أوصى المعمل المركزى للمناخ الزراعى التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة بضرورة دعم الزراعة المائية، مؤكدين أن الزراعة «بدون تربة» نظام موفّر لمياه الرى، ويمثل رفاهية للنبات، ويمكن تطبيقه فى مصر بسهولة.

«زكريا»: نقدر نزرع الصحراء ونجذب آلاف المواطنين لأماكن غير صالحة للزراعة التقليدية

وقال د. زكريا يحيى، باحث أول بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى، لـ«الوطن»، إن الزراعة بدون تربة أحد أهم المشروعات، التى لا بد من التوسع فيها، لأهميتها الكبيرة فى الحد من الاستهلاك الجائر للمياه فى زراعة المحاصيل بالأراضى التى تعتمد على الغمر فى ريها، وهو ما لا يتناسب مع مشكلة نقص المياه فى مصر، وهنا لا بد من النظر إلى الزراعة بدون تربة، باعتبارها بديلاً مناسباً يمكن من خلاله توفير أكثر من 50% من المياه المستهلكة فى الزراعة التقليدية، بالإضافة إلى أنه يمكن أن تكون تلك المساحات التى تتم زراعتها مائياً بديلاً أمثل للأراضى الخصبة، حتى يتم استغلالها فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية، التى لا يمكن زراعتها مائياً لعدم جدواها اقتصادياً، على أن تختص الزراعات المائية ببعض أنواع الخضر، خاصة الورقية منها، لضمان سهولة تسويقها وسرعة نموها.

وأكد «يحيى» أن نظم الزراعة المائية جميعها يمكن تطبيقها فى مصر بسهولة، ولكن الأمر ربما يختلف مع نظام الأيروبونيك، لكونه نظاماً يحتاج إلى تقنيات عالية يصعب تنفيذها على مستوى زراعات الأسطح، قائلاً: «محدودية الأرض الزراعية مشكلة كبيرة لا بد من حلها من خلال إيجاد بديل لها، وده حصل بسبب عوامل كتير، منها التجريف والبناء المخالف على الأراضى الزراعية، علشان كده طوّرنا نظام الرى بالتنقيط والرى بالرش، لكن خلينا نقول إن الزراعة المائية لا تحتاج إلى نفس الكمية من المياه، لأنه نظام موفر جداً فى كل حاجة، سواء ماء أو سماد، وغزير الإنتاج فى وحدة المساحة».

وأوضح «يحيى»، أن استخدام نظام الزراعة المائية لا بد أن يكون للمحاصيل ذات الاستهلاك المحلى المرتفع، حيث يتم استبدالها بمحاصيل استراتيجية لتحل محلها فى الأرض الدائمة، وهنا لا بد أن يكون هناك دعم من الدولة لتلك النوعية من الزراعة حتى يمكن استغلالها فى جذب المواطنين إلى أماكن خارج دلتا النيل: «المياه والأرض الخصبة هما أكثر عوامل جذب المزارعين، وهنا لازم نقول إننا لو قدرنا نزرع الصحراء مائياً، بكده هنجذب آلاف المواطنين لأماكن غير صالحة للزراعة التقليدية المعتمدة على وجود تربة، وكل ما على الدولة القيام به هو تأسيس مشروعات زراعة مائية فى تلك المناطق البعيدة، على أن يكون الاعتماد فى الرى على مياه الآبار، وبكده نقدر نفرّغ الكثافة السكنية، وننقل الناس بسهولة للصحراء، ونوسّع الرقعة السكانية، ونغير توزيع السكان الجغرافى».

وبالحديث عن الجانب المتعلق باستهلاك كميات مياه قليلة، أشار الباحث بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى، إلى أن الأمر يرجع إلى أن النبات يمتص فقط كمية الماء التى يحتاج إليها، لوجود مقنّن مائى، وهذا لأن الأنظمة مغلقة، وهو ما يعنى أنه لا مجال للبخر أو الصرف، مضيفاً: «فكرة الزراعة المائية معتمدة على إيجاد طريقة يمكن من خلالها أن يقوم المجموع الجذرى بوظيفته فى امتصاص العناصر اللازمة لنمو المجموع الخضرى، وهنا يمكن الحديث عن 5 عوامل لا بد من توافرها لضمان نجاح النظام، وهى الماء والظلام والتثبيت والأكسجين والغذاء».

بعد الحديث عن أهمية التوسّع فى الزراعة المائية، أوضح «يحيى» أن هناك بعض المعوقات، من بينها ثقافة المستهلك المصرى، مشيراً إلى أنه «صعب مواطن ينزل سوق فيلاقى نوعين طماطم، واحد بـ5 والتانى بـ7 فيشترى الأغلى، لأنه مزروع مائياً، علشان كده لازم يكون فيه دعم لأصحاب المشروعات، علشان المحصول يوصل الأسواق بنفس تمن المحاصيل المزروعة فى الأرض التقليدية». وأوصى الباحث بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى بضرورة التعامل مع الزراعة المائية بشكل جاد، مع التركيز على دعم تلك النوعية من المشروعات مالياً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الزراعة المائية الزراعة المائیة لا بد من إلى أن فى مصر

إقرأ أيضاً:

مبادرات وجهود ملموسة للحفاظ على ملامح العمارة العُمانية التقليدية

كتبت - أسماء بنت خلفان الغدانية -

تحتفظ العمارة العُمانية التقليدية بملامح التاريخ وتقدم سردًا أصيلًا لتجربة الإنسان العُماني في التكيف مع تنوع بيئته وتضاريسه، وتتميز بخصوصية فريدة تعكس احترام المكان وقدرة العُمانيين على مواجهة تحديات الطبيعة المتنوعة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من العمارة الإسلامية، ويتجلى هذا التنوع في تصاميم المباني من حيث الطابع الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، حيث تختلف كل منها في هيئتها وجمالياتها المعمارية.

تاريخ وحضارة

تُعبّر العمارة العُمانية التقليدية عن علاقة وثيقة بين الإنسان العُماني ومكانه الذي يعيش فيه، حيث تعكس الاحترام للطبيعة والموارد المتاحة لضمان الاستقرار والمعيشة الكريمة، ويعد الماء العنصر الأساسي في تحديد مواقع الاستيطان، حيث تؤثر وفرة المياه على مساحة البناء والزراعة، وتتحدد الأنماط المعمارية بناء على طبيعة الموقع والموارد المحيطة، وتتميز العمارة العُمانية بتنوعها، إذ نشأت منذ العصور القديمة، مما يُظهر عبقرية العُمانيين في التكيف مع بيئتهم.

وقالت الدكتورة نعيمة بنت أحمد بن قاري أستاذ مساعد في قسم الهندسة المدنية والمعمارية في كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس: «تمتد عمارة سلطنة عُمان المحلية إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث كشفت الحفريات في رأس الحد إلى مستوطنات تذهب عمارتها وتقسيماتها إلى حد بعيد لمباني الحارات العُمانية التي نجدها اليوم». موضحة أن المقابر مخروطية الشكل التي تعد من أقدم الآثار العُمانية المسجلة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وتعد أحد أنماط العمارة العُمانية القديمة أيضًا كما يُعتقد أن المؤثر الديني كان من أكبر المؤثرات على العمارة العُمانية التي ما زالت نشهدها اليوم، فعمارة عُمان المحلية نجدها متشبعة بمقومات العمارة الإسلامية التي تم تحويرها حسب الاحتياجات المحلية، فنتج عن ذلك طابع إسلامي محلي عُماني بذاته يتميز ببساطة مفرداته ووضوح لغته الفنية، والاقتصاد في المواد، والمساحات المخصصة للأنشطة واستعمال المواد المحلية من الطين والحجر والصاروج والخشب وسعف النخيل وغيرها من المواد التي ساهمت في نحت شكل العمارة العُمانية».

ملامح العمارة التقليدية

تتنوع العمارة العُمانية بين الأنماط المدنية والدفاعية والدينية، ويتمثل طرازها في القلاع والحصون، ويشمل الأبراج والأسوار، إضافة إلى الجوامع بمختلف عناصرها من قباب ومنابر ومحراب، ويُبرز الشكل الدفاعي المتمثل في الحصون والقلاع دور الموقع الاستراتيجي لعُمان، وتُعرف المساجد بتصاميمها البسيطة التقليدية بينما تتميز الحديثة بتأثيرات من العمارة الإسلامية الفاطمية والعباسية، وتعد المقابر الأثرية في منطقة بات بولاية عبري من أقدم الآثار، فضلًا عن المستوطنات في الجبل الأخضر ونزوى وبهلا، كما أن البيوت العُمانية القديمة المُصنعة من الخشب تحمل كل نافذة وباب فيها قصة تُعبر عن الهُوية الثقافية، وتمثل حارات مثل العقر في نزوى نماذج حية للعمارة التقليدية، أما النقوش والرسومات على الصخور والمباني فهي تُضاف كفن معماري يعكس براعة الإنسان العُماني، مما يعزز من قيمة التراث المعماري العُماني وكينونته.

الفن المعماري

يقول الدكتور ناصر بن صالح الإسماعيلي باحث في التاريخ وناشر لأبحاث تربوية وتاريخية: «لطالما كانت البيئة المحيطة هي مصدر الإلهام للفن المعماري العُماني، إذ تميزت العمارة العُمانية باستخدام مواد بناء محلية مستمدة من البيئة الطبيعية المحيطة، مثل الحجر، والطين، والجص، وسعف النخيل، والخشب، وقد ساهم هذا التوجه في إيجاد عمارة متكيفة بيئيًا، ومعبّرة عن موارد المكان وتنوعه الجغرافي والمناخي، إذ تعتبر الحجارة من أبرز مواد البناء وقد كانت تُستخرج من الجبال المجاورة، ومن الأودية القريبة لما تتمتع به من صلابة ومقاومة للعوامل المناخية مثل الحرارة والأمطار والرياح، كما يمنح المباني مظهرًا مهيبًا ومتينًا، وتم استخدام الطين في البناء في الكثير من الولايات، حيث يتم خلطه بالقش أو التبن لزيادة تماسكه، ثم يُشكّل على هيئة قوالب تُجفف تحت أشعة الشمس، وقد استُخدم الطين في بناء البيوت والأسوار والحصون كونه يتميز بالوفرة وكذا العزل الحراري، فيحافظ على برودة المنازل في الصيف ودفئها في الشتاء، ما يجعله مثاليًا للبيئة الحارة والجافة في سلطنة عُمان».

وأضاف الإسماعيلي: «أما عن مادة الجص والمعروف أيضا بالصاروج، فكانت تستخدم أساسًا في تغطية الجدران سواء الداخلية أو الخارجية وبالتالي يزيد من عمرها الافتراضي ويضيف لها منظرا جميلاً متماشياً مع البيئة المحيطة، وكذلك استخدم الجص العُماني في النقوش والزخارف على الجدران والأقواس، وقد تفنن العُمانيون في تشكيل الجص بأنماط هندسية ونباتية دقيقة تعكس مهارة الحرفيين المحليين وعنايتهم بالقيم الجمالية، أما بالنسبة لسعف النخيل وجذوعها والخشب كانت إحدى المواد البيئية التي استخدمت في بناء الأسقف، كما استخدم الخشب أيضا للأبواب والنوافذ، وتميزت الأبواب بالزخارف والنقوش الهندسية والنباتية التي توضح دقة الصنعة والعناية بالمنظر الجمالي». موضحا أنه تم جلب بعض الأخشاب المستخدمة في صناعة الأبواب والنوافذ من الدول المجاورة كنوع من الانفتاح الحضاري مع الآخر على سبيل المثال الباب الرئيسي لحصن الشباك بعلاية إبراء الذي تم جلبه من سرت بالهند قبل ما يزيد على ثلاثة قرون وهو بحد ذاته لوحة فنية جميلة ويعرض حاليا في المتحف الوطني.

وأشار في حديثه إلى أن بعض الصحون الخزفية كان لها دور في العمارة العُمانية التقليدية، إذ تميزت بعض الحصون باستعمال الخزف لتزيين أسقفها وجدرانها وقد تم جلب هذا الخزف من بلاد فارس ليشكل لمسة جمالية للحصون كحال إحدى غرف حصن الشباك بعلاية إبراء، والتي ألصقت في سقفها جملة من القطع الخزفية لتضيف منظرا جميلاً ورمزاً للتواصل بين الحضارات، مؤكدا أن جميع المواد المستخدمة وكيفية البناء تشرح براعة وابتكار الإنسان العُماني القديم، فمهارته لم تكن مجرد بناء وعمران، بل استغلال للبيئة وتكييفها لصالحه.

جهود ملموسة

وقال الدكتور ناصر: «تظل سلطنة عُمان تبذل جهودًا ملموسة للحفاظ على تراثها المعماري، إدراكًا منها لأهمية العمارة التقليدية في تعزيز الهُوية الوطنية ودعم السياحة الثقافية، رغم ذلك، لا تزال تلك الجهود محدودة أمام كثرة المواقع التاريخية، لكنها تشمل مشاريع ترميم وصيانة العديد من المباني التاريخية، كالحصون والقلاع والأسواق القديمة، ومن أبرز هذه الجهود مبادرة إحياء العمارة، التي نظمها مكتب صاحب السمو السيد بلعرب بن هيثم آل سعيد، والتي تهدف إلى تعريف الزوار بقيمة العمارة وابتكاراتها من خلال متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح. تسعى هذه المبادرة إلى تعزيز الوعي بأهمية العمارة كمكون رئيسي من مكونات الهُوية الوطنية وتحفيز المجتمع على استكشاف تأثيرها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. كما تهدف إلى إشراك فئات المجتمع المختلفة في حوارات حول العمارة، وخلق بيئة داعمة للإبداع والريادة، وتعزيز فرص الكادر المعماري في سوق العمل العُماني، بالإضافة إلى ذلك، يمثل مشروع التجديد الحضري للحارات القديمة في محافظة شمال الشرقية خطوة مهمة نحو الحفاظ على العمارة العُمانية التقليدية، وتقوم الجهات المعنية، بصفة خاصة وزارة التراث والسياحة، بتنفيذ مشاريع التطوير والترميم والصيانة، ولم تقتصر هذه الجهود على الهيئات الحكومية، بل ساهمت المبادرات المجتمعية أيضًا، حيث عمل الأهالي على ترميم المنازل القديمة وتحويلها إلى متاحف وبيوت ضيافة تراثية، مما ساهم في إنعاش السياحة والحفاظ على الطابع العمراني التقليدي».

من جانبه قال محمد بن أحمد البرواني أحد الشغوفين بالعمارة العُمانية: «عند الحديث عن العمارة العُمانية التقليدية، نبدأ بتعريف المواد المستخدمة، إذ تعد هذه العمارة تجسيدًا فريدًا للفنون المعمارية التي انتشرت عبر العصور، مُستندة على مواد محلية طبيعية كالتربة والحجر والجص، ويعود تاريخها إلى عصور طويلة وتتميز بأساليب بناء متوارثة تعكس الخصائص البيئية والاجتماعية والثقافية للمجتمع العُماني، وتعتبر القرية العُمانية نموذجًا متقنًا في العمران، حيث صُممت بتفانٍ لتكون حصينة ضد أي اعتداءات، سواء كانت بشرية أو حيوانية، مما منحها شعورًا بالاستقرار والأمان، وتمتاز القرية بمعمارها الفريد وحصونها المحيطة، إضافةً إلى الأفلاج التي تعبر عبرها، مما يضفي لمسة من الابتكار والطابع التقليدي، هذا التزاوج بين التحصين وعمارة الحدائق الغناء يُظهر عمق أصالة تصميمها ودقة تنفيذها، مما أسهم في تشكيل حضارة أخرجت المبدعين والمفكرين الذين عُرفوا بإنجازاتهم، وتجولوا في الهند وأفريقيا، وقطعوا البحار شرقًا وغربًا، مُرَسِّخين إرثهم العُماني الغني».

مقالات مشابهة

  • أمير قطر: الاحتلال لا يمكن أن يكون سلميا.. والوقت حان لإنهائه
  • متحدث الصحة: حقنة هتلر تسبب الفشل العضوي ويمكن أن تؤدي للوفاة
  • الزراعة المستدامة: رؤية لأمن غذائي مستدام” ندوة تناقش قضايا التنمية الزراعية المستدامة
  • الزراعة: التعاون مع أكاديمية سيشوان الصينية خطوة لتحقيق تعزيز الأمن الغذائي
  • مبادرات وجهود ملموسة للحفاظ على ملامح العمارة العُمانية التقليدية
  • يوم التربة العالمي.. عبد السلام الجبلي: القطاع الزراعي يشهد طفرة غير مسبوقة
  • إزالة أكثر من 400 حالة تعدي على الأراضي الزراعية خلال أسبوع
  • «الزراعة» تُعلن إزالة أكثر من 400 حالة تعدي على الأراضي الزراعية خلال أسبوع
  • وزير الري: التحديات المائية الراهنة تتطلّب إدارة كل قطرة مياه بدقة وكفاءة وابتكار
  • انتخاب هيئة إدارية ورقابية جديدة لجمعية بني سعد الزراعية في المحويت