بإمكانكم دعم مقترح موسكو.. زاخاروفا تعلق على دعوة باريس لتشكيل تحالف لمحاربة حماس
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تعليقا على المبادرة الفرنسية لتشكيل تحالف لمحاربة حماس، إن "فكرة باريس محفوفة بتصعيد المواجهة المسلحة في الشرق الأوسط".
وأضافت زاخاروفا: "يبدو أن الفكرة الفرنسية والتصريحات العدائية لعدد من اللاعبين الدوليين الآخرين، المدعومة بحشد قوات من خارج المنطقة في وجودها العسكري في شرق البحر الأبيض المتوسط، محفوفة بمزيد من تصعيد المواجهة المسلحة في الشرق الأوسط وتدويل الصراع وإشراك أطراف جديدة فيه".
ولفتت زاخاروفا إلى أن "هذه ليست المبادرة الأولى من المبادرات الفرنسية المماثلة التي لا تطال جذور المشكلة".
وأضافت زاخاروفا: "تصرفات باريس ذات الدوافع الإيديولوجية غالبا ما يكون لها تأثير معاكس ولا تؤدي إلا إلى زعزعة استقرار الوضع في بلدان ومناطق بأكملها من العالم".
وأشارت زاخاروفا إلى أنه "إذا كانت فرنسا تريد فعلا المساهمة في العمل من أجل وقف إطلاق النار وإراقة الدماء في منطقة الصراع، فيمكنها دعم موقفنا بالتركيز على الوسائل السياسية والدبلوماسية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والصراع في الشرق الأوسط ككل".
وجددت زاخاروفا موقف روسيا المؤيد "لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل، على النحو المنصوص عليه في القرارات المعروفة للجمعية العامة والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.. لكننا لا نرى مثل هذه المبادرات من فرنسا".
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الحرب على غزة الشرق الأوسط القضية الفلسطينية حركة حماس طوفان الأقصى قطاع غزة ماريا زاخاروفا وزارة الخارجية الروسية
إقرأ أيضاً:
"حدود الدم".. مشروع بيتزر للشرق الأوسط الجديد والحرب الأخيرة
د/ محمد بن خلفان العاصمي
في يونيو من عام 2006م، كتب الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيتزر مقالاً في مجلة أمريكية متخصصة بالشؤون العسكرية تسمى (آرمدفورسز جورنال)، اقترح فيه تقسيم جديد لدول الشرق الأوسط إلى دول سنية وشيعية وكردية، إضافة إلى دولة إسلامية تضم الأماكن المقدسة مستقلة عن السعودية، وكذلك مملكة الأردن الكبرى ودويلات أخرى.
وبحسب فرضية الجنرال الأمريكي المتقاعد فإنَّ تقسيم المنطقة على أساس الطوائف والإثنيات، بحيث تعيش كل طائفة أو قومية منفصلة عن الطوائف والقوميات الأخرى في دولة سياسية مستقلة، من شأنه أن ينهي العنف في هذه المنطقة. ويستطرد الجنرال المتقاعد في حديثه ليضيف "أن الشرق الأوسط لديه مشكلات كثيرة، منها الركود الثقافي وعدم المساواة الفاضحة والتطرف الديني المُميت، لكن المشكلة الأكبر في فهم أسباب فشل المنطقة ليس الدين، وإنما الحدود الدولية البشعة".
واستدرك قائلاً: "بالطبع، لا يمكن لأي تعديل في الحدود مهما كان ضخماً وكاسحاً، أن ينصف كل الأقليات المهضوم حقها في الشرق الأوسط"، وعلى الرغم أن الخريطة التي اقترحها سترفع الظلم عن أكثرهم معاناة مثل الأكراد والبلوش والعرب الشيعة حسب زعمه، إلا أنها تعمدت تجاهل طوائف أخرى مثل المسيحيين والبهائيين والإسماعيليين والنقشبنديين والكثير من الأقليات الأقل عدداً، إلا أنه على ما يبدو فإنَّ الهدف كان واضحاً من هذا المقال وهو تغليف مشروع التقسيم بغلاف ديموقراطي حقوقي، وتفتيت الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط تمهيداً لقيام إسرائيل الكبرى.
رالف بيتزر هو عراب مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو من مواليد عام 1952، عمل ضابطا بالجيش الأمريكي حتى وصل لمنصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأمريكية في وزارة الدفاع، وهو يدعو دائما إلى إعادة تقسيم خريطة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصالح الغربية والصهيونية، ويرى أن التقسيم سوف يجعل الشرق الأوسط أفضل وخالياً من المشاكل التي يعاني منها والتي تؤثر على العالم بشكل عام.
وهذه الرواية التي اتخذها مدخلاً لمشروعه المخطط بشكل متقن، وفي سياق التسويق لهذا المشروع تحدث بوش الابن وديك تشيني وكونداليزا رايس في العديد من المحافل عن مشكلات الشرق الأوسط الحقوقية والسياسية وسعيهم إلى إيجاد حلول لها، وهي الذرائع التي قدمت فيما عرف بـ"الربيع العربي" الذي اجتاح الوطن العربي في عام ٢٠١١م.
لقد انتهج هذا المشروع سياسة خبيثة في سبيل تنفيذ مراحله، حيث يبدأ بإثارة النعرات الطائفية والتحديات السياسية والتحريض على السلطة تحت غطاء الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية، ويستمر في زعزعة الاستقرار العام داخل الدول مركزاً على ملفات تمثل تحديات حقيقية مثل البطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية والفساد المالي والإداري والسياسي، ويستمر في اختلاق المشكلات لهذه الدول عن طريق المنظمات التي تمثل الأذرع الرئيسية المساعدة في تنفيذ هذا المخطط، هذه المنظمات التي تتخذ شكل الوصي على الحقوق في الظاهر إلا أن سياساتها ترتكز حوّل السيطرة على القرار السياسي داخل الدول، كما تلعب ثعالب الاقتصاد من داخل الدول وخارجها دورا في تعميق المشاكل الاقتصادية من خلال سلوكهم الاستغلالي واستعدادهم للاستفادة من الفرص تحت أي ظرف كان.
وبعد أن تصل الدول إلى مرحلة الضعف وعدم القدرة على مواجهة التحديات والإعياء الاقتصادي والإنهاك الإداري، يأتي الفصل الأخير من الخطة وهو تغيير الأنظمة السياسية بأنظمة جاهزة تمَّ تحضيرها مسبقاً لهذه اللحظة، هذه الأنظمة تسلم كل مفاصل الدولة خاصة الاقتصادية والمالية لهم، وهذه هي وظيفتهم التي وضعوا من أجلها في مناصبهم السياسية، وعلى مر السنوات شاهدنا هذا النموذج يتكرر بشكل واضح جدا لا يحتاج إلى مزيد من التفكير والتوضيح والتحليل.
إنَّ مشروع الشرق الأوسط الجديد لن يتوقف بالهدنة التي تم التوصل إليها في الحرب الأخيرة، ومخطئ من يظن أنَّ إسرائيل سوف تكتفي بأرض فلسطين أو حتى بخدعة التطبيع، ويغالط التاريخ ونفسه من يعتقد أن مشروع إسرائيل الكبرى سوف يتوقف عند حدود القانون الدولي، فهذه القوانين والأنظمة والمنظمات لا تستطيع كبح جماح هذا المحتل الذي جلب الحرب والدمار إلى المنطقة منذ قدوم أول مهاجر إلى اليوم، هذه المنطقة التي عانت كثيراً من هذا المشروع المشؤوم ومازالت تعاني من الأطماع المتزايدة المتصاعدة يوماً بعض يوم.
إن أهمية إدراك كل ما ذكر أعلاه يتمثل في قدرتنا على زيادة الوعي الذاتي حول ما يخطط ضد الأمة العربية والإسلامية من مؤامرات، ولا أريد أن أكرّس نظرية المؤامرة ولكن علينا أن نتحلى بالفكر الذي يجعلنا قادرين على فهم ما يدور حولنا من أحداث وأن تكون لدينا نظرة واعية حول ما يحدث، وأن ندرك تمام الإدراك الأساليب التي تتبع لهدم الأوطان وزعزعة استقرارها وتقويض أمنها، فالشعارات التي تردد والخطب الشعبوية والعاطفية ما هي إلا أدوات لغايات أبعد، وعلينا أن نعي أنَّ الإصلاح الذاتي يصل بنا إلى الوضع الذي نرجوه لوطننا من تنمية وازدهار، وعندما يكون المجتمع مصلحاً لذاته فلن نحتاج إلى الحديث عن استيراد أفكار ضالة تعبث بأمن أوطاننا ومجتمعاتنا.