الصحة النفسية.. كيف نحافظ عليها خلال الكوارث والحروب؟
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
حل اليوم العالمي للصحة النفسية هذا العام بعد كوارث طبيعية شملت زلزالا مدمرا في جنوب تركيا وشمال سوريا بشهر فبراير الماضي، وفيضانات بشمال شرق ليبيا، وزلزال بالمغرب، بالإضافة إلى أزمات أخرى شملت حربا في السودان، والآن الحرب بين إسرائيل وغزة.
ويجمع خبراء على أن هذه الكوارث والحروب تؤثر سلبا على نفسية الإنسان، لكن بنسب متفاوتة تخضع لاعتبارات مختلفة، وهي بجميع الأحوال تأثيرات يجب التنبه لها ومواجهتها للحفاظ على صحة نفسية سليمة.
وتؤكد المتخصصة في علم النفس، الدكتورة ريما بجاني، أن هناك "تأثيرات مباشرة وغير مباشرة" للأزمات على الصحة النفسية للأشخاص الذين يتأثرون بها.
وتقول في حديثها لموقع "الحرة" إن "التأثيرات تختلف بين كل إنسان وآخر بحسب كيفية تعاطيه مع مثل هذه الأمور، ومنهم من عمل على تعزيز قدراته النفسية، ومن عايش أزمات خلال حياته".
وتضيف أن "هؤلاء استطاعوا تنمية قدراتهم الذهنية أو الانفعالية لمواجهة التأثيرات المباشرة التي تشمل الخوف والقلق والكآبة".
وأوضحت أن "الأشخاص الذين لم يعملوا على تعزيز صحتهم النفسية، ولم يتلقوا الدعم من الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء بهذا الشأن، هم عادة من يعانون من التروما (الصدمة)"، وهؤلاء هم الأشد تأثرا بالأزمات، وتكون حالتهم "صعبة في التعامل والعلاج".
وبشأن التداعيات غير المباشرة قالت إنها "عادة ما تأتي بعد الأزمة، بمعنى أنه إذا حصل أي شيء يذكر بها (مثل صورة أو صوت أو حدث ما)، فتحدث تأثيرات مضاعفة، ويجب أن يكون الشخص مجهز نفسيا لمواجهتها".
طرق الوقايةوبشأن طرق الوقاية من هذه الأزمات، تقول بجاني إن "الأزمات والحروب والكوارث مستمرة وتتكرر، وهناك حاجة لمعالجة الخوف وتنمية القدرات النفسية".
وأوضحت أن أفضل طريقة هي "مغادرة مكان" الكارثة أو الحرب، للابتعاد عن التأثيرات السلبية المحيطة، بالإضافة إلى تعزيز الوعي ومكافحة الخوف.
وتابعت أنه لتعزيز الصحة النفسية يجب "تحصين النفس بوقائع (للاطمئنان)، بمعنى أنه إذا كان هناك خوف من حدوث زلزال مثلا، فيمكن مراجعة تاريخ المنطقة التي يتواجد بها الشخص لمعرفة تاريخها مع الزلازل وحقائق واقعية عنها تجعله يشعر بالاطمئنان".
وعن أثر متابعة الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن "تنمية القدرات الذهنية تساعد في تحسين الصحة النفسية (...) إضافة إلى تخفيف تلقي المعلومات أو الأخبار التي قد تكون سيئة، وإشغال النفس بأمور مفيدة لإخراج الطاقة السلبية (مثل الرياضة أو ممارسة الهواية أو تعلم شيء جديد)".
وأكدت على ضرورة "عدم التركيز والاهتمام بفائض المعلومات التي لا نكون بحاجة لها وتزيد من القلق"، مؤكدة أن "الأمر ليس سهلا ويحتاج لإرادة قوية"، لكن ذلك يعزز من الصحة النفسية التي تعتبر "الحصن المنيع".
حق عالميوتعتبر منظمة الصحة العالمية أن "الصحة النفسية حق عالمي من حقوق الإنسان"، وأن الاحتفال باليوم العالمي يهدف إلى "تحسين المعارف ورفع الوعي والدفع قدما بالإجراءات التي تعزز وتحمي الصحة النفسية".
وتنعكس الصحة النفسية الجيدة على حياة الإنسان ورفاهيته إجمالا، ومع ذلك، يتعايش شخص واحد من كل ثمانية أشخاص في العالم مع اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية التي يمكن أن تؤثر على صحته البدنية، وكيفية تواصله مع الآخرين، وسبل عيشه، وفقا للمنظمة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصحة النفسیة
إقرأ أيضاً:
أميركا تشدد العقوبات على قطاع النفط الإيراني.. ما التأثيرات والمآلات؟
طهران – فرضت الولايات المتحدة الخميس الماضي حزمة جديدة من العقوبات استهدفت شخصيات وكيانات مرتبطة بإيران، وفق وزارة الخزانة الأميركية، في خطوة قالت واشنطن إنها تهدف إلى تعطيل شبكة تهريب نفط واسعة تُستخدم لتمويل أنشطة تصفها بـ"المزعزعة للاستقرار".
ووفق بيان نشره موقع الوزارة، فإن العقوبات تطال شبكة أعمال اتُّهمت بتهريب النفط الإيراني وتمويهه على أنه نفط عراقي وأشارت إلى أن هذه الشبكة، التي يُزعم أنها تُدار من قبل رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد، تنشط منذ عام 2020 في تصدير شحنات من النفط الإيراني عبر شركات وهمية وواجهات تجارية متعددة.
أوضحت الوزارة أن الشبكة استخدمت أنظمة نقل وشحن معقدة، من بينها تزوير وثائق الشحن والتعاون مع وسطاء وشركات وسيطة في عدة دول، كما شملت العقوبات عددًا من السفن التي وُصفت بأنها جزء من ما يُعرف بـ"أسطول الظل" الإيراني، الذي تتهمه واشنطن بالتحايل على القيود الدولية المفروضة على صادرات النفط.
في هذا السياق، صرّح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، بأن بلاده "ستواصل استهداف مصادر إيرادات طهران"، في محاولة للحد من قدرتها على تمويل ما وصفه بـ"أنشطة مزعزعة للاستقرار" في المنطقة.
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وتنامي المؤشرات على تفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على تصدير النفط كأحد المصادر الأساسية للعملة الصعبة، في ظل العقوبات المفروضة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
في المقابل، دانت طهران بشدة العقوبات، ووصفتها بأنها جزء من سياسة ضغط غير إنسانية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذه العقوبات تمثل "مثالًا آخر على السياسات اللاإنسانية للولايات المتحدة"، و"انتهاكا صارخا للقانون الدولي"، و"إرهابا اقتصاديا"، كما حمّل بقائي واشنطن مسؤولية العواقب الناجمة عن هذه الإجراءات.
إعلانوشدّد بقائي على أن مثل هذه الضغوط الاقتصادية "لن تُضعف عزيمة الشعب الإيراني"، بل "تزيد من إصراره على الدفاع عن حقوقه المشروعة".
إحصاءات النفط الإيرانييرى مراقبون أن هذه الجولة الجديدة من العقوبات تندرج ضمن سياق أوسع من السياسات الاقتصادية التي تُستخدم كأدوات ضغط في الملفات الجيوسياسية، في وقت تتسارع فيه التطورات الميدانية على أكثر من جبهة إقليمية، وبينما تؤكد واشنطن أنها تستهدف نشاطات غير قانونية، تعتبر طهران أن العقوبات تمثل أدوات حرب اقتصادية تهدف إلى إخضاع إرادتها السياسية والإضرار بالاقتصاد الإيراني.
وتُعد إيران ثالث أكبر منتج للنفط ضمن منظمة أوبك، ويبلغ إنتاجها نحو 3.3 ملايين برميل يوميا، ما يعادل حوالي 3% من الإنتاج العالمي، وتصدر نحو 1.8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات، وهو أعلى مستوى للصادرات منذ عام 2018، مع اعتماد كبير على السوق الصينية كمستورد رئيسي.
تتركز منشآت إنتاج النفط بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية الغربية من البلاد، خاصة في محافظة خوزستان (الأهواز).
وعلى الرغم من العقوبات الأميركية التي فرضت منذ عام 2018، شهدت صادرات النفط الإيرانية تعافيا تدريجيا عبر إستراتيجيات التحايل على العقوبات مثل النقل من سفينة إلى أخرى وإخفاء مواقع الناقلات، وفي يونيو/حزيران 2025، شنت إسرائيل غارات استهدفت منشآت نووية ومصانع للصواريخ الباليستية في إيران، لكن المنشآت النفطية لم تتضرر، حسبما أكدت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط.
أزمة الموازنةوحول تداعيات تشديد العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني، قال أستاذ الاقتصاد بيمان مولوي إن استمرار الضغوط، خصوصا تلك التي تستهدف عائدات النفط، من شأنه أن يعمّق أزمة الموازنة في البلاد.
وأضاف في تعليق لـ"الجزيرة نت" أنه "في حال تراجعت صادرات النفط الإيراني إلى ما دون 700 ألف برميل يوميا، فإن الحكومة ستواجه صعوبة كبيرة في تغطية نفقاتها، ما يدفعها إلى مزيد من طباعة النقود، وهو ما سيرفع السيولة النقدية بأكثر من 35%، وهو رقم خطير في ظل غياب موارد مالية حقيقية".
وحذر مولوي من أن هذا المستوى من التوسع النقدي سيؤدي إلى خلق طلب داخلي بنحو 35 مليار دولار لا يمكن تلبيته، مما سيدفع التضخم إلى تجاوز حاجز 45%، مع احتمالات بتخطي 50% إذا استمرت وتيرة الانخفاض في مبيعات النفط.
وتابع "مع ارتفاع التضخم، تتراجع قيمة الريال بشكل متسارع، ما يؤدي إلى موجة من الضغط المالي على الأسر، ويدفع الكثير من المواطنين إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والعقارات لحماية قدرتهم الشرائية".
ورأى مولوي أن هذه الدينامية ستقود إلى تآكل القوة الشرائية للموظفين وأصحاب الدخل الثابت، وتراجع معدلات الاستثمار في الاقتصاد، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية.
وأضاف "كما رأينا في الفترات التي سبقت توقيع الاتفاق النووي، أو بعد انسحاب إدارة ترامب منه، فإن الاقتصاد الإيراني يظل شديد الهشاشة أمام أي صدمة نفطية أو مالية".
تضييق مستمرمن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد آيزاك سعيديان، إن الولايات المتحدة تستهدف هذه المرة شبكات معقدة كانت تُسهم في نقل وبيع النفط الإيراني بطرق تلتف على العقوبات السابقة، ما يعني أن هامش المناورة أمام طهران سيضيق أكثر فأكثر.
إعلانوأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي، موضحًا أن "البيئة الإقليمية المضطربة جعلت من الصعب على الحكومة تنفيذ برامجها الإصلاحية، لا سيما ما يتعلق بمعالجة اختلالات الميزانية وتعويض العجز المتراكم".
وتابع "الواقع أن النفقات المرتفعة المرتبطة بالأوضاع الأمنية، إلى جانب استمرار العجز المالي والاختلالات الاقتصادية في قطاعات مختلفة، ستجعل من مهمة حكومة الرئيس مسعود بزشكيان في تأمين الموارد لبرامجها الاقتصادية أكثر صعوبة".
وختم سعيديان بالقول إن "اعتماد الحكومة الإيرانية على إيرادات النفط يجعلها شديدة التأثر بأي تضييق في قنوات التصدير، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وهو ما يجعل التوقعات الاقتصادية للمرحلة المقبلة قاتمة إلى حدّ كبير".