د. مرتضى الغالي

هناك منظمة تحت التسجيل اسمها (صحفيون من اجل الحرب وتحطيم الجسور) يقف خلفها لفيف من أولاد الفلول وبعض (المكريين) وينشط فيها أقربهم إلى الجهالة و(جفاف الحلق) وانعدام التربية..!! وهم لا يخجلون بتسجيل (لايفات صورة وصوت) بوجوه عكرة عليها غَبرة “ترهقها قترة”..ويتلاقح فيها الذل مع البجاحة..وعن المرء لا تسأل وسَل عن قرينه (من الفلول) فكل قرينٍ بالسفالة يقتدي…!

دعوى غريبة من بشر (أجارك الله) توشك أن تقول أنهم (متحوّلون) ينتحلون صفة البشر…إنهم يحرّضون على مزيد من القصف على أحياء المدنيين ومساكنهم ويقولون لك فليمت من يموت ولتتهدم كل الكباري والجسور (إيه يعني).

.! ويظاهرهم على ذلك شيخ مأفون ظهر بصورته ولحيته ولا ندري من أي جُب أو (بدروم) خرج..طبعاً من قناة الخبائث لصاحبها (مفتي الدم) ناعم البشرة الرجل الأخضر (صاحب الخمسة مليون دولار) الذي سجل الرقم الأعلى في الاستهانة بأرواح البشر..ونحن نقول لضيفه: (أوكي) فليمت الناس وليذهب جسر شمبات..ولكن ما هو الغرض يا مولانا الذي من اجله نسترخص أرواح البشر ونضحي بالدور والجسور..؟!

لو كان ذلك من أجل هدف له اقل قدر من الوجاهة لقلنا معك: نعم فلتذهب الأرواح والجسور..ولكن ما هو الغرض السامي من الغارة على الجسر..؟! هل من اجل إرضاء شهوة الجماعة في الانتقام من الوطن وأهله..؟! هل هي من اجل ابتسامة شماتة صفراء في أفواه كرتي وأسامة عبدالله وقوش وهارون وغندور وعلي عثمان..؟! هل تدمير هذا الجسر من اجل إيقاف الحرب وإعادة الناس إلى مساكنهم..؟ أو من اجل حماية الأطفال من الراجمات والدانات والرصاص الطائش والقصف العشوائي ..!

الصورة كما يلي: البرهان وجنرالاته يقودون جيش السودان الآن…وهناك بضعة عساكر مليشيات يقفون على طرفي الجسر من ناحية آم درمان ومن جهة شمبات..ماذا يقول منطق القتال في جيش البرهان..؟! الهجوم على هذه المجموعات وطردها أو إبادتها والاستيلاء على الجسر ..أم تدمير الجسر..؟

لا نقول ذلك اعتباطاً فقد ظل (صحفيون من اجل الحرب) ومعهم قادة الانقلاب يعلنون كل يوم أنهم على وشك الفراغ من تنظيف أم درمان والعاصمة المثلثة من آخر متمرد..إذن ما لزوم تدمير الجسر بدلاً من طرد شلة مسلحين على جانبيه..؟!

هذا الصحفي الذي يطالب البرهان بان يواصل قصف الأحياء والزوايا والمساجد لقتل من يعتقد أنهم يناصرون الدعم السريع ما باله يخاطب البرهان بهذه اللغة الرخوة المتوسلة الذليلة وهو يعلم أن هذا البرهان وافق على مفاوضة الدعم السريع وأرسل وفده إلى جدة..؟!

البرهان يجلس الآن مع رئيس كينيا ويضع رجلاً على رجل (انظر الصورة) ورئيس كينيا هذا هو الذي قال له ياسر العطا ما معناه وما نصه (أنت كان راجل تعال هنا بي جيشك وجيب معاك المرتزقة الاشتروك..والله ما يطلع منكم واحد حي..تعال هنا..) ! لماذا يتجاهل (هذا الصحيفي) كل ذلك ويخاطب البرهان هكذا بلغة (التحنيس والتذلل)..؟! ما هذا العماء والغباء والتغاضي الأبله عن مجريات الأحوال..؟

هل يمكن أن تصل مثل هذه الأصوات الغبية إلى غرفة عمليات أي جيش نظامي في الدنيا…؟! وهل نفهم أن قرار تدمير جسر شمبات تم اتخاذه فعلاً من مركز قيادة موّحَد..؟! هل هو قرار عسكري عملياتي.. أم انه تم بضغوط من خارج الجهات المعنية..؟! وهل القصف الذي جرى على ضاحية بأم درمان هو قرار مجموعة قيادية رسمية في غرفة عمليات عسكرية..! وما هي هذه المجموعة أو ذلك الشخص صاحب القرار..؟! ثم ما هي قواعد حماية المدنيين المتبعة في هذه الحرب اللعينة..!

هل يصبح الوطن بكل ما فيه ومن فيه رهينة بين عساكر الانقلاب والفلول من جهة..ومليشيات الدعم السريع من جهة أخرى..؟ وهل جماعة الصحفيين المزيفين (الهجّاصين) أولئك..هم الذين يحددون أمكنة وأزمنة القصف والتدمير والتهجير والقتل..ومعهم ذلك الشيخ المأفون الذي يقول عن قصف المدنيين وتدمير المعالم (طيب مالو)..؟! خيبة الله على هذه اللحية الفشنك التي تماثل (عثنون العنز الجبلية)..!

صحفي إسرائيلي من الغاضبين على نتناياهو وأركان حربه..قال في استطلاع أجرته “صحيفة هآرتس”: لا يجوز إسناد مصائر الدولة إلى (غانجسترات) ومعناها “رجال عصابات”..الله لا كسّبكم..!

الوسومد. مرتضى الغالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: من اجل

إقرأ أيضاً:

ما الذي يُمكن تعلّمه من أحداث السويداء؟

الأحداث التي وقعت مؤخرًا في السويداء بسوريا لم تكن استثناء من العالم العربي، بل مرآة له. وعلى الرغم من أن جذور هذه الأزمة الطائفية لم تبدأ في الأحداث الأخيرة؛ إلا أن صدامات يمكن وصفها بالطائفية وقعت في شهر أبريل في جرمانا، وأشرفية صحنايا، ثم امتدت للسويداء، وتصاعدت الأحداث بعد ذلك إلى ما شاهده الجميع على الشاشات، ولا يعنينا هنا تسلسل الأحداث ذاتها بقدر ما يعنينا أن الحالة والخطاب الطائفي الذي وقع في السويداء ليس نشازًا في المنطقة العربية -كما هو معلوم-، بل نمط مأزوم من التسلسل التاريخي ليس حتميًّا بالطبع، لكنه متكرر بشكل كبير جدًّا، لا سيما مع سقوط دولة أو استبدالها بأخرى، ومثال عليه ما حدث عقب الإطاحة بنظام صدام حسين من حروب وقتالات طائفية، ما يصفه ستيفن سيدمان أنه «إرث استعماري بريطاني».

يتضح لنا أن المجتمعات العربية -أو كثير منها على الأقل- لا تزال حتى اليوم عاجزة عن تجاوز الطائفية، وكثير منها يعيش في الماضي على الرغم من تفاقم المشكلات التي نعانيها في هذه المنطقة، وتزايدها يوما بعد يوم، إلا أن كثيرًا من مجتمعاتنا لا تزال تستدعي الطائفة بل وتعيش في تاريخها محاولة أن تدافع عنها في كثير من الأحيان على أنها الحق الأوحد، «وكلٌّ يدّعي وصلًا بليلى/ وليلى لا تقرّ لهم بذاكا»؛ إذ الجميع يحاول باسم الحق والعدل والتوحيد والغيرة والتدين وغيرها أن يدافع عن الطائفة التي ينتمي إليها ناسيًا بذلك أن يعيش في عصره، ويطرح تساؤلات حول الوضع الذي يعيش فيه، أو عملية الإبادة الجماعية والتجويع التي يتعرض لها إخوته.

تبدأ الطائفية من الذات؛ لأن الحالة الجماعية للعيش داخل «الحظيرة» لا تتم إلا بإقناع الذات أولا بالتماهي مع الجماعة وإلا فلا قيمة لها؛ ولذلك تكثر عند الطائفيين الخطابات والشعارات التي تستدعي الماضي ورموزه دون باقي السياقات وتعقيداتها. لذلك فالذات هي المركز الأول للطائفية، وكلما كان الأمر منطلقا من الداخل أصبح أكثر استدامة؛ فالإرهابي الذي ينطلق إرهابه من الداخل لاعتقاده أنه بذلك يخدم فكرته أو دينه أو وطنه وغيره يكون أكثر تحمُّسًا وإقداما من الآخر الانتهازي؛ ولذلك يستغل هذا الصنف الأول لينفذ العمليات الانغماسية والانتحارية مقتنعين بذلك سيرهم إلى الجنة، أو خطوة في تحقيق الجنة على الأرض من خلال قتل المدنيين والأبرياء. والطائفيون كذلك؛ فكلما كان هذا الذي ينطلق في طائفيته مقتنعا من الداخل بالصحة المطلقة لفكرته والخطأ المطلق لأفكار الآخرين -وليتها بقيت عند الاعتقاد الداخلي فقط!-؛ فإن خطابه يتسم بالتشدد أكثر.

وهكذا يصنع منطق الانغلاق المذهبي دون محاولة النظر إلى الصورة الأكبر التي يُمكن للجميع العيش فيها في وطن واحد يكفيهم جميعًا. هذه الخطابات تصنع هويات طائفية لا هويات وطنية أو إنسانية -بعد أكثر من ربع قرن على كتاب أمين معلوف-، وهي المسيطرة على العقل، وليس أدل على ذلك من الأحداث المتكررة والمستمرة التي نراها؛ فالمشكلة أعمق من الخطاب الطائفي وحده، أو من عدم القدرة على الـ «عيش مع الآخر، لكنها تتعدى ذلك لتكون مشكلة عدم القدرة على بناء دولة، وعدم القدرة على بناء مجتمع من الأساس، ثم تصدير هذه الخطابات للأجيال التالية، وهكذا في دوامة مستمرة منذ ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية حتى ما بعد أحداث السويداء.

تعاني كثير من الدول العربية من غياب واضح للعقد الاجتماعي بين السلطة السياسية والمجتمع، وبالتالي؛ فإن الأمر يتطور من عدم الاستقرار السياسي والقانوني حتى يصبح الوطن وما يتعلق به من مفاهيم أو ألفاظ لا يشكّل ملاذًا آمنًا للأفراد، فيضطرون حينها للبحث عن ملاجئ مختلفة، وهنا تظهر الطائفة باعتبارها الملجأ والملاذ لأفرادها؛ لأنها تشكلهم في مجتمعات مغلقة -غيتوهات- الكلمة العليا فيها للقيادات الدينية أو العرقية، حتى يتماهى الفرد مع الجماعة في حماية المفهوم الوهمي أو الذهني المسمى بالطائفة. ولذلك؛ فغياب هذا العقد الاجتماعي الواضح الذي يُمكّن الدولة والمجتمع من معرفة حقوق كل طرف وواجباته يقود لمثل هذا، وفي كثير من الأحيان يقود إلى الطغيان الذي يحاول أن يفرض عقدًا بالإجبار لا بالتشارك والرضى.

إن عدم تجاوز الطائفية حتى اليوم في المجتمعات العربية يشكّل فشلًا ذريعًا للنخب، سواء النخب السياسية أو الثقافية أو غيرها؛ لأنها لم تستطع حتى اليوم إيجاد مشروع حقيقي ينهي هذه الماضوية والسكن في التاريخ، بل ربما زاد بعضهم من حدتها والقطبية التي تحدث من خلالها. ويجب أن تتحمل هذه النخب مسؤوليتها في الوصول بالوعي الذاتي إلى الواقع -إذ سؤال المستقبل حتى اليوم مبكر للأسف-؛ لأن الوعي يجب أن يكون حاضرًا في الواقع اليومي، لا في مشكلات من مضى، فـ«تلك أمة قد خلت» وما على أهل هذا العصر من مشكلات أولئك أو صراعاتهم أو غيرها، وفي أحسن الأحوال يمكن فقط أخذ العبرة منهم، ودراستهم لإصلاح الواقع المعاصر، لا العيش معهم حتى يصبح الفرد أو المجتمع في زمنين لا يصلح لأي منهما، فلا هو القادر على العودة بالزمن للماضي، ولا هو قادر على العيش مع أهل هذا العصر.

والمتتبع لجميع حالات الانقسام الطائفي في المنطقة يجد أنها استغلت من قِبل طرف خارجي لتنفيذ أجندته السياسية أو العسكرية. فالطائفية فرصة المتربص الخارجي الذي يستغلها ليطبق المقولة القديمة «فرّق تسد»، وكثيرًا ما استغلت الصراعات الطائفية وضخمت الخلافات التفصيلية العلمية التي كان ينبغي أن تناقش في أروقة العلم، ثم يغلق عليها الباب ولا تخرج للشارع، فجُعلت قضايا ذات أهمية كبرى ينهدم بها الدين أو المذهب أو الطائفة.

وقد استعملت هذه الطريقة القوى الاستعمارية لقرون، بل حاولت صنع خلافات جديدة لم تكن موجودة سواء طبقية أو فكرية أو غيرها، وبقيت جميع هذه الخلافات حتى اليوم، فانظر إلى مقولة سيدمان التي جاءت في بداية المقال «إرث استعماري بريطاني» تشَكّل وظهر واضحًا في ما بعد 2003، فقد كان يتراكم تحت التجربة التاريخية والسياسية، ولما تسنّت له الفرصة ظهر على شكل صراعات أهلية. وهكذا اليوم تستغل إسرائيل هذه الصراعات الطائفية لتتغلغل في الداخل العربي، ليس سرّا كما كان في السابق، بل أمام شاشات الإعلام والهواتف التي تُصوّر. فقد استغلت الصراع في السويداء لتضرب القصر الرئاسي في دمشق؛ إذ أعطت الصراعات الطائفية الدافع لإسرائيل من أجل الدخول، ولا أود أن أقول «الشرعية» بالطبع؛ فوجود إسرائيل بأكمله ليس شرعيًّا، لكن ما الشرعية في عالم الغابات الذي نعيش فيه اليوم؟

لا بد أن يبدأ الإصلاح المجتمعي في الوطن العربي من الذات الفردية أولًا أن ينشأ الفرد متصالحًا مع ذاته ومتقبّلا للآخر، فلا يشعر منه بالخوف، بل بالألفة، وأن ينظر إلى ما هو أبعد من طائفته أو مذهبه، وأن تكون هويته الأولى هي الهوية الوطنية أو المدنية التي يتشاركها مع غيره في إطار الدولة، لا هوية الطائفة والمذهب؛ لأن الهوية كلما ضاقت وأصبحت أكثر حدية أبرزت السمات المتطرفة والسلوكيات العنيفة في الإنسان على عكس إذا ما اتسعت؛ فإنها تتقبل الآخر المختلف ليس بالضرورة أن تؤمن بما يؤمن به، لكنها تؤمن بأن له الحق في الحياة بحرية أيضًا دون اعتداء عليه أو الإضرار به لمجرد مذهبه أو طائفته. ولذا فالتغيير يبدأ من مراجعة الذات والخطاب الموجّه إليها سواء من الداخل أو من الخارج، خطاب الأسرة والمدرسة والمجتمع، وأن تحاول الذات طرح أسئلة متعلقة بمدى تعددية الخطاب الموجه إليها في المقام الأول.

إذا بقينا على هذا الحال دون تجاوز الطائفية وخطاباتها المقيتة فإن كل حديث حول النهضة أو الديمقراطية أو الحرية هو ترف؛ فالمجتمع يقتل بعضه بعضا، لكن -ولأن الكتابة وسيلة مقاومة وإصلاح- أقول: إن علينا أن نعي أن عدونا واحد، وسبله في قتلنا واحدة، وأننا في مقتلة واحدة، ومصير واحد، فإن بقينا نقتل بعضنا بعضا لم نخدم إلا هذا العدو بأن أرحناه من عمله، فإن لم نستطع الآن في هذه اللحظة التي ربما لم ولن نمر بحالة أكثر انحطاطا منها أن نفكر في مصيرنا المشترك بدل التفكير في الانقسامات الصغيرة فمتى نقدر على ذلك؟

مقالات مشابهة

  • إيران تكشف أسرار حرب الـ12 يوماً.. تدمير مراكز إسرائيلية استراتيجية وخسائر فادحة
  • البرهان يلتقي ممثل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم يدين الحكومة الموازية
  • كيف أقلق البرهان واشنطن وتل أبيب؟
  • ‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”
  • تدمير آلية وقصف تجمعات إسرائيلية بحي الشجاعية وجباليا
  • البرهان يدفع بتوصيات مهمة وعاجلة لوزراء حكومة “الأمل”
  • وصول الطائرة (35) ضمن الجسر الجوي الكويتي إلى السودان
  • ما الذي يُمكن تعلّمه من أحداث السويداء؟
  • "بتسيلم": إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة وتحاول تدمير الهوية الفلسطينية
  • أهالي أسرى الحرب في بيان: نناشد رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بالتدخل العاجل للكشف عن مصير أبنائنا الذين انقطع الاتصال بهم