لجريدة عمان:
2025-06-27@03:55:26 GMT

يمكن للصين تجنب فخّ اليابان

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

هل وصلت فترة النمو الاقتصادي السريع نسبيا في الصين إلى نهايتها؟ كان ذلك موضوع مقال سابق لي في هذا الشهر. للإجابة عن هذا السؤال حاججت بأن الصين لا تزال لديها القدرة على اللحاق بالمستويات المعيشية لبلدان العالم الغنية لأنها فقيرة نسبيا.

لكن هذا لا يعني أنها ستفعل ذلك. فهي تواجه عوائق كبيرة لمواصلة نجاحها.

وفي هذا المقال سأتناول واحدة من أهم هذه العوائق.. إنها نقص أو عدم كفاية الاستهلاك.

كان ينبغي أن تدحض تجربة العقدين الماضيين وجهةَ النظر القائلة بأن الاقتصادات تميل بطبعها إلى التوظيف الكامل. بل على العكس من ذلك يمكن أن تقود النزعات المفرطة للادخار إلى نقص مزمن في الطلب. هذا النقص يلزم تعويضه بسياسات مالية ونقدية توسعية على الرغم من أن هذه «الحلول» قد تتولَّد عنها مشكلات أخرى.

تحليل الأزمة المالية العالمية خلال 2007-2009 في كتابي «التحولات والصدمات» ارتكز إلى حد كبير على هذه النقطة. فقد لاحظت أن المدخرات الفائضة أدت دورا مركزيا في تدهور اقتصاد اليابان. والمدخرات الزائدة عن الحد في ألمانيا أيضا أدت دورا مركزيا في أزمة منطقة اليورو.

حكاية الصين شبيهة بذلك لكن على نطاق أكبر. فمدخراتها القومية الإجمالية بلغت ذروتها عندما شكلت 52% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008. (هذا يعني أن جزءا كبيرا من الدخل في الصين يُدَّخر بدلا من أن يُنفق- المترجم.) وكانت هذه المدخرات لا تزال عند 44% من هذا الناتج في عام 2019 قبل حلول الجائحة.

في الفترة السابقة لعام 2008 ذهب ما يقرب من 20% من هذه المدخرات الضخمة إلى فائض الحساب الجاري للصين (بمعنى أن الصين كانت تصدر أكثر مما تستورد- المترجم.) وبعد الأزمة صارت مثل هذه الفوائض في الحساب الجاري غير مقبولة سياسيا واقتصاديا. وتبيَّن أن البديل لذلك كان قدرا أكبر من الاستثمار الداخلي تركَّز معظمه في العقارات. وارتفع الاستثمار الإجمالي من 40% إلى 46% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2007 إلى 2012.

مع ذلك تزامن هذا الارتفاع في الاستثمار مع هبوط ملحوظ في معدل النمو. ويمكن الإشارة إلى هذا الاقتران بالتغيرات في المعامل الحدّي لرأس المال إلى الإنتاج. أي نسبة الاستثمار إلى معدل النمو. هذا المعامل ارتفع بقدر كبير من ثلاثة في عام 2007 إلى سبعة قبل ذروة جائحة كوفيد في عام 2019. ويشير ذلك إلى انخفاض ملحوظ في العائد على الاستثمارات.

في الأثناء وكما ذكرت في مقالي الذي أشرت إليه آنفا ارتفع معدل الدَّين بشدة مضيفا بذلك هشاشة مالية إلى المشهد.

قبل فترة طويلة تعود إلى عام 2007 حذّر وين جياباو رئيس الوزراء وقتها من أن الاقتصاد الصيني «غير مستقر وغير متوازن ويفتقر إلى التنسيق وغير قابل للاستدامة.» وكان مصيبا. حاجج بذلك أيضا وبالتفصيل مايكل بيتِس الأستاذ بمدرسة جوانجوا للإدارة التابعة لجامعة بكين في مناسبات عديدة.

من المستحيل معرفة متى ستصل الأنشطة غير المستدامة إلى نهايتها. لكن ذلك سيحدث، فكما أخبرنا الراحل هيرب شتاين رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيسين نيكسون وفورد: «إذا كان شيء ما لا يستطيع الاستمرار إلى ما لا نهاية سيتوقف».

ويبدو كأنما الاقتصاد (الصيني) غير المتوازن يتوقف الآن بانهيار عقاري ضخم. فحسب بنك «يو بي اس» المشروعات العقارية الجديدة التي بدأت في يوليو كانت أقل بنسبة 65% من مستواها في النصف الثاني من عام 2020. أيضا من المتوقع استقرار المبيعات والإنشاءات العقارية عند نسبة تتراوح بين 50% إلى 60% من الذروة التي بلغتها في 2020-2021.

وبما أن القطاع العقاري يشكل حوالي ربع اقتصاد الصين يشير هذا إلى استمرار ضعف الطلب وبالتالي إلى شيء يماثل تجربة اليابان. (أي إلى الركود الاقتصادي وانكماش الأسعار في تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من هذا القرن تقريبا أو ما يسمى العقد الضائع في اليابان أو فخ اليابان - المترجم).

الخطورة ليست في نشوب أزمة مالية ضخمة، فالصين بلد دائن وديونها في أغلبيتها الغالبة بالعملة الوطنية وحكومتها تملك كل البنوك المهمة؛ لذلك من الممكن أن تكون سياسة القمع المالي فعالة تماما (الحكومة يمكنها تطبيق إجراءات تهدف إلى ضبط وإدارة النظام لتجنب حدوث أزمة مالية حادة- المترجم.)

تتمثل الخطورة في استمرار ضعف الطلب. وسيكون من المستحيل في الوضع العالمي الحالي تحقيق ازدهار ضخم في الصادرات أو فوائض مستديمة في الحساب الجاري. وفي الواقع معدل الاستثمار مرتفع سلفا على نحو ملفت فيما يتباطأ النمو. مع ذلك لا يمكن تبرير ارتفاع الاستثمار غير العقاري.

البدائل الواضحة هي أن يكون هنالك مستوى أكثر ارتفاعا للاستهلاك الخاص والعام. لكن بالنظر إلى الصعوبات المالية التي تواجه الحكومات المحلية سيتطلب الاستهلاك العام قدرا أكبر من الإنفاق من جانب الحكومة المركزية. في الأثناء سيستلزم الاستهلاك الخاص تحولا في توزيع الدخل باتجاه العائلات. وكما يظهر من غير المرجح على الإطلاق أن يتحقق أي منهما. فالحكومة المركزية تبدو خائفة إلى الحد الذي يمنعها من اتخاذ مثل هذه الخطوات الجذرية.

الحقيقة الأساسية في الاقتصاد الصيني هي أن استهلاك العائلات يشكل حوالي 40% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. نعم هذا يعود في جزء منه إلى أن معدل ادخاراتها بلغ في المتوسط حوالي 35% من الدخل العائلي المتاح للإنفاق (بعد الضريبة والاستقطاعات الإلزامية الأخرى) في سنوات ما قبل جائحة كوفيد. بل أيضا خصوصا لأن الدخول العائلية المتاحة للإنفاق تشكل 60% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.

أما النسبة الأخرى (40%) فتعود إلى المؤسسات الأخرى وتحديدا الكيانات الحكومية والشركات المملوكة للحكومة والخاصة. ومعدل مدخرات هذه الكيانات يتراوح كما يبدو حول 60% من إجمالي الدخول. وتلك النسبة تتضاءل إزاءها المدخرات العائلية التي يُتبَاهى بها.

الصين في الحقيقة «مفرطة في رأسماليتها» فنسبة ضخمة من الدخل القومي تذهب إلى المسيطرين على رأس المال وهؤلاء يدَّخرونها، خلال الفترة المبكرة للنمو المفرط كان ذلك أمرا جيدا. لكن المدخرات في الوقت الحاضر تفيض عن حاجة الإنتاج.

يلزم أن يذهب الدخل الآن لأولئك الذين سينفقونه. من شأن ذلك أن يولِّد نموا أكبر للاستهلاك في الأجل المتوسط ومستويات أعلى للاستهلاك في الأجل الطويل ويشكل بذلك أساسا صلبا لطلب داخلي يقود إلى التوسع في المستقبل. لكن هذا سيتطلب إعادة توزيع الدخل والأصول لمصلحة الناس العاديين إلى جانب تحول لافت في الوجهة التي يركز عليها الإنفاق العام. كما ستتوجب أيضا إعادة هيكلة مبكرة للديون غير المسدَّدة.

اللحظة الراهنة تبدو حاسمة في التاريخ الاقتصادي الحديث للصين. إذا أدركت الحكومة أن النموذج القديم لمستويات الادخار والاستثمار المرتفعة قد تحطم يمكنها توليد نمو معقول باقتصاد يقوده الاستهلاك ومتوازن بقدر أكبر. فمعدل ادخار يتراوح مثلا بين 30% و35%من الناتج المحلي الإجمالي سيكون كافيا. لكن لبلوغ أي شيء مثل ذلك على الحكومة إحداث تحولات ثورية في توزيع الدخل وفي أولوياتها. ذلك سيكون أمرا جيدا للصين. ويمكِّنها من تجنُّب مصيدة اليابان.. لكن هل ستفعل؟

مارتن وولف كبير معلقي الاقتصاد بصحيفة الفاينانشال تايمز.

عن الفاينانشال تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من الناتج المحلی الإجمالی فی عام

إقرأ أيضاً:

موعد التقديم بالمرحلة الثانية من «سكن لكل المصريين 7».. أماكن الوحدات وشروط الحجز

شقق سكن لكل المصريين 7.. يبجث الكثير من الأشخاص عن موعد طرح شقق سكن لكل المصريين 7 لمحدودي الدخل، وذلك بعد إعلان صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري عن فتح باب الحجز للإعلان الجديد بدءًا من 8 يوليو 2025، للفئات التي لم تحصل على أولوية في الطروحات السابقة، ويعد هذا الطرح من أبرز الفرص السكنية التي ينتظرها المواطنون، نظرًا لسهولة شروطه ومقدم الحجز المناسب الذي يبدأ من 50 ألف جنيه فقط، بالإضافة إلى نظام التمويل العقاري بالتقسيط حتى 20 سنة بفائدة 8%.

ويرصد «الأسبوع»، لمتابعيه كلَّ ما يخص موعد التقديم في المرحلة الثانية بـ شقق سكن لكل المصريين 7، وذلك من خلال خدمة شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من هنــــــــــــــــــــــا

سكن لكل المصريين 7 تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7

ويتضمن الطرح الجديد وحدات سكنية مخصصة لشريحة محدودي الدخل فقط، ويُشترط لسحب كراسة الشروط وسداد مقدم الحجز أن يكون المتقدم من الفئات التي قامت بسحب مقدم جدية الحجز في الطروحات السابقة، والذي بلغ 30 ألف جنيه، بشرط تقديم إيصال سحب الجدية، على أن يتم سداد مقدم جديد بقيمة 50 ألف جنيه، كما يتيح الطرح نظام سداد ميسر بالتقسيط يصل إلى 20 سنة، عبر آلية التمويل العقاري وبفائدة سنوية 8% متناقصة.

شروط التقديم في وحدات سكن لكل المصريين 7

-ألا يتجاوز الدخل الشهري للفرد محدود الدخل 12 ألف جنيه، و15 ألف جنيه للأسرة.

-ألا يزيد دخل متوسطي الدخل عن 20 ألف جنيه للفرد و25 ألف جنيه للأسرة.

- يُمنع التقديم لأكثر من وحدة واحدة.

- عدم الاستفادة سابقا من وحدات المشروع القومي للإسكان أو الحصول على قرض تعاوني سكني.

-عدم تخصيص وحدة أو قطعة أرض للمتقدم أو أحد أفراد أسرته.

سكن لكل المصريين 7 أماكن الطرح الجديدة

يشمل الطرح الجديد وحدات في العديد من المدن الجديدة والمراكز بالمحافظات، أبرزها..

المدن الجديدة

العبور الجديدة، العاشر من رمضان، حدائق العاصمة، 15 مايو، أخميم الجديدة، أسوان الجديدة، أكتوبر الجديدة، السادات، بدر، طيبة، برج العرب، سوهاج الجديدة، قنا الجديدة، والمنيا الجديدة.

المحافظات

أسوان، أسيوط، الأقصر، الجيزة، الفيوم، المنيا، المنوفية، سوهاج، قنا، دمياط، البحر الأحمر، الدقهلية، الوادي الجديد، مطروح، والبحيرة.

موعد بداية الحجز ونهاية التقديم

وفقًا لصندوق الإسكان الاجتماعي، من المقرر أن يبدأ الحجز الرسمي للوحدات الجديدة يوم 8 يوليو 2025، ويستمر حتى 7 أغسطس من نفس العام، ويتم التقديم بالكامل من خلال الموقع الإلكتروني المخصص لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، من خلال رفع المستندات واستكمال البيانات المطلوبة إلكترونيًا.

سكن لكل المصريين 7 كيفية الحجز والتقديم

يُتاح للمتقدمين تحميل كراسة الشروط من الموقع الإلكتروني الرسمي، وتسجيل البيانات الأساسية، ورفع المستندات المطلوبة بالإضافة إلى استمارة الحجز والإقرار المرفقين بالكراسة، كما توضح كراسة الشروط كافة التفاصيل المالية الخاصة بمقدمات الحجز، المصروفات الإدارية، ومصاريف التسجيل.

يُعد هذا الطرح من أكبر المبادرات السكنية في مصر خلال العام 2025، ويأتي استكمالًا لمسيرة دعم الفئات الأكثر احتياجًا، وإتاحة فرص تمليك سكنية حقيقية لشريحة محدودي الدخل، في ظل توجيهات الدولة المستمرة بتوسيع قاعدة تملك السكن عبر أنظمة تمويل مرنة وميسّرة.

اقرأ أيضاًموعد التقديم لحجز شقق «سكن لكل المصريين 7» المرحلة الثانية.. الشروط والأوراق المطلوبة

طرح 101 ألف شقة ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين 7».. اعرف الشروط المطلوبة

اليوم.. آخر فرصة لسداد مقدم جدية حجز شقق «سكن لكل المصريين 7»

مقالات مشابهة

  • أكثر من 400 زلزال تهز سلسلة جزر في جنوب اليابان
  • برج السرطان.. حظك اليوم الخميس 26 يونيو 2025: تجنب سوء الفهم
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الخميس 26 يونيو 2025: تجنب الشراء الاندفاعي
  • السايح يستقبل سفير اليابان لمناقشة مستجدات العملية الانتخابية
  • لمحدودي الدخل.. موعد طرح الوحدات الجديدة ضمن مشروع «سكن لكل المصريين 7»
  • موعد التقديم بالمرحلة الثانية من «سكن لكل المصريين 7».. أماكن الوحدات وشروط الحجز
  • خلى بالك.. 10 نصائح لتفادي الحرائق مع دخول فصل الصيف
  • في تحول عسكري لافت.. اليابان تجري أول تجربة صاروخية على أراضيها
  • ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
  • ترامب يخفّف العقوبات: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني