عبد الباري عطوان يمارس تساحي هنغبي المستشار القومي الإسرائيلي أبشع أنواع الكذب والتضليل عندما يمهد لإنهاء جيشه للعملية العسكرية التي يشنها على مخيم جنين، بالقول انها تقترب من تحقيق جميع أهدافها المحددة. يكذب لأن الهدف الأبرز والاساسي، أي القضاء على المقاومة في المخيم، لم يتحقق، ولن يتحقق طالما ان هناك احتلال، وشعب يقاوم هذا الاحتلال ومستعد لتقديم التضحيات بالأرواح والدماء.

سمعنا مثل هذه التصريحات ومنذ اليوم الأول للاحتلال، وبعد اجتياحات متعددة للمخيم الذي لا تزيد مساحته عن نصف كيلومتر مربع، وخرجت المقاومة من بين الركام كل مرة أكثر قوة وخبرة وصلابة. المقاومون الأسود الذين تصدوا لأكثر من 150 دبابة ومدرعة، واسقطوا اربع طائرات مسيّرة، وقدموا عشرة شهداء، واكثر من مئة جريح، بينما كانت خسائر الجيش المدرع المهاجم المحمي بالمسيّرات والطائرات العمودية، اضخم من ذلك عشرات المرات، ونحن لا نتحدث هنا عن ارقام القتلى والجرحى التي يتكتم عليها العدو الذي يفرض رقابة عسكرية شرسة على وسائل الاعلام، وانما عن الخسائر المعنوية والنفسية ووقعها الكبير على المستوطنين وقيادتهم الذين اعتقدوا ان الشعب الفلسطيني استسلم ورفع الرايات البيضاء، وبات يبحث عن الهدوء مقابل الهدوء مثلما تستجدي بعض قياداته في الضفة والقطاع، فالخسائر الفلسطينية كان وما زال من السهل تعويضها، وبما هو أقوى منها، فماذا يعني خسارة مخزن أسلحة هنا، او معمل تحت الأرض لتصنيع العبوات الناسفة، فالعقول التي تقف خلف هذه المخازن موجودة، وحتى اذا استشهدت، فإن هناك عقول أخرى جبارة تستكمل المسيرة. *** مخيم جنين يواجه حملات تطهير عرقي عسكري، تتمثل في إجلاء الآلاف لتفريغه من سكانه، وتأتي الجرافات لكي تفتح “اوتوسترادات” في وسطه لتسهيل اقتحامات الدبابات والمدرعات له، تماما مثلما فعل الجنرال ارييل شارون عندما كان حاكما عسكريا لقطاع غزة بعد احتلاله عام 1967، وتصاعد المقاومة فيه حيث رحّل آلاف الأسر الى رفح المصرية، لتخفيف الكثافة السكانية. المقاومة الفلسطينية هزمت الجنرال شارون وقواته العسكرية واجبرته على الانسحاب من القطاع بالقوة عان 2005، وتفكيك مستوطناته (17 مستوطنة)، والهروب في ليلة ليس فيها ضوء قمر، والمشهد نفسه سيتكرر قريبا جدا، ليس في مخيم جنين فقط، وانما في الضفة الغربية، وكل الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة. هذه الانتفاضة المسلحة التي يقودها الأسود، والنمور والفهود، ليست محصورة في مخيم جنين، عاصمة المقاومة والكرامة والشرف، وانما في كل مدن الضفة وقراها وبلداتها، ولن يقضي عليها اقتحام هنا، او هناك، بالدبابات والمدرعات والمروحيات والمسيّرات، فهذه ثورة مستمرة ضد احتلال عنصري فاشي، ولن تتوقف حتى تجتثه من جذوره. عملية الدهس والطعن التي نفذها أبناء “القسام” قي قلب تل ابيب اليوم وأدت الى إصابة ثمانية مستوطنين معظمها إصابات خطيرة، هي الثأر السريع والاولي لمجازر الجيش الإسرائيلي في جنين، ومن المؤكد انها البداية، ويكفي الإشارة، وبسرعة ان حركة “حماس” التي أعلنت انتماء منفذها لصفوفها فد نفذت اربع عمليات استشهادية في تل ابيب، والخضيرة، والقدس المحتلة انتقاما لاغتيال الشهيد يحيى عياش عام 1995، فكيف سيكون الثأر لاقتحام مخيم وارتكاب المجازر ضد اهله، واستشهاد عشرة من المدافعين عنه؟ لم نفاجأ بالموقف الأمريكي “المقرف” و”الهمجي” الداعم لمجازر الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين، مقرف ويثير الاشمئزاز لأنه صادر عن دولة عظمى تدعي انها تتزعم العالم الحر؟ وتصف نفسها بالمدافع الأكبر عن السلام وحقوق الانسان، والحريات الاساسية، ولكننا فوجئنا اكثر بموقف، ورده فعل السلطة “الوطنية” الفلسطينية في رام الله على هذا الاقتحام الإسرائيلي، وما ترتب عليه من مجازر. نبدأ بالبيان الرسمي الصادر عن الإدارة الامريكية وننقل هنا حرفيا: “نحترم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.. لكن يتعين تجنب سقوط ضحايا من المدنيين”، فأي دفاع عن النفس الذي يتحدث عنه هذا البيان، وضد أي معتد؟ فهل مقاتلي مخيم جنين هم الذين أرسلوا الدبابات والمدرعات والطائرات المروحية والمسيّرات والجرافات الى تل ابيب واعتدوا على مستوطنيها، وارهلوا اطفالها، وجرّفوا منازلها، ورحلوا سكانها، يا زعماء نشر الديمقراطية وقيم العدالة وحقوق الانسان؟ اما اذا انتقلنا الى السلطة الفلسطينية التي تدعي انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمسؤولة عن حمايته، وإقامة دولته المستقلة، فقد كان رد فعلها “مرعبا” للاحتلال، ويرتقي الى مستوى العدوان ومجازره ان لم يكن اكثر، حيث اعلن المتحدث باسمها، لافض فوه، انها قررت، أي السلطة، عدم الالتزام بالتفاهمات التي توصلت اليها مع دولة الاحتلال في العقبة وشرم الشيخ، ما شاء الله، موقف عظيم مشرف، يثلج صدر الشعب والمقاومة معا، ويؤكد ان التحرير وشيك جدا. *** شكرا للإدارة الامريكية على “فزعتها” لحماية حقوق الانسان، والحفاظ على أرواح أهالي مخيم جنين الأبرياء العزل، وشكرا للسلطة الفلسطينية ورئيسها وجنرالاتها وقواتها الأمنية (60 الفا) على هذه المواقف الندية القوية المتصدية للعدوان على مخيم جنين، انتصارا لمواطنيها وحماية لهم، فقد ابدعت قوات الامن الفلسطينية في التصدي للدبابات والمدرعات الإسرائيلية، ولم تتورع عن تقديم عشرات الشهداء. جنين ولاّدة.. والارحام الفلسطينية التي انجبت “عرين الأسود” وكتائب القسام والاقصى ونابلس وسرايا القدس.. ولادّة أيضا.. فالمقاومة مستمرة والنصر صبر ساعة.. والأيام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: مخیم جنین تل ابیب

إقرأ أيضاً:

“الأحرار الفلسطينية”: مجازر توزيع المساعدات جريمة حرب مركبة بشراكة أمريكية وصمت دولي

الثورة نت/..

أكدت حركة الاحرار الفلسطينية،اليوم الثلاثاء، أن “مجازر توزيع المساعدات في مواصي رفح ومحور نتساريم، بحق الأبرياء من أبناء شعبنا الجوعى، جريمة حرب مركبة، وإمعان بالقتل القصد مع سبق الإصرار، واستهتار بدماء الإنسانية بشراكة أمريكية، وضوء أخضر موصوم عاراً بصمت مخزي على جبين المجتمع الدولي.

وقالت في بيان: لقد أثبت الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية، سوء النية في استغلال مراكز المساعدات، مدعين أنها ممرات ٱمنة، والهدف منها جعلها مصيدة للبطون الجائعة والتلذذ بمزيد من قتل الأبرياء من النساء والأطفال الجوعى .

وحملت “الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية مسؤولية هذه المجازر، التي راح ضحيتها المئات من أبناء شعبنا الذين يجبرهم الجوع على الذهاب لمصائد الموت، والتي هي بحسب الإدعاءات الصهيو أمريكية مراكز للمساعدات الإنسانية وأنها في مناطق ٱمنة، ولقد ثبت أنها كذبة بمشاركة دولية هدفها إزهاق حياة المزيد الأبرياء”.

وقالت: لم يكتفي الاحتلال الصهيوني بقصف البيوت على رؤوس ساكنيها دون إنذار مسبق، ولا بقصف مراكز الإيواء المكتظة بالمواطنين، ولا بقصف تكيات الطعام، ليتجرأ ويتفنن باستخدام الجوع كسلاح قتل بالجملة، واستغلال حاجة الناس للطعام والشراب”.

وطالبت “أبناء الشعب الفلسطيني مع علمنا حجم المعاناة التي يعيشونها بسبب حرب الإبادة واستخدام الجوع كسلاح لاخضاعهم، بعدم الذهاب لتلك المصائد، والوعي الكامل لأهدافها الخبيثة، المبنية على إذلالهم وكسر إرادتهم والإسراف بقتلهم والضغط على المقاومة بضرب وكسر الحاضنة الشعبية”.

وقالت: على المجتمع الدولي التحرك الفوري والعاجل، للجم هذا الكيان النازي الفاشي، ومحاسبته على كل جرائم الحرب التي يرتكبها في قطاع غزة، ووقف هذا العدوان البربري وفتح المعابر، وإلغاء مصائد الموت الأمريكية وتسليم المساعدات من خلال المؤسسات الأممية.

مقالات مشابهة

  • “القسام” تستهدف دبابة “ميركافا” صهيونية جنوبي خان يونس
  • حركة الأحرار الفلسطينية: عمليات “حجارة داوود” تؤكد بسالة المقاومة في مواجهة الصهاينة
  • الكيان الصهيوني يواصل هدم ثُلث منازل الفلسطينيين في مخيم جنين
  • “الأحرار الفلسطينية”: مجازر توزيع المساعدات جريمة حرب مركبة بشراكة أمريكية وصمت دولي
  • “الخروج العظيم من إسرائيل إلى مصر”.. تحذير من تدفق كبير نحو سيناء بعد الضربات الإيرانية
  • “الأحرار الفلسطينية” تحمل العدو الصهيوني المسؤولية عن حياة الأسرى الفلسطينيين
  • “القسام” تعلن قصف موقعا عسكريا صهيونيا شرقي خان يونس
  • الاحتلال يدمّر 600 منزل ويشرد 22 ألف في مخيم جنين
  • “الشعبية” تؤكد حق المقاومة في الرد على العدوان الأمريكي واستهداف قواعده ومصالحه
  • اجتماع “بورتسودان” ..فخاخ اتفاق جوبا وضرورة الدولة