إلى من يزعمون أنهم شعب الله المختار الذين قتلوا الأنبياء وصموا آذانهم ولم يعرفوا زمان افتقادهم، إلى من يظنون أنهم أفضل مخلوقات الله ويزعمون أنهم سيملكون من بحر مصر حتى الفرات، إلى الشعب المخادع العنيد الذى يتحدى الله جل اسمه، إلى قتلة أطفال بحر البقر ومذبحة دير ياسين ومذابح الأبرياء فى غزة ندعوكم لتلمحوا جزءا من حقيقتكم وتاريخكم، 
بعض الأزمنة الخاصة ببنى إسرائيل.


المتتبع لتاريخ بنى إسرائيليدرك ان الله طلب من إبراهيم أن يترك بلاده مهاجرا حتى يريه الأرض التى يسكن فيها وقد جاء فى كتاب التفسير التطبيقى للكتاب المقدس إبراهيم إسحق سنة 2066 ق.م وإسحق ولد عيسو ويعقوب (إسرائيل) سنة 2006 ق.م ويعقوب ولد يوسف سنة 1915 ق.م وصار يوسف يحكم مصر سنة 1885 ق.م ومات يوسف سنة 1805 ق.م بعد ذلك بفترة ولد موسى سنة 1526 ق.م الذى قاد بنى إسرائيل فى الخروج من مصر عام 1446 ق.م وقد كتب موسى التوراة ودخل العبرانيين كنعان سنة 1406 ق.م ثم بدأ حكم القضاة فى إسرائيل سنة 1375 ق.م حتى أصبح صموئيل آخر قاضى سنة 1075 ق.م ثم بدأ بنو إسرائيل فى التمرد على الله وكان أول ملك على بنى إسرائيل هو شاول بن قيس سنة 1050 ق.م.

وبعد ذلك أصبح داود ملكا على إسرائيل سنة 1010 ق.م وملك بعده ابنه سليمان على إسرائيل سنة 970 ق.م وأتم سليمان بناء هيكل أورشليم سنة 959 ق.م وتم انقسام مملكة إسرائيل سنة 930 ق.م وكان ذلك فى زمن رحبعام بن سليمان ويربعام بن نباط تاريخ بنى إسرائيل هو تاريخ العصيان والتمرد على الله والتذمر الدائم وكان الله يقدم لهم كل الخير وهم يبتعدون عنه وعبدوا عجلا ذهبيا وفى يوم تذمروا فى البرية فعاقبهم الله بالحيات وتذمروا على الطعام فأرسل الله لهم المن والسلوى فأكلوا حتى مات جمعا كبيرا فأطلق على هذا المكان قبروت هتأوة أى قبور الشهوة.

فكلما أراد الله تقويمهم تمردوا حتى قال عنهم: “اسمعى أيتها السماوات وأصغى أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم: «ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا علي، الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف شعبى لا يفهم، ويل للأمة الخاطئة، الشعب الثقيل الإثم، نسل فاعلى الشر، أولاد مفسدين تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى وراء”.
 

ويستمر أشعياء النبى فى عتاب بنى إسرائيل وإظهار رفض الله لهم على أفعالهم وزيغانهم وبعدهم عن الله فيقول: “فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم، وإن كثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دما، اغتسلوا، تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني، كفوا عن فعل الشر، تعلموا فعل الخير، اطلبوا الحق، انصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة”. 

ومن خلال تاريخ بنى إسرائيل نجد عصر المملكة الموحدة استمر من (1050 - 930ق.م) وتأسست على يد صموئيل النبى وملوكها شاول وداود وسليمان وملك كل منهم 40 سنة
ثم انقسمت المملكة الى المملكة الشمالية إسرائيل (930 - 722ق.م)، وكانت عاصمتها السامرة التى تدعى شكيم أو طرصة وانتهت بالسبى إلى أشور عام 722 ق.م وأول ملك لها هو يربعام بن نباض عبد سليمان وعدد الأسباط 10 أسباط وعدد الملوك 19 ملكا كلهم أشرار، وعدد الأنبياء 3 أنبياء وعدد الأسر الملوكية 7 أسر لم ترجع من السبى ولكنها انتهت -المملكة الجنوبية يهوذا(930 - 586 ق.م ) العاصمة أورشليم أول ملك هو رحبعام بن سليمان، عدد الأسباط (يهوذا + بنيامين)، عدد الملوك (19 + امرأة)، عدد 8 من الملوك صالحين والباقى أشرار عدد الأسر الملوكية أسرة واحدة وهى أسرة داود عدد الأنبياء 14 بدأ السبى البابلى من عام 586 ق.م ورجعت بعد 70 عاما.


ثم فترة ما بين العهدين القديم والجديد عام (165- 63) ق.م وتروى أحداث الحكم اليونانى لليهود وجهاد الأسرة الحسمونية ويهوذا المكابى وكانت الكراهية لحكم اليونانيين ثم جاء حكم الرومان فكان اليهود يكرهون الرومان كرها شديدا وكانت هناك جماعات مسلحة تحارب الرومانيين تدعى جماعات (الغيارى).

حالة اليهود السياسية قبيل ميلاد السيد المسيح

منذ دخل القائد الرومانى بومباى أورشليم ظافرا سنة 63 ق.م صار اليهود خاضعين سياسيا للرومان الوثنيين وأقام بومباى حاكما يهوديا على البلاد تحت إشراف ممثل روما وكان هذا عاملا قويا فى اشتعال رجاء اليهود فى المسيح المنتظر لكن بمفهوم مادى فتطلعوا إلى منقذ سياسى يعيد مملكة داود على مستوى مجد عالمي.

 
وقد كان اليهود من الناحية الدينية والأخلاقية تمسكوا بحرفية الناموس وبتقاليدهم دون أن يفهموا روح الشريعة أو يعرفوا قوتها وكانوا يتحفظون تحفظ الخوف من الوثنيين ويبتعدون عن كل عوائدهم ويوسفوس مؤرخهم كان يهمه أن يظهر مواطنيه لليونان والرومان بصورة مشرفة يصفهم فى القرن الأول بأنهم "شعب فاسد وشرير استحقوا بعدل العقاب المخيف فى خراب أورشليم.

لقد تعددت الطوائف اليهود فمنهم الفريسيون أى المفرزون الذين أبعدوا أنفسهم عن الأمم ويقترن اسم الفريسيين بالكتبة وكذلك طائفة الصديقيون وترجع تسميتهم حسب أرجح الآراء إلى صادوق رئيس الكهنة الذى أقامه سليمان بن داود والأسينيون هم جماعة يهودية عاصرت ظهور السيد المسيح بالجسد واستمرت حتى خراب أورشليم سنة 70 ميلادية.

يهود الشتات هم اليهود الذين عاشوا خارج أرضهم لسبب أو لآخر فقد عاشوا فى أغلب المقاطعات الرومانية فى كل حوض البحر المتوسط وكانوا بأعداد ضخمة فى بلاد ما بين النهرين وبابل حتى أن يوسيفوس المؤرخ اليهودى يقول:" لا يوجد شعب فى العالم لا يضم جزء منا".
ويقول الجغرافى ستراب (Strab): "ليس من السهل أن تجد بقعة فى العالم لم تستقبل هذا الجنس "اليهود"، وكانوا مؤلفين جاليات متميزة ومتمتعين ببعض الامتيازات الخاصة التى أحرزوها بطرق مختلفة.


السيد المسيح يتنبأ بخراب أورشليم

 

كان السيد المسيح دائم التبكيت لقادة اليهود والكتبة والفريسيين المراؤون الذين تركوا الناموس وتعاليم الله وحادوا عن الطريق المستقيم وجاء فى إنجيل متى تبكيت لهم وويلات نطق بها السيد المسيح مظهرا سلوكياتهم السيئة (حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلا: «على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون، فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا، لأنهم يقولون ولا يفعلون، فإنهم يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم، وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس: فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول فى الولائم، والمجالس الأولى فى المجامع، والتحيات فى الأسواق، وأن يدعوهم الناس: سيدى سيدى".

“ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة، وهي من الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة، هكذا أنتم أيضا: من خارج تظهرون للناس أبرارا، ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثما، ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين، وتقولون: لو كنا فى أيام آبائنا لما شاركناهم فى دم الأنبياء. 31 فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء، فاملأوا أنتم مكيال آبائكم، أيها الحيات أولاد الأفاعى كيف تهربون من دينونة جهنم؟، لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون فى مجامعكم، وتطردون من مدينة إلى مدينة، لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذى قتلتموه بين الهيكل والمذبح، الحق أقول لكم: إن هذا كله يأتى على هذا الجيل، «يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلينَ إلَيهَا، كَم مَرَة أَرَدت أَن أَجمَعَ أَولاَدَك كَمَا تَجمَع الدَجَاجَة فرَاخَهَا تَحتَ جَنَاحَيهَا، وَلَم تريدوا 38 هوَذَا بَيتكم يترَك لَكم خَرَابا”.

وشبه الأمة اليهودية بشجرة التين عديمة الثمر، ونذكر هنا بعض آيات من الإنجيل عن خراب أورشليم "ثمَ خَرَجَ يَسوع وَمَضَى منَ الهَيكَل، فَتَقَدَمَ تَلاَميذه لكَي يروه أَبنيَةَ الهَيكَل. 2 فَقَالَ لَهم يَسوع:«أَمَا تَنظرونَ جَميعَ هذه؟ اَلحَقَ أَقول لَكم: إنَه لاَ يترَك ههنَا حَجَر عَلَى حَجَر لاَ ينقَض».

وكذلك أنبأ السيد المسيح عن المجئ الثانى وعن تجمع اليهود وشبهها بشجرة التوت التى أفرخت فأعلموا أن الصيف قريب «فَمَتَى نَظَرتم «رجسَةَ الخَرَاب» الَتى قَالَ عَنهَا دَانيآل النَبي قَائمَة فى المَكَان المقَدَس ليَفهَم القَارئ فَحينَئذ ليَهرب الَذينَ فى اليَهوديَة إلَى الجبَال، وَالَذى عَلَى السَطح فَلاَ يَنزل ليَأخذَ من بَيته شَيئا، وَالَذى فى الحَقل فَلاَ يَرجع إلَى وَرَائه ليَأخذَ ثيَابَه، وَوَيل للحَبَالَى وَالمرضعَات فى تلكَ الأَيَام.


وَفيمَا هوَ خَارج منَ الهَيكَل، قَالَ لَه وَاحد من تَلاَميذه: «يَا معَلم، انظر مَا هذه الحجَارَة وَهذه الأَبنيَة» 2 فَأَجَابَ يَسوع وَقَالَ لَه:«أَتَنظر هذه الأَبنيَةَ العَظيمَةَ؟ لاَ يترَك حَجَر عَلَى حَجَر لاَ ينقَض».


وتكلم عن خراب أورشليم الذى تم على يد القائد تيطس فى عهد بومبى سنة 70 ميلادية وكانت من أصعب الأوقات التى مرت على اليهود حتى أنهم كانوا يأكلون أولادهم وكان تيطس يبق بطون الحوامل وتشتتوا فى الأرض كما أنبأ السيد المسيح وتم هدم هيكل سليمان وحاولوا كثيرا أن يبنوا الهيكل: “وَمَتَى رَأَيتم أورشَليمَ محَاطَة بجيوش، فَحينَئذ اعلَموا أَنَه قَد اقتَرَبَ خَرَابهَا، حينَئذ ليَهرب الَذينَ فى اليَهوديَة إلَى الجبَال، وَالَذينَ فى وَسطهَا فَليَفروا خَارجا، وَالَذينَ فى الكوَر فَلاَ يَدخلوهَا، لأَنَ هذه أَيَام انتقَام، ليَتمَ كل مَا هوَ مَكتوب، وَوَيل للحَبَالَى وَالمرضعَات فى تلكَ الأَيَام لأَنَه يَكون ضيق عَظيم عَلَى الأَرض وَسخط عَلَى هذَا الشَعب. وَيَقَعونَ بفَم السَيف، وَيسبَونَ إلَى جَميع الأمَم، وَتَكون أورشَليم مَدوسَة منَ الأمَم، حَتَى تكَمَلَ أَزمنَة الأمَم”.


وقد حدث بالفعل خراب أورشليم وتهدم الهيكل وضاع تابوت العهد وأدوات الهيكل وأختلطوا بالأمم وهم يتاجرون فى أحط التجارات وتشتتوا فى كل بقاع الأرض واشتهروا بالفتن والدسائس وهم مازالوا يعيشون وهم أنهم شعب الله المختار لكن الله رفضهم وصار بيتهم خرابا حتى عام 1917م عندما وعد بلفور بإقامة وطن قومى لليهود وبدأوا فى التحرك وامتلاك فلسطين وكما قال البابا شنودة: "اليهود لم يأتوا إلى فلسطين بوعد من الله بل بوعد من بلفور".


وقد لاقت المسيحية والمسيحيين أبشع الضيقات على أيدي اليهود وقد سلكوا فى سبيل ذلك ثلاثة أساليب تتمشى مع تاريخهم فحين كانوا يمتلكون القوة والسلطان سلكوا السبيل الانتقامى بالتعذيب والقتل وحين كانت تعوزهم القوة والسلطان كانوا يسلكون مسلكا دنيئا بالوشاية لدى السلطات وإثارة الجماهير وبعد أن ولت عنهم هذه وتلك لجأوا للأسلوب الخداعى عن طريق المقاومة الفكرية وتاريخهم يشهد بذلك فهو تاريخ دموى لا يعرفون العهود ولا المواثيق وقد لاقى المسلمين منهم صنوفا من الخداع ومتاعب عند نشر الدعوة إسلامية.


هل سيبنى هيكل سليمان كما يزعمون؟


لن يبنى الهيكل لأن السيد المسيح قال هوذا بيتكم يترك لكم خرابا فمهما حاولوا لن ينجحوا ولو فرضنا جدلا نجحوا فيما يقومون به وتم تجميع وبناء الهيكل أين تابوت العهد؟ الذى يمثل حضور الله وسط شعبه وقسط المن وعصا هارون والمنارة الذهبية ومائدة خبز الوجوة والمرحضة ومذبح المحرقة ومذبح البخور هى مكونات الهيكل وأين سبط لأوى الذى يقوم بالخدمة الطقسية؟كيف حافظوا على نسبه نقيا ولم يختلط بأى من الأمم التى يحتقرونها فاليهود يتمسكون بوعود قد تمت بمجئ السيد المسيح فتمت فى شخصه المبارك والشعب اليهودى شعب غليظ الرقبة بشهادة الله تبارك اسمه على لسان أنبيائه فأنتهت أكذوبة شعب الله المختار.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السيد المسيح اليهود السید المسیح بنى إسرائیل إسرائیل سنة

إقرأ أيضاً:

عودة: على حكماء هذا البلد أن يتفقوا على مبادىء واضحة وتفاسير موضوعية لكل ما يختلف عليه اللبنانيون

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "في الأحد الواقع بين عيدي الصعود والعنصرة نعيد للآباء القديسين المجتمعين سنة 325 في المجمع المسكوني الأول في نيقيا. فبعد قيامة الرب وبدء الرسل بشارتهم بعمله الخلاصي، أي آلامه وموته ودفنه وقيامته وظهوره للتلاميذ، الأمور التي تشكل فحوى الإنجيل، أي البشرى السارة بالخلاص (1كو 15: 1-5)، ظل الشك يواجه هذه البشارة في ما يتعلق بطبيعة الرب يسوع كإله وإنسان: من هو؟ من أين أتى؟ ما علاقته بالله؟ لذا رتبت الكنيسة الآحاد التي تلي الفصح: توما، حاملات الطيب، المخلع، السامرية والأعمى حيث نقرأ عن الشك الذي رافقهم حتى التقوا بالرب القائم من بين الأموات، وأعلنوا أنه هو في الحقيقة المسيح ابن الله مخلص العالم. هذا ما تنقله لنا الكنيسة اليوم أيضا. فآباء المجمع المسكوني الأول، المنعقد في نيقيا سنة 325، وضعوا القسم الأول من دستور الإيمان، كما وضعوا قانون الكتاب المقدس، أي حددوا الكتب التي هي حقا كلمة الله".

أضاف: "بدأ الشك مع بدء البشارة. فقد واجهت الرسل تساؤلات حول صحة تعليمهم، فاضطروا أن يواجهوا عن طريق البشارة المكتوبة، موضحين حقيقة تجسد المسيح ابن الله، الذي أرسله الله الآب إلى العالم بسبب محبته للبشر، باذلا إياه على الصليب «لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16).   لقد حاول بعض من قبلوا البشارة تحوير الإنجيل، لأنه لم يكن يناسبهم، ولم يكن باستطاعتهم قبول الرب كما أعلن لهم، فأخذوا يعلمون بطريقة تخالف تعليم الكتاب المقدس، فتصدى لهم الرسل معتمدين على الكتاب المقدس، ليقطعوا الطريق أمام التعاليم الخاطئة. يقول الرسول بولس: «عجبت لسرعة ارتدادكم هذا عن الذي دعاكم بنعمة المسيح، إلى بشارة أخرى، وما هي بشارة أخرى، بل هناك قوم يلقون البلبلة بينكم، وبغيتهم أن يبدلوا بشارة المسيح. فلو بشرناكم نحن أو بشركم ملاك من السماء بخلاف ما بشرناكم به، فليكن محروما!» (غل 1: 6-7).

إستمرت المواجهة في الكنيسة، إلى أن وصل الأمر بالشماس آريوس وأتباعه إلى التشكيك بألوهية الرب يسوع، كما يفعل أتباع شهود يهوه في أيامنا، مدعين أن الرب يسوع ليس إلها، مفسرين تعليم الكتاب المقدس بشكل خاطئ، ما دفع بالكنيسة، ممثلة بالملك القديس قسطنطين ورؤساء الكهنة، للتصدي لهذا التعليم، على صعيد الكنيسة جمعاء. دعا الملك إلى عقد مجمع في مدينة نيقيا، في آسيا الصغرى، حضره 318 من آباء الكنيسة، ووضعوا نصا حددوا فيه الإيمان القويم، إستنادا إلى تعليم الكتاب المقدس، فاعترفوا ب«ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق» التي تعني أنه ذو جوهر واحد مع الآب، أي أن الرب يسوع هو ابن الله الآب، وهو إله كامل ومساو للآب في الجوهر، كما رفضوا كل تعليم آخر يخالف هذا التعليم".

وتابع: "الإيمان بأن يسوع هو ابن الله يشكل الركيزة الأساسية للكنيسة، وهذا جوهر تعليم آباء المجمع المسكوني الأول. عندما سأل يسوع تلاميذه: من تقولون إني أنا «أجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي، فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى16-18). على صخرة إيمان بطرس بنى الرب الكنيسة التي سنعيد لتأسيسها يوم العنصرة".

وقال: "لم يكن دستور الإيمان النيقاوي أول دستور إيمان في الكنيسة. فقد وضعت اعترافات إيمان متعددة، لاستعمالها في خدمة المعمودية، لكي بواسطتها يعبر المقبلون إلى المعمودية عن إيمانهم. كان هدف دساتير الإيمان وضع الأساس الصحيح لحياة كل من يقبل الرب يسوع كسيد لحياته، لكي يسلك الطريق الصحيح الذي سلكه الرب يسوع «حتى موت الصليب»، أي طريق طاعة الله. الدستور الذي أقر في المجمع المسكوني الأول كان دستور إيمان المعمودية المستعمل في قيصرية فلسطين. تكمن الخطورة في محاولة تحوير صورة الرب يسوع عما هي في الكتاب المقدس، الأمر المؤدي إلى الإرتباط بيسوع آخر (2كو 11: 4)، مصور على قياسنا، وفق ما يناسبنا. هكذا، لا تحور فقط صورة الرب يسوع، بل تعليمه أيضا. هذا يؤدي إلى تحويل الطريق الذي وضعه الله في الكتاب المقدس، وعوضا عن الوصول إلى الله، نصل إلى إله آخر، ولا ننال الحياة الأبدية التي وعد بها الله كل من يؤمن بابنه الوحيد يسوع المسيح (يو 3:16)."

أضاف: "منذ أيام الرسل وحتى أيامنا، هناك دائما من لا تناسبه حقيقة ما فيعمل على تحويرها أو تشويهها أو خلق حقيقة أخرى تناسبه وتتماشى مع مصالحه. أليس هذا ما حصل ويحصل عندنا منذ ما قبل الإستقلال؟ ألا ترى كل جهة إلى الأمور بحسب ميولها ومصالحها؟ لذا نسمع دائما تفسيرات مختلفة لحدث واحد كالفتن التي شهدتها القرون السابقة، أو الحرب المشؤومة التي عشناها في ثمانينات القرن الماضي، والحروب الكثيرة التي مر بها لبنان، والتي يراها البعض انتصارا والبعض الآخر انكسارا. إن مفهوم الإنتصار يختلف بين مجموعة وأخرى، ما يولد تباعدا بينها واختلافا في الحكم على أحداث التاريخ ورجالاته، وما يمنع كتابة التاريخ بشكل موضوعي ويصالح البشر مع ماضيهم".

وتابع: "التباين، والإختلافات، والهرطقات التي ظهرت في القرون الأولى، عالجتها الكنيسة بواسطة المجامع المسكونية التي شارك فيها كبار آباء الكنيسة، وثبتوا التعليم القويم، إلى جانب قديسين شاركوا في المجامع وعلى أجسادهم آثار العذابات التي تحملوها في زمن الإضطهادات ولم ينكروا إيمانهم أو يساوموا عليه. لذلك على حكماء هذا البلد وكباره في النفوس والأخلاق والإنسانية والعلم والإختصاص، البعيدين كل البعد عن أية مصلحة أو غاية دفينة، أن يتلاقوا ويتفقوا على مبادىء واضحة وتفاسير موضوعية لكل ما يختلف عليه اللبنانيون، بما في ذلك مواد الدستور، علنا نتخطى الأزمة التي طالت وكانت نتائجها كارثية على الجميع".

وختم: "في أحد آباء المجمع المسكوني الأول تدعونا الكنيسة أن نحافظ على إيماننا ثابتا، في زمن تكثر فيه الآلهة والأوثان المادية والمصالح الشخصية، وأن نتشبث بصخرة المسيح، ونثق بأن لا خلاص لنا إلا به، متذكرين كلام الرسول بولس: «إحذروا لأنفسكم ...فإني أعلم هذا أنه سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية، ومنكم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم، لذلك اسهروا".

 

مقالات مشابهة

  • "أنا لست معاديا للسامية ولكن.." تصريح للوكاشينكو يثير غضب إسرائيل
  • عودة: على حكماء هذا البلد أن يتفقوا على مبادىء واضحة وتفاسير موضوعية لكل ما يختلف عليه اللبنانيون
  • المعمّر يحيى بن يوسف.. يمنيون يشيعون آخر يهود اليمن شمالي صنعاء
  • حزب الله ينفذ 16 هجوما وإسرائيل تتحدث عن دمار وحرائق واسعة
  • كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة والإنجاز الأمني الكبير والمستجدات الإقليمية (نص+فيديو)
  • السيد القائد: القطع الأمريكية تهرب وتفر في البحر والتصعيد في المرحلة الرابعة سيكون إلى ما هو أكبر
  • الزراعة: تواصل دائم مع مربى ومنتجى الثروة الحيوانية والداجنة لحل أي مشكلات تواجههم
  • السيد القائد: لن نقبل بمعادلة أن يخنق ويجوع شعبنا وأن يتجه الآخرون للإضرار به، ثم يكونون في راحة ورفاهية ولا ينالهم أي ضرر
  • تضامناً مع الشعب الفلسطيني.. السيد القائد يدعو جماهيري الشعب اليمني للخروج غداً مهللين ومكبرين وهاتفين بالبراءة من أعداء الله
  • الاعلان رسميا عن فتح طريق «جولة القصر» بتعز ونجاح مبادرة السيد القائد