ما دقة المخاوف بتمدد الحرب إلى الولايات الآمنة في السودان؟
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
أثارت التسريبات التي نشرها موقع (الجزيرة نت) على لسان مصدر عسكري رفيع بنقل الحرب الدائرة في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي إلى المناطق الآمنة، خاصة شمال السودان، المخاوف بتوسيع دائرة القتال وتحولها لحرب أهلية شاملة.
تقرير:التغيير
هذه المخاوف بدأت تتزايد في ظل الأنباء المتواترة بصورة شبه يومية عن دخول مجموعات تتبع لقوات الدعم السريع للقرى في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض في الوقت الذي ظلت تعلن فيه الأجهزة الأمنية بالولايات الشمالية القبض على (متسللين) يتبعون لقوات الدعم السريع في بعض المناطق الأمر الذي يشير إلى إمكانية توغل قوات الدعم السريع شمالا.
معركة مطار مروي بالرغم من عدم وجود قوات كبيرة للدعم السريع في الولاية الشمالية ما عدا قاعدة (الشفرليت) مع الحدود الليبية، إلا أن الولاية شهدت أول اشتباك مسلح خارج الخرطوم بعدما وصلت (140) عربة قتالية مطار مروى العسكري وحاصرته لأيام قبل أن تستولي علية وتأسر عدد من الجنود المصريين الذين كانوا موجودين فيه حيث استمرت المعارك لأيام أحكم الجيش السوداني بعدها قبضته على المطار بعد معارك طاحنة خلفت عدد من القتلى والأسرى.
من الواضح أن تواجد قوات الدعم السريع في الشمالية لم ينته بعد خروجهم من مروى ولاحقا نشرت قوات الدعم السريع وتحديدا في نهاية سبتمبر الماضي فيديوهات تظهر حشد لسيارات مسلحة علي اعتاب أحد البوابات القريبة من عاصمة الولاية دنقلا.
فيما أعلنت القوات المسلحة السودانية في وقت سابق عن تدمير معسكرات للدعم السريع على طريق شريان الشمال (70) كيلو متر.
اشتباكات
وشهد مطلع أكتوبر الحالي اشتباكات مسلحة بين قبيلة الكبابيش والدعم السريع جنوب الولاية الشمالية على خلفية سرقة أبل تخص القبيلة التي تنادي منسوبيها (للفزع) بعد أن تماطلت حكومة الولاية في نجدتهم بحسب بعض قياداتهم حيث اشتبكوا مع قوات الدعم السريع واستردوا ابلهم واحتسبوا أحد شباب المنطقة.
متسللون
بحسب مصدر أمني تحدث (للتغيير) أكد ضبط عدد من عناصر الدعم السريع افراد في دنقلا والبرقيق حفير مشو والصحراء بمحازاة منطقة الدبة بعضهم يحمل أسلحة خفيفة ومبالغ مالية محلية وأجنبية وذهب.
التنقيب عن الذهب
وبحسب مصدر أكد (للتغيير) وجود شركات كبيرة تعمل في مجال التنقيب عن الذهب تتبع لقوات الدعم السريع لكنها الآن تحت قبضة السلطات المحلية في الولاية الشمالية.
معسكرات المستنفرين
تعتبر الولاية الشمالية من أول المناطق التي بدأت فيها معسكرات الاستنفار بحسب قائد الاحتياط بدنقلا المقدم الفاتح فضل المولي والذي أوضح خلال مؤتمر صحفي مؤخرا للجنة الاستنفار ان عدد المعسكرات بكل أنحاء الولاية بلغ (٦٤) معسكرا، تضم الآف المجندين مجندا، مشيرا إلى ان معظم معسكرات انتهت فيها برامج التدريب العسكري (ضرب النار) ، وتم تخريج عدد كبير .
ونوه إلى أن المستنفرين يعول عليهم كثيرا في حماية مناطقهم بحسب الخطط والتكتيكات العسكرية المتبعة. ووفقاً لمصادر (التغيير) فإن عدد المستنفرين بالولايات الشمالية ونهر النيل يقدر ب(25) الف.
انتحار
واعتبر الخبير العسكري اللواء أمين مجذوب في حديثه (للتغيير) نقل الحرب من الخرطوم للولايات الآمنة عموما والشمالية على وجه الخصوص بأنه عملية انتحارية لعدة أسباب، مؤكدا ان جنوح الدعم السريع لهذه الفكرة مؤشر لفشل التمرد في تحقيق أهدافها الرئيسية في العاصمة.
وأضاف: أي محاولة لنقل الحرب شمالا كما زكرت سيكون فاشل لعدة أسباب ابرزها بعد خطوط الإمداد كما لاتوجد قاعد شعبية أو حتي أثنية لقوات الدعم السريع في هذه المناطق.
وأكد اللواء مجذوب أن قوات التمرد في أضعف حالاتها وهي لا تستطيع أن تتمد شمالا أو شرقا أو حتي جنوبا بعد فشلها في تحقيق أهدافها في الخرطوم، مشيرا إلى أن التمرد فشل حتي في السيطرة علي المدن الواقعة في معاقلة الرئيسية في غرب السودان في الأبيض الفاشر نيالا لذلك من الصعب أن ينقل الحرب للشمال.
دعاية
وأوضح أن قوات الدعم السريع باتت تعتمد على (الفرقعة) الإعلامية بمهاجمة القرى الطرفية بقوات بسيطة وتعلن بعدها انها احتلت المنطقة الفلانية وسرعان ماتنسحب منها أو تجبر علي الانسحاب.
ورأي أمين أن أي خطة أو محاولة جادة من الدعم السريع لنقل الحرب شمالا تعني عمليا إنهاء التمرد للأسباب التي ذكرت.
تخوف مصري
الأكاديمي والباحث في مجال العلاقات الدولية رمضان عبد الله أبدى خلال حديثه (للتغيير) تخوفه من نقل الحرب للولاية الشمالية لجهة أن ذلك ربما يدفع الجاره مصر للتدخل في الشأن السوداني.
وقال الولاية الشمالية تمثل عمق لمصر وربما اطماع لذلك أتوقع ان تتدخل إذا اكتسحت قوات الدعم السريع المنطقة، وبالتالي ربما يدفع هذا الأمر أطراق إقليمية آخري للتدخل وتصبح المنطقة بؤرة لصراع محلي وإقليمي.
منطقة عازلة
وأشار رمضان إلى ظهور بعض المنشورات المصرية في مواقع التواصل الإجتماعي تؤكد علي أهمية وجود منطقة عازلة في الشمالية اذا اقتربت الحرب من أراضيها، داعيا من اسماهم (بنافخي الكير) من الناشطين بوقف الحملات وخطاب الكراهية (جلابة وغرابة).
لجان المقاومة بالشمالية رؤية لإيقاف الحرب
وكانت لجان المقاومة بالولاية الشمالية والقوى الثورية الموقعة على الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب قدمت رؤية لإنهاء الحرب وفتح قنوات حوار مباشر مع قواعد وشرفاء القوات المسلحة والرموز المجتمعية في دوائر النفوذ الأهلي لمليشيا الدعم السريع حول ضرورة وقف الحرب بشروط الثوار والمواطنين وأصحاب المصلحة الحقيقية في السلام وضرورة تجاوز شبح دويلة المليشيات وتعدد المراكز الأمنية صوب بناء جيش قومي مهني موحد يجميع كافة السودانيين.
وطالبت لجان المقاومة بالاعتراف بالمظالم التاريخية في الدوائر الاجتماعية للمليشيا وبقية أنحاء السودان وضرورة حلها في إطار وطني أشمل، والاعتراف بالجيش كمؤسسة سيادية تحتكر العنف الرسمي للدولة، وتشكل القلب النابض لدولة القانون والمؤسسات وأن ذلك لا يتأتى إلا بخروج الجيش من السوق والسياسة والحياة المدنية وإعادة هيكلته وإبعاد كل من يحمل صفة سياسية في أروقته خاصة كوادر النظام البائد.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: لقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الولایة الشمالیة السریع فی
إقرأ أيضاً:
"الكوليرا في زمن الحرب".. ألف حالة يوميا بالخرطوم وتحذيراتٌ من كارثة محقّقة
تواجه السودان أزمة كوليرا متفاقمة مع تسجيل أكثر من 1000 حالة يوميًا في الخرطوم، البؤرة الرئيسية للوباء. وسط دمار الحرب، انهيار البنية التحتية، وشح المياه النظيفة، يحذر الأطباء من انتشار سريع للمرض بين النازحين والمناطق المكتظة. اعلان
وسط دمار شامل ناجم عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، يواجه السودان واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي تهدد حياة الملايين. ففي ظل تدهور الخدمات الأساسية وتوقف أكثر من 80% من المستشفيات، تتفاقم جائحة الكوليرا بسرعة مذهلة، لتتحول العاصمة الخرطوم إلى بؤرة رئيسية للوباء.
وأفادت السلطات الصحية بأن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في الخرطوم تجاوز 1000 حالة يوميًا، مما يجعلها البؤرة الرئيسية لانتشار المرض.
وقال نيكولا جان، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في السودان : "الوضع الحالي لوباء الكوليرا سيء جدًا، خاصة في الخرطوم التي أصبحت بؤرة تفشي المرض. لقد شهدنا موجة كوليرا ارتفعت بشكل سريع خلال أيام قليلة، حتى بلغ عدد الإصابات المئات، بل وحتى تجاوزت ألف حالة يوميًا في الخرطوم."
وأرجع جان سبب التفشي إلى "آثار الصراع على نظام المياه وعلى النظام الصحي وعلى نظافة المواطنين"، مشيرًا إلى أن "الكثير من الناس تشردوا مرارًا وتكرارًا، ولم يجدوا ملجأ أو حتى منزلًا، واضطروا للعيش في مراكز إيواء مكتظة. هذا الاختلاط، ونقص المياه، وسوء النظافة، وعدم الوصول إلى الرعاية الصحية كلها عوامل ساعدت على انتشار المرض وجعلت من الصعب السيطرة عليه."
Relatedالكوليرا تعصف بالسودان: 172 حالة وفاة خلال أسبوع وسط انهيار صحيالسودان: الدعم السريع تقصف مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ومليون طفل معرض للكوليرارئيس وزراء السودان الجديد يرفع السقف: لا أمن بلا إنهاء التمرّدوسجلت وزارة الصحة السودانية حالات في مدينة أم درمان، وكذلك في ولايات كردفان الشمالية وسنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل. وقد كانت كلتا المدينتين الخرطوم وأم درمان ساحتي قتال طوال الحرب، ما أدّى إلى نزوح معظم السكان.
مع استعادة الجيش السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع في نهاية مارس الماضي، بدأ نحو 34 ألف شخص في العودة إلى ديارهم، لكنهم وجدوا مدنًا مدمرة، ومنازل مهترئة، وبنية تحتية منهارة.
وقال أحد سكان الخرطوم العائدين بعد الهجرة : "منذ عودتنا إلى هنا، لم نجد طريقة للحصول على مياه الشرب سوى من النهر. نستخدم شاحنات لجلب المياه، ثم نملأ بها الحاويات أو البراميل، ونتركها لفترة قصيرة، ثم نضعها في أواني الشرب ونشرب منها."
وروت إحدى السيدات: "بعد شهرين أو ثلاثة من الحرب، توقفت إمدادات المياه تمامًا، والكهرباء تنقطع ثم تعود، لكن المياه توقفت بشكل كامل. الأمر يفوق أي جهد، وفي الوقت الحالي هناك الكثير من المعاناة."
وأرجعت اليونيسيف سبب نقص المياه النظيفة إلى تدمير محطات توليد الكهرباء، مما أدى إلى تعطل مضخات المياه. كما تعرضت أنظمة الصرف الصحي لأضرار بالغة، مما زاد من خطر انتشار الأمراض.
ويشير الدكتور سيد محمد عبدالله من اتحاد الأطباء السودانيين إلى أن "أكثر من 80% من المستشفيات غير قادرة على العمل، بينما تعاني تلك التي ما زالت تعمل من نقص المياه والكهرباء والأدوية." وهو ما يجعل الاستجابة الطبية للوباء صعبة للغاية.
ووصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها "مرض الفقر"، إذ تنتشر في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية الصحية ونقص المياه النظيفة. وهو مرض إسهالي ينتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الفيبريو كوليرا، ويمكن علاجه بسهولة باستخدام محلول إعادة الترطيب والمضادات الحيوية.
ويواجه العالم اليوم نقصًا حادًا في اللقاحات، حيث انخفض مخزون منظمة الصحة العالمية العالمي من لقاح الكوليرا الفموي دون الحد الأدنى البالغ 5 ملايين جرعة، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الجائحة.
ويرزح السودان تحت وطأة الحرب الأهلية منذ أبريل 2023، عندما تحولت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى معارك عنيفة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. أُبلغ عن مقتل 24 ألف شخص على الأقل، رغم أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. وتم تهجير أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين فروا إلى الدول المجاورة. وأُعلنت مجاعة في خمس مناطق على الأقل، وكان مركزها الرئيسي هو إقليم دارفور المدمّر.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة