بوابة الفجر:
2025-06-06@01:42:09 GMT

المساعدات الدولية لفلسطين والتنمية

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

في أعقاب توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993، عُقد مؤتمر دولي في واشنطن لضمان الملاءة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية المنشأة حديثًا، وشملت الأهداف الرئيسية في ذلك الوقت تمويل التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والمساهمة في استقرار منطقة الشرق الأوسط وإدخال الأسواق المحررة مع العمل، بالإضافة إلى الحفاظ على المؤسسات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.

 

ووفقا للأرقام التي جمعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بلغت المساعدات المقدمة للفلسطينيين أكثر من 40 مليار دولار بين عامي 1994 و2020، وذهب الجزء الأكبر من هذه المساعدات (35.4%) لدعم موازنة السلطة الفلسطينية، في حين تم تخصيص الباقي لدعم مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية. 

وجاء الجزء الأكبر من المساعدات (ما يقرب من 72%) من عشرة مانحين: الاتحاد الأوروبي (18.9%) والولايات المتحدة (14.2%) والمملكة العربية السعودية (9.9%) وألمانيا (5.8%) والإمارات العربية المتحدة (5.2%) والنرويج (4.8%) والمملكة المتحدة (4.3%) والبنك الدولي (3.2%) واليابان (2.9%) وفرنسا (2.7%).

لا مفر من حقيقة أن الضفة الغربية تتمتع بمؤشرات هامة على تحسن الظروف المعيشية والبنية التحتية، حيث تم تمهيد الطرق التي كانت ذات يوم مسارات ترابية وعرة على مدى العقود الثلاثة الماضية، وقد وصلت معدلات التطعيم القياسية للأطفال إلى ما يقرب من 100%، ويذهب الفتيان والفتيات إلى المدارس ويقرأون بمستويات قياسية.

وعلى الرغم من أن النمو الاقتصادي في فلطسين كان إيجابيا على فترات خصوصا مع ارتفاع قيمة دولار شيكل إلا أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني بشدة على جميع الجبهات، فقد عاني من عجز مستمر في الميزانية وعجز تجاري ومدخرات محلية سلبية، وكانت هذه المشاكل الثلاث الكبرى قائمة على الرغم من التدفق المرتفع للمساعدات الأجنبية.

ما هو الأثر الذي تتركه المساعدات الدولية؟

لقد أثرت مسألة تأثير المساعدات الدولية في فلسطين على السياسيين والناشطين والفلسطينيين العاديين، فمنذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو يبدو أن لا أحد يعرف ما هو الهدف طويل المدى من المساعدات في فلسطين، الأمر الذي يدعي للتساؤل عما إذا كانت المساعدات تهدف إلى دعم بناء المؤسسات من أجل حل الدولتين أم توفير عقود من التمويل الطارئ للسكان الذين يعانون من العنف والحرمان المستمرين، فعلى الرغم من استمرار المساعدات فإن أقل من نصف الأسر الفلسطينية كانت تتمتع بالأمن الغذائي في عام 2020، بينما في الوقت نفسه يستمر الفقر في التزايد والبطالة لا تزال مرتفعة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى ذلك، أفاد البنك الدولي في شهر مايو الماضي أنه على الرغم من كل الجهود المبذولة لمعالجة العجز المالي للسلطة الفلسطينية فإن السلطة لا تزال مدينة للقطاع الخاص وصندوق التقاعد والاقتراض المحلي.

إن قسمًا كبيرًا من المساعدات التي يتلقاها الفلسطينيون من العالم العربي والمجتمع الدولي تحكمها إما سياسات التضامن أو الاعتبارات السياسية التي تركز على واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في ضوء هذه الاعتبارات، من الضروري تقديم بعض التعليقات المهمة عندما يتعلق الأمر بالمساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، وخاصة الجزء المخصص للموازنة العامة للسلطة الفلسطينية:

أولًا: إن قسمًا كبيرًا من المساعدات التي يتلقاها الفلسطينيون من العالم العربي والمجتمع الدولي تحكمها إما سياسات التضامن أو الاعتبارات السياسية التي تركز على واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي حسابات الدول المانحة فإن التركيز على دعم السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من الاستمرار في ضمان السلام والاستقرار يفوق بكثير أهمية خطط التنمية التي يمكن أن تستخدم المساعدات بشكل أفضل، ونتيجة لذلك، فإن معظم الفلسطينيين لا يشعرون بقدر كبير من الانتماء إلى الجهات المانحة الدولية، التي نادرًا ما يستفيدون من مساعداتها بشكل مباشر. 

ثانيًا، يتم الوعد بالمساعدات الأجنبية من دون ضمانات بتسليم الأموال، ويؤثر عدم الاستقرار هذا على قدرة السلطة الفلسطينية على التنبؤ بمصدر هذه المساعدات وحجمها واستخدامها الموجه، مما يجعل إدارة المالية العامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قابلة للتنبؤ بها على نحو متزايد، وبالتالي يعيق جهود السلطة الفلسطينية لإنشاء وتنفيذ مبادرات التنمية.

ثالثًا: حتى عندما تشكل التنمية الاقتصادية أولوية بالنسبة للمانحين الدوليين، فإن الطبيعة المتزايدة التعقيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي تجعل تنفيذ مشاريع التنمية أمرًا صعبًا، وهذا بدوره يدفع الجهات المانحة إلى تخصيص معظم مساعداتها لمعالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة ومعالجة العجز في ميزانية السلطة الفلسطينية. 

رابعا: وهو الأهم، فإن واقع احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والسيطرة السياسية والاقتصادية التي تمارسها على المؤسسات الفلسطينية يؤدي بدلا من ذلك إلى تحويل جزء كبير من المساعدات المخصصة للفلسطينيين إلى الاقتصاد الإسرائيلي، مما يجعل الأموال عديمة الفائدة للفلسطينيين أو السلطة الفلسطينية أو الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام. 

لقد تم إدراك أن العوامل الرئيسية التي تؤثر على النمو ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي هي الاستقرار السياسي والاستثمار والصادرات، فعندما يكون الاستقرار السياسي مقبولًا، كما حدث في الأعوام 1994 -1999 زاد الاستثمار والصادرات، ولكن عندما كان الاستقرار السياسي منخفضًا كما حدث في الأعوام 2000- 20002انخفض الاستثمار والصادرات بشكل حاد، وبالتالي انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ولوحظ أيضا أنه على الرغم من ارتفاع مستوى المعونة في السنوات ما بين عامي 2000 و2003 إلا أن النمو كان سلبيا وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ويظهر هذا السلوك الاقتصادي بوضوح أن المساعدات ليست العامل الرئيسي في تعزيز النمو المستدام.

مساعدات بلا تنمية

وفي ضوء هذا التحليل لطبيعة المساعدات الدولية المقدمة للفلسطينيين والغرض منها وحجمها وتأثيرها، لا بد من استخلاص استنتاج مفاده أنه منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، فشلت المساعدات الدولية في تحقيق تطلع الفلسطينيين إلى وضع مسار للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، ويعود هذا الفشل إلى الجمود الذي وصلت إليه عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية وإلى تكرار التطورات السياسية والأمنية الدراماتيكية، وتستمر هذه العوامل في دفع المانحين الدوليين إلى التركيز على الإغاثة ومعالجة الاختلالات والتشوهات التي نشأت نتيجة فشل السياسات، بدلًا من العمل على تحقيق التنمية الحقيقية التي يسعى الفلسطينيون إلى تحقيقها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الشرق الأوسط البنك الدولي منظمة التعاون الاقتصادي السلطة الفلسطينية المساعدات الدولیة السلطة الفلسطینیة من المساعدات على الرغم من

إقرأ أيضاً:

الحكومة الإسرائيلية تمول آلية المساعدات التي تفرضها على غزة

قالت هيئة البث الإسرائيلية ، مساء اليوم الاربعاء 4 يونيو 2025 ، إن الحكومة الإسرائيلية حولت نحو 700 مليون شيكل إلى ما سُمّي في القرارات الرسمية بـ"المنظومة الأمنية"، خيث خصصت هذه الأموال لتمويل آلية توزيع الطرود الغذائية في قطاع غزة .

يأتي ذلك في إطار مساعي الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على ملف المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وتوظيفه ضمن استراتيجيته العسكرية ومساوماته السياسية في ظل حرب الإبادة التي يشنّها على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتُفضح هذه المعلومات الجديدة المزاعم التي تروّج لها "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تدّعي أنها توزّع المساعدات بشكل "محايد ومستقل"، بينما تكشف التسريبات عن تمويل مباشر من خزينة الدولة الإسرائيلية.

وبحسب التقرير، أُدرجت التحويلات المالية تحت بند عام ومبهم بعنوان "منظومة الأمن"، دون توضيح الجهة المستفيدة فعليًا من الأموال، خلافًا لما هو متّبع عادةً في قرارات الميزانية، علما بأن شركاء بنيامين نتنياهو في الحكومة يرفضون تحويل أي مساعدات إلى قطاع غزة.

ونقلت القناة عن مصادر مطلعة أن هذه الصيغة المتعمّدة تهدف إلى التستّر على طبيعة الإنفاق الحقيقي وتمريره من "تحت الرادار"، وتجنّب "إثارة الجدل السياسي والإعلامي حول تمويل توزيع المساعدات في غزة من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين".

وأوضح التقرير أن مصدر التمويل جاء من خلال "اقتطاعات" من ميزانيات الوزارات، بما فيها التعليم، والصحة، والرفاه، والمواصلات. وقد تم تعديل قرار حكومي سابق بهذا الخصوص، لإتاحة تحويل الأموال من هذه الميزانيات إلى منظومة توزيع المساعدات.

ورغم هذه المعلومات، نفى مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أن تكون إسرائيل ضالعة في تمويل آلية المساعدات التي فرضتها في قطاع غزة، وجاء في الرد: "حتى هذا المساء، دولة إسرائيل لا تموّل المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وفي سياق متصل، أعاد زعيم المعارضة، يائير لبيد، نشر التقرير عبر حسابه على منصة "إكس"، وذكّر بتصريحات كان قد أدلى بها قبل أسبوع في الكنيست ، حين قال إن إسرائيل تموّل فعليًا المساعدات لغزة عبر شركات وهمية مثل "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF).

وتساءل لبيد حينها: "هل تقوم إسرائيل بتمويل المساعدات لغزة من أموال دافعي الضرائب عبر شركات قش في الخارج؟ وهل أُرسل جهاز الأمن الإسرائيلي بأمر من نتنياهو وسموتريتش لتحويل أموال من الدولة إلى الخارج لتعود على شكل مساعدات؟".

وبدأت "مؤسسة غزة الانسانية" عملياتها قبل أكثر من أسبوع بقليل، بعدما رفعت إسرائيل جزئيا الحصار المطبق الذي حرم السكان من مساعدات حيوية. إلا ان توزيع المساعدات شهد فوضى عارمة واستشهاد العشرات بنيران إسرائيلية قرب مراكز توزيع المساعدات.

وتسببت هذه الآلية بحالة من الفوضى منذ اليوم الأول لإطلاقها في رفح جنوبي القطاع، حيث فقدت الشركة الأمنية السيطرة على حشود الفلسطينيين الذين توجهوا لاستلام المساعدات، في حين يستمر الجيش الإسرائيلي باستهداف الفلسطينيين في محيط مراكز التوزيع.

وترفض الأمم المتحدة ومعظم المنظمات غير الحكومية العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسب مخاوف بشأن طريقة عملها وحيادها، وقوبلت هذه الآلية برفض فلسطيني واسع وتشكيك في أهدافها وجدواها.

وتؤكد المؤسسات الأممية رفضها التعاون مع هذه الآلية باعتبار أنها لا تلبي المعايير الإنسانية لتوزيع المساعدات، وسط مطالب بالعودة للآلية السابقة عبر مؤسسات الأمم المتحدة والجهات الشريكة.

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية استطلاع إسرائيلي : أغلبية تؤيد الذهاب إلى انتخابات مبكرة زامير : نعمل على تقصير حرب غزة إسرائيل تقرر عدم السماح للسفينة مادلين بالاقتراب من غزة الأكثر قراءة أوتشا: قطاع غزة أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض ساعات عمل معبر الكرامة الأحد المقبل الرئاسة الفلسطينية تعقب على قرار الرئيس التشيلي الأغذية العالمي : توزيع الطحين على العائلات في قطاع غزة قريبا عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تجميد مبادرة تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان.. لماذا تراجع عباس؟
  • البرلمان العربي يدعو لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني
  • الحكومة الإسرائيلية تمول آلية المساعدات التي تفرضها على غزة
  • رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني: نتنياهو يطيل أمد الحرب لضمان بقائه السياسي
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين من حجاج دولة فلسطين: الاستضافة أعظم الأعمال وأجلها التي تقدمها المملكة للشعب الفلسطيني
  • العفو الدولية تدعو لرفض خطة المساعدات التي تستخدمها “إسرائيل” سلاحا ضد المدنيين في غزة
  • الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني تُدين مجزرة الاحتلال في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية
  • الصحة الفلسطينية: مراكز المساعدات في غزة مصائد موت تهدد حياة المدنيين
  • الصحة الفلسطينية: مراكز المساعدات في غزة تحولت إلى مصائد للموت
  • “الخارجية الفلسطينية” ترحب برفع عضوية فلسطين إلى “دولة مراقب” بمنظمة العمل الدولية