نيويورك تايمز: خنق أصوات مؤيدي فلسطين بألمانيا مختلف
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
منذ فرارها من سوريا قبل عقد من الزمن، تحدثت وفاء مصطفى علنا في الأمم المتحدة عن السجناء السياسيين، ونظمت وقفات احتجاجية خارج محاكم جرائم الحرب وهتفت تضامنا مع الإيرانيين، وقد حظي نشاطها بالاهتمام والثناء في ألمانيا، البلد الذي اختارته، حتى خرجت إلى مظاهرة لدعم الفلسطينيين قبل أيام.
وذكرت نيويورك تايمز الأميركية أن كل شيء تغير بالنسبة لوفاء خلال تلك المظاهرة التي كانت ضد استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، حيث دفعت الشرطة صديقتها على الأرض، ثم ما لبثت أن اعتقلتهما معا.
وذكرت نيويورك تايمز أنه منذ اندلاع الحرب على غزة، شرعت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا في البحث عن كيفية احتواء تداعيات الصراع في بلدانها، حيث فرض البعض قيودا صارمة على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين على وجه الخصوص أو حظرتها تماما بدعوى مخاوف أمنية، مما أثار القلق بشأن انتهاك الحريات المدنية.
منع أو تضييق
وقد حاولت السلطات حظر الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في النمسا والمجر وسويسرا، حيث اتخذت بعض المدن نهج حظر الاحتجاجات من أي نوع.
وفي فرنسا، رفضت إحدى المحاكم الحظر الشامل على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لكن لا يزال من الممكن حظرها في كل حالة على حدة. وحتى في الحالات التي لم يتم فيها حظر الاحتجاجات، قام بعض المسؤولين الحكوميين بتثبيط المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، أو أدانوها بشدة.
وبحسب نيويورك تايمز، لم تكن المناقشة حول ما هو التعبير القانوني والشرعي عن المعارضة مشحونة بقدر ما كانت في ألمانيا، حيث ضربت هذه المناقشة جوهر الكيفية التي تحدد بها الأمة نفسها، وأثارت تساؤلات حول القيم التي ينبغي أن تحظى بالأولوية على حساب أخرى.
وقالت إن ألمانيا ترى أن منع الانتقاد الموجه لإسرائيل بشكل صارم هو جزء ضروري من التكفير عن المحرقة، لكن الكثيرين في مجتمعات المهاجرين -العرب، وكذلك العديد من اليهود والإسرائيليين التقدميين- يقولون إن القيود لا تنتهك حرية التعبير فحسب، بل إنها تمييزية أيضا.
طعم خاص بألمانيا
وفي الأسابيع الأخيرة، حظرت هامبورغ الاحتجاجات، أو قيدت عدد الأعلام الفلسطينية التي يمكن التلويح بها. وفي برلين، سمح المسؤولون للمدارس بمنع الطلاب من ارتداء الكوفية أو العلم الفلسطيني أو ألوانه.
وقالت الشرطة في برلين إنها منعت أكثر من نصف الاحتجاجات التضامنية المقررة مع غزة والبالغ عددها 41 احتجاجا، ومنعت أحيانا بحجة أنها "تثير عاطفية" السكان من أصل فلسطيني.
وشمل ذلك مظاهرة للأطفال حدادا على الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية الشهر الماضي.
ونقلت المتحدث باسم مجموعة ناشطي فلسطين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف بشأن رسائل الكراهية، قوله إنه ولأكثر من عقدين من الزمن، شعر وكأنه في بيته في برلين، حيث يعمل جراح أطفال، لكن في السنوات الأخيرة، شعر بالغربة بسبب ما قال إنه موقف عدائي متزايد تجاه الفلسطينيين وأي انتقاد لإسرائيل.
يهود ضد إسرائيل
وتذكّر كيف احتضنت المدينة الاحتجاجات التي انضم إليها لدعم المستشفيات الأوكرانية تحت القصف الروسي. وقال إن التناقض مع الطريقة التي تقيد بها ألمانيا الاحتجاجات على معاناة المدنيين الفلسطينيين كان مؤلما "أشعر بالتمييز ضدي، أشعر بأني من الدرجة الثانية، أشعر بالصدمة".
وصرحت وفاء مصطفى في حديثها مع نيويورك تايمز "أشعر بالغباء لدرجة أنني يجب أن أقول هذا طوال الوقت، لكن معركتنا ليست ضد اليهود".
وفي الشهر الماضي، اعتقلت الشرطة الألمانية امرأة واقفة في إحدى ساحات برلين بعد أن رفضت وضع ملصق كتب عليه "كيهودية وإسرائيلية: أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة".
كما منعوا مظاهرة للجماعة اليهودية التقدمية وفي شرح أسباب المنع، قالت الشرطة لصحيفة نيويورك تايمز إن المظاهرة كانت "مفتوحة صراحة للمشاركين من أصل فلسطيني"، وقال أودي راز، أحد منظمي الاحتجاج، إن قرار الشرطة كان "مفجعا ومناهضا للديمقراطية في جوهره".
وذكرت الصحيفة الأميركية أن أكثر من 100 كاتب وفنان وأكاديمي يهودي وقّعوا على رسالة تدين ممارسات ألمانيا قائلين "إذا كانت هذه محاولة للتكفير عن التاريخ الألماني، فإن تأثيرها هو المخاطرة بتكرارها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المؤیدة للفلسطینیین نیویورک تایمز
إقرأ أيضاً:
بعد تحولها إلى غرف لتنظيم الاحتجاجات.. هل تحظر دول عربية ديسكورد؟
تصدر تطبيق "ديكسورد" (Discord) مؤخرًا ريادة المشهد السياسي في عدة دول بعد أن كان له دور فعال في تنظيم عدد من المظاهرات التي قادها أبناء الجيل "زد"، شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي انطلقت شرارتها الأولى من هذه المنصة قبل أن تمتد إلى الشارع.
اليوم تشير وسائل التواصل الاجتماعي إلى حظر تطبيق "ديكسورد" في الأردن، فضلا عن دراسة حظره في مصر أيضا، رغم أن الحكومة الأردنية أو المصرية لم يعلنا حظر التطبيق أو اتخاذ أي خطوات مضادة له، إذ تظل الأخبار المتعلقة بحظر التطبيق في كلا البلدين معتمدة على تجارب المستخدمين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى المنصة، وهو أثار تساؤلات بشأن هذا الاهتمام العالمي بالمنصة ودورها وظيفتها، وماهيتها، وإن كانت حقا تستخدم في إثارة الشغب.
ما منصة "ديسكورد"؟
هي منصة تواصل اجتماعية أمريكية، صممت أساسًا لتسهيل التواصل بالصوت والفيديو والدردشة المباشرة بين هواة الألعاب الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، طورها ستانيسلاف فيشنيفسكي وجيسون سيتورن عام 2015 مستفيديْن من تجربتهما المشتركة في تصميم لعبة "فيتس فور إيفر".
وحتى أيلول/سبتمبر 2025 بلغ عدد مستخدمي ديسكورد النشطين شهريًا نحو 200 مليون شخص، و90 بالمئة من المستخدمين يستعملونه للعب بمقدار تشغيل 1.9 مليار ساعة، وعلى الرغم من شهرتها الواسعة بين مجتمعات ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، فإن المنصة أصبحت فضاءا أوسع للتواصل بين المستخدمين حول اهتمامات متنوعة، من الفنون والموسيقى إلى القراءة والنقاشات العامة.
النشأة والتأسيس.
✔✔✔ Discord Checkpoint ✔✔✔
Your Discord recap is here! See the fun things you did in 2025 — # of messages sent, top games played, friends you spent the most time with, your favorite emojis, and more. Update your app to get started. pic.twitter.com/Cv1MgUGI4g — Discord (@discord) December 4, 2025
تعود البدايات الأولى لمنصة "ديسكورد" إلى عام 2012، حين أسس جيسون سيترون أستوديو ألعاب باسم "فينيكس غيلد" بهدف بناء تجارب تفاعلية تجمع اللاعبين حول ألعاب جماعية، وانطلق المشروع الأول للأستوديو بلعبة "فيتس فور إيفر" المخصصة للهواتف المحمولة، والتي شكّلت الخطوة التأسيسية لفكرة دمج أدوات التواصل مع بيئة اللعب، وفي نيسان/أبريل 2013 انضم المطوّر ستانيسلاف فيشنيفسكي إلى سيترون، وواصلا العمل على تطوير اللعبة، وفي أواخر 2024 بدأ ديسكورد توفير الدردشة النصية والصوتية مباشرة داخل الألعاب، وكانت أولى الألعاب التي اعتمدت هذه الخاصية هي "باكس داي" و"أوميغا سترايكرز".
ورغم أن شعبية ديسكورد اقتصرت في بداياته على مجتمع اللاعبين عبر الإنترنت، فإن قاعدة مستخدميه توسّعت على نحو هائل في جائحة كورونا، إذ أتاحت المنصة للأفراد الحفاظ على مجتمعهم الافتراضي والتواصل أثناء فترات الإغلاق. وبعد رفع القيود، استمر الفنانون وصانعو المحتوى والمعلمون والشركات وفئات أخرى في استخدامه.
غرفة عمليات لتنظيم التظاهرات
في خطوة غير مسبوقة، استخدم شباب من جيل زد في نيبال والمغرب تطبيق ديسكورد باعتباره أداة رئيسية لتنظيم احتجاجاتهم السياسية ضد الحكومة، فضلا عن إدارة عمليات اتخاذ القرار وتنظيم الانتخابات.
في النيبال.. برلمان افتراضي على "ديسكورد"
ففي نيبال، تحولت الاحتجاجات الشعبية في غضون أيام قليلة إلى ثورة رقمية، وأسقط المحتجون الحكومة القديمة وأقاموا برلمانًا افتراضيا على ديسكورد، وانتخبوا القاضية السابقة سوشيلا كاركي لتقود المرحلة الانتقالية، وأثار تعيين كاركي، التي أدت اليمين الدستورية في 12 أيلول/سبتمبر 2025، بمنصب رئيسة مؤقتة للوزراء تفاعلا واسعًا على المنصات الرقمية بعد احتجاجات دامية أسفرت عن سقوط الحكومة السابقة.
ولكن ما فجر الأزمة، هو إعلان الحكومة في 4 أيلول/سبتمبر 2025 حجب نحو 26 منصة للتواصل الاجتماعي، لتندلع الاحتجاجات في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، وواجهتها الشرطة بحملة قمع عنيفة أسفرت عن 25 قتيلًا ومئات الجرحى، وفق وزارة الصحة النيبالية.
مقـ ـتل 10 أشخاص وإصابة 87 آخرين في أعمال شغب وإطـ ـلاق نـ ـار على متظاهرين في النيبال بسبب تظاهرات على على حجب مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد pic.twitter.com/hWafZ6p2wb — عربي21 (@Arabi21News) September 8, 2025
ولتنظيم احتجاجاتهم وسط العنف، أنشأ الشباب مساحة رقمية على ديسكورد لمناقشة شؤون الحكومة، وإقامة برلمان افتراضي، وإجراء تصويت لاختيار رئيسة وزراء مؤقتة، واعتمدوا على مجموعة "هامي نيبال" لإدارة المناقشات الرقمية ضمن مجموعة "شباب ضد الفساد"، مستفيدين أيضا من تطبيق الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" لتوليد قائمة بالمرشحين المحتملين، قبل اختيار كاركي للتفاوض مع الجيش وإدارة الحكومة الانتقالية.
في المغرب.. تصويت جماعي داخل ديسكورد لحسم القرارات
أما في المغرب، فقد تحوّل تطبيق ديسكورد في 27 أيلول/سبتمبر 2025 من منصة للألعاب والتواصل الرقمي إلى أداة مركزية في تنظيم احتجاجات واسعة في مدن عدة، فقد اعتمدت مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "جيل زد 212" على التطبيق منذ المراحل الأولى للتحرك، ليس فقط للتواصل، بل لتخطيط أماكن المظاهرات ومواعيدها، وصياغة التعليمات للحفاظ على سلمية التحرك.
أنشأ القائمون على المبادرة مساحة رقمية خاصة باسم المجموعة، تضم قسما للإعلانات الرسمية ومساحة للتنسيق على المستوى الوطني، إضافة إلى غرف محلية لكل مدينة أو منطقة تعمل باعتبارها مراكز مصغرة لتبادل المعلومات وصياغة الخطط.
الدار البيضاء تشهد عودة جيل زد إلى الشارع، معبرين عن آمالهم وطموحاتهم في المغرب عبر احتجاجات سلمية ومطالب اجتماعية pic.twitter.com/hQUmnQKpPi — عربي21 (@Arabi21News) December 12, 2025
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، تحولت هذه المساحات إلى بنية تنظيمية رقمية أشبه بـ"غرف عمليات" افتراضية للتنسيق بين مختلف المناطق، وبدأت المجموعات بعدد محدود من الأعضاء، لكنها شهدت نموا متسارعًا تجاوز 150 ألف عضو، معظمهم من الفئة العمرية بين 15 و28 عاما، واعتمد المشاركون على آلية التصويت الجماعي داخل ديسكورد لحسم القرارات، إذ أجري في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025 تصويت داخلي حول استمرار المظاهرات بعد اندلاع أعمال شغب، وانتهى القرار بمواصلة الاحتجاجات لليوم السادس على التوالي.