في حرب إسرائيل وحماس.. هكذا يتآكل نفوذ روسيا بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
مع دخول الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" أسبوعها الثالث، تشهد روسيا تآكلا في نفوذها بالشرق الأوسط؛ في ظل انشغال موسكو بملفات عديدة وحشد أمريكي لقدرات عسكرية في البحر المتوسط دعما لتل أبيب، بحسب أنطون مارداسوف في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor).
ولليوم السادس عشر على التوالي، تتواصل مواجهة عسكرية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي و"حماس" وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى في قطاع غزة، الذي يعيش فيه نحو 2.
مارداسوف قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "يُنظر إلى روسيا تاريخيا على أنها صاحبة مصلحة ولاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة (1947-1991)".
وأردف أن "موسكو حافظت على علاقات جيدة مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ومارست خلال فترة الحرب الباردة نفوذا كبيرا في الشرق الأوسط عبر حلفائها في مصر وسوريا والعراق".
واستدرك: لكن "روسيا استبعدت نفسها منذ فترة طويلة من الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية"، مشيرا إلى تصريحات روسية مؤخرا فسرها مراقبون و"حماس" على أنها دعم للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ لأسباب بينها تمسك تل أبيب باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لمبدأ حل الدولتين.
مارداسوف اعتبر أن "قرار روسيا بالتدخل (في سوريا عسكريا) عام 2015 إلى جانب حكومة بشار الأسد في الحرب الأهلية، جعل من الصعب على موسكو ادعاء الحياد".
وأرجع ذلك إلى أن "علاقات (موسكو) المتحالفة الجديدة مع المحور الشيعي المتمثل في (جماعة) حزب الله (اللبنانية) وإيران ودمشق".
وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل أراضٍ في سوريا ولبنان وفلسطين منذ حرب 1967.
اقرأ أيضاً
مسؤول إسرائيلي يهدد روسيا: تدعمون حماس.. سنحاسبكم بعد انتهائنا من غزة (فيديو)
انشغال روسي
و"المفارقة بالنسبة للكرملين، هي أن التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني الجديد يُنظر إليه جزئيا على أنه عامل إيجابي يصرف الانتباه عن حربه في أوكرانيا (منذ فبراير/ شباط 2022)"، وفقا لمارداسوف.
وأضاف: "من ناحية، مُنحت موسكو مجالا واسعا لممارسة الدعاية حول "فضح الأساطير حول القدرة القتالية للجيش الإسرائيلي" وادعاء أن جزءا من المسؤولية عما يحدث يقع على عاتق الغرب، الذي عرقل عمل (اللجنة) الرباعية (الدولية للسلام) الخاصة بالشرق الأوسط (بعضوية روسيا)".
و"من ناحية أخرى، فإن احتمال توسع الصراع إلى مستوى شبه إقليمي يهدد بشكل مباشر المصالح الروسية في الشرق الأوسط، وهذا محفوف بالركود الأخير في العلاقات مع إسرائيل، والتي يبدو أنها توقفت في عهد رئيس الوزراء (السابق) يائير لابيد"، كما تابع مارداسوف.
وزاد بأنه "في ظل حجم الحرب الأوكرانية والتصعيد في (إقليم) ناجورني قره باغ (بين أذربيجان وأرمينيا) وعملية إحلال هياكل موالية وقريبة من وزارة الدفاع محل (قوات) مرتزقة فاجنر (الروسية)، لم تعد موسكو تتصرف كصاحب مصلحة يمكنه الحد من النفوذ الإيراني في سوريا".
اقرأ أيضاً
عرض الوساطة لإنهاء الحرب.. بوتين يجري أول محادثات مع نتنياهو
حشد أمريكي
و"في ظل التراكم الحالي للقدرات القتالية الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط لدعم إسرائيل، فإن موسكو، وللمرة الأولى منذ إرسال قوات إلى سوريا في 2015، ليس لديها وسيلة لممارسة الردع في المنطقة"، بحسب مارداسوف.
وأضاف أن "الأميرالات الروس يحبون الحديث عن أن البحرية الروسية تتصدى لحاملات الطائرات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في البحر المتوسط بشكل منتظم".
واستدرك: "لكن، وسط نشر حاملات الطائرات (الأمريكية) "يو إس إس جيرالد فورد" و"يو إس إس أيزنهاور" في المنطقة لدعم إسرائيل، أي على مقربة من سوريا، وجدت روسيا نفسها تقريبا من دون وسائل الردع في المسرح البحري".
واعتبر أن "ما يحدث في البحر المتوسط يوضح قدرة موسكو المحدودة على استعراض القوة في الشرق الأوسط، وهو ما تحاول القوات الروسية الآن التعويض عنه بالنشاط الجوي".
"ومن هنا، ليس أمام موسكو سوى التلويح بدعم طرف ما في المنطقة ومسايرة الأحداث، مع الأخذ في الاعتبار أن الاستقرار أمر جيد لتجارة هادئة، والتصعيد أحيانا أداة مناسبة لاستعادة النفوذ بسرعة"، كما ختم مارداسوف.
اقرأ أيضاً
دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين
المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا نفوذ الشرق الأوسط إسرائيل حماس حرب فی الشرق الأوسط فی البحر
إقرأ أيضاً:
علاقة سوريا وحرب إيران وإسرائيل بإقالة نائب وزير الخارجية الروسي
موسكو- في قرار مفاجئ وتوقيت سياسي حساس، أعفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية من منصبه، ومن مهامه كممثل خاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا.
ورغم أن بوغدانوف صرح -بعد القرار- بأن الإقالة تعود لأسباب شخصية متعلقة بسنه (73 عاما)، فإن ذلك لم يمنع من إثارة التساؤلات عن أسباب إقالته التي خلفت حيرة في الأوساط السياسية، حيث لم يتم ذكرها ولا الإعلان بعد عمن سيشغل المنصبين الشاغرين.
وشغل بوغدانوف منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، ونائب وزير الخارجية منذ يونيو/حزيران 2011. وفي يناير/كانون الثاني 2025، مدد بوتين فترة ولاية بوغدانوف في الخدمة الدبلوماسية حتى الثاني من مارس/آذار 2026.
???????????? عاجل:
الرئيس بوتين يعفي ميخائيل بوغدانوف من منصب نائب وزير الخارجية الروسي ومن منصب ممثل الرئيس الروسي في الشرق الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث شارك على مدار 11 عام بتطوير العلاقات مع العالم العربي وبذل الكثير من الجهد في سبيل تطوير العلاقات الروسية-العربية منذ عام 2014. pic.twitter.com/WWw8q7OZyk
— شؤون روسية (@id7p_) July 9, 2025
تشكيكوأثارت هذه الإقالة تساؤلات كثيرة، بالنظر إلى أن بوغدانوف كان يوصف بالدبلوماسي المخضرم، وكانت له علاقات شخصية مع العديد من زعماء الشرق الأوسط وأفريقيا ومنظمة التعاون الإسلامي، والمنظمات الإسلامية الدولية. وشغل مناصب دبلوماسية في لبنان واليمن وإسرائيل ومصر وكان يحمل رتبة سفير فوق العادة ومفوض.
ويعتقد العديد من الخبراء أنها تُشير إلى تحول في السياسة الخارجية الروسية، لا سيما في ظل التحولات العالمية والإقليمية المهمة.
وعلى الرغم من أن بيان الكرملين الرسمي تحدث عن "أسباب شخصية" و"كبر السن" وراء الإقالة، فإن الشكوك ما زالت تساور بعض المراقبين، ولا سيما في ظل غياب أي تقارير عن تدهور صحته.
إعلانوتتحدث بعض وسائل الإعلام الروسية عن أن خليفة بوغدانوف قد يكون السفير الروسي السابق لدى تركيا أليكسي إركوف، والذي عمل قبل ذلك مستشارا مبعوثا في السفارة الروسية بسوريا. ووفقا لها، يُعتبر إركوف من فريق الرئيس بوتين ويتمتع بالمعرفة والخبرة والذكاء الدبلوماسي اللازمين.
يُشار إلى أن هذه الإقالة جاءت بعد فترة وجيزة من إقالة وزير النقل رومان ستاروفويت، الذي شغل منصبه لأكثر من عام بقليل، وانتحر في سيارته عقب الإقالة بيوم واحد.
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة (@aljazeera)
حملة تطهيرويرى بعض المحللين أن رحيل بوغدانوف جزء من حملة تطهير أوسع نطاقا لكبار المسؤولين، مما قد يشير إلى نية الرئيس الروسي إعادة هيكلة المستويات العليا من جهاز الدولة.
وحسب الباحث بمعهد الدراسات الإستراتيجية، إيغور زاباروجتسوف، فإن إقالة بوغدانوف لم تأت كعقوبة له، بل بداية تحول عام في السياسة الخارجية الروسية على ضوء التطورات والأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، كتغير النظام في سوريا والحرب بين إيران وإسرائيل.
ويضيف -في تعليق للجزيرة نت- أن الموضوع يتجاوز شخصية بوغدانوف، ويأتي في سياق إعادة صياغة السياسة الروسية في الشرق الأوسط، بحيث تراعي المعطيات الجديدة على الأرض والتي تشير غالبية مؤشراتها إلى أنها باتت على موعد من حرب واسعة النطاق في المنطقة، قد يكون أحد أشكالها تجدد المواجهة العسكرية الإيرانية الإسرائيلية ولكن بشكل أوسع نطاقا وأطول زمنا.
ويؤكد الباحث زاباروجتسوف على أنه رغم إقالته من منصبه، سيحتفظ بوغدانوف بنفوذه في وزارة الخارجية على ضوء عدم وجود أي بديل له اليوم، وفي ظل علاقاته بصناع القرار بالمنطقة.
أخطاءمن جانبه، اعتبر الكاتب في الشؤون الروسية فياتشيسلاف يفدوكيموف أنه لا يمكن اعتبار استقالة الدبلوماسي عرضية، بالنظر إلى التطورات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيتعين على خليفة بوغدانوف أن "يقطع عقدة التعقيدات والمؤامرات التي تحاك الآن حول روسيا بتحريض من واشنطن وتل أبيب".
ويتابع يفدوكيموف أن خسارة سوريا، حيث كانت القواعد العسكرية الروسية متمركزة لسنوات عديدة، وكذلك الحرب بين إسرائيل وإيران، أظهرت أن الجهود الدبلوماسية الروسية كانت غير فعالة إلى حد كبير، حيث انطلقت طائرات مقاتلة ومسيّرة إسرائيلية متجهة نحو طهران من مناطق أذربيجان المحاذية لإيران، ولم تكن موسكو على علم باستعدادات تل أبيب للعمل العسكري، على حد قوله.
وبعد تغير النظام في سوريا، لا تزال -وفقا له- قضية القاعدة البحرية الروسية في طرطوس دون حل، والأمر نفسه ينطبق على الحرب التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، حليفة موسكو، حيث برزت أخطاء في الحسابات في السياسة الخارجية.
وبحسب الكاتب يفدوكيموف، فإن وزارة الخارجية الروسية لديها "طاقم عمل مكون بشكل أساسي من خريجي معهد موسكو للعلاقات الدولية، الذين شكلوا فريقا ضيق الأفق ومنحازا".
وأضاف أن ذلك يتطلب ضخ "دماء جديدة" في المراكز الحساسة في الوزارة تقوم بصياغة إستراتيجية سياسية جديدة، وإصلاح الأخطاء وتجاوز "النكسات" التي أصابت السياسة الروسية في الشرق الأوسط وأفريقيا، والانتقال نحو دبلوماسية أكثر مرونة وقابلية للتكيف وأكثر ملاءمة للصراعات الهجينة والتقلبات الجيوسياسية الحالية.
إعلان