وجد قادة الكيان الصهيوني أنفسهم في "حيص بيص"، بشأن ملف الأسرى لدى فصائل المقاومة، والذي يعقّد من حسابات الكيان منذ هجوم السابع أكتوبر الكبير الذي سمح للمقاومة بأسر وخطف أكثر من 260 صهيونيا، تحتفظ بهم المقاومة في مخابئ سرية وأنفاق، حيث يضغط الداخل الصهيوني وعائلات الأسرى على قادة الكيان من أجل إنجاز صفقة تبادل تعيدهم إلى أهاليهم، وضعت المقاومة مقابلها شرطا أساسيا يقضي بإطلاق سراح كامل الأسرى الفلسطينيين.

منذ إعلان المقاومة الفلسطينية قبل أيام، استعدادها التام لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، تحت عنوان "الكل مقابل الكل"، سواء دفعة واحدة أو على دفعات يتم التفاهم بشأنها، ألقت المقاومة بقنبلة بين يدي الاحتلال، وخلقت ملف صدام حاد يتفاعل بين الشارع  الغاضب والذي يطالب بإعادة الأسرى من المقاومة، وبين الحكومة الصهيونية بشقيها السياسي والعسكري، والتي تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الملف.

وتواجه الحكومة الصهيونية ضغطا متزايدا من قبل عائلات الأسرى، حيث تجمّع العشرات من هذه العائلات أمام بيت نتنياهو في قيسارية لمطالبته استعادة أبنائهم، واضطر نتنياهو إلى عقد اجتماع مع عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، لكنها خرجت  غاضبة من اللقاء، وأعلنت أنه لا يضع قضية الأسرى على رأس سلّم اهتمام حكومته التي تبحث أساسا عن رد فعل لتحقيق ردع عسكري لم يعد ممكنا على الأرض.

وما يزيد هذا الضغط، تصريحات قيادات سياسية وعسكرية سابقة في الكيان، بينهم وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، والذي أكد أنه يدعم خيار إنجاز صفقة مع حماس وإن ما يهم بالدرجة الأولى هو استعادة الأسرى من حماس، فيما أكد رئيس الأركان السابق، داني حاتلوتس، الذي قاد حرب لبنان الثانية، أن ما تطلبه المقاومة، أي الإفراج عن كامل الأسرى الفلسطينيين الذين قارب عددهم الثمانية آلاف أسير، مقابل أكثر من 200 صهيوني لدى المقاومة، صفقة جيدة مقارنة مع صفقات سابقة، وقال "إنه ثمن مناسب، لأننا مقابل جلعاد شاليط أطلقنا سراح 1027 أسيرا، لذلك مقابل 220 ينبغي إطلاق سراح 200 ألف وفقا لهذه النسبة، أقترح عليكم أن تفكّروا بجدية في هذه الصفقة".

وتستفيد المقاومة بشكل واضح من حالة الإرتباك الكبير الذي يعيشه الكيان منذ هجوم السابع أكتوبر، والأوضاع الداخلية في الكيان وفقدان قادته للتركيز والتوازن، لتسيير صفقة الأسرى بصورة جيدة تتيح تحقيق النتائج المرسومة من كامل الهجوم الكبير، وضمن نفس سياق البحث عن توسيع قاعدة الانتصار، تسعى المقاومة إلى وضع على رأس المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، قيادات وشخصيات فلسطينية محكوم عليها بأحكام قاسية وبالمؤبد، بينهم القيادي مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمحكوم عليه بالسجن خمس مؤبدات و40 سنة سجنا، حيث يقبع في سجون الاحتلال منذ 22 سنة، إضافة إلى ما يعرف بسجناء نفق الحرية وغيرهم.

وتملك المقاومة رصيدا مهما من تجارب صفقات تحرير الأسرى، أنجزتها مع الاحتلال، ما يسمح لها بالتحكم بشكل جيد في الملف على نحو يتيح تحقيق أكثر من هدف تصفير السجون من الأسرى الفلسطينيين،  خاصة وأن حماس تدرك وفقا لصفقات سابقة، أنها كانت تحصل على تحرير ألف أسير فلسطيني مقابل أسير إسرائيلي واحد، كما حصل في صفقة شاليط، حيث تم خلال صفقة جلعاد شاليط عام 2011 إطلاق سراحه وحده مقابل 1027، مقابل الجندي جلعاط شاليط وصفقة الحنان تينيباوم (ضابط الاستخبارات الإسرائيلية الذي استدرجه حزب الله إلى بيروت)، حيث تمت مقابل هذا الضابط مبادلته بـ 435 أسيرا عربيا.

وحسب ظروف سابقة، فإن الإحتلال ليس له أية خيارات تتيح له استعادة الأسرى، عدا التفاوض غير المباشر مع المقاومة والخضوع لشروطها. ويؤكد تقدير نشره الباحث وليد عبد الحي، أنه ومنذ عام 1967 إلى يومنا هذا، جرت 19 عملية تبادل أسرى مع إسرائيل من قبل دول وتنظيمات فلسطينية ولبنانية، بلغ خلالها عدد الأسرى العرب الذين أفرج عنهم في كل هذه العمليات أكثر من 21 ألف أسير مقابل أقل من 400 أسير إسرائيلي، وسيكون في هذه الحالة إطلاق سراح 20 جنديا، كافيا لتحرير الأسرى، فيما سيكون إطلاق باقي الصهاينة مقابل شروط أخرى، وخلال ظهوره الأخير السبت الماضي، أعلن المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، بشأن تبادل الأسرى، أنه "على الاحتلال أن يدفع الأثمان التي يعرفها"، ويعتقد أن مطالب حماس قد تتجاوز ما وصفه أبو عبيدة بتبييض السجون من الفلسطينيين، وإنما قد تتجاوز شروطها إلى مسائل أخرى، وأن المسالة لن تتوقف على أسرى مقابل أسرى فقط.

 

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: إطلاق سراح أکثر من

إقرأ أيضاً:

أهداف وأسباب عدة.. لماذا قد يوافق نتنياهو على صفقة في غزة الآن؟

تشى معطيات ومعلومات إسرائيلية بأن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو قد يذهب فعليا إلى الموافقة على مقترح الوسطاء الأخير بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وهو الذي دأب على تعطيل هذا المسار على مدار الأشهر الماضية، مانعا أي اختراق باتجاه إبرام صفقة مع حركة حماس.

ويُعتقد أن موافقة نتنياهو على صفقة في غزة تأتي لدوافع في اتجاهات مختلفة، ورغبة منه في تحقيق مكاسب عدة، أمنية، وسياسية، وشخصية كبيرة في ظل نضوج الظروف والمناخات المواتية.

دوافع الاتفاق المرتقب
الخبير في الشأن الإسرائيلي، سليمان سليمان بشارات، قال في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن نتنياهو سيحقق من هذا الاتفاق مجموعة من الأهداف، رغم أنه "اتفاق إطار مرحلي" وغير نهائي.

الهدف الأول: تتويج لما يمكن أن يسوق له نتنياهو من نجاحات، سواء بعد ضرب إيران، أو على صعيد استعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، مع تأكيده على أن الهدف الأساسي من الحرب في غزة ما زال قائما ويتمثل بالقضاء على المقاومة الفلسطينية، خصوصا أن الاتفاق لن ينهي الحرب في هذه المرحلة.


تحييد بن غفير وسموتريتش 
الهدف الثاني: يريد نتنياهو أن يستثمر الاتفاق في هذا التوقيت في بعدين إسرائيليين داخلي داخليين، الأول تعزيز وتقوية الشارع الذي يؤيد بنيامين نتنياهو، ويدعمه سياسيا، وثانيا استغلال الاتفاق لتحييد بعضا من القيادات السياسية التي كانت تشكل عبئا عليه، أمثال بن عفير، وسموتريتش، وهو يدرك أنهما لم يعد لهما مصلحة بوجودهما في ائتلافه الحكومي على أقل تقدير ضمن التركيبة للانتخابات الاسرائيلية القادمة. 

توطيد العلاقة مع واشنطن
الهدف الثالث: يخطط نتنياهو من وراء الاتفاق لإبقاء الزخم والدعم الكبير للولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب، وهذا بالنسبة لبنيامين نتنياهو مفيد للغاية، ذلك أن ترامب الذي دعا إلى ضرورة وقف محاكمة بنيامين نتنياهو في "إسرائيل" ومطالبته بالعفو عنه، سيكون أيضا داعما له مع إمكانية التعويل عليه في حماية نتنياهو الشخصية وحمايته السياسية والمستقبلية في الداخل الإسرائيلي.
رابعا: يعلم نتنياهو أن ترامب يمكن أن يمضي في المسارات الاقليمية خصوصا توسيع الاتفاقيات الابراهيمية واتفاقيات التطبيع، لأن هذا فيه مصلحة أمريكية إسرائيلية مشتركة. 

ومعددا أسباب الموافقة أيضا، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، حسن مرهج، إن نتنياهو يميل نحو الموافقة على الصفقة هذه المرة، خاصة قبيل لقائه ترامب في واشنطن، رغم أن الخطوة لم تعلن رسميا بعد، والحاجة إلى الاتفاق على شكل الصفقة وتفاصيلها النهائية.

وفي حديثه لـ"عربي21" يعتقد مرهج أن الظروف مهيأة أكثر من أي وقت مضى، مدفوعة بالضغط الخارجي، والضغط الداخلي لعوائل الأسرى والمجتمع الإسرائيلي، وتصريحات صادرة من القيادة العسكرية بأن العمل العسكري انتهى في القطاع، إلى جانب الرد الإيجابي من أطراف الاتفاق.


ما الحسابات الجديدة لنتنياهو؟
بعد شهور من المماطلة والتشدد، تشير المعطيات إلى تغيّر محتمل في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه صفقة التهدئة وتبادل الأسرى مع حماس. فما هي الحسابات الجديدة التي قد تدفعه للقبول بعد طول تعنت؟

يرى مرهج أولاً، على الصعيد الشخصي والسياسي، يواجه نتنياهو انهياراً في شعبيته وضغوطاً متزايدة من الشارع الإسرائيلي ومن عائلات الأسرى تحديداً، وإنجاز صفقة قد يُستخدم كورقة إنقاذ لصورته المتآكلة ومحاولة لتأجيل محاكمته في قضايا فساد ما زالت تطارده.

ثانياً، داخلياً، بدأ شركاؤه في الحكومة اليمينية يشكّلون عبئاً عليه بدلاً من أن يكونوا سنداً. وتنامي الحديث عن احتمال انتخابات مبكرة، وهذا يجعل نتنياهو بحاجة إلى مكسب ملموس يعيد ضبط التوازن داخل ائتلافه.

الجمود العسكري في غزة
أما على المستوى الأمني والاستراتيجي، فإنّ الجمود العسكري في غزة، والفشل في استعادة الأسرى بالقوة، إضافة إلى تصاعد التهديد على الجبهة الشمالية مع حزب الله، كلّها عوامل دفعت المؤسسة الأمنية إلى التوصية بضرورة التوجّه نحو حل سياسي، ولو مرحلي.

كما أنّ الضغط الأمريكي العلني لم يعد قابلاً للتجاهل، حيث بدأت إدارة بايدن تربط بوضوح بين المساعدات العسكرية وبين تحقيق اختراق في ملفات غزة والرهائن.

وشدد مرهج على أن نتنياهو يقف أمام مفترق حاسم: إما القبول بصفقة قد تنقذه مؤقتاً، أو مواجهة تدحرج سريع نحو انهيار سياسي وعسكري مزدوج، يدفع ثمنه وحيداً.


ما هي العقبات القائمة أمام الاتفاق؟
يرى الخبير مرهج أن ثمة عقبات ما زال تقف أمام الاتفاق، منها اعتراض من قوى الائتلاف داخل الحكومة واليمين المتطرف، إلى جانب شروط حماس الحصول على ضمانات، وتوسيع المناطق الإنسانية في غزة.

ولكنه أكد أنه رغم تهديدات بن غفير وسموتريتش، سيناور نتنياهو سياسياً ويوازن بين ضغوط الخارج وتطرف شركائه، فهو لا يخشاهم بقدر ما يديرهم، مدركاً أن سقوط الحكومة ليس في صالحهم الآن.

ما شكل الاتفاق الذي يريده نتنياهو؟
يعتقد الخبير سليمان بشارات أن نتنياهو يسعى إلى تحسين ظروف الاتفاق والشروط التفاوضية حتى تكون بالنسبة له صيغة يمكن أن يحصل من خلالها على مكاسب دون أن يبدي التزامات واضحة بنهاية الحرب، وهو يريد أن يعطي نموذجا كالنموذج الذي ذهب إليه في لبنان، بحيث يتمكن من تنفيذ عمليات في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • حماس تطالب بخروج 1000 أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن المحتجزين
  • تقرير: حماس ستطالب بالإفراج عن أسماء بارزة في صفقة الهدنة
  • أهداف وأسباب عدة.. لماذا قد يوافق نتنياهو على صفقة في غزة الآن؟
  • حماس والاحتلال على طاولة الوساطة القطرية.. هل تقترب صفقة التهدئة؟
  • بن غفير يطالب نتنياهو برفض صفقة التبادل واحتلال غزة
  • تجويع وأوبئة في سجن مجدو: جثمان أسير شهيد بدون أنسجة دهنية في جسمه
  • هيئة البث تقول إن نتنياهو أبلغ عائلات أسرى بـ"الموافقة" على صفقة تبادل
  • نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى الإسرائيليين موافقته على صفقة التبادل
  • نتنياهو في أول زيارة لـ"نير عوز" منذ 7 أكتوبر.. هل اقتربت صفقة الأسرى مع حماس؟
  • نتنياهو يرغب في صفقة بأي ثمن وترقب لرد لحماس