كان الثاني عشر من شهر أكتوبر 2023م “يومًا بنكهة البن وريح الخزامى”، وبعد أن صافح النشيد الوطني اليمني السلام الملكي السعودي افتتح سعادة سفير الجمهورية اليمنية في الرياض د. شائع محسن الزنداني المعرض التشكيلي الخاص (المنى) للفنانة السعودية د. منى علي الحمود، كأول استضافة لمبادرة من فنانة سعودية في مقر السفارة اليمنية في العاصمة الرياض.


وكان الافتتاح على شرف صاحبة السمو الأميرة دعاء بنت محمد آل سعود، وبحفل كريم من أصحاب السعادة سفراء الدول الشقيقة: سعادة سفير دولة مملكة المغرب، سعادة سفير دولة فلسطين، سعادة سفير جمهورية كوريا الجنوبية، وسعادة القائم بأعمال سفير جمهورية الصين الشعبية لدى اليمن، وبحضور سخي من كبار الشخصيات والمسؤولين والإعلاميين والفنانين من البلدين الشقيقين، في مشهد من التواصل الثقافي والحراك الفني متعدد الثقافات تعزيزًا للأواصر الحضارية بين البلدين عبر بوابة الفنون.
وجددت د. الحمود الذاكرة بمشروع بين ثقافتين، قام على مبدأ الالتقاء بقواسم ثقافية مشتركة بين الحضارتين السعودية واليمنية.
وابتدأ حفل الافتتاح بكلمة، صرحت فيها د. الحمود بأهداف المعرض وفعالياته الثقافية المصاحبة، وأعربت عن مشاعر الشكر والامتنان للسفارة اليمنية بالرياض بكلمة “فإن طاب المكان فمن طيب أهله”، التي استضافت هذا الحدث بكل محبة ممثلة بسعادة السفير ومنسوبيها كافة، وفي مقدمتهم سعادة الملحق الثقافي أ.د. طه حسين، الذي كان يتابع سير هذا البرنامج الثقافي منذ بداياته، ومدير العلاقات العامة بالسفارة والمراسيم.
كما وجّهت د. الحمود شكرها لجمعية “إعلاميون” على دعمها بالتغطيات الإعلامية قبل الافتتاح وأثناءه، ولشركة عبر الخليج لدعمها السخي للورش الفنية، ولصالون سارة الثقافي، ولجمعيتي “سند” و”دسكا”، وللحضور والمشاركين كافة، كل باسمه بعبارة: “شكرًا لكل من آنسني وشرفني بحضوره لأجلي، وهذا كرم منه، أثمنه، وأدين له به”.
وقد ألقى سعادة سفير الجمهورية اليمنية بالرياض د. الزنداني كلمته الضافية التي رحب فيها بسمو الأميرة دعاء، وبالضيوف والمدعوين، وشكرهم على تلبية الدعوة، وأشاد فيها بجهود المعرض والفعاليات الثقافية المصاحبة له من ندوات ومحاضرات وورش فنية، مثنيًا على مستوى الأعمال والتنظيم لهذه الفعالية، التي تعتبر تجربة جديدة في النشاط الثقافي إدراكًا لما للفن من دوره ومكانته المهمة في حياة المجتمعات، وفي بناء وتعزيز أواصر العلاقات الثقافية والتواصل بين الناس أممًا وشعوبًا وجماعات وأفرادًا.
بعدها تفضلت صاحبة السمو الأميرة دعاء بنت محمد آل سعود بتقديم كلمتها التي عبّرت فيها عن مدى سعادتها بوجودها على أرض السفارة اليمنية الشقيقة الغالية على قلوبنا جميعًا، ووجهت شكرها لسعادة سفير الجمهورية اليمنية في المملكة على كرم الضيافة وحسن الاستقبال واستضافته للمعرض، وخصت بالشكر الفنانة د. الحمود على معرض (المنى) بلوحاته الجميلة، والموروث الذي أظهرته الفنانة في لوحاتها، الذي جاء ليؤكد على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين، مواكبًا للحراك الثقافي والتنموي الذي تشهده المملكة العربية السعودية اليوم في ضوء رؤية عراب الرؤية صاحب السمو الملكي ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-.
بعد ذلك وجهت الأستاذة منال الحسن كلمة بالنيابة عن سمو الأميرة أضواء بنت فهد آل سعود، معربة عن شكرها لسفارة الجمهورية اليمنية بالمملكة على استضافة معرض لفنانة سعودية، وهذا إنما يدل على الترابط بين الشعبين الشقيقين، السعودي واليمني. وعبّرت عن فخرها بمثل هذا الفن الذي استضافه بلد عريق ومعروف بالحضارات الأصيلة، هو اليمن السعيد.
كما وجّه سعادة الدكتور سعود الغربي رئيس “جمعية إعلاميون” كلمته، التي شكر فيها سفارة الجمهورية اليمنية على استضافة المعرض، والدكتورة منى الحمود على هذا التنظيم والإعداد له، وللفعاليات الثقافية المصاحبة، مؤكدًا على دور الإعلام وأهميته في دعم مثل هذه الفعاليات والمبادرات التي لها أبعادها الدولية والمحلية.
وقدم بعدها الشاعر المتألق طلال بن فهد قصيدتين، الأولى عن الوطن من باب واجب الشعراء الفني والأخلاقي، والأخرى أهداها لمعرض (المنى)، وافتتحها بقوله:
يوم (المنى) يومك وتحقيق الأحلام
يا سيدة مناقب فنون الإلهام
فن الحضارات القديمة أعدتيه
بالواقع اللي نشوفه وماهي أوهام
مثلتي بلادك على خير تمثيل
في محفلك هذا وغيره بكل الأيام
وانتهت الجلسة الافتتاحية والترحيبية لمعرض (المنى) بتكريم الدكتور الزنداني والدكتورة الحمود للسفارة والرعاة والمشاركين بهدايا تذكارية من المعرض، وقُدّم بعض من الفقرات الغنائية والعزف ترحيبًا بالضيوف.
بعد ذلك توجه د. الزنداني لافتتاح المعرض على شرف سمو الأميرة دعاء آل سعود، وسعادة السفراء والمدعوين.
واستمر المعرض والفعاليات الثقافية المصاحبة له لمدة ثلاثة أيام متصلة، تخللها جدول حافل بالندوات والمحاضرات وورش الأطفال حضوريًا وعن بعد، قدّمها وأدار حواراتها نخبة من الأكاديميات والأكاديميين والفنانين المختصين والمختصات من متعددي الثقافات من الجمهورية الجزائرية والجمهورية اليمنية والجمهورية السودانية وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
وقد حظي الحضور بحمل ذكريات هذا المعرض إلى قلوبهم ومنازلهم؛ إذ كان على حواشي المعرض أركان فنية مجانية للخطاطين والرسامين ورسامي الكاريكاتير، وركن لبعض المنتجات الفنية.
وعزز هذا المعرض وفعالياته الثقافية المصاحبة له المسؤولية المجتمعية، وكان هذا من أبرز أهدافه التي كان من ضمنها أيضًا التجسير بين قيمة الفنون الجمالية والأخلاقية من خلال سمة العطاء والبذل، والتعريف بالعديد من الفنانين من متعددي الثقافات وفنونهم.
الجدير بذكره أن د. الحمود لُقبت بـ”رسامة الفسيفساء السعودية” من قبل المستشار بوزارة الثقافة اليمنية الأستاذ حسن علوي الكاف إثر دعوته لزيارة أحد المعارض الفنية في العاصمة الرياض، وكانت الحمود مشاركة بلوحة أسمتها “يوم الخود”، عبّرت فيها عن سمة التنوع الثقافي في المملكة، وقيمة التعايش الخلاق في المجتمع السعودي.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الجمهوریة الیمنیة سعادة سفیر آل سعود

إقرأ أيضاً:

سعادة لا تُشترى!

 

 

ريم الحامدية

[email protected]

 

لم يعد السؤال اليوم: ماذا تحب؟ بل أصبح كيف ستحول ما تحب وتسعد به إلى مشروع؟

لم تعد لحظات السعادة والمتعة كافية بذاتها، ولا يكفي الشغف وحده لتبرير الوقت الذي ينفق في الهوايات، ولم تعد الهواية مساحة برئية خارج دوائر الجدوى والربح، ففي زمن تغلب عليه ثقافة الانتاج الدائم، صار كل شي مطالبا بأن يثمر وكل موهبة مطالبة بأن تتحول؛ بل إن لحظة من المتعة باتت تحتاج إلى مبرر اقتصادي.

صوتك جميل.. لماذا لا تُطلق بودكاست؟ طبخك لذيذ.. لماذا لا تفتح مطعمًا؟

تصويرك ملفت؟ لماذا لا تجعل حسابك عامًا؟ خواطرك عميقة؟ لماذا لا تكتب كتابًا؟

أسئلة تبدو في ظاهرها دعمًا وتشجيعًا، لكنها تحمل في داخلها ضغطًا غير مرئي، يلاحق الإنسان حتى في أكثر مساحاته خصوصية وهي مساحات اللعب، والراحة، والهواء الخفيف الذي نتنفسه بعيدًا عن منطق السوق.

لقد تحوّلت الهوايات من ملاذ إلى مشروع، ومن مساحة حرّة إلى خطة عمل، ومن لحظة صدق إلى فرصة تسويق، لم نعد نرسم لنفرِّغ قلوبنا؛ بل لنبيع اللوحة، ولم نعد نكتب لأننا نختنق إن لم نبوح بما يختلج صدورنا، ولكن لنحصد إعجابات وانتشار على المنصات الرقمية، ولم نعد نصوِّر لأن الضوء يُدهشنا وجمال اللقطة تُنعش قلوبنا؛ بل لأن الخوارزمية تحتاج محتوى جديدًا!

إننا في زمن الثقافة التي تُسلِّع كل مُتعة وتحوِّل كل جمال إلى فِعل مادي، وكل شغف إلى أرقام ومؤشرات.

هذه الثقافة لا تكتفي بأن تدفعنا للإنتاج؛ بل تُشعرنا بالذنب إن لم نفعل، تُشعرنا بأننا متأخرون إن لم نحوّل ما نحب إلى إنجاز ملموس، وكأن الحياة باتت سباقًا لا يتوقف، ومن يهدأ قليلًا يُتّهم بالكسل أو الهروب.

المشكلة ليست في العمل، ولا في تحويل الموهبة إلى مشروع؛ بل في الإكراه الخفي الذي يتسلل إلى أرواحنا، أن تشعر بأن متعتك غير شرعية ما لم تُدرّ مالًا، وأن راحتك ترف لا تستحقه، وأن الهواية بلا جمهور هي فرصة ضائعة.

هناك أشياء خُلقت لتُحَب فقط، أشياء لا تقبل أن تُحوَّل إلى منتج، ولا تليق أن تُختزل في أرباح، أشياء نمارسها لأننا نختنق بدونها، لا لأننا نريد أن نبيعها.

أن نطبخ لأن رائحة البيت تحتاج دفئًا، أن نكتب لأن الصدر امتلأ بالكلمات، أن نصوِّر لأن اللحظة خافتة ونخشى أن تضيع، أن نمشي بلا هدف؛ لأن أرواحنا تحتاج مساحة بلا اتجاه.

لست ضد الفائدة ولا ضد الرزق حين يأتي متناغمًا مع رغبة الإنسان واستعداده، لكننا ضد شعور الذنب، وضد مطاردة الإنسان بأسئلة التوسّع والانتشار والسبق، وكأن الهدوء خطيئة، والبساطة فشل، والرضا خسارة.

لقد دفعنا هذا العصر إلى أن نعامل أنفسنا كمشاريع، لا كبشر، أن نقيس أعمارنا بالإنتاجية، وأيامنا بالإنجازات، وقيمتنا بما نعرضه أمام الآخرين، ربما آن الأوان أن نتوقف قليلًا، أن نسأل أنفسنا بصدق متى كانت آخر مرة فعلنا شيئًا لمجرّد أننا نحبه؟ بلا جمهور، وبلا مردود، بلا ضغط.

نحتاج أن نستعيد حقّنا في الأشياء التي لا تُوظَّف، ولا تُحوَّل، ولا تُستثمَر.

نحتاج أن نحمي مساحاتنا الصغيرة من ضجيج السوق، أن نعيد تعريف النجاح، لا ككمية ما نبيع؛ بل كمساحة ما نشعر.

ولعلّ أجمل ما يمكن أن نقاوم به هذه الثقافة، هو أن نحب شيئًا ولا نُعلن عنه، وأن نمارسه في الخفاء، ونحرسه من أن يتحوّل إلى واجب.

ربما لم نُخلق لنكون علامات تجارية، ولا لنحمل أرواحنا إلى السوق.

وربما أخطر ما يحدث لنا اليوم… أننا بدأنا نصدّق ذلك.

فما الذي سنحتفظ به لأنفسنا، قبل أن يُعاد تسعيرنا بالكامل ويصبح لكل فرد فينا "باركود"؟!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • صور| 1500 طير نادر تتنافس على لقب الأجمل في السعودية
  • قصة وفاة فنانة مشهور بعد منع ابنتها من السفر
  • السفارة المصرية في نيودلهي تحتفل بتسجيل الكشري على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي
  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • سفير سلطنة عُمان بتونس يشارك في فعاليات "اليوم الإعلامي" ضمن أيام طرابلس الإعلامية 2025
  • القبض علي ابنة فنانة تركية شهيرة وصديقتها بتهمة قتل والدتها
  • لتوحيد المؤسسات ودعم التعاون.. سفير واشنطن يجري عدة مباحثات في طرابلس
  • هند صبري في ضيافة «صاحبة السعادة» بهذا الموعد
  • سعادة لا تُشترى!
  • عاجل: عيدروس الزبيدي يغازل السعودية والحكومة اليمنية بتصريحات تناقض أفعاله مع أقواله.. زعيم الانتقالي يدعو إلى تحرير محافظة البيضاء