تحذير عاجل من وزير الاتصالات الفلسطيني بشأن قطع الاتصالات بشكل كامل
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
وجه الدكتور إسحاق سدر، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني، تحذيرًا من قطع الاتصالات بشكل كامل في القطاع خلال ساعات بعد نفاذ الوقود.
سمير فرج يكشف تفاصيل خدعة مدينة غزة (فيديو) بيان من الأردن بشأن قصف إسرائيل للمستشفى الميداني في غزةوقال "سدر" في اتصال هاتفي مع الإعلامية إيمان الحصري ببرنامج "مساء دي إم سي" المذاع على فضائية "دي إم سي" مساء اليوم الأربعاء، "عقدنا مؤتمر صحفي وأعلنا للمواطنين والمؤسسات أن كميات الوقود المخصصة للاتصالات بدأت في النفاذ".
وأضاف "وسوف نفقد عناصر أساسية بعدما توقفت المولدات الرئيسية التي تغذي المحطات والعناصر الرئيسية في الشيخ رشوان وخان يونس وحتى اللحظة خدمات الاتصالات تعمل بسبب البطاريات المخزنة والتي تغذي التيار الكهربائي وهي لا تتعدى الـ24 ساعة في أي لحظة سوف تنقطع الاتصالات".
وتابع "تصريحات المؤسسات التابعة للأمم المتحدة مسخرة وتدل على عجز غير مسبوق لمؤسسات تابعة للأمم المتحدة وليست مؤسسات وجمعيات صغيرة، فهذه المؤسسات تتصرف كأسود في أماكن أخرى ولكن في غزة عاجزون وسوف يسجل التاريخ وصمة عار على كل من يعملون في هذه المؤسسات".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: قطع الاتصالات التيار الكهربائي مؤسسات وزير الاتصالات تكنولوجيا المعلومات خدمات الاتصالات الإعلامية إيمان الحصري نفاذ الوقود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
كامل ادريس: عقل مؤسسي لتحدٍ استثنائي
1 كل من تولّى الحكم في السودان، من الأزهري إلى حمدوك، كرر عبارة: “ورثنا تركة مثقلة”، حتى باتت هذه الكلمات صدى مألوفًا في أذهان السودانيين لعقود طويلة. لكن رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي تقلد المنصب في ظل ظروف استثنائية، لم يردد هذه العبارة، ولم يشكُ من الخراب، رغم أنه ورث وطنًا ممزقًا، واقتصادًا منهارًا، وبنية تحتية مدمّرة، وشعبًا يعاني من النزوح واللجوء والجوع، ويواجه الغزاة والعملاء والصراعات الداخلية في آنٍ واحد.
ومع ذلك، لم يلجأ إدريس إلى الشكوى، بل بدأ عمله بخطاب متزن وهادئ، مستندًا على خبرته المؤسسية الطويلة. فليكن الله في عونه.
2
إن أول ما نحتاجه في كامل إدريس هو العقل المؤسسي الذي راكمه من خلال مسيرته الطويلة في دهاليز المؤسسات الدولية، وخاصة أن رئيس الوزراء يواجه الآن تحديًا وجوديًا يتمثل في إعادة بناء دولة من تحت الرماد — لا عبر الشعارات، بل بإحياء المؤسسات التي تُشكّل أساس الدولة الحديثة. فبدون مؤسسات، سيكون كل عمله عشوائيًا، لا يُنتج أثرًا ولا يصنع تغييرًا.
المؤسسات ليست مجرد زخرفة إدارية، بل هي أساس الدولة، وأدواتها التي تضمن استمرارية الحكم، وتُحقق العدالة، وتُدير الاقتصاد، وتحفظ الأمن، وتُخطط للمستقبل. لا استقرار بلا مؤسسات، ولا عدالة بلا مؤسسات، ولا تنمية بلا مؤسسات.
3
كامل إدريس مؤهّل لبناء مؤسسات الدولة، ليس فقط بما يحمله من مؤهلات أكاديمية، بل أيضًا بما اكتسبه من خبرة عملية في بيئات دولية صارمة لا تحتمل الارتجال.
والمؤسسات التي نتحدث عنها اليوم ليست نقص كفاءات فحسب، بل في حالة انهيار تام لا يصلح معها الترميم، بل تتطلب إعادة بناء شاملة من الجذور. ولعل من حسن الحظ أن هذه المؤسسات، كهياكل تنظيمية، ما تزال منصوصًا عليها في الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2025. لكن المشكلة ليست في وجودها على الورق، بل في كفاءتها وفعاليتها واستقلالها ونزاهتها.
فما أكثر المؤسسات التي تحوّلت إلى هياكل خاوية، وأجهزة بائسة لا تحرك ساكنًا، لأنها أُفرغت من معناها وتحولت إلى أدوات للشللية والمحسوبية.
4
بناء المؤسسات ليس ترفًا تنظيميًا، بل ضرورة وجودية للدولة. فالمؤسسات هي ما يحوّل الدولة من كيان هش إلى كيان فاعل. وهي التي تنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتُحصّن الدولة ضد الفوضى، وتُحفّز النمو والاستثمار، وتضمن العدالة وتكافؤ الفرص، وتوفر الاستقرار اللازم لتنفيذ السياسات العامة، بغض النظر عن تغيّر الحكومات أو تبدّل القادة.
فالمؤسسة تبقى، والشخص يزول. الدولة التي تُبنى على الأشخاص تنهار بزوالهم، أما الدولة التي تُبنى على المؤسسات فهي وحدها القادرة على تجاوز الأزمات والنهوض من الكبوات.
5
قدّم الفيلسوف الأمريكي فرانسيس فوكوياما في كتابه “بناء الدولة: الحكم والنظام العالمي في القرن الحادي والعشرين” (2004) رؤية عميقة حول الحاجة للمؤسسات ، جادل فوكوياما بأن مشكلة العالم ليست في نقص الديمقراطية أو غياب السوق الحرة، بل في ضعف الدول وفشلها في بناء مؤسسات فعالة.
وأكد أن القرن الحادي والعشرين يحتاج ليس فقط إلى دول ديمقراطية، بل إلى دول قادرة على أداء وظائفها الأساسية: حفظ الأمن، تطبيق القانون، تقديم الخدمات العامة، ومحاربة الفساد — بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي أو الاقتصادي.
ضرب أمثلة حية من تجارب دول استطاعت النهوض من تحت الركام، لأنها بدأت ببناء المؤسسات:
• ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وانقسامها، لم تبدأ بالشعارات، بل أسست محكمة دستورية مستقلة، وبنكًا مركزيًا قويًا، ونظامًا اتحاديًا يقلل من مركزية السلطة.
• رواندا، بعد الإبادة الجماعية، أنشأت محاكم “الغاتشاتشا” لتحقيق العدالة والمصالحة، وأصلحت أجهزتها الأمنية، وركّزت على المهنية ومحاربة الفساد.
• سنغافورة، التي بدأت من لا شيء بعد الاستقلال عام 1965، ركزت على الكفاءة والجدارة، وأسّست جهازًا بيروقراطيًا عالي الأداء، وجعلت من القضاء هيئة مستقلة، وحاربت الفساد بصرامة.
6
كل هذه التجارب تؤكد أن بناء الدولة يبدأ من بناء مؤسساتها، ولا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح ما لم يُبنَ على مؤسسات مستقلة وفعالة. ومن حسن حظ السودان أن يكون على رأس حكومته اليوم رجل يمتلك عقلًا مؤسسيًا، مسيرة مهنية حافلة بالخبرات، مما يجعلنا نأمل أن يكون كامل إدريس هو الرجل الذي يبدأ من الأساس الصحيح. فالأوطان لا تُبنى بالخطب، بل تُبنى بالمؤسسات.
7
إن أفضل ما يمكن أن يُنجزه رئيس الوزراء كامل إدريس هو أن يضع حجر الأساس لمؤسسات فاعلة، تنبع من حاجة الوطن، لا من خطب السياسيين، وتُدار بكفاءات مهنية، لا بترضيات حزبية.
عندها فقط، سيكون بناء مشروع دولة مستقلة ومزدهرة ممكنًا.
التحدي الاستثنائي الذي يواجه رئيس الوزراء يتمثل في: كيف نصل إلى تلك الدولة المنشودة؟ دولة المؤسسات؟
في وطنٍ استوطنت فيه العشوائية، والصراعات، والحروب، وتكالبت عليه نخبٌ دائما تنشد الهُدى، وتركب قطارات الضلال.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب