أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده طرحت فكرة نظام يكون فيه "ضامنون" للأطراف من أجل إحلال السلام الدائم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

هذا الإعلان جاء في مقابلة أجراها فيدان مساء الإثنين مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في العاصمة أنقرة، وبالتزامن مع مواجهة مستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل مقاومة فلسطينية في قطاع غزة.

وردا على سؤال حول حصول دول على صفة الضامن للجانب الفلسطيني وأخرى للجانب الإسرائيلي، قال فيدان: "طرحنا الفكرة الرئيسية لمسألة الضمانة، وينبغي مناقشة النظام أولا ومن ثم منهجيته بشكل منفصل".

وأكد فيدان أنه "من غير المقبول أن تقصف إسرائيل غزة بطريقة غير مسبوقة، وتتسبب بمقتل أعداد كبيرة من المدنيين (نحو 3 آلاف)، وتحكم على المنطقة بالفقر والجوع من خلال قطع الكهرباء والمياه والوقود".

وشدد على أن هجوم حركة "حماس"، ضمن عملية "طوفان الأقصى"، على مستوطنات غلاف غزة الإسرائيلية في 7 أكتوبر "كان مفاجأة للجميع وخاصة لإسرائيل".

وأضاف أن سهولة العبور (المقاتلين الفلسطينيين) من غزة إلى الجانب الآخر (الإسرائيلي)، والعمليات التي نتج إثر هذا العبور، "فاجأت الجميع".

وتابع: "بعد هدم جزء معين من الجدار الفاصل بين إسرائيل وغزة، كان من المفاجئ دخول عناصر حماس ومجموعات أخرى وعناصر مدنية، دون أن يواجهوا أي مقاومة".

وأردف: "هذا الوضع كشف ضعف الجهاز الأمني ​​الإسرائيلي الذي سيُناقش لسنوات طويلة، فما هي الظروف التي أدت إلى 7 أكتوبر؟ ربما نحتاج إلى الحديث عن هذا بشكل منفصل. وبالطبع لا نوافق على أي أعمال استهدفت المدنيين (..)، وندين استهداف المدنيين".

وبخصوص هجمات "حماس"، قال فيدان: "نؤكد على وجوب عدم استهداف المدنيين بغض النظر عن أي تصنيف، وبما أن الغرب يصنفون حماس منظمة إرهابية، فإنهم يقيّمون جميع أنشطتها في إطار الإرهاب. ونحن نقول لا يجب على أي أحد أن يستهدف المدنيين، لكن إسرائيل وكما فعلت في الماضي، لم تستثن المدنيين في ردها".

وقال إنه عندما بدأت إسرائيل عملياتها، أبلغت أنقرة الأمريكيين والإسرائيليين والأطراف الأخرى، قلقها البالغ إزاء وضع المدنيين.

اقرأ أيضاً

جولة بلينكن العربية.. استقبال فاتر ودعم لغزة وانتقاد لإسرائيل

مساعٍ تركية

وعن المساعي الدبلوماسية التي يبذلها لتهدئة الوضع، قال: "كما تعلمون قمنا بزيارة مصر، وسنزور لبنان. وبعد لبنان هناك اجتماع طارئ استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية في مدينة جدة السعودية، وسنذهب إلى هناك. ورئيسنا (رجب طيب أردوغان) يجري اتصالات مكثفة، ونحن كوزارة خارجية لدينا اتصالات وكذلك أجهزة استخباراتنا".

وشدد على تركيا لا تقبل أيضا تهجير المدنيين من أماكنهم، وخاصة من الأجزاء الشمالية لقطاع غزة إلى الأجزاء الجنوبية، من خلال تخويفهم من جانب إسرائيل.

واستطرد: "لدينا مساعٍ لتحديد ما يمكننا القيام به مع نظرائنا لوقف الهجمات ضد المدنيين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان تقليل تأثّر المدنيين".

فيدان قال إن أنقرة تسعى إلى تحويل الأزمة الراهنة إلى فرصة للسلام، ونقلت هذه الفكرة إلى نظرائها.

وتابع: "نقول دائما إن إسرائيل علّقت حل الدولتين حتى الآن. وكان همها الرئيسي هو تحقيق السلام مع الدول العربية الأخرى وليس مع الفلسطينيين؛ وذلك لأن منظور إسرائيل يخلو من وجود دولة فلسطينية مدنية".

وأشار إلى أن إسرائيل كانت لديها مشاكل في السابق بخصوص قبول وجودها من قِبل العرب والدول الأخرى في المنطقة، مستدركا: "وعندما تم قبول وجودها، أصبح من السهل بالنسبة لها عدم قبول الآخر (الفلسطينيين)".

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تنظر أيضا بإيجابية لفكرة حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

اقرأ أيضاً

أردوغان يندد بمنع وصول المساعدات إلى غزة: وصمة عار

المصدر | الخليج الجديد- الأناضول

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا فيدان الصراع فلسطين إسرائيل

إقرأ أيضاً:

في التطبيع السوري ـ الإسرائيلي

بعيد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1990 وحرب الخليج الثانية عام 1991، وافقت سورية على الانخراط في مسار سلام مع إسرائيل، وكان مؤتمر مدريد للسلام في العام ذاته العنوان الأول لهذا المسار، الذي لم يدم سوى عقد واحد فقط.

مرحلة الأسد الأب

قامت مقاربة الأسد الأب منذ عام 1991 (مؤتمر مدريد للسلام) على معادلة استراتيجية ثابتة: الأرض مقابل السلام، والأرض هنا تعني الأرض كاملة، والسلام هنا يعني سلام مثل أي سلام مع أي دولة أخرى، كالتشيلي مثلا، وهي البلد التي ذكرها حافظ الأسد بالاسم، أي أن السلام من وجهة نظر دمشق سيكون باهتا.

أصر الأسد على تطبيق القرارين الدوليين 242، 338 في أي سلام مع إسرائيل، وهو ما اعتبر من المحرمات السياسية في إسرائيل المستعدة لتطبيق وتحقيق السلام لكن خارج الشرعة الدولية.

قامت مقاربة الأسد الأب منذ عام 1991 (مؤتمر مدريد للسلام) على معادلة استراتيجية ثابتة: الأرض مقابل السلام، والأرض هنا تعني الأرض كاملة، والسلام هنا يعني سلام مثل أي سلام مع أي دولة أخرى، كالتشيلي مثلا، وهي البلد التي ذكرها حافظ الأسد بالاسم، أي أن السلام من وجهة نظر دمشق سيكون باهتا.السبب في ذلك هو أن تطبيق هذين القرارين مع أي جهة عربية مهما كانت، سيشكل سابقة وقاعدة للبناء عليها قانونيا من أجل تنفيذ هذين القرارين في الضفة الغربية: ما تسمى اليهودا والسامرة بالنسبة للإسرائيليين.

ولذلك، شاركت إسرائيل في ثلاث عمليات سلام خارج الشرعة الدولية (242، 338): كامب ديفيد عام 1978، أوسلو مع السلطة الفلسطينية عام 1993، وادي عربة مع الأردن عام 1994، وحتى الانسحاب من جنوب لبنان جاء خارج القرار الدولي 425 لعام 1978.

شهد عام 2000 آخر مفاوضات سلام جرت بين سورية وإسرائيل في شيبرزتاون الأمريكية، وجاءت بالفشل كسابقاتها بسبب رفض سورية (حافظ الأسد) احتفاظ إسرائيل بالضفة الشرقية لهضبة الجولان.

الأسد الابن

بعد أحداث سبتمبر الأمريكية عام 2001، وصعود المحافظون الجدد، وتعاطفهم الديني ـ السياسي مع إسرائيل، وجدت الأخيرة الفرصة مواتية للهروب من استحقاق السلام مع سورية، خصوصا وديعة رابين.

في عام 2003، وتحت ضغط سقوط العراق عسكريا، أعلنت دمشق نيتها استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل، وهي خطوة فُسرت إسرائيليا وأميركيا بأنها تعبير عن حالة ضعف تعتري النظام السوري، أو محاولة للهروب من عنق الزجاجة بفعل الضغوط الأميركية الكبيرة على دمشق من أجل تغيير سياستها الإقليمية.

وكانت الجديد الذي طرحته سورية مع الأسد الابن آنذاك، القبول باستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وكان يعني هذا أن دمشق مستعدة للمفاوضات من نقطة الصفر.

وبعد ثلاث سنوات من تجاهل الرسائل السورية، اندلعت حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، وهي حرب وجدت فيها دمشق انتصارا لما يسمى محور والمقاومة، فعاود الأسد الابن سيرة والده في التشدد السياسي مع إسرائيل.

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحول البلاد إلى ساحة للقتال منذ نهاية عام 2012، أغلق ملف المفاوضات نهائيا حتى سقوط نظام الأسد نهاية عام 2024.

وفي هذه المرحلة حاول الأسد إرسال رسائل لإسرائيل عبر الإمارات لاستئناف المفاوضات، لكن إسرائيل لم تكن في وارد فعل ذلك، إلا إذا تنازل عن الجولان، وهي خطوة لا يستطيع النظام فعلها، لأنها تقضي نهائيا على سرديته القومية البالغة من العمر أكثر من خمسين عاما.

سورية الجديدة وإسرائيل

ما أن سقط النظام السوري حتى بدأت إسرائيل بشن هجمات عنيفة جدا، دمرت خلالها الترسانة العسكرية السورية بشكل شبه كامل، وأعقبت ذلك بتوغل في الأراضي السورية، بلغت ذروتها في السيطرة العسكرية على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية.

لم تقابل هذه عمليات الإسرائيلية بالصمت السوري الرسمي فحسب، بل أعلن الرئيس الشرع أكثر من مرة أن سورية لن تكون جغرافية لتهديد الدول الإقليمية، بما فيها إسرائيل.

لا تملك سورية ما تقدمه لإسرائيل سوى الإعلان عن تنازلها عن الجولان، وهذا انتحار سياسي وتاريخي، لا يقدر الشرع عليه، في وقت ليس في جعبة إسرائيل ما تقدمه لسورية بعد إعلانها ضم الجولان، وبالتالي انتهاء معادلة الأرض مقابل السلام.ومع الضغط الأوروبي والعربي على الولايات المتحدة لرفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، نشأ رأي أمريكي أن الوقت قد حان لضم سورية إلى الخارطة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة تحت العباءة الخليجية، وبذلك أقدم ترمب على رفع العقوبات بعيد لقائه الشرع في الرياض، وهو لقاء جرى فيه تأكيد سورية وموافقتها على إقامة سلام دائم مع إسرائيل.

منذ أسابيع قليلة، انطلقت تصريحات أمريكية عن اقتراب الإعلان عن توسيع الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دول جديدة، وقد توجهت جميع الأنظار إلى سورية.

وإذ يبدو الأمر مسلما به بأن التطبيع السوري ـ الإسرائيلي قادم، فإن السؤال الذي لا إجابة عنه، تحت أي سقف سياسي ستجري المفاوضات أو الاتفاق؟ ولماذا تقبل إسرائيل بتقديم تنازلات لدولة لم تعد تملك أي تهديد أو خطر بعدما تغير وجه المنطقة الاستراتيجي؟

لا تملك سورية ما تقدمه لإسرائيل سوى الإعلان عن تنازلها عن الجولان، وهذا انتحار سياسي وتاريخي، لا يقدر الشرع عليه، في وقت ليس في جعبة إسرائيل ما تقدمه لسورية بعد إعلانها ضم الجولان، وبالتالي انتهاء معادلة الأرض مقابل السلام.

التفاصيل المنتشرة في وسائل الإعلام كثيرة، وتتراوح بين التنازل السوري عن الجولان، إلى جعل الجولان منطقة محايدة، على ما في هذا التعبير من غموض، إلى إجراء اتفاق أمني في المرحلة الأولى، تعقبه مفاوضات مطولة حول مصير الجولان، وطبيعة السلام الذي تريده إسرائيل من سورية.

لا يمتلك صاحب هذه السطور إجابة عن طبيعة السيناريوهات المحتملة، لكن وفق المعطيات القائمة على الأرض: رئيس سوري لا يمتلك أي مقومات القوة، وطرف آخر يمتلك كل مقوماتها، وسط ضعف عربي ملموس، سيكون أي اتفاق مقبل في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى.

وعلى الرغم من اختلال موازين القوى بين الجانبين، فإن أية محاولة سورية للتفريط بالجولان أو جزء منه، ستعني استسلاما سورياً، وتخليا عن القضية الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • دعا الفصائل أيضاً.. الصدر يطالب سرايا السلام بتسليم السلاح والانسحاب من سامراء
  • حماس: الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في قطاع غزة
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجميع سيدفع الثمن إذا استمر الصراع مع إسرائيل
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: أولويتنا وقف العدوان الإسرائيلي بأي ثمن
  • العمل الأهلي الفلسطيني: إسرائيل تسعى لاستغلال صفقة التهدئة لتثبيت واقع تهجيري في غزة
  • الوطني الفلسطيني: مجازر الاحتلال الإسرائيلي في غزة جرائم إبادة ممنهجة
  • لا ملاذ آمن.. القصف الإسرائيلي يلاحق المدنيين في كل مناطق غزة
  • أرمينيا تخطو خطوة تاريخية باتجاه تركيا
  • الشارع الفلسطيني يأمل في وقف الحرب وسط تحركات دبلوماسية نشطة
  • في التطبيع السوري ـ الإسرائيلي