القانون الدولي لا يعرف التوقفات والهدنات الإنسانية لكن قطاع غزة يحتاجها بشدة
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى "وقف فوري إنساني لإطلاق النار لتخفيف المعاناة الإنسانية الرهيبة التي نراها" في غزة.
وفي يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد مفاوضات شاقة دعا المجلس الأوروبي إلى السماح بالدخول المستمر للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر "ممرات وهدنات إنسانية".
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ناقش مجلس الأمن الدولي قرارين مختلفين بشأن الحرب في غزة، الأول قدمته روسيا ويدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري ومستدام"، والثاني قدمته البرازيل ويدعو إلى "هدنات إنسانية" تسمح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
Intense fighting in Gaza has led to calls for the suspension of hostilities via humanitarian pauses.
But what are humanitarian pauses and what is required for them to be effective?https://t.co/3L3LRQkgjo
كما أصدر ممثلو المنظمات الإنسانية مثل منسق شؤون الإغاثة في الطوارئ التابعة للأمم المتحدة مارتن غريفيث، والمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر دعوات مماثلة لإقامة هدنات تسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة. وفي يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك إن "بريطانيا ستدعم كل الجهود الرامية لضمان دخول المساعدات الإنسانية الحيوية بما في ذلك إقرار هدنات إنسانية مؤقتة".
وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني، تقول إيمانويلا شيارا جيلارد الباحثة المشاركة في برنامج القانون الدولي بالمعهد، إنه "رغم أن هدف كل هذه الدعوات واحد وهو الحد من تأثير القتال على حياة المدنيين، هناك اختلافات كبيرة فيما تعنيه بدقة كل دعوة. وبشكل خاص فإن الغرض وبالتالي مدى تعليق الأعمال العدائية وفقاً لكل دعوة هو السبب وراء الخلافات التي نشأت. كما ساهم استخدام مصطلحات غامضة أو غير متسقة أو الاثنين في حدوث الارتباك".
وهنا يثور السؤال عن الفارق بين التوقفات الإنسانية والهدنات أو وقف إطلاق النار العام؟ وتضيف جيلارد أن "القانون الدولي لا يعرف أياً من مصطلحات وقف إطلاق النار الإنساني أو الهدنة الإنسانية أو تعليق إطلاق النار بشكل أكثر عمومية. كما أن أياً من أطراف الصراع المسلح غير مطالب بتبني مثل هذه الإجراءات كأمر قانوني".
ورغم ذلك يمكن تعزيز تبني الهدنات الإنسانية بالتزامات القانون الدولي الإنساني "المعروف أيضاً باسم قانون الصراعات المسلحة". ويضمن هذا القانون إجلاء المصابين والمرضى وتسهيل المرور السريع للمساعدات الإنسانية دون عوائق.
وتنص كل هذه الإجراءات على تعليق لأعمال القتال. لكن الاختلاف الرئيسي فيما بينها يتعلق بالغرض من تعليق أعمال القتال، وهل هو السماح بأنشطة إنسانية محددة دون التعرض لمخاطر القتال، أو تعليق عام للأعمال العدائية؟.
ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للوقف العام لإطلاق النار، والذي لا يرتبط بأنشطة إنسانية محددة. وهذا الوقف لإطلاق النار يمكن أن يؤثر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للأعمال العدائية. ومثل هذا النوع من وقف إطلاق النار لا تريد بعض الدول الدعوة إليه بالنسبة للحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
ولكي تنجح الهدنات أو التوقفات الإنسانية أو وقف إطلاق النار، يجب أن يتفق أطراف القتال على الأغراض الإنسانية. كما يجب الاتفاق على توقيتات ومواقع التوقفات أو الهدن والطرق التي ستستفيد منها بدقة. فما هو مطلوب بالضبط يتوقف على غرض التوقف الإنساني للقتال. على سبيل المثال، في حالة التوقفات للسماح بنقل المساعدات الإنسانية، وبالإضافة إلى الطرق والتوقيتات، يجب أن تتفق الأطراف على المنظمات المسموح لها بالمشاركة والترتيبات المطلوبة إذا وجدت، للتأكد من أنه سيتم فقط نقل المواد الإنسانية والفئات التي قد تستفيد منها.
وتقول جيلارد إن "التوقفات الإنسانية لا تؤثر على الحماية والالتزامات التي يقضي بها القانون الدولي، لكنها طريقة لتحقيق تأثيراتها.و يجب احترام وحماية قوافل المساعدات الإنسانية، وعلى أطراف الصراع السماح بمرورها السريع ودون عوائق".
وفي هذه الحالة، فإن الاتفاق على تعليق الأعمال العدائية للسماح لهذه القوافل بالمرور يقلل خطر وقوعها ضحية لأعمال القتال. ونفس الأمر ينطبق على الترتيبات التي تسمح للمدنيين بالحصول على المساعدة الإنسانية، ظفي نفس الوقت فإن الترتيبات الإنسانية لا توفر الحماية إلا إذا احترمها كل الأطراف العاملة في منطقة الصراع سواء من يديرون العمليات العسكرية أو من يقاتلون على الأرض.
والحقيقة هي أن دعوات الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس الأوروبي هي مجرد حث لأطراف الصراع على وقف القتال لأغراض إنسانية، لكن يبقى الأمر معلقاً على توصل المتحاربين إلى اتفاق على وقف القتال.
أكثر من 10 آلاف ضحية بالضفة وقطاع #غزةhttps://t.co/cOQwoVZQGF
— 24.ae (@20fourMedia) November 7, 2023وفي أغلب الأحوال لا تكون هناك اتصالات مباشرة بين أطراف الصراع، لذلك يقوم طرف ثالث بدور الوسيط ليقوم عادة بتسهيل التوصل إلى اتفاق. ويمكن أن يكون الوسيط منظمة إنسانية دولية أو دولة. لكن الأهم أن يكون الاتفاق الذي يتم التوصل إليه دقيقاً وواضحاً حتى يمكن تنفيذه دون مشكلات.
واختتمت البحاثة تقريرها بالقول: "أخيراً وبعد شهر من القتال الضاري، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة. لذلك فكل السبل المطلوبة لتحسين الاستجابة الإنسانية في القطاع بالغة الأهمية، سواء تسريع ترتيبات توصيل مواد الإغاثة إلى غزة أو تعليق الأعمال العدائية، للسماح بنقلها داخل القطاع وتأمين وصول المدنيين إليها، ثم إجلاء المصابين وبخاصة ذوي الحالات الحرجة والأجانب من غزة إلى مصر".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الأمم المتحدة المساعدات الإنسانیة الأعمال العدائیة وقف إطلاق النار القانون الدولی للأمم المتحدة تشرین الأول
إقرأ أيضاً:
تصاعد المجازر في غزة وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية
استُشهد 72 فلسطينياً في مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر يوم الخميس، بينهم سبعة مدنيين سقطوا قرب مراكز توزيع المساعدات، بحسب مصادر طبية في مستشفيات القطاع، في ظل تصاعد العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي واستمرار الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر.
وأكد مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح أن المستشفى استقبل 17 شهيداً، بينهم أطفال، جراء غارة شنتها طائرات مسيرة تابعة للاحتلال استهدفت السوق المركزي في المدينة، مما تسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا ودمار واسع في المنطقة.
وفي سياق متصل، أفاد المركز الفلسطيني للإعلام بأن جيش الاحتلال نفذ عمليات نسف ممنهجة لمبانٍ سكنية شرقي مدينة غزة، كما فجّر ثلاث عبوات ناسفة عبر روبوتات مفخخة في شارع مسعود شرق جباليا شمالي القطاع.
وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، شيّع المواطنون جثامين سبعة شهداء سقطوا في قصف استهدف خياماً للنازحين في منطقة المواصي غرب المدينة، في جريمة جديدة تستهدف الفارين من جحيم الحرب.
وفي مدينة غزة، شنت الطائرات الحربية للاحتلال الإسرائيلي غارات عنيفة على منازل في حي الشيخ رضوان شمال غرب المدينة، وتسببت الغارات في دمار واسع، وأظهرت لقطات مصورة اللحظات الأولى بعد القصف، وسط حالة من الفزع بين المدنيين.
وفي ظل الحصار المستمر، أعلنت مصادر طبية في مستشفى المعمداني وفاة الرضيع أحمد طليب نتيجة سوء التغذية والجفاف، ليرتفع عدد الأطفال الذين قضوا بسبب سوء التغذية في قطاع غزة إلى 61، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي.
وأوضحت وزارة الصحة في غزة أن نحو 70 ألف طفل يعانون من مضاعفات صحية ناجمة عن نقص التغذية، محملة الاحتلال مسؤولية منع إدخال حليب الأطفال منذ أكثر من أربعة أشهر.
وأشارت منظمة اليونيسف في تقرير حديث إلى أن عدد الأطفال الذين استقبلوا علاجاً بسبب سوء التغذية الحاد ارتفع بنسبة 50% خلال شهر مايو الماضي مقارنة بشهر أبريل، ما يعكس تدهوراً خطيراً في الوضع الغذائي للأطفال.
من جهتها، وصفت غادة الحداد، مسؤولة الإعلام في منظمة أوكسفام، الوضع الإنساني في غزة بأنه "كارثي"، مؤكدة في مقابلة مع قناة الجزيرة أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم التجويع كسلاح في حربه على القطاع، ويقصف منشآت المياه والصرف الصحي بشكل متعمد، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
بدوره، حذّر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، من أن الأرض الفلسطينية المحتلة تمر بنقطة تحول خطيرة، مؤكداً أن اللاجئين الفلسطينيين باتوا يشعرون بقلق بالغ مع تدمير الوكالة التي اعتمدوا عليها لعقود.
وقال لازاريني إن ما يجري هو تنفيذ لمشروع أُعِدّ على مدار سنوات لفصل الفلسطينيين عن أرضهم، مشدداً على أن آلية توزيع المساعدات الحالية في غزة "مذلة، كارثية، وتزهق الأرواح"، في ظل تقاعس دولي مستمر أدى إلى استشهاد أكثر من 55 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء العدوان.
في سياق ردود الفعل الدولية، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى السماح الفوري بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق، مشددة خلال القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل على ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والإفراج عن المحتجزين.
ورغم صدور بيان ختامي للقمة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى، ورفع الحصار عن قطاع غزة، فإن الحسم بشأن فرض عقوبات محتملة على الاحتلال الإسرائيلي جرى تأجيله إلى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل.
ودان البيان تصاعد العنف الاستيطاني، والتوسع غير القانوني للمستوطنات، واستمرار العمليات العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، داعياً إلى فرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين ومَن يموّلهم.
وفي غزة، طالب رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، المجتمع الدولي بتحرك فوري لوقف استهداف المدنيين والمناطق التي تشهد توزيعاً للمساعدات الإنسانية، معتبراً أن تعمّد الاحتلال قصف من يسعى للحصول على الغذاء يشكل جريمة حرب تتطلب موقفاً دولياً واضحاً وحاسماً.
وتتزايد التحذيرات من وقوع كارثة إنسانية أوسع في القطاع، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وغياب الغذاء والماء والدواء، واستمرار استهداف البنية التحتية والمرافق الحيوية، وسط صمت دولي غير مبرر تجاه الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن