#لأولي_الألباب د. #هاشم_غرايبه
من البديهيات المقطوع بصحتها أمران، أولهما أن هنالك صراع دائم باق بين الحق والباطل، ولن يحسم هذا الصراع إلا بانتهاء الحياة البشرية، لأنه مرتبط بطبيعة الإنسان المختلفة عن باقي الكائنات الحية، التي تنطلق نزاعاتها من فطرة الحفاظ على البقاء، وهي تلبية لحاجتين هما الطعام والأمان، فلا يتصارع مع غيره إلا لتأمينهما، ومتى ما نالهما سالم غيره وتوقف النزاع.
أما الإنسان فلا يكتفي بتأمينهما بل يتعدى الى الاستحواذ على ما لدى غيره، ولا يتوقف في ذلك عند حد، لذلك يُبقى طمعه التصارع قائما، سواء كانت الموارد قليلة أو كثيرة.
الأمر الثاني مرتبط بالأول، فلكي يضبط الخالق نوازع الشر والأطماع، أنزل على البشر منهاجا قويما، أسماه الصراط المستقيم، لكي يكون حكما في النزاعات ومرجعا عادلا للحقوق المتضاربة، لذلك عاداه محور الباطل منذ نزل، وسخروا كل جهودهم لصد الناس عن اتباعه، وحاربوا من يسعون لنشره ومن يدعون لاتباعه
وبما أن الحقيقة الأولى ستظل قائمة ما دام البشر، فلا يحسم لصالح انهزام الخير ولا اندحار الشر، لذلك فالمنطق يقتضي أن الأمر الثاني لن يحسم أيضا، فلا يمكن ان يجتث منهج الله نهائيا، ولا أن يأتي يوم يتبعه كل البشر فلا تجد من يعاديه.
من معرفة حقيقة أن معادي منهج هم الأقوى كونهم هم أصحاب النفوذ المالي والسياسي والإعلامي، لأن العدالة تنتقص من مكاسبهم، وبالمقابل فالدعاة لاتباع منهج الله هم الأضعف، وعليه فلن يكون الصراع متكافئا، وسيحسم لصالح الأقوى لذلك اكد الله تعالى تحيزه الى المؤمنين: “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ” [الحج:38]، وبين بوضوح أنه تكفل بحفظ منهجه ولن يسمح بالقضاء عليه: “وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ” [النساء:141]، كما تكفل بحفظ كتابه الأخير (القرآن) من عبث البشر، كونه جعله مرجعا موثوقا لتفصيلات منهجه: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” [الحجر:9].
لقد أثبتت وقائع التاريخ صحة هذين الأمرين بالمطلق، فلم يسجل التاريخ حقبة منه سادها السلام والوئام، وعاش فيها البشر بلا نزاعات ولا حروب.
كما أن ثبت أيضا أن منهج الله لم ينقرض من الأرض في أية حقبة، بل بقي بين انتشار وانحسار منذ الجيل الأول من بني آدم، وفي الحالة المحددة التي وجد الله تعالى أن منهجه يشارف على الإضمحلال، أرسل نوحا عليه السلام الى قومه فلبث فيهم 950 عاما يدعوهم إليه، فما استجاب إلا قلة من أهله، و خشية من نوح من عدم تمكنهم من ابقاء شعلة الايمان متقدة بعد موته، دعا ربه فقضى عليهم بالطوفان وأنجى عباده المؤمنين.
من هؤلاء الذرية الناجية، سريعا ما ظهر المكذبون بالدين، فعاد الصراع من جديد، لكن ظلت الرسالات السماوية تترى لإعادة الدعوة في كل مرة يتقوى فيها أهل الباطل، ويأملون بإمكانية استئصال شأفة أهل الحق.
بعد أن أنزل الله الرسالة الختامية، لم يبق من داعٍ للتعديل أو التطوير، ولكي تتبع وحدها كونها تمثل صراط الله المستقيم، فقد أودع فيها ما يكفل هيمنتها الفكرية على سائر العقائد، سواء منها ما كان مؤمنا بالرسالات السابقة أو كافراَ بها: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ” [المائدة:48].
لذلك ولانها الحق العصي على التحوير والتعديل وفق أهواء الطامعين، اجتمع الطرفان على العداء لها، وتحالفوا بنية استئصالها، ومنذ بزوغ فجر دعوتها، والى اليوم لم تتوقف الحرب عليها بلا هوادة ولا مهادنة، إلا حينما يكون دعاتها عزيزي الجانب.
لعل فيما سبق توضيحه إجابة على تساؤلات البعض في سبب هذه الهجمة الوحشية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ على غzة، فليس في الأمر محاربة إرهاب ولا نحوه، بل لأنها الفئة الوحيدة التي ظلت متمسكة بمنهج الله وبما دعا إليه من الثبات عليه، وأثبتت بفعلها (الطوفان) البطولي ذلك، بينما استسلمت الأنظمة السياسية التي تحكم باقي بقاع الأمة للوهن، المتمثل بالخنوع والاستسلام للأعداء، وترك منهج الله واتباع منهجهم، وأوصلهم هوانهم الى التطبيع والتعاون الاستخباري معه، بل بلغوا الحضيض الخياني بمطالبتهم إياه بالقضاء على المجاهدين، وعدم التوقف إلا بإفنائهم نهائيا. هم يعلمون أن الجهاد هو الوسيلة الوحيدة لكنس الاحتلال، وأن قدرات المقاومة حاليا لا تمكنها من ذلك، لكنهم يريدون تأديب الأمة بها، وتخويفها من المطالبة به
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: لأولي الألباب منهج الله
إقرأ أيضاً:
الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
تعكس عمليات تفجير ناقلات الجند الإسرائيلية التي تقوم بها فصائل المقاومة قوة الأسلحة المستخدمة في هذه العمليات، وتشير إلى التركيز على أهداف يصعب تعويضها خلال الحرب، كما يقول الخبير العسكري العقيد حاتم الفلاحي.
وفي الساعات الـ24 الماضية، أعلنت فصائل المقاومة تدمير دبابات وناقلات جند وآليات إسرائيلية في عدة عمليات، كما نشرت صورا لتدمير آليات أخرى في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأمس الثلاثاء، تمكنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- من تدمير ناقلة جند في خان يونس جنوب قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل ضابط و6 جنود، إلى جانب عدد آخر من الجرحى.
ووفقا لما قاله الفلاحي -في تحليل للجزيرة- فإن الناقلة التي دمرت من نوع "بوما"، يستخدمها سلاح الهندسة، وهي مدرعة بشكل كبير ومعدة لتمهيد الطرق للقطعات العسكرية وتفريغها من الألغام.
قطعات عالية التحصين
ويمكن لهذه المركبة حمل 8 جنود، مزودة بـ3 رشاشات خفيفة وأخرى ثقيلة إلى جانب هاون 60 ملم و20 صاروخا لتفجير الألغام، ولديها قدرة كبيرة على تحمل الضربات، مما يعني أن استهدافها قد يحيلها إلى كتلة نار، كما يقول الفلاحي.
وتشير هذه الخسائر إلى قدرة أسلحة القسام على الاختراق وإلحاق خسائر كبيرة في الآليات مما يؤدي إلى تدميرها أو إخراجها من الخدمة، كما أن استهداف جرافات "دي 9″، المضادة للرصاص يؤكد -وفق الخبير العسكري- تركيز المقاومة على القطعات الهندسية التي يصعب تعويضها خلال العمليات.
وتعني هذه العمليات وجود مشكلة لدى جيش الاحتلال في منع مقاتلي المقاومة من الوصول إلى هذه الأهداف بطريقة تحمل جرأة غير مسبوقة في المواجهات المباشرة، حسب الفلاحي، الذي أشار إلى أن أسلحة المقاومة المحلية تبدو مصممة لتدمير هذه الآليات عالية التكلفة.
كما أن استبدال الفرقة 252 بالفرقة 99 التابعة لاحتياط قيادة الجيش الإسرائيلي، تشير إلى حالة الإنهاك التي أصابت الفرقة التي سحبت أو الخسائر الكبيرة التي دفعت إلى سحبها من جبهة القتال، وفق الفلاحي، الذي قال إن عمليات التغيير في التماس لا تتم لهذه الأسباب.
إعلان