع أن "عدد المدنيين والجنود الإسرائيليين الذين تم اختطافهم ونقلهم إلى غزة لم يُنشر رسميا بعد، وهو أمر مثير للقلق أيضا".
ويقبع في سجون إسرائيل نحو 5100 أسير فلسطيني، بينهم 32 أسيرة و165 طفلا وأكثر من 1200 معتقل إداري دون توجيه اتهام، وفقا لمؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.
بن كاسبيت قال إنه "في اليوم التالي، بعد تحديد مكان المتسللين وقتلهم أو طردهم واستعادة السيطرة على الأرض، سيتم استدعاء الجيش الإسرائيلي (بفروعه لجمع المعلومات الاستخباراتية) وجهاز (الأمن العام) "الشين بيت"، لشرح فشلهم غير المفهوم".
و"تحديدا، سيتم سؤالهم كيف فشلوا في ملاحظة التخطيط منذ أشهر لعملية بهذا الحجم؟، وكيف سحقت قوة حماس الحاجز الحدودي الذي تبلغ تكلفته مليارات الشواكل؟، وكيف فشلت إحدى القوات الجوية الأكثر تقدما في العالم؟"، كما أردف.
اقرأ أيضاً
بينهم أجانب.. تقديرات عبرية: عشرات الأجانب ضمن الأسرى لدى حماس
المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين حكومة نتنياهو حماس هجوم متطرفون الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
شروط نتنياهو تكتب الفشل للمرحلة الثانية في غزة
كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، القول إنّ المرحلة الأولى لتنفيذ خطّة ترامب في غزة أشرفت على الانتهاء، وأنّه «يركّز الآن على المهمة المقبلة وهي، تجريد حركة حماس من أسلحتها ونزع السلاح في غزة. وهذا سيحدث إمّا بالطريقة السهلة (اتفاق) أو بالطريقة الصعبة (حرب)». جاء ذلك في خطابه في الكنيست الاثنين الماضي وفي مؤتمره الصحافي مع المستشار الألماني ميرتس. وأكد نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، أن الانتهاء الرسمي للمرحلة الأولى مشروط بإعادة جثة الإسرائيلي الأخيرة المتبقيّة في غزة.
يتجاهل نتنياهو أن وتيرة إعادة المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات فاقت كل التوقّعات الإسرائيلية والأمريكية. فقد صرّح ترامب أن هناك أقل من 20 محتجزا إسرائيليا حيا، وأن قسما منهم فقد الحياة، وتبين أن هذا غير صحيح، فقد عادوا جميعا. كما ردد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، أنّ حماس لن تعيدهم جميعا لتبقى عندها ورقة للمساومة، ولم يحدث هذا. وشكّكت إسرائيل بإمكانية انتشال جثث الإسرائيليين من تحت الركام في غزّة، خلال فترة قصيرة، وتوقع مسؤولوها أنّ هذا سوف يستغرق أشهرا طويلة وربّما سنوات، وجرى الحديث حتى عن إمكانية فقدان آثار عدد منهم إلى الأبد.
وقد أثبتت التطورات المتوالية في هذا الملف بطلان الادعاءات الإسرائيلية المتكررة، أن حماس «تماطل في إعادة المحتجزين وتخرق الاتفاق».
خروقات متواصلة
لقد بررت إسرائيل العقوبات الجماعية التي فرضتها على أهالي غزة، بالادعاء أن «حماس تخرق الاتفاق»، في حين أن الحركة التزمت به بالكامل من حيث تسليم المحتجزين، والالتزام التام بوقف إطلاق النار، حتى بعد أن خرقته إسرائيل مرارا وتكرارا. في مقابل التزام الطرف الفلسطيني، لم تف إسرائيل بتعهداتها، وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار 738 مرّة، وبلغ عدد الضحايا 386 شهيدا و987 جريحا. كما أنّها لم تفتح المعابر ولم تسمح بدخول «مساعدات كاملة» كما وعدت والتزمت، إذ تدخل القطاع يوميا 145 شاحنة بالمعدّل من أصل 600 شاحنة نص عليها الاتفاق. وبالنسبة للوقود فقد دخلت غزة منذ وقف إطلاق النار 115 شاحنة فقط بنسبة حوالي 10% من 1100 شاحنة اتفق على إدخالها. وبعد هذا كلّه يردد نتنياهو، بوقاحته المعهودة، أنّ «حماس تخرق وقف إطلاق النار»، وتلحقه الإدارة الأمريكية، إمّا بإبداء التفهّم لما تفعله إسرائيل «دفاعا عن نفسها» أو بسكوت يعبّر عن الرضى أو عدم الاكتراث، ما بقيت الأمور تحت السيطرة ولم تنزلق إلى انهيار الاتفاق.
يبدو أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، لن يتغيّر في المرحلة الثانية لتنفيذ اتفاق ترامب. ولا مؤشّرات أنّ حكومة نتنياهو ستبدّل تعاملها في المرحلة المقبلة. العكس هو الصحيح، فهي ستواصل خرقها لوقف إطلاق النار والتضييق على المساعدات وعلى فتح المعابر، وسوف تنقل خروقات المرحلة الأولى كأدوات ضغط ومناورة في المرحلة الثانية. لقد كان من المفروض أن يكون دخول لمساعدات إنسانية كاملة، وفتح للمعابر ووقف فعلي لإطلاق النار، مقابل تسليم المحتجزين، لكن إسرائيل استلمتهم كما نص الاتفاق، لكنّها لم تدفع «الثمن»، إلا جزئيا واحتفظت لنفسها بالجزء الأكبر للمقايضة به لاحقا.
شروط نتنياهو
مع الحديث عن قرب إجراء مفاوضات حول المرحلة الثانية في غزّة صرّح نتنياهو أنها ستكون صعبة جدّا. قال ذلك لأنّه يعرف أن الاتفاق أصلا صعب على الهضم فلسطينيا، وأكثر من ذلك لأنّه يعرف أن شروطه هو لا يمكن أن يقبل بها الفلسطينيون. وفي كل يوم يطلع نتنياهو ومن حوله بشرط جديد ليس موجودا في الاتفاق أصلا، أو بصياغة أكثر تشددا لشرط قائم. ويمكن تلخيص شروط نتنياهو، كما هي اليوم، بالتالي:
أولا، تجريد حركة حماس من أسلحتها. وهذا هو الشرط الأهم بالنسبة للمؤسستين السياسية والأمنية في إسرائيل. ويعتبره نتنياهو مفتاحا لإعلان النصر في غزة، فقد قال مرارا وتكرارا أنه حقق الانتصارات على إيران ولبنان وسوريا وبقي عليه غزّة، وهو يصر على نزع حماس من أسلحتها الثقيلة والخفيفة بلا استثناء، وخلال فترة وجيزة. ويبدو أن الولايات المتحدة تكتفي بنزع الأسلحة الثقيلة بشكل متدرّج، لكن لن نستغرب إن هي غيّرت موقفها وتبنت الموقف الإسرائيلي.
ثانيا، نزع السلاح عن غزة: والمقصود بهذا الشرط الإسرائيلي اتخاذ خطوات تمنع إدخال الأسلحة إلى غزة، وتشمل إنشاء جهاز مراقبة لضمان هذا الأمر. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني، قال نتنياهو إن ترتيبات نزع السلاح واجتثاث التطرف في غزة تشبه تلك التي فرضت على ألمانيا واليابان عند انتهاء الحرب العالمية الثانية متجاهلا انهما بقيتا دولتان مستقلتان وهو يرفض بشدة فلسطين المستقلة.
ثالثا، حكم غزة: ما زال نتنياهو يصر على مبدأ ألا تحكم غزة لا حماس ولا السلطة الفلسطينية، وألا يشارك في إدارة شؤونها من له علاقة بالفصائل الفلسطينية. وهو يقبل بسلطة حكم دولية مثل «مجلس السلام»، شرط أن يقبل هذا الجسم الشروط الإسرائيلية بخصوص «الإدارة الفلسطينية»، والقوات الدولية والشرطة المحلية.
رابعا، اجتثاث التطرف: وهذا شرط يضعه نتنياهو من حين لآخر على الطاولة ويربطه بالانسحاب الإسرائيلي من غزة، وهو يمكنه من الادعاء دوما أن شروط الانسحاب لم تكتمل. ويعني هذا البند إحداث انقلاب في برامج التعليم وفي وسائل الإعلام وخطاب المسؤولين، بما يتلاءم ليس بالاعتراف بإسرائيل فحسب، بل بالاعتراف بها كدولة يهودية وكدولة اليهود، واجتثاث أي خطاب يناقض «حقها في الوجود كدولة يهودية».
خامسا، سيطرة أمنية كاملة: منذ بداية الحرب تردد إسرائيل أن أي تسوية في غزة تشمل هيمنة أمنية إسرائيلية مطلقة في الجو والبحر وعلى طول الحدود وفي داخل غزة، وسيطرة على المنافذ كافة وإخضاع كل ما يخرج أو يدخل القطاع لرقابة إسرائيلية مشددة.
سادسا، عدم الانسحاب الكامل: ترفض إسرائيل مبدأ الانسحاب الشامل من غزة، وتصر على الاحتفاظ ـ على الأقل – بشريط أمني على طول حدود قطاع غزة، وتروّج بأنه ضرورة أمنية لا تستطيع التنازل عنها. ويشكل هذا الشريط ما يقارب 15-20% من مساحة غزة.
سابعا، تركيبة القوات الدولية: تصر إسرائيل على حقها في قبول أو رفض مشاركة أي دولة في القوات الدولية، المزمع نشرها في غزة. وقد أعلنت أنها لن تقبل بقوات قطرية وتركية. وهناك قلق إسرائيلي من أن بعض الجهات في الإدارة الأمريكية ترى ضرورة مشاركة تركيا.
ثامنا، إعادة الإعمار: تريد إسرائيل أن تتحكم بمشروع إعادة إعمار غزة، من حيث الذين «تسمح» لهم بالمساهمة في إعادة الإعمار ومن حيث الأمكنة التي تأذن بإعمارها، إضافة إلى قيود بشأن مواد البناء والإنشاء وطرق إدخالها والرقابة عليها.
وإذا جمعنا هذه الشروط وغيرها من العراقيل والإملاءات الإسرائيلية، فإن إمكانية التقدم في المرحلة الثانية ليست صعبة فحسب، بل شبه مستحيلة. والذي قد يحدث في حال انسداد الأبواب السياسية هو العودة إلى الحرب الشاملة في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من الكوارث والدمار. هنا يلزم إعداد خطة فلسطينية – عربية بديلة، إذ لا يعقل أن تبقى خطة ترامب المجحفة هي الوحيدة المطروحة. ويجب الشروع في إعداد البديل فورا، لأن فشل خطة ترامب مصيبة إذا لم يتوفّر البديل، وقد يكون هذا البديل هو حبل النجاة.
القدس العربي