رغم أنَّ الإنترنت لَمْ ينقطع كما قالت الأخبار في الحادي عشر من أكتوبر، إلَّا أنَّ الترقب تواصَلَ في البلدان الَّتي ينتهي فيها ذلك اليوم حسب توقيتها المحلِّي، وسادت الطمأنينة على مراحل ابتداء من توقيتات شرق آسيا مرورًا بوسطها وغربها، وصولًا إلى الطرف الآخر من العالَم.
هل كان ذلك الخبر عبارة عن «فقاعة»؟ وهل تقف جهة أو جهات وراء إطلاقها بتلك القوَّة؟ ولماذا يتمُّ إطلاقها وحثُّ مؤسَّسات وجهات لِتبنِّيها ونشرها ووضع آليَّات مدروسة لرفع وتيرة التفاعل معها في مختلف أصقاع الأرض وبمختلف اللغات؟
ثمَّة أهداف وراء أغلب ما يُنشر، قَدْ تكُونُ تلك الأهداف محدودة أو واسعة، لكن عِندما تمسُّ المنشورات مصالح النَّاس، فإنَّ أهمِّيتها تكمن في حجم النَّاس الَّذين يتأثرون في تلك المنشورات ويؤثِّرون في محيطهم، ثمَّ انتقال ذلك التأثير إلى مستويات أخرى.
الحديث عن إشاعة توقُّف الإنترنت واحدة من «فقاعات» كثيرة تغزو العالَم وتتنوَّع بَيْنَ قراءات واستشراف للمستقبل وتنبُّؤات المنجِّمين وتسريبات وسائل الإعلام المختلفة، لكنَّ ما حصل في قضيَّة توقُّف الإنترنت أخذ حجمه الواسع من التفاعل؛ لأنَّ حياة النَّاس باتَتْ مرتبطة بهذه الشبكة العنكبوتيَّة واسعة التأثير في المُجتمعات، وعلى الطرف الآخر يُمكِن قراءة بعض أهداف تلك الإشاعة إن لَمْ يكُنْ جُلّ ذلك، وكما يعرف الجميع أنَّ ربط مفاصل الحياة ومختلف نشاطاتها بالإنترنت جعل مِنْها السُّلطة الكبرى والسطوة المخيفة، واستدعى ذلك تحرُّك بعض الدوَل للعمل على الاستقلال في فضاء الإنترنت، لكن حتَّى هذا الاستقلال لَمْ يكُنِ الحلَّ النهائي بعد أن جاء الإنترنت الفضائي ـ الَّذي تَقُودُه شركة إيلون ماسك ـ ولْنتخيَّل ما يُمكِن حصوله في العالَم عِندما تتحوَّل سطوة الشبكة العنكبوتيَّة من سطوة أميركيَّة من خلال كابلات التوصيل المنتشرة في البحار والمحيطات إلى بثٍّ فضائي مُشابِه للبثِّ الإذاعي والتلفازي، وإذا كانت ثمَّة إمكانيَّة للسيطرة على بثِّ شبكات الكيبل، فإنَّ ذلك يصبح مستحيلًا في الشبكة العنكبوتيَّة الفضائيَّة.
ما زالت عمليَّات التحكم بشبكة الإنترنت قائمة بقوَّة حيث أوقفت بعض الحكومات عمل الإنترنت لمجرَّد خروج مظاهرات احتجاجيَّة في تلك الدوَل، كما يتمُّ حجب مواقع وتطبيقات بسهولة لأيِّ سببٍ من قِبل السُّلطات المحليَّة، لكن ما الَّذي سيحصل في حال أصبح زر التحكُّم خارج السُّلطات وعلى مستوى العالَم، وبهذا تحصل انتقالة كبيرة وخطيرة ليس على المستويات السِّياسيَّة، بل يتجاوز ذلك إلى ما هو أبعد وأعمق، لأنَّ الأمْرَ يرتبط بالاقتصاد والاقتصاد الرَّقمي تحديدًا، ناهيك عن الهيمنة على الرأي العامِّ وإمكان توجيهه والتحكُّم فيه وغير ذلك الكثير.
بِدُونِ شك فقَدْ خرجت الجهات أو المؤسَّسات الَّتي تقف وراء إطلاق شرارة إشاعة توقف الإنترنت بخلاصات ونتائج في غاية الأهمِّية وفي ضوئها سيتمُّ وضع مسارات هذا العالَم المستقبليَّة.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العال م
إقرأ أيضاً:
إيران .. استمرار اغلاق المجال الجوي إلى الخميس
أعلنت وزارة الطرق الإيرانية استمرار اغلاق المجال الجوي حتى صباح غدا الخميس.
وفي وقت سابق؛ أفادت وزارة الاتصالات الإيرانية بعودة خدمات الإنترنت في إيران إلى وضعها الطبيعي كما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي.
وكانت الحكومة الإيرانية في وقت سابق أعلنت تقييد الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية "لأسباب أمنية ، مشيرة الي انها تعرضت لهجمات إلكترونية تسببت بخلل في عمل المصارف.
وقالت الحكومة في طهران بحسب وسائل إعلام ايرانية أن فرض القيود على الإنترنت جاء كإجراء أمني لحماية المواطنين والبلاد.
واضافت الحكومة الإيرانية: سنلجأ إلى الإنترنت الوطني ونقيد الوصول إلى الإنترنت العالمي.
وفي سياق أخر ، أعلنت الحكومة الإيرانية تمديد إلغاء جميع الرحلات الجوية حتى الساعة الثانية من صباح السبت بالتوقيت المحلي.
فيما أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن طهران ليست مستعدة للتفاوض طالما الهجمات الإسرائيلية مستمرة، متوقعا عدم انخراط دول بالحرب "بسبب مقاومة إيران".
وقال “عراقجي” إن الولايات المتحدة شريكة في الاعتداء الإسرائيلي حتى لو لم تعلن المشاركة ، مضيفا “ برنامجنا الصاروخي وقدراتنا العسكرية غير قابلة للتفاوض”.
وأضاف: الدفاع عن بلادنا أمام العدوان لن يتوقف ولا حوار مع واشنطن لأنها شريكة في الجرائم ولم يكن لدينا أي تواصل مع واشنطن ولن نتواصل معها في الظرف الراهن.
وتابع وزير الخارجية الإيراني: واشنطن طلبت منا التفاوض ورفضنا ذلك ولكن لا مشكلة لدينا في الحوار مع باقي الدول.
وختم عراقجي تصريحاته بالقول: مفاوضاتنا مع الدول الأوروبية في جنيف تقتصر على الملف النووي والملفات الإقليمية.
وفي وقت لاحق، كشف محمد حسين رنجبران، مستشار وزير الخارجية الإيراني، عن إحباط مؤامرة خطيرة كانت تستهدف وزير الخارجية عباس عراقجي في العاصمة طهران، محملاً إسرائيل المسؤولية المباشرة عن التخطيط لها.
وأوضح رنجبران، في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن الحديث عن توجه عراقجي إلى مدينة جنيف لإجراء مفاوضات مع الترويكا الأوروبية أثار مخاوف جدية من إمكانية تعرضه لمحاولة اغتيال إسرائيلية.
وأشار مستشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن التهديد باغتيال عراقجي كان "واقعيًا وجادًا"، مؤكدًا أن الوزير الإيراني لا يعتبر نفسه مجرد مسؤول سياسي، بل "جنديًا في خدمة الوطن، يسير على نهج الشهيد قاسم سليماني، ويسعى للشهادة"، بحسب تعبيره.
وأكد رنجبران أن الخطة التي كانت تستهدف عراقجي أُحبِطت بفضل "التدابير الأمنية الدقيقة التي نفذها الجنود المجهولون" في الأجهزة الأمنية الإيرانية، موضحًا أن "المؤامرة بفضل الله قد فشلت"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة المخطط أو الجهات التي تقف خلفه بشكل مباشر.
وفي ختام بيانه، دعا رنجبران الشعب الإيراني إلى الدعاء لعراقجي وفريقه الدبلوماسي في هذه المرحلة الحساسة، مشددًا على "ضرورة دعمهم في نضالهم لإحقاق حقوق الجمهورية الإسلامية في عالم بات بعيدًا عن القيم الإنسانية"، على حد وصفه.
تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لإيران، التي تعيش حالة من التوتر الأمني والسياسي في أعقاب تصاعد المواجهة العسكرية مع إسرائيل خلال الأيام الماضية.